سواليف:
2025-03-10@17:41:29 GMT

تحت الضوء

تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT

#تحت_الضوء د. #هاشم_غرايبه

تعتبر قصة المهندس التونسي “محمد الـزواري” خير شاهد على مدى الإضرار الذي ألحقته الأنظمة العربية المعادية لمنهج الله بالأمة، وكم ساهمت في إعاقة تقدمها، فأخرتها عن مواكبة تقدم الأخرى، فجعلتها بذلك في ذيل الأمم، وأفقرتها رغم غناها بمواردها الطبيعية.
ولد هذا الشاب الطموح عام 1967 في “صفاقس” الواقعة في جنوب تونس، وظهر نبوغه مبكرا، لكنه ككثير من اقرانه طورد من قبل الأجهزة الأمنية بسبب ميولهم الإسلامية، وناله مثلهم الاضطهاد وخاصة بعد الحملة الدامية التي ارتكبتها السلطات الأمنية يوم 8 أيار عام 1991 في عدة جامعات تونسية، تمهيدا لحظر كل تنظيمات الإسلاميين، لفرض التوجهات العلمانية لنظام “بن علي”، وكانت متلازمة القمع إضافة الى الفشل وفساد النظام هي الوقود الذي أشعل الثورة الشعبية العارمة في تونس بعد عشر سنين ثم انتقل الى باقي الأنظمة.


بعد الإفراج عن “الزواري” غادر كالكثيرين غيره تونس، وتنقل في المنفى بين عدة أقطار، أكمل خلالها التعليم الجامعي ونال شهادة الدكتوراة في الهندسة، وكان تخصصه في الطيران.
ورغم نبوغه في علمه الذي يؤهله ليكون مبتكرا مبدعا ولأنه هنالك من الأنظمة العربية من يرعى المبدعين ويخطط لارتقاء بلده، لكنها جميعا طاردة للابداع، ولا يمكن أن يكون اتفاق كل الأنظمة على ذلك صدفة، بل لا بد أنها مبرمجة لكي تدفع المبدعين الى الهجرة للغرب المتعطش للإستثمار في منتج عقولهم.
وعندما تكون العقيدة الإسلامية مترسخة في النفس، فهي تقاوم كل الضغوط والمغريات، لذلك بقي الزواري يتنقل بين سوريا وليبيا والسودان، من غير أن يجد من يتبنى ابداعاته، لكنه تعرف الى (حماس) في سوريا، وفيها وجد ما يتجاوب عقيدته، في استثمار ابداعاته في ما يرضي ربه وهو الجـهاد، ولخبرته في قمع الأنظمة العربية فقد أخفى علاقاته ونواياه حتى عن زوجته التي تزوجها خلال عمله الأكاديمي في سوريا، حيث وجد متطوعين من أقطار اسلامية أخرى جاءوا ليساعدوا في تأسيس قاعدة تصنيعية مستقلة تؤمن مقارعة العدو، بعد إذ أغلقت سبل المدد من الأنظمة العربية، بل حوصرت المقاومة من قبلهم، ومنع التبرع لها واضطهد كل من يدعمها، وصودرت كل الجمعيات الخيرية التي كانت توصل لها التبرعات.
ورغم كل ذلك التضييق، إلا أن هؤلاء المجاهدين كان الله يعمي العيون عنهم، فاستطاعوا التحرك من غير أن يتم رصدهم ولا اكتشاف نواياهم، فظل الزواري يدخل القطاع ويخرج من غير أن يفطن أحد الى ما يقوم به، وأسس لصناعة طائرات بدون طيار وغواصات مسيّرة، في الوقت الذي لم تكن هذه التقنيات معروفة في غير أمريكا والكيان اللقيط.
لكن أعين الخونة الكثيرة المنبثة في عرض المنطقة وطولها، المتربصة بالمقاومة الإسلامية، اكتشفت أخيرا هذه القدرات والنوايا، وعرفت من كان وراءها، فخطط العدو لاغتياله، وكان الميدان الأسهل للتنفيذ هو موطنه تونس، الذي يعج بالعلمانيين المتطرفين في معادة الإسلام، والمستعدين للتخلص من الإسلاميين ولو كان في ذلك خيانة أمتهم، فتم اغتيال الشهيد الزواري عام 2016 ، حيث عاد الى وطنه بعد الثورة على “بن علي”، واستقر به مع بقائه على تواصل مع الفريق الصناعي الذي دربه في إيران، وأسس له في القطاع، فأنجز مع ضابط سابق في الجيش العراقي تصنيع طائرات (الزواري) الانتحارية، ثم (أبابيل) المسيرة، ثم مشروع (غراب) الذي لم يستعمل بعد.
هكذا، ارتقى شهيدا مثله مثل كثيرين من العلماء والمخترعين الذين رفضوا أن يخدموا الغرب أو يفيدوا باختراعاتهم غير أمتهم، وبالطبع معروف أنه لم ينجح أي اغتيال لأي من ابناء الأمة طوال القرن المنصرم من غير تعاون وتنسيق استخباراتي مع نظام عربي، بدليل أنه في جميعها قيدت الجريمة ضد مجهول، ولم يكتمل التحقيق رغم كل الدلائل على أن العدو هم من نفذه، لئلا ينكشف المتعاونون مع العدو.
وهكذا خسرت الأمة قامة علمية أخرى، بسبب ممانعة تولى المخلصين المعتنقين لعقيدة الأمة، تحت مسمى محاربة الإسلام السياسي، لكنه ترك بصمة هامة أسست لمحو التضليل الذي روجت له الأنظمة المتخاذلة من أن حجب الغرب التقنية عنا قدر لا يمكن تغييره، ففتح بابا للتقدم وتطوير القدرات الذاتية مهما كانت المعيقات، فالعزيمة المعتمدة على العقيدة لن يقف أمامها شيء، مهما بدا مستحيلا.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تحت الضوء الأنظمة العربیة من غیر

إقرأ أيضاً:

صناعة الحصير في تونس.. مهنة تقليدية تحاول الوصول للأسواق العالمية

في حي الرباط أو الحساية وسط مدينة نابل التونسية، لا تزال هناك ورش قليلة تمارس حرفة صناعة الحصير التقليدية التي كانت تشكل جزءا مهما من تاريخ المدينة.

وزير خارجية تونس: محاولات تهجير الفلسطينين وصمة عار على المجتمع الدوليتونس تتحرى هلال رمضان في 5 أقاليم

وعرضت قناة "القاهرة الإخبارية"، تقريرا بعنوان "صناعة الحصير في تونس.. مهنة تقليدية تحاول الوصول للأسواق العالمية"، وهذه الحرفة على وشك الانقراض، حيث لا يزال يمارسها عدد قليل من الحرفيين.

ولا يزال الحرفيون المهرة يصنعون الحصير، خاصة للمساجد، باستخدام مسامير السمر الذهبية، على الرغم من تراجع الاهتمام بهذه الحرفة.

تبدأ عملية صنع الحصير بحصاد سنابل السمر من الوديان، والتي تجفف من جهة لمدة ثلاثة أسابيع ثم تجفف من الجهة الأخرى، لمدة أيام ثم تفرز حسب الطول، وتستخدم الخيوط الطويلة في صنع الحصير والقصيرة في صنع السلال.

عملية التصنيع نفسها تتضمن ترتيب الخيوط بدقة على النول لتكوين الأنماط المعقدة التي تحدد شكل الحصير. 

وقد ارتقى مروان شلاد، وهو حرفي آخر، إلى مستوى جديد من خلال دمج التقنيات الحديثة والذوق الفني في عمله، وتطويره لإنتاج ليس فقط سجادات الصلاة، بل ومنتجات أخرى مثل الكراسي والسلال وعناصر تزيين المنازل.

وقال شلاد، إن هذه الحرفة الخدمة لها أفق مستقبلي،  ففي السابق كانت تُربط بشيء مفصلي حتى نصلي عليه أو ننشره في المنزل، أما الآن فهي ليست مربوطة بحصيرة، ولا مفصلية في الحقيبة التي نخرج بها، ولا مفصلية في السجادة التي نضعها، ولا مفصلية في البساط الذي نستخدمه في المنزل، ولا مفصلية في غطاء الطاولة الذي نضعه على الرمل. 
 

مقالات مشابهة

  • "تنظيم الاتصالات" تطلق برنامج "نفاذ"
  • دولة عربية هجرها نصف مهندسيها.. 20 مغادرًا يوميًا
  • حرب العاشر من رمضان.. القوات الجوية تدمر مواقع العدو والبحرية تفرض حصارا والدفاع الجوي يسقط ثلث طائرات الجيش الذي لا يقهر
  • دراويش المعارضة المدنية السودانية- بين التمترس الأيديولوجي وفشل التكيف مع الواقع السياسي”
  • القمر الدموي.. خسوف كلي تزامنا مع ليلة النصف من رمضان
  • رئيس الدولة: التكنولوجيا تغيّر جوانب حياتنا
  • انعقاد دورة نمذجة الأنظمة الخاصة بالمعهد الدولي لتطبيقات النظم لعام 2025
  • حماس تدعو الدول والشعوب لرتفع مستوى إسنادها للمستوى الذي يمثله اليمن
  • صناعة الحصير في تونس.. مهنة تقليدية تحاول الوصول للأسواق العالمية
  • السفير صبري: الموقف اليمني يتجاوز كثيراً المواقف الصادرة عن القمة العربية الطارئة