ما المقصود بقوله تعالى:«كل يوم هو في شأن»؟.. علي جمعة يوضح
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
ما المقصود بقوله تعالى:«كل يوم هو في شأن»؟ سؤال بينه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بـالأزهر، حيث يقول تعالى : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) من هذه الأية تم استخلاص نظرية تسمى "نظرية الإيجاد والإمداد".
ما المقصود بقوله تعالى:«كل يوم هو في شأن»؟وتابع علي جمعة من خلال صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: فهناك إيجاد (أي خلْق) (أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا) وهناك إمداد، وهذا الإمداد (كُن فَيَكُونُ) مستمر متواصل لا ينقطع، ولو أن الله سبحانه وتعالى قطع هذا الإمداد لأفنى المقطوع عنه، وليس معنى ذلك أن يموت، فالموت خلْق جديد (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ) ، بل يفنى أي يصير إلى عدم محض،.
وأضاف: فالإمداد هو الذي يحفظ الإيجاد ويعطيه الحيوية، وهو من الله وحده لا يشاركه فيه أحد، ومن هذا فهموا معنى (لا حول ولا قوة إلا بالله) بمعنى انقطاع كل قدرة أو حول أو طاقة إلا بعون الله ومدده، وفهموا دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تكلني إلى نفسي طرفة عين) [رواه النسائي] لأنه لو أوكلني إلى نفسي فسوف أفنى، فلا حول لي ولا قوة في أن أوجد نفسي أو أن أبقيها إلا بالله العلي العظيم، وإذا وصل معتقد الفرد إلى هذا، وصل إلى درجات التوكل والتفويض، والانصراف إلى الله بكلية القلب والفكر والهمة في العبادة والحياة. فأنا منه وإليه، ومن ذلك أيضًا نفهم المناجاة النبوية: (لبيك وسعديك, والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك) [رواه مسلم].
وشدد علي جمعة: كانت هذه هي العقيدة السائدة حتى القرن التاسع عشر الميلادي، لكنها كانت حاضرة بالأساس في النخبة. فالأمة اليوم جهِلت وتحولت إلى أمة أميَّة تجهل دينها وقرآنها، تقريبًا منذ ما بعد القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي)؛ حيث انتهى عصر توليد العلوم وبدأ عصر الزخم العقيم. فعلى سبيل المثال يقيم (الفخر الرازي) حفلًا ضخمًا ليعرض فيه ألف دليل على وجود الله سبحانه وتعالى بينما كان تعليق إحدى العجائز على ذلك: أكان لديه ألف شكًّ في وجود الله؟ فهذا مما نقصده بالزخم العقيم.
كما قال في بيان الحكمة من الابتلاء، إن الله سبحانه وتعالى رحيم بعباده وأنه سبحانه عندما يرسل المصائب والكوارث سواء كانت مجاعات أو سيول أو فيضانات أو زلازل أو براكين ... مثل هذه الأشياء؛ إنما يرسلها كمذكِّر وليست انتقامًا، لأن انتقامه أشد من هذا بكثير، ليس الانتقام أن يموت مائة أومئتان أوكذا بل الانتقام -نسأل الله السلامة ونسأل الله العفو- ليست هذه صورته، الانتقام صورته أشد وأنكى، ونسأل الله أن يرحم ضعفنا وأن يغفر لنا على ما كان من عمل، ولكن هذه الأحداث الكونية مذكرة وتجعل الانسان يتذكر أنه بيد الله مثل الموت {فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ} هو مصيبة لكنه يذكر بالآخرة.
وأضاف: الإنسان بعد أن تنتهي فترة الحداد ينشغل بالدنيا مرة ثانية وينسى الموت، عجيب! ولهذا سُمى إنساناً من النسيان وسُمى الناس كذلك لأنهم ينسون :
وما أولُ ناسٍ إلا أولُ الناسِ ** وأول الناس هو سيدنا آدم.
إذن هذه الأشياء مذكرة وليست انتقامًا، لأن الانتقام ليس هذا شكله، الانتقام شئ رهيب، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقى أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من أي انتقام وغضب له سبحانه وتعالى.
فالذي يحدث إنما هو تذكير كشأن الموت وشأن الشيب؛ فالإنسان يأتي له شيب فيذكر أنه كبر في السن وقربت أيامه وأنه لم يبق له أكثر مما مضى فيبدأ في العمل الصالح وفي رد المظالم وفي عمل الخير للناس ..... إلخ، ونجد في الشيب أن الإنسان يمسك عصاه فهذه نذير بقرب المسألة تُرجع الانسان إلى حظيرة الله وتجعله {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}، {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ } ففيها معنى الدفع والباعث لأن الانسان يغير من سلوكه فكذلك الموت وكذلك المصائب والكوارث سواء كانت مجاعات أو سيول أو فيضانات أو زلازل أو براكين ... إلخ، كل هذه الأشياء يفعلها الله سبحانه وتعالى من أجل تذكير الناس، والحكيم هو الذي يحولها إلى تذكِرة يرجع بها إلى رب العالمين سبحانه وتعالى ويسارع إلى المغفرة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة هيئة كبار العلماء الله سبحانه وتعالى علی جمعة
إقرأ أيضاً:
حكم المرأة غير المحجبة في الإسلام.. هل يطلقها زوجها ويحرمها من حقوقها؟
أكدت دار الإفتاء المصرية، أن الحجاب فريضة على كل امرأة مسلمة عاقلة، ويتحقق بأن تلبس ما يستر كلَّ جسمها ما عدا وجهَها وكفيها؛ أيًّا ما كانت هذه الملابس؛ بحيث لا تصف ولا تكشف ولا تشف.
واستدلت دار الإفتاء بقوله قوله تعالى: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ [النور: 31].
كما استدلت دار الإفتاء بما روي عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَا أَسْمَاءُ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا» وأشار إلى وجهه وَكَفَّيْهِ. أخرجه أبو داود في "سننه"، والطبراني في "مسند الشاميين"، وابن عدي في "الكامل"، والبيهقي في "السنن الكبرى" و"الآداب" و"شعب الإيمان".
المرأة غير المحجبةوقالت دار الإفتاء: إن لم تكن الزوجة ترتدي الحجاب الشرعي فإن مسؤولية الأمر به والحث عليه داخلة في نطاق مسؤولية زوجها عنها في رعاية مصالحها الدينية، ويجب عليه حينئذ أمرُها به، أمرَ إرشادٍ وترغيب، لا أمرَ إجبارٍ وترهيب.
وتابعت: فإن قام الزوج بمسؤوليته في نصح زوجته وحثها على الحجاب، ولكنها مع ذلك لم تتحجب، فعليه أن يصبر عليها مع المداومة على النصح والترغيب؛ إذ نص الشرع على وجوب أمر الأهل بالصلاة والصبر عليهم في أدائها وإقامتها، مع كون الصلاة عماد الدين وأول ما يسأل عنه المرء يوم القيامة، فلأن يصبر الزوج على امرأته في الالتزام بفريضة الحجاب من باب أولى.
وقد نص الشرع الشريف على أن الأصل في الدعوة إلى الله تعالى أن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة، فإذا كان ذلك لعموم الناس أو لأصحاب العداوات من المعارضين للحق؛ فلأن يكون بين الزوج وزوجته أولى.
حرمان غير المحجبة من حقوقهاوأكدت دار الإفتاء أن الإيذاء النفسي بحرمان الزوجة من حقوقها الأساسية كالنفقة، أو البدني كالتعدي بالضرب عليها؛ لأجل أن تتحجب: ليس من الحكمة في شيء، بل ربما أدى إلى نقيض المراد منه، وهو النفور مما كان سببًا لتعرضها للإيذاء النفسي أو البدني، كما جبل على ذلك البشر.
وقد نص الفقهاء على أنه ليس للزوج إيذاء زوجته بالضرب لإجبارها على الإتيان بحقوق الله تعالى، وإنه إنما يكتفي في ذلك بالوعظ والإرشاد، فإن لم يُفِدْ: جاز له زجرها بما لا يؤذيها إن غلب على ظنه إفادةُ ذلك؛ لأن منفعة قيامها بحقوق الله تعالى تعود إليها لا إليه.
فعلى الزوج أن يديم النصح لزوجته في كل ما فيه طاعة ربها، ومن ذلك: فريضة الحجاب؛ بأن تستر جسمها ما عدا وجهها وكفيها، ولكن لا علاقة لذلك بإنفاقه عليها ما دامت غير ناشر؛ فالمعصية لا تمنع النفقة، كما أن عدم لبسها الحجاب ليس مبررًا له أن يمنعها من ممارسة حياتها، إلّا إذا علم انحرافها فعليه حينئذٍ أن يمنعها بسلطته من الانحراف قدر ما يستطيع.