ميثاق حقوق الإنسان.. مبادئ رومانسية وواقع مؤلم للمهاجرين
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
يحتفل العالم يوم 18 ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للمهاجرين، لتسليط الضوء على واقع واسهامات ملايين المهاجرين حول العالم، بعد أن احتفل العالم قبل أيام بمرور 75 عامًا على ميثاق حقوق الانسان الذي ينص في المادة 13 على أنَّ «لكل فرد حق في حرية التنقل وفي اختيار محل إقامته داخل حدود الدولة، وأن لكل فرد حق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده».
وأطلقت الأمم المتحدة عبارة «الحاجة الملحة إلى إدارة آمنة للهجرة» كعنوان على يوم المهاجرين 2023، غير أنَّ واقع عالمي جديد فرضه المشهد المأسوي في فلسطين بعد عدوان قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة 7 أكتوبر الماضي، جعله يشير الى هذه الاحتفالات على استحياء، في وسط انتهاكات يومية تبثها شاشات العالم أجمع، لعمليات تهجير قصرية وقصف جوي للمدنيين، وواقع ليس هو الأفضل للمهاجرين الفلسطينيين المشردين في جميع بقاع الأرض، إذ لازالوا يعقدون الآمال على العودة لديارهم ويحتفظون بمفاتيح منازلهم التي غطى التراب معظمها بينما سكن المستوطنين الإسرائيليين بعضها الآخر.
ميثاق حقوق الإنسان بمواده الـ 30، واليوم العالمي للمهاجرين لم يخرج عن كونه فكرة رومانسية خيالية لم تطبق يومًا على أرض الواقع حتى في أعتى الدول الديموقراطية، وعلي رأسها الولايات المتحدة التي تحتضن الأمم المتحدة بمواثيقها عن الحريات، وفقا الدكتورة هدى زكريا أستاذ علم الاجتماع السياسي في حديثها لـ«الوطن».
فاتورة باهظة دفعتها الشعوب للانتهاكات التي طالت كرامتهم وإنسانيتهم من إبادة وحرق وجوع وتشريد خلال الحرب العالمية الأولى والثانية، علقت آمال عريضة على منظمة الأمم المتحدة الوليدة عام 1946 وميثاق حقوق الإنسان 1948، ومنظمة الأمم المتحدة التي لم تتمكن من تحقيق أي من مبادئها الرومانسية.
وتروي أستاذ علم الاجتماع السياسي: «صديقتي ألمانية عاصرت الحرب اعتادت طهي ثمرة البطاطس بالسكر أو الملح والتي كانت حصتها من الطعام باليوم على مدار عام كامل».
وأكّدت أستاذ علم الاجتماع السياسي أنَّ الإنسان المستهدف بميثاق حقوق الإنسان وتدشين بعض الحقوق على طريقة اليوم العالمي للتأكّيد عليها، أستهدفت بالأساس الإنسان الأبيض الغربي، والدليل على ذلك انتهاك الولايات المتحدة ذاتها حقوق الإنسان مع الأفارقة ذوي البشرة السوداء على أراضيها بعد أن جلبتهم بالقوة في هجرة قسرية وانتهكت حقوقهم بتسخيرهم كعبيد لخدمة البيض في الزراعة والأعمال الشاقة، بعد أن قامت بإبادة الهنود الحمر أصحاب الأرض.
الشعارات البراقة التي بدأت تظهر على لسان رؤساء الدولة التي تعرف نفسها على أنها دولة الديموقراطية وحقوق الإنسان وبوصلة العالم للوصول إلى الحريات، تسللت خلال أحاديثهم عبارات عن العنصرية، ومن أشهر هذه العبارات التي وردت على لسان أبراهام لينكون الرئيس الأمريكي السادس عشر للولايات المتحدة الأمريكية والشهير بتأييده حقوق الإنسان، خلال الحرب الأهلية الأمريكية، بأنَّه لم يقصد بتحرير العبيد أن يصبحوا مثل البيض، باعتبارهم الأذكى والأفضل.
كما أنَّ مقتل مارتن لوثر كينج رجل دين الأمريكي وزعيم الحقوق المدنية وأحد المهاجرين الى أرض الحريات عام 1968، بعد إطلاق النار عليه من أحد البيض في فندق لورين في ممفيس، تينيسي، كان اعتراضًا آخرًا على فكرة المساواة وعدم التمييز، من قلب أرض الحريات، وكان «لوثر كينج» قد ألف كتابا بعنوان «لماذا لا نستطيع الانتظار؟» للتعبير عن استنكاره للانتظار عقود طويلة للحصول على المساواة، قبل أنَّ يدفع حياته ثمن لون بشرته السمراء، وعدم المساواة بين المهاجرين وفقًا لـ«هدى زكريا».
شواهد أخرى على ممارسات انتهاك حقوق الإنسان حتى في بقاع بعيدة رسخها المحتل الأبيض بمستعمراته، ذكر جزء منها نيلسون مانديلا بمذكراته، عندما رصد مشي الإنسان الأسود على يديه ورجليه كالحيوانات عند مروره بشوارع جنوب أفريقيا المخصصة للبيض الذين هاجروا الى البلاد كمستعمرين.
وكأن التصريحات العبارات العنصرية لم تعد كافية فصاغ العالم الغربي العنصرية والتمييز في علم جديد، ليتم ترجمة النظرة المتعالية للإنسان الأبيض بتأسيس «علم الأنثروبولوجي»، الذي أسس لفكرة الاستعمار، كنتيجة طبيعية لتميز الإنسان الغربي بعد تقسيم البشر إلى أبيض وأصفر وأسود، وترسيخ أن الأبيض أرقى الأجناس، كونهم يتميزون بالفهم والعبقرية والقيمة الإنسانية.
كما أن اختيار رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية لك تكون بعيدة عن التمييز والعنصرية وتعزيز الفروق العرقية بين المهاجرين، إذ ظل مقعد رئيس الولايات المتحدة قاصرا على البيض الأنجلوسكسونيين، رغم كونه مجتمعًا من المهاجرين من كل دول العالم.
حتى لعبت الدراما الأمريكية دورًا في فضح السياسة الأمريكية العنصرية منها مسلسل جذور وهو عن رواية تاريخية ألفيها أليكس هيلي، وتم عرضها كمسلسل في نفس العام 1976، ويروي الكاتب محاولته لتتبع جذور عائلته بالولايات المتحدة حتى وصل إلى أنَّ جده يدعى كونت كونتي وشاب أفريقي مسلم الذي استعبد واستحضر في هجرة قصرية ليعمل كرق إلى الولايات المتحدة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: المهاجرين اليوم العالمي لحقوق الانسان الأمم المتحدة غزة فلسطين الولايات المتحدة مارتن لوثر كينغ نيلسون مانديلا الولایات المتحدة الأمم المتحدة حقوق الإنسان
إقرأ أيضاً:
«قرارك بإيدك.. لا للإدمان"». مبادرة طلابية لجامعة طيبة التكنولوجية في المائدة المستديرة لحقوق الإنسان
أطلق طلاب جامعة طيبة التكنولوجية، تحت رعاية د.عادل زين الدين، رئيس الجامعة، مبادرةً نوعيةً تحت عنوان "قرارك بإيدك.. لا للإدمان"، وذلك على هامش مشاركتهم في المائدة المستديرة حول "بناء القدرات ومناصرة قضايا حقوق الإنسان"، التي نظمتها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بمدينة العين السخنة، تحت إشراف الدكتورة صباح محمد، مدير وحدة حقوق الإنسان بالجامعة.
وأعرب الدكتور عادل زين الدين، عن سعادته بهذه المبادرة الطلابية المتميزة، والتي تأتي في إطار جهود الجامعة لتعزيز دور الشباب في مواجهة التحديات المجتمعية، وعلى رأسها خطر الإدمان الذي يهدد مستقبل شبابنا، إذ تسعى إلى توعية الشباب بمخاطر الإدمان، وتقديم الدعم اللازم للمتضررين، والمساهمة في بناء مجتمعٍ صحيٍّ وآمن.
وأكد رئيس الجامعة، أن هذه المشاركة الفعالة لجامعة طيبة التكنولوجية في المائدة المستديرة، تعزز من دور الطلاب في فهم قضايا المجتمع، وتنمية قدراتهم على طرح المبادرات والمساهمة في حل المشكلات، بما يخدم خطط الدولة للتنمية المستدامة.