إيران وأرمينيا في سياق التاريخ والحاضر
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
مصلحة أرمينيا الحقيقية في التعاون والتنسيق مع إيران بالدرجة الأولى ومع روسيا، لكن زعيمها يراهن على خصوم طهران وموسكو. حول ذلك، كتب إيغور خوداكوف، في "فوينيه أوبزرينيه":
أثارت مساعي (رئيس وزراء أرمينيا نيكول) باشينيان الأخيرة المناهضة لروسيا مناقشات في وسائل الإعلام الروسية بشأن مستقبل وجودنا العسكري السياسي في منطقة القوقاز.
ما علينا سوى إلقاء نظرة على الضيوف الذين يغازلون باشينيان متعدد التوجهات، من الشانزليزيه وكابيتول هيل، لنلاحظ بوضوح كيف تشكل تهديداً ليس فقط لمصالح روسيا، بل ولإيران أيضاً.
وفي المقابل، فإن إيران مستعدة لتزويد أرمينيا بظروف مواتية لاستخدام الموانئ الإيرانية، وإتاحة وصولها الاقتصادي إلى الهند وممالك الخليج. في الواقع، تعمل يريفان الآن بنشاط على إنشاء طريق متعدد الوسائط وعالي السرعة لنقل البضائع، يربط بين إيران والهند.
لكن تنفيذ مثل هذه المشاريع يتطلب الاستقرار في المنطقة، وهو ما لا يرغب باشينيان في تعزيزه، كما يتضح من خطواته على الساحة الدولية، والتي تضر ليس فقط بمصالح روسيا في منطقة القوقاز، إنما وبمصالح إيران.
وعليه، فإن إيماءات باشينيان متعددة الاتجاهات تجاه واشنطن وبروكسل لا يمكن أن تؤدي إلا إلى مواجهة مع طهران، التي أرى أنها لن تتردد في التدخل عسكريًا، في حال انهيار الدولة الأرمينية بسبب خطأ رئيسها، من أجل السيطرة على ممر زانجيزور الذي يتمتع بأهمية استراتيجية بالنسبة لإيران.
ومع ذلك، فلا يزال لدى باشينيان الوقت الكافي للعودة إلى رشده والتعاون البنّاء الحقيقي مع الضامنين الوحيدين لسلامة بلاده الصغيرة والضعيفة - إيران وروسيا. لا بدائل عنهما.
الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا العظمى، بعيدة جدا، بينما روسيا وإيران متاخمتان، وكذلك تركيا، خصمهما الجيوسياسي في منطقة ما وراء القوقاز، والسؤال الكبير هو: هل هناك مكان لأرمينيا مستقلة في طموحات أنقرة الامبراطورية؟
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أخبار إيران طهران موسكو نيكول باشينيان
إقرأ أيضاً:
كأس الخليج نواة التطور والنجاح عبر التاريخ
عمرو عبيد (القاهرة)
«أكثر من مجرد بطولة كروية»، تلك حقيقة كأس الخليج العربي، التي انطلقت قبل ما يزيد على «نصف قرن»، ولم تقتصر أهمية وتأثير «خليجي» على التنافس بين الأشقاء في لعبة رياضية، هي الأكثر شعبية في العالم كله، بل كانت «النواة» التي تكوّنت حولها سلاسل من التطوير والتقدم والاستثمار، شملت فنيات كرة القدم ومؤسساتها ومنشآتها وإعلامها، مع مزيد من التعاون والتقارب والتكاتف بين الأخوة في «خليج واحد».
ومن استاد «مدينة عيسى»، الذي بات يُعرف الآن باسم ملعب مدينة خليفة الرياضية، انطلقت «خليجي» في نسختها الأولى عام 1970، في ملعب رملي قديم، وبافتتاح تقليدي بسيط، يتماشى مع ذلك العصر القديم وقتها، واليوم يظهر ذلك الملعب «التاريخي» في حُلة حديثة باهرة، بعدما تم تجديده في عام 2007، بتكلفة بلغت 24.4 مليون دولار آنذاك، وشملت عملية التطوير تحول أرضية الملعب إلى العشب الطبيعي، وبناء مدرجات جديدة وملاعب لرياضيات أخرى، وتوسعة المنشآت لبناء قاعات جديدة، وهو مثال لما وجهته «خليجي» من دعوة لانطلاق جميع دول الخليج نحو الاستثمار الرياضي، وإنشاء مُدن رياضية ضخمة، باتت «عالمية» الشهرة والسُمعة، واستضافت عشرات البطولات الكبرى.
في كل دولة خليجية، تظهر المدن الرياضية والملاعب الحديثة الرائعة، مثل مدينة زايد الرياضية، التي ظهرت للنور قبل 44 عاماً، في 1980، وشهدت مراحل متطورة عديدة، عبر سنوات طويلة، بين تجديدها عام 2009، ثم توسعتها في 2017، بتكلفة 550 مليون درهم، حتى صارت أحد أهم وأكبر المدن الرياضية في المنطقة العربية، وتملك سمعة عالمية رائعة، مكنتها من تنظيم كبرى البطولات الكروية، منها كأس آسيا، وكأس العالم للأندية وكأس العالم للشباب، وبالطبع «خليجي»، بجانب بطولات الألعاب الأخرى، لما تتمتع به من منشآت وملاعب متنوعة.
وعلى غرار التطور الهائل الذي شهدته المنشآت الرياضية الإماراتية، انطلقت كل دول الخليج في المسار نفسه، ولم يكن غريباً بعدها أن تستضيف الإمارات بطولات سباقات «الفورمولا-1» وكأس العالم للكرة الشاطئية، وبطولات التنس والجوجيتسو، وغيرها من البطولات العالمية، وكان تنظيم قطر في عام 2022، لأحد أفضل نُسخ كأس العالم لكرة القدم، باعتراف العالم، أحد الفعاليات الرياضية الكبرى، التي يدين فيها الخليج كله بالفضل إلى كأسه التاريخية التي انطلقت عام 1970، ودفعت الجميع نحو التطور المُستمر، وهو ما ينتظره الجميع في عام 2034، عندما تحتضن السعودية «المونديال».
«خليجي» كانت البذرة الناجحة، التي نمت وغذّت الكرة العربية، في الوقت الذي جذبت خلاله كل أخوة الخليج إلى التجمع والتعاون المستمر، ومن مشاركة 4 منتخبات في النسخة الأولى، عام 1970، زاد العدد في عام تلو الآخر، حتى اكتمل العقد بأكمله طوال العشرين عاماً السابقة، بمشاركة مستمرة من 8 منتخبات، منذ 2004 حتى الآن.
وشهدت البطولة عبر تاريخها الكثير من التغيرات الفنية، لمصلحة الكرة العربية، حيث ظل منتخبا الكويت والعراق محتكرين لكؤوس البطولة بين 1970 و1990، حتى نجح المنتخب القطري في كسر ذلك الاحتكار بعد فوزه بلقب 1992، تبعه شقيقه السعودي بالتتويج عام 1994، ثم ارتدى منتخب الإمارات ثوب «البطل الجديد» عام 2007، قبل أن يُتوّج شقيقه العُماني في «نسخة 2009»، وكان البحرين هو آخر «الأبطال الجدد»، الذي حصد لقبه الأول عام 2013.
وخلال تلك السنوات، أسهمت «خليجي» في تغيير خريطة المنافسة الكروية على الصعيد العربي، وفي النطاق الآسيوي، إذ إن المنتخبات التي كانت تخسر المباريات بنتائج كبيرة، تطورت وقفزت بخطوات واسعة حتى بلغت منصات التتويج لتعانق ميداليات الذهب في الكأس الخليجية، وامتد أثر ذلك على مستواها وقوتها في المنافسات القارية والعالمية، إذ بات منها أبطال للقارة الآسيوية، ونجح أغلبها في الوصول إلى نهائيات كأس العالم، ومن لم ينجح منهم في بلوغ «المونديال»، كان في «خليجي» أحد الأبطال.