لطالما تتركز الأنظار نحو جنوب لبنان، في كل مواجهة تندلع مع إسرائيل، ولو أنه أمر بديهي ومعروف لدى الجميع، وبالتزامن مع الصرخات التي أطلقت لتحييد لبنان عن الحرب.   في المقابل غُيبت الأنظار عن الجحيم الذي سيواجه البقاع الشمالي، في ظل المأسي المتتالية التي طالته، أكان من جهة الخطر الداهم الذي يُحدق بالمنطقة التّي كانت بالفعل عُرضةً للاستهداف سابقًا، وقاست ما قاسته من "القلاقل الأمنيّة"، بحكم قربها الجغرافيّ من الحرب السّوريّة، فضلًا عن فوضاها الداخلية والفقر والتهميش.



ومع بدء المعارك في الجنوب بعد السابع من تشرين الأول، ودخول جنوب لبنان خط المواجهات مع إسرائيل، يتابع أهالي البقاع بترقب وخوف ما سيحدث من سيناريوهات قد تطال مناطقهم، مستذكرين عملية الإنزال الإسرائيلي في حرب 2006 على مشفى "دار الحكمة" ومحلّة "تلة الأبيض، واشتداد القصف العشوائي على المنازل والقرى البقاعية، حيث كانت الحدود السورية مفتوحة للتوجه نحو سوريا هرباً من القصف أما اليوم فباتت سوريا مختلفة عن قبل.  

وبينما تتجه الأنظار لوضع سيناريوهات متعددة في حال اندلعت شرارة الحرب، يبقى البقاع حتى في هذه الأحاديث مهمشاً، حتى دون الاكتراث لوضع خطة طوارئ لإيواء النازحين والأهالي، إذ يُعتبر البقاع خزان النزوح السوري، عبر معابره المتداخلة مع سوريا، التي نشط التهريب من خلالها في الآونة الأخيرة، حيث بلغ العدد التقديري للنازحين السوريين في لبنان مليونين و100 ألف، أي ما يشكل 43 في المائة من عدد المقيمين في لبنان، بحسب تقديرات مدير عام الأمن العام بالوكالة اللواء الياس البيسري.  

خطة شعبية

خلال متابعة الأوضاع في مناطق البقاع، بدت الحركة اعتيادية مع الحذر من أي نشاط اقتصادي، الناس تتجه لشراء الأساسيات من المواد الاستهلاكية "أرز، سكر، عدس" التي يسهل تموينها في حالة الحرب. كما تجري تحضيرات للشتاء مع ترقب أمني حول ما سيحدث مستقبلاً، فضلاً عن تكثيف الاحتياطات الأمنيّة داخل القرى في ظل الأحداث الجارية في الجنوب استعداداً لما هو طارئ.

الناشط عمر مهدي في مدينة البقاع يتحدث لــ "لبنان24" عن خطة طوارئ اعتمدها أبناء البقاع بعد أول خطاب للسيد حسن نصر الله، حيث ترقب الناس بخوف قبل بدء الخطاب واتجهوا نحو تموين المواد الغذائية إضافة إلى المازوت وغيرها تحضيراً للشتاء متوقعين في أي لحظة موعد إعلان الحرب".

"إذن لا يوجد أي استعدادات استباقية في البقاع، سوى  الابتعاد عن المناطق الحيوية كما حدث في حرب 2006، والمناطق الحيوية في البقاع هي محطات البنزين، وشركات الغاز والأدوية والساحات العامة، التي يمكن أن تحدث كوارث في حال تم استهدافها من قبل الطيران الإسرائيلي، في حين تلتزم الناس بيوتها وتعتمد على ما مونته في الأيام السابقة"، يضيف عمر مهدي في حديثه.

ويرتبط مصير الناس في البقاع حيال خططهم الشعبية مع الخطابات الأمنية في الحالة التي يمر بها لبنان، خصوصاً من تصعيد في الجنوب، يتابع مهدي حديثه عن الحالة الاستيعابية في المستشفيات ويقول: "أما المستشفيات فحالها كالسيناريو الذي حدث في وباء كورونا، كباقي المناطق اللبنانية، إذ لا يوجد أي قدرة استيعابية لها، من حيث نقص عدد سيارات الإسعاف وقدرتها الاستيعابية في حالة دخلنا في حرب شاملة".

خطة طوارئ

في ظل انعدام الموارد لا توجد خطة استباقية بل فقط إنشاء خليات أزمة وغرف طوارئ بالتعاون مع المحافظات والبلديات والمجتمع المحلي، وإعادة تجربة ما سبق في حرب تموز  لعدة أسباب منها  انعدام التّمويل ونقص تغطية المواد الغذائية،  فخطة الطوارئ الشاملة، التّي وضعتها الحكومة والتّي خصت البقاع بعدّة مشاريع وخطوات استباقيّة جرى التّباحث بها وحسب، خلال اجتماع المحافظ مع المنظمات والهيئات الإنسانيّة والإغاثيّة والحزبيّة، في 26 تشرين الأول الماضي، أما ما يمكن تطبيقه، فهو عبر استعدادات شرطة البلدية والدفاع المدني والفعاليات بحسب قاله رئيس بليدة مجدل عنجر سعيد ياسين لـ"لبنان24".

وأضاف: "تم تجهيز البيوت للإيجار وإيواء النازحين في المدارس، لكن هناك مشكلة كبيرة في المواد الغذائية أما المجتمع المحلي والسلطات والنوادي فهي مستعدة لتقديم ما يمكن من خدمات.

وعن موضوع المستشفيات، يقول: "هذا أمر صعب إذ لا يوجد تمويل، لا الدولة قادرة ولا المجتمع المحلي قادر، والمحافظات رصدت أموال بخصوص هذا الأمر ولكنها غير كافية، و الوضع اليوم مختلف عن حرب تموز 2006، حيث كانت الدول العربية تساعد لبنان في إعماره وقدمت له مساعدات طبية ومواد غذائية ولم يكن هناك صعوبة في الصمود أمام هذه الحرب، أما اليوم فالوضع اختلف مع حرب غزة".

وأضاف ياسين: "هناك تنسيق بين المحافظات عبر وزارة الداخلية ثم الحكومة، حتى إنه تم إبلاغنا من رؤساء المحافظات، وطُلب منّا تأمين ووضع خطة لاستيعاب النازحين سواء كان من السوريين الموجودين في مناطقنا أو من يأتي من الجنوب، إضافةً إلى إفادة المحافظات بمراكز الإيواء من مدارس ومنازل، ونحن رفعنا كباقي المحافظات أسماء المدارس مع النوادي والجمعيات لتجهيزها".

وبين أزمة اللجوء السوري من جهة وحالة الانعدام الاقتصادي من جهة أخرى، يبقى شبح الحرب هاجساً لدى البقاعيين، وما سيحصل في حال امتدت نيران الحرب وطالت بيوتهم، على غرار سيناريو حرب تموز 2006، لكن بوضع أسوأ.    المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: خطة طوارئ حرب تموز فی حرب

إقرأ أيضاً:

تحذيرات إسرائيلية من تكرار سيناريو 7 أكتوبر على الحدود مع الأردن

سلطت صحيفة إسرائيلية، الضوء على المخاوف في تل أبيب من تكرار سيناريو السابع من أكتوبر، لكن هذه المرة على الحدود الطويلة مع الأردن، والتي تبدو في الوقت الحالي هادئة.

وقالت صحيفة "إسرائيل اليوم" في مقال نشرته للكاتبة حنان غرينوود: "يبلغ طول الحدود مع الأردن 309 كيلومتر، وهي أطول حدود، وتبدأ في خليج إيلات، وتمر عبر منطقة العربة ومنطقة البحر الميت وغور الأردن ووادي بيسان، وتنتهي في منطقة حماة جنوب شرق مرتفعات الجولان، وفي المثلث الحدودي حيث يتدفق نهر اليرموك".

ولفتت إلى أنه "تم الاتفاق على الحدود في اتفاقيات الهدنة نهاية حرب عام 1949، ولكنها تغيرت في نهاية حرب الأيام الستة عام 1967، وتم تحديد الحدود في منطقة العربة، من البحر الميت إلى إيلات".

ونقلت الصحيفة عن مقدم في الجيش الإسرائيلي، أن الحدود مع الأردن ليست هادئة تماما، فقد تشهد فترة من الهدوء، وفجأة يظهر حدث مثلما جرى عند معبر "اللنبي" وما أسفرت عنه عملية من مقتل 3 إسرائيليين، مشيرا إلى أن العمليات القاتلة تكررت أكثر من مرة.

وتابع قائلا: "نستعد لمواقف صعبة، بما في ذلك الاستعداد لسيناريوهات شبيهة بأحداث السابع من أكتوبر، والتي حدثت في منطقة غلاف غزة".



وبحسب صحيفة "إسرائيل اليوم"، فإن السياج على طول الحدود مع الأردن، تم بناؤه على شكل قطع متفرقة، فقد تم دمج أقسام السياج القديمة مع أقسام أحدث، وفي الأشهر الأخيرة انضمت إليه وسائل إلكترونية إضافية، مثل الرادارات والتي تساعد في مراقبة ما يحدث ومنع الاختراقات.

وذكرت الصحيفة أن خلال العامين الماضيين تم ضبط 630 قطة سلاح على الحدود مع الأردن، وتم إحباط 12 محاولة تهريب أسلحة العام الماضي.

وأكدت أن العشرات من الكشافة البدو يعملون على الحدود، ومقسمين إلى مناطق، ويعملون في الميدان على مدار الساعة، وفي بعض الأحيان تجري أنشطة ميدانية في محيط المنطقة الواقعة بين السياج والحدود المائية.

وأشارت إلى أنه بالمقارنة مع الحدود المصرية، فإن هناك مزايا وعيوب في الحدود مع الأردن، مبينة أنه "لم تصل بعد الطائرات دون طيار المخصصة للتهريب على هذه الحدود، مثلما يحدث على الحدود المصرية".

واستدركت: "لكن ربما الأمر مسألة وقت قبل أن يبدأ استخدام الطائرات دون الطيار في التهريب على حدود الأردن"، منوهة إلى أنه منذ السابع من أكتوبر هناك جهودا كبيرا، لتهريب الأسلحة القاتلة إلى داخل الضفة الغربية، مع التركيز على شمال الضفة.

ولفتت إلى أن هناك عمل مكثف لمنع التهريب، لكن الخطر الأكبر هو سيناريو اقتحام المواقع الإسرائيلية، عبر الحدود الشرقية الطويلة، والتي تعد هادئة نسبيا حتى في وقت الحرب، مؤكدة أن الدفاع عن هذه الحدود يشكل تحديا كبيرا.

مقالات مشابهة

  • شركة كهرباء السودان: تأخر عودة الخدمة يعود إلى تكرار عمليات القصف التي استهدفت الشبكة
  • فوق البقاع.. تحليق مكثف للطيران الإسرائيليّ
  • ورشات طوارئ الكهرباء بطرطوس تواصل إصلاح الأعطال جراء الأحوال الجوية
  • الدويري: الاحتلال يستخدم بصمة الصوت والعين لتعقّب مقاتلي المقاومة بغزة
  • ماذا يحدث في الأردن؟ ومن هي الجماعة التي تلقت تدريبات في لبنان؟
  • بعد فيديو نهر البردوني... تحرّك عاجل لمحافظ البقاع
  • الجيش يوقف متورطين بتهريب أسلحة في البقاع
  • نائب رئيس حزب الامة القومي: الحرب التي شنتها المليشيا هدفت الى طمس هوية السودان
  • تحذيرات إسرائيلية من تكرار سيناريو 7 أكتوبر على الحدود مع الأردن
  • مسعود بارزاني: على الدولة العراقية منع تكرار السياسات الشوفينية