استطلاع: 51% من الشباب الأمريكيين يعتقدون أن حل الصراع هو نهاية إسرائيل
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
كشفت استطلاع جديد أجراه باحثون من جامعة هارفارد وشركة هاريس بول لاستطلاعات الرأي في الولايات المتحدة الأمريكية، أن 51% من الشباب الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً يعتقدون أن حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو نهاية دولة إسرائيل وتسليمها إلى حماس والفلسطينيين.
وفي استطلاع سابق أجري مباشرة بعد الهجوم 7 أكتوبر الذي نفذته حركة حماس، كان 26% فقط من الشباب يشغلون هذا الموقف، وفقا لما ذكرته صحيفة "يديعوت أحرونوت".
ووفقا للاستطلاع قال 32% من الشباب الذين شملهم الاستطلاع أنهم يؤمنون بحل الدولتين، و17% يعتقدون أنه ينبغي الطلب من الدول العربية استيعاب السكان الفلسطينيين. وهذا على النقيض من الفئات العمرية الأخرى التي شملها الاستطلاع، والتي فضلت بوضوح حل الدولتين.
ويعتقد 4% فقط من الأمريكيين الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا أو أكثر أنه يجب وضع حد لدولة إسرائيل.
وعندما سئلوا من تؤيدون في الصراع، أجاب نصف الشباب - لصالح حماس. وفي الفئات العمرية الأخرى هناك تأييد لإسرائيل، ومن بين الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما فما فوق فإن 96% يؤيدون إسرائيل مقارنة بـ 4% لحماس.
الأغلبية المطلقة من الشباب في الولايات المتحدة (60%) تعتقد أن الهجوم الذي نفذته حماس كان عملا مبررا، نتج عن المحنة التي يعيشها الفلسطينيون وأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضدهم. بل إن نسبة أكبر (67%) من الشباب تعتقد أن اليهود ظالمون.
كما أن مستوى الأهمية التي يوليها الأمريكيون للصراع آخذ في التناقص، وفي الاستطلاع السابق، قال 12% من المشاركين أن هذه هي القضية الأكثر أهمية التي تواجه الولايات المتحدة اليوم، ولكن في الاستطلاع الحالي، ذكر 7% فقط ذلك.
وبحسب الصحيفة العبرية فأن المسألة بالنسبة لهم لا تقل أهمية عن السلامة المدرسية، وتشغلهم قليلاً أكثر من فيروس كورونا. وعلى رأس قائمة القضايا التي تشغل الرأي العام في الولايات المتحدة: التضخم وارتفاع الأسعار (33%)، والهجرة (28%)، والتوظيف (23%)، والجريمة والمخدرات (18%).
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: استطلاع جامعة هارفارد الولايات المتحدة الامريكية الشباب الأميركيين إسرائيل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حماس الولایات المتحدة من الشباب
إقرأ أيضاً:
منظومة الصراع الرقمي وتمكين الوعي والتربية
في خضم التحوّل الرقمي المتسارع الذي يشهده عالمنا اليوم، أضحت التربية الرقمية وتفعيلها ذا أهمية بالغة لأجل مواجهة مخاطر التأثير الرقمي التي تهدد الجيل الشاب على مختلف الجبهات: النفسية والعقلية والأخلاقية؛ إذ تواجه المجتمعات الحديثة تحديات غير مسبوقة نتيجة الانتشار الواسع للألعاب الإلكترونية الحديثة والمنصات الرقمية والأفلام التي تحمل في طياتها رسائل ومحتويات يمكن أن تؤثر سلبًا على عقول الشباب، وتمتد مخاطرها في توجيههم لصالح تنظيمات إرهابية وإجرامية. أبرز هذه المخاطر ما ينطوي عليه تأثير المحتوى الرقمي العنيف الذي يترك بصماته على السلوك والعواطف والقدرات العقلية؛ فيقتضي تبني إستراتيجية تربوية رقمية علمية وفلسفية تهدف إلى تمكين الشباب من استيعاب هذا الواقع ومواجهته.
تتعدد مصادر التأثير الرقمي كما تتعدد مظاهر تأثيره السلبي على المستوى الفردي والجمعي