جميلة بقدر ما هي لذيذة.. ما السر التاريخي وراء أفضل حلويات اليابان؟
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- هناك أسطورة مفادها أنّ مجموعة من الرهبان البرتغاليين كانوا يبحرون إلى ماكاو عندما تعرّضت سفينتهم لظروف جوية سيئة، ما جعلهم يرسون في ناغازاكي باليابان، عوض ذلك.
وأدّت هذه المصادفة العرضية إلى تغيير اليابان، وطعامها، إلى الأبد.
الأمر الوحيد الذي جلبه هؤلاء الرهبان، والعديد من البرتغاليين الذين أتوا بعدهم إلى البلاد، هو السكر، وهو مكوّن بسيط، وقوي، ومحبوب للغاية.
خلال القرن الـ16، كانت ناغازاكي في جزيرة "كيوشو" المدينة الوحيدة التي تسمح للأجانب بممارسة التبادل التجاري مع اليابانيين.
ونتيجةً ذلك، طوّرت هذه الوجهة أطيب الحلويات.
فحلويات الـ"واغاشي" المفضلة في اليابان راهنًا، تعود أصولها إلى جزيرة "كيوشو".
وإحداها تتمثّل بكعكة "كاستيلا" المستوحاة من البرتغال.
ورُغم أنّ أسلوب صنع الكعكة تتجذّر في البرتغال، إلا أنّ إحدى مكوّناتها تجعلها يابانية، وهي شراب "ميزوامي" المصنوع من الأرز اللزج.
حلوى كاستيلا المصنوعة وفق الطراز الياباني التقليدي.Credit: Joyi Chang/Alamy Stock Photoأفضل مكان للتمتّع بتذوّق بعض من هذه الحلوى هو لدى سلسلة متاجر الحلوى المشهورة، "فوكوسايا".
وافتتح أول موقع لها في ناغازاكي عام 1624.
ويقع الفرع الرئيسي لـ"فوكوسايا" في فوكوكا، أكبر مدينة على جزيرة كيوشو.
تُقطّع كعكة الكاستيلا هنا إلى أجزاء مكعبة الشكل، وتُغلّف كل منها في عبوة ملونة، وتوضع في علب الهدايا.
ورغم وجود نكهات خاصة أحيانًا مثل "ساكورا" (زهر الكرز) في الربيع، أو الشوكولاتة في موسم عيد الميلاد، إلا أنّ الكاستيلا الكلاسيكية لا تزال الأكثر مبيعًا، وفقًا لأحد الموظفين.
الدوراياكي، وهي نسخة أرق من حلوى الكاستيلا محشوة بمعجون الفاصولياء الحمراء. Credit: kaorinne/iStockphoto/Getty Imagesوتظهر الكاستيلا أيضًا في حلوى يابانية شهيرة أخرى، وهي دوراياكي.
وتكون كعكة الكاستيلا أرق، وتحوّل إلى فطيرة محشوة بطبقة من معجون الفاصوليا الحمراء الحلوة.
أوروبا تلتقي باليابان.. واليابان تلتقي بأوروبا الماكارون اليابانية عبارة عن مكارون فرنسية مطعمة بالنكهات اليابانية. Credit: Yooran Park/Alamy Stock Photoالحلوى الأوروبية الأخرى التي حصلت على لمستها اليابانية هي الماكارون، إذ تُصنع النسخة المحلية من دقيق الفول السوداني عوض دقيق اللوز، وتتضمن عادةً النكهات اليابانية التقليدية، مثل الشاي الأخضر، أو الفاصوليا الحمراء.
وقال ميشال أباتماركو، طاهي الحلوى في مطعم "فور سيزنز طوكيو" في أوتيماتشي: "أعتقد أنّ اليابانيين يحبون الحلوى الأوروبية، لا سيّما الفرنسية منها".
وهذا التقدير يعمل في الاتجاهين.
وأوضح أباتماركو أنّه "في الخمسين عامًا الماضية، حدث تطور كبير في صناعة الحلويات في اليابان. وهناك عدد لا بأس به من محلات الحلوى في أوروبا وفي جميع أنحاء العالم مستوحاة بدورها من المنتجات اليابانية".
