يحتفل العالم يوم 18 ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للمهاجرين، لتسليط الضوء على واقع واسهامات ملايين المهاجرين حول العالم، بعد أن احتفل العالم قبل أيام بمرور 75 عامًا على ميثاق حقوق الانسان الذي ينص في المادة 13 على أنَّ «لكل فرد حق في حرية التنقل وفي اختيار محل إقامته داخل حدود الدولة، وأن لكل فرد حق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده».

وأطلقت الأمم المتحدة عبارة «الحاجة الملحة إلى إدارة آمنة للهجرة» كعنوان على يوم المهاجرين 2023، غير أنَّ واقع عالمي جديد فرضه المشهد المأسوي في فلسطين بعد عدوان قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة 7 أكتوبر الماضي، جعله يشير الى هذه الاحتفالات على استحياء، في وسط انتهاكات يومية تبثها شاشات العالم أجمع، لعمليات تهجير قصرية وقصف جوي للمدنيين، وواقع ليس هو الأفضل للمهاجرين الفلسطينيين المشردين في جميع بقاع الأرض، إذ لازالوا يعقدون الآمال على العودة لديارهم ويحتفظون بمفاتيح منازلهم التي غطى التراب معظمها بينما سكن المستوطنين الإسرائيليين بعضها الآخر.

مبادئ رومانسية وواقع مؤلم 

ميثاق حقوق الإنسان بمواده الـ 30، واليوم العالمي للمهاجرين لم يخرج عن كونه فكرة رومانسية خيالية لم تطبق يومًا على أرض الواقع حتى في أعتى الدول الديموقراطية، وعلي رأسها الولايات المتحدة التي تحتضن الأمم المتحدة بمواثيقها عن الحريات، وفقا الدكتورة هدى زكريا أستاذ علم الاجتماع السياسي في حديثها لـ«الوطن».

فاتورة باهظة دفعتها الشعوب بالحروب العالمية 

فاتورة باهظة دفعتها الشعوب للانتهاكات التي طالت كرامتهم وإنسانيتهم من إبادة وحرق وجوع وتشريد خلال الحرب العالمية الأولى والثانية، علقت آمال عريضة على منظمة الأمم المتحدة الوليدة عام 1946 وميثاق حقوق الإنسان 1948، ومنظمة الأمم المتحدة التي لم تتمكن من تحقيق أي من مبادئها الرومانسية.

وتروي أستاذ علم الاجتماع السياسي: «صديقتي ألمانية عاصرت الحرب اعتادت طهي ثمرة البطاطس بالسكر أو الملح والتي كانت حصتها من الطعام باليوم على مدار عام كامل».

مَن هم المهاجرون المستهدفون بالرعاية بميثاق حقوق الإنسان؟

وأكّدت أستاذ علم الاجتماع السياسي أنَّ الإنسان المستهدف بميثاق حقوق الإنسان وتدشين بعض الحقوق على طريقة اليوم العالمي للتأكّيد عليها، أستهدفت بالأساس الإنسان الأبيض الغربي، والدليل على ذلك انتهاك الولايات المتحدة ذاتها حقوق الإنسان مع الأفارقة ذوي البشرة السوداء على أراضيها بعد أن جلبتهم بالقوة في هجرة قسرية وانتهكت حقوقهم بتسخيرهم كعبيد لخدمة البيض في الزراعة والأعمال الشاقة، بعد أن قامت بإبادة الهنود الحمر أصحاب الأرض.

عبارات على ألسنة رؤساء الولايات المتحدة ترصد انتهاك حقوق المهاجرين 

الشعارات البراقة التي بدأت تظهر على لسان رؤساء الدولة التي تعرف نفسها على أنها دولة الديموقراطية وحقوق الإنسان وبوصلة العالم للوصول إلى الحريات، تسللت خلال أحاديثهم عبارات عن العنصرية، ومن أشهر هذه العبارات التي وردت على لسان أبراهام لينكون الرئيس الأمريكي السادس عشر للولايات المتحدة الأمريكية والشهير بتأييده حقوق الإنسان، خلال الحرب الأهلية الأمريكية، بأنَّه لم يقصد بتحرير العبيد أن يصبحوا مثل البيض، باعتبارهم الأذكى والأفضل.

مارتن لوثر كينغ

كما أنَّ مقتل مارتن لوثر كينج رجل دين الأمريكي وزعيم الحقوق المدنية وأحد المهاجرين الى أرض الحريات عام 1968، بعد إطلاق النار عليه من أحد البيض في فندق لورين في ممفيس، تينيسي، كان اعتراضًا آخرًا على فكرة المساواة وعدم التمييز، من قلب أرض الحريات، وكان «لوثر كينج» قد ألف كتابا بعنوان «لماذا لا نستطيع الانتظار؟» للتعبير عن استنكاره للانتظار عقود طويلة للحصول على المساواة، قبل أنَّ يدفع حياته ثمن لون بشرته السمراء، وعدم المساواة بين المهاجرين وفقًا لـ«هدى زكريا».

نيلسون مانديلا

شواهد أخرى على ممارسات انتهاك حقوق الإنسان حتى في بقاع بعيدة رسخها المحتل الأبيض بمستعمراته، ذكر جزء منها نيلسون مانديلا بمذكراته، عندما رصد مشي الإنسان الأسود على يديه ورجليه كالحيوانات عند مروره بشوارع جنوب أفريقيا المخصصة للبيض الذين هاجروا الى البلاد كمستعمرين.

علم الأنثروبولوجي

وكأن التصريحات العبارات العنصرية لم تعد كافية فصاغ العالم الغربي العنصرية والتمييز في علم جديد، ليتم ترجمة النظرة المتعالية للإنسان الأبيض بتأسيس «علم الأنثروبولوجي»، الذي أسس لفكرة الاستعمار، كنتيجة طبيعية لتميز الإنسان الغربي بعد تقسيم البشر إلى أبيض وأصفر وأسود، وترسيخ أن الأبيض أرقى الأجناس، كونهم يتميزون بالفهم والعبقرية والقيمة الإنسانية.

أوباما أول رئيس من المهاجرين السود بالولايات المتحدة 

كما أن اختيار رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية لك تكون بعيدة عن التمييز والعنصرية وتعزيز الفروق العرقية بين المهاجرين، إذ ظل مقعد رئيس الولايات المتحدة قاصرا على البيض الأنجلوسكسونيين، رغم كونه مجتمعًا من المهاجرين من كل  دول العالم.

حتى لعبت الدراما الأمريكية دورًا في فضح السياسة الأمريكية العنصرية منها مسلسل جذور وهو عن رواية تاريخية ألفيها أليكس هيلي، وتم عرضها كمسلسل في نفس العام 1976، ويروي الكاتب محاولته لتتبع جذور عائلته بالولايات المتحدة حتى وصل إلى أنَّ جده يدعى كونت كونتي وشاب أفريقي مسلم الذي استعبد واستحضر في هجرة قصرية ليعمل كرق إلى الولايات المتحدة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: المهاجرين اليوم العالمي لحقوق الانسان الأمم المتحدة غزة فلسطين الولايات المتحدة مارتن لوثر كينغ نيلسون مانديلا الولایات المتحدة الأمم المتحدة حقوق الإنسان

إقرأ أيضاً:

هل يعتبر التضخم في الولايات المتحدة تحت السيطرة؟

توقع تقرير  لبنك قطر الوطني تباطؤ التضخم في الولايات المتحدة بشكل أكبر خلال العام المقبل، مدفوعاً بتطبيع استخدام الطاقة الإنتاجية، وتعديلات تكلفة الإسكان، واحتمال ضبط الأوضاع المالية العامة خلال ولاية ترامب الثانية مع تولي بيسنت منصب وزير الخزانة.

وقال التقرير تحت عنوان " هل يعتبر التضخم في الولايات المتحدة تحت السيطرة؟  بعد أن بلغ ذروته عند 5.6% سنوياً قبل أكثر من 30 شهراً في يونيو 2022، عاد التضخم في الولايات المتحدة تدريجياً ليقترب من نسبة 2% المستهدفة في الأشهر الأخيرة. وكان هذا إنجازاً كبيراً لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ومبرراً لبداية دورة التيسير النقدي في شهر سبتمبر من العام الجاري، عندما تم إقرار تخفيضات أسعار الفائدة لأول مرة منذ بداية الجائحة في عام 2020.

وعلى الرغم من النجاح والتقدم في السيطرة على التضخم، فإن المخاوف بشأن أسعار المستهلك في الولايات المتحدة لا تزال تلقي بظلالها على أجندة المستثمرين. في الأسابيع الأخيرة، أدت بيانات التضخم الأعلى من المتوقع و"الاكتساح الجمهوري"، مع فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية وهيمنة حزبه على الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب، إلى مخاوف بشأن توقعات التضخم. والأهم من ذلك، أن المقياس الرئيسي لبنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو التضخم الأساسي في نفقات الاستهلاك الشخصي، والذي يستثني الأسعار المتقلبة للطاقة والمواد الغذائية من المؤشر، لا يزال أعلى من النسبة المستهدفة. وهناك مخاوف من أن "الجزء الأخير" من عملية السيطرة على التضخم قد لا يكون سهلاً كما كان متوقعاً في السابق، وأن "النسخة الثانية من سياسة أمريكا أولاً" قد تؤدي إلى زيادة التضخم، بسبب التوسع المالي وارتفاع الرسوم الجمركية على السلع المستوردة.

وأوضح تقرير QNB أن احتمالية ارتفاع التضخم أدت بالفعل إلى تغيير كبير في التوقعات المرتبطة بحجم ووتيرة التيسير النقدي الذي سينفذه بنك الاحتياطي الفيدرالي في عام 2025. ففي غضون أسابيع قليلة، خفض مستثمرو أدوات الدخل الثابت توقعاتهم بشأن تخفيضات أسعار الفائدة من 150 نقطة أساس إلى 50 نقطة أساس فقط، مما يشير إلى أن سعر الفائدة الأساسي على الأموال الفيدرالية سيستقر في نهاية العام المقبل عند 4% بدلاً من 3%

 

ويرى التقرير أنه بغض النظر عن جميع المخاوف والصدمات المحتملة التي قد تؤثر على الأسعار الأمريكية، فإننا نعتقد أن التوقعات المرتبطة بالتضخم في الولايات المتحدة إيجابية، بمعنى أن التضخم سيعود تدريجياً إلى النسبة المستهدفة (2%) ما لم تحدث أي تطورات جيوسياسية كبيرة أو تصدعات في السياسة الأمريكية. 

ويوضح أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تدعم وجهة نظرهم وهي:

أولاً، شهد الاقتصاد الأميركي بالفعل تعديلات كبيرة في الأرباع الأخيرة، الأمر الذي ساهم في تخفيف حالة نقص العرض وارتفاع الطلب التي كانت تضغط على الأسعار. ويشير معدل استغلال الطاقة الإنتاجية في الولايات المتحدة، قياساً بحالة سوق العمل والركود الصناعي، إلى أن الاقتصاد الأميركي لم يعد محموماً. بعبارة أخرى، هناك عدد مناسب من العمالة لفرص العمل المتاحة، في حين أن النشاط الصناعي يسير دون اتجاهه الطويل الأجل. وتأقلمت سوق العمل بالكامل وهي الآن عند مستوى طبيعي، حيث بلغ معدل البطالة 4.1% في أكتوبر 2024، بعد أن كان قد بلغ أقصى درجات الضيق في أوائل عام 2023 عندما تراجع بكثير من مستوى التوازن إلى 3.4%. وتدعم هذه الظروف التخفيف التدريجي لضغوط الأسعار.

ثانياً، سيصبح انخفاض التضخم في أسعار الإسكان مساهماً رئيسياً في انخفاض التضخم الإجمالي في الأرباع القادمة. يمثل الإسكان ما يقرب من 15% من مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، ويشمل الإيجار أو، إذا كانت الوحدة السكنية مملوكة للمالك، ما قد يكلفه استئجار وحدة مماثلة في سوق الإسكان الحالية. بلغ التضخم في الإسكان ذروته عند 8.2% في أبريل 2023، حيث تأخر كثيراً عن ذروة التضخم الإجمالي، مما يعكس "ثبات" الأسعار، نظراً لأن العقود تستند إلى الإيجار السنوي. لذلك، تتفاعل الأسعار بشكل أبطأ حيث عادة ما يظهر تأثير تغير الأوضاع الاقتصادية الكلية عليها بشكل متأخر. انخفض تضخم الإسكان بوتيرة ثابتة منذ منتصف عام 2023 وهو حالياً أقل من 5%. تُظهر مؤشرات السوق للإيجارات المتعاقد عليها حديثاً، والتي تتوقع الاتجاهات في الإحصائيات التقليدية، أن تضخم الإيجار أقل من مستويات ما قبل الجائحة. وهذا يشير إلى أن مكون الإسكان في الأسعار سيستمر في التباطؤ في عام 2025، مما يساعد في خفض التضخم الإجمالي.

ثالثاً، غالباً ما يتم المبالغة في المخاوف بشأن الطبيعة التضخمية للنسخة الثانية من سياسة الرئيس ترامب الاقتصادية "أميركا أولاً". ستبدأ إدارة ترامب الجديدة في ظل بيئة وطنية ودولية مختلفة تماماً عن ظروف الولاية السابقة في عام 2016، حيث سيكون نطاق التحفيز المالي الكبير مقيداً أكثر. لقد اتسع العجز المالي الأميركي بالفعل بشكل كبير من 3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016 إلى 6% في عام 2024، مع زيادة نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في نفس الفترة من أقل من 100% إلى ما يقرب من 125%. وأعرب وزير الخزانة القادم، سكوت بيسنت، الذي يعتبر "أحد الصقور" في القطاع المالي، بالفعل عن نيته "تطبيع" العجز إلى 3% بحلول نهاية الولاية. بعبارة أخرى، سيتم تشديد الأوضاع المالية أكثر بدلاً من تخفيفها، وهو ما من شأنه أن يساهم في إبطاء ضغوط الأسعار، على الرغم من أي تأثيرات ناجمة عن سياسات التعريفات الجمركية والهجرة التي لم يتم إضفاء الطابع الرسمي عليها بالكامل بعد. 

مقالات مشابهة

  • "بسيوني": الشائعات تهدف إلى التأثير على الصورة التي تقدمها مصر في مجال حقوق الإنسان
  • «التنسيقية» تثمن قرار العفو عن 54 من أبناء سيناء: يتسق مع مبادئ الجمهورية الجديدة
  • موقع عبري: الحوثيون لا يمكن ردعهم.. الجماعة التي تتحدى الولايات المتحدة وتتحدى العالم
  • وزير الشؤون النيابية: مصر حظيت بإشادات دولية وأممية واسعة لتطور ملفها الحقوقي
  • هل يعتبر التضخم في الولايات المتحدة تحت السيطرة؟
  • ترامب يتعهد بإغلاق الحدود أمام المهاجرين غير الشرعيين
  • الحروب وتغير المناخ خلال 2024| الأوزون تتضرر من حرب الإبادة في غزة.. الولايات المتحدة الأمريكية الملوث الأكبر على مدى التاريخ.. أمريكا الشمالية سبب الإشعاع الحرارى المؤخر على الكوكب
  • أستاذ علوم سياسية: على العالم التدخل لإنقاذ حالة التجويع التي تشهدها غزة
  • الأمم المتحدة تبحث سُبُل حماية «حقوق الإنسان في ليبيا»
  • دبي.. علاقة رومانسية لسائح مراهق مع فتاة قاصر تنتهي بسجنه لمدة عام