إحدى العلامات التجارية في كيوشو المشهورة بحلوياتها التي تمزج بين أوروبا واليابان هي "كيتاجيما" (Kitajima)، ويقع متجرها الرئيسي في مدينة ساغا.
كعكات المادلين هذه محلاة بالعسل الياباني. Credit: Promo_Link/iStockphoto/Getty Imagesويمكنك البحث عن سكاكر "ماروبولو" المستوحاة من الحلوى البرتغالية المصنوعة من العسل، والمادلين على الطريقة الفرنسية، مع الجوز، إضافةً لكعكات "مارغريت" المصنوعة من دقيق اللوز، والمصنوعة لتبدو كأنها زهرة كبيرة.
تراث ملكي
ومن الحلويات الأكثر شعبية في اليابان، والتي بمكن التعرّف عليها بسهولة، هي الـ"كونبيتو".
وتبدو هذه الحلويات الصغيرة الزاهية بألوان الباستيل مثل النجوم أو الزهور البلورية. ويقال إنّ الاسم مستقى من حلوى برتغالية تُدعى "كونفييتو" وصلت إلى اليابان عبر تجار السكر.
وعاء من حلوى الكونبيتو الملونة.Credit: Aflo Co., Ltd./Alamy Stock Photoولم يقتصر حجمها الصغير على جعل الحلوى أكثر "جمالاً" فحسب، بل كان السكر آنذاك باهظ الثمن لدرجة أنّ حتى الحلوى صغيرة الحجم كانت ثمينة للغاية.
وهذه المكونات باهظة الثمن متصلة بالأشخاص الأغنياء والأقوياء. وفي اليابان، لا توجد عشيرة أقوى من العائلة الإمبراطورية، برئاسة الإمبراطور والإمبراطورة.
ومن التقليدي أن يُقدَّم لضيوف العائلة الإمبراطورية، مثل رؤساء الدول، وغيرهم من أفراد العائلة المالكة، علب حلوى مصنوعة من الفضة الإسترلينية تسمى bonbonnieres (كلمة فرنسية تعني"علبة الحلوى").
وهي تُقدَّم كهدايا ترحيبية للضيوف لدى حضورهم للمشاركة بأحداث مهمة مثل حفلات الزفاف، أو الاحتفالات الخاصة بتتويج إمبراطور جديد.
وصُنِعت هذه الحلويات خصيصًا من قبل شركة Miyamoto Shoko في طوكيو، وهي مزينة بأقحوان، أي شعار العائلة المالكة.
كيف يصبح الماضي هو المستقبل؟رغم ذلك، يحاول بعض الطهاة في اليابان هذه الأيام إحياء المنتجات المحلية التي كانت تُستخدم قبل استيراد السكر.
وأباتماركو واحد منهم.
وخلال الِعقد الذي قضاه في اليابان، تمكن أباتماركو من الحصول على بعض أنواع العسل النادرة التي كانت تستخدم لتحلية الأطعمة قبل وصول السكر.
في مطعم Est الفرنسي الحائز على نجمة "ميشلان" والتابع لفندق "فور سيزنز"، يقدم أباتماركو وفريقه وجبات صغيرة بنكهة عسل الحنطة السوداء، وعسل السوبا، والواسانبون (سكر أبيض ناعم الحبيبات) وغيرا من المكوّنات المحلية التي يصعب العثور عليها.
بالنسبة له، إنها وسيلة لتكريم صغار المنتجين في اليابان، بالإضافة إلى تقديم هذه النكهات لضيوف الفندق.
البرتغالاليابانفرنساأوروباغذاءنشر الأحد، 17 ديسمبر / كانون الأول 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: أوروبا غذاء فی الیابان
إقرأ أيضاً:
كلمة السر.. زايد وراشد
في كل قصة نجاح عظيمة، هناك كلمة سر تختزل جوهر الحكاية، وكلمة السر في قصة الإمارات هي «زايد وراشد». ليسا مجرد أسماء في كتب التاريخ، بل رمزان خالدان لقادة تجاوزوا مفهوم القيادة التقليدية ليصبحوا صناع الحلم، وبناة الوطن، وقلب هذه التجربة التي ألهمت العالم.
المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لم يكن فقط زعيماً، بل كان أباً لشعبه، وحكيماً تجاوزت رؤيته حدود الزمن. رأى في الاتحاد حياة، وفي وحدة القلوب قوة لا تنكسر. كان يرى الإنسان محور كل شيء، فآمن أن رفاهية المواطن هي جوهر النجاح.
الشيخ زايد لم يكن يتحدث عن الوحدة كهدف، بل عاشها في كل خطوة، وجعلها واقعاً ملموساً. كان قريباً من الناس، يستمع إليهم، ويضع احتياجاتهم فوق كل اعتبار. رسالته كانت بسيطة لكنها عميقة: معاً، يمكننا تحقيق المستحيل.
في قلب هذه الرؤية، أدرك الشيخ زايد أن الصحة هي أساس البناء، فأسس دعائم نظام صحي شامل منذ بدايات الاتحاد. كان يؤمن أن لكل إنسان حقاً في الرعاية الصحية، تماماً كما له حق في التعليم والكرامة. وبفضله، تحولت الإمارات إلى وطن يضع الإنسان وصحته في أولوياته.
الشيخ راشد: العقل الذي لا يعرف المستحيل
أما المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، فقد كان قائداً يرى في المستقبل فرصاً لا حدود لها. عندما كانت دبي مدينة صغيرة على الخليج، كان راشد يحلم بها مدينة عالمية، مركزاً تجارياً ينبض بالحياة.
الشيخ راشد كان يؤمن أن العمل الجاد والشجاعة في مواجهة التحديات هما مفتاح النجاح. بدأ ببناء الموانئ، وشبكات الطرق، والبنية التحتية التي أصبحت اليوم شرياناً للاقتصاد العالمي. لكن الشيخ راشد لم يعمل بمفرده، فقد أدرك منذ البداية أن الاتحاد مع زايد سيحول الحلم إلى حقيقة.
الشيخ راشد، كالشيخ زايد، آمن أن الصحة ليست مجرد خدمة بل استثمار في الإنسان والمجتمع. وضع الأسس لمراكز طبية حديثة ومتكاملة، ورأى في الرعاية الصحية جزءاً لا يتجزأ من تطور دبي، التي أصبحت اليوم وجهة للرعاية الطبية على مستوى العالم.
لقاء الشيخ زايد والشيخ راشد لم يكن مصادفة، بل كان قدراً جمع بين حكمة زايد وطموح راشد. كانا يحملان رؤية واحدة: بناء وطنٍ عظيم لشعبٍ عظيم.
الاتحاد الذي أسساه لم يكن مجرد خطوة سياسية، بل كان تعبيراً عن قناعة عميقة بأن العمل الجماعي هو طريق الإنجازات العظيمة. ومن بين أولوياتهما المشتركة، كان للقطاع الصحي مكانة خاصة. رأى القائدان أن بناء مجتمع قوي يبدأ من صحة الإنسان، وأن الاستثمار في تطوير الرعاية الصحية هو استثمار في المستقبل.
بفضل هذه الرؤية، أصبحت الإمارات اليوم نموذجاً يحتذى به في تقديم رعاية صحية عالمية المستوى، معتمدة على الابتكار والتكنولوجيا الحديثة.
الشيخ زايد والشيخ راشد لم يتركا فقط دولة متطورة، بل غرسا في النفوس قيم الاتحاد، والعطاء، والطموح. إرثهما ليس مجرد مستشفيات أو مبانٍ، بل منظومة قيم تزرع الأمل وتلهم الأجيال. واليوم، عندما ننظر إلى القطاع الصحي المزدهر في الإمارات، نرى بصماتهما واضحة. من مستشفيات عالمية المستوى إلى بنية تحتية صحية رائدة، كل إنجاز يحمل في طياته رؤية زايد وراشد.
الشيخ زايد والشيخ راشد ليسا فقط صناع الاتحاد، بل هما كلمة السر التي صنعت الفرق. هما القصة التي نرويها بفخر، وحلم تحول إلى واقع، ورؤية تتجدد مع كل خطوة نحو المستقبل.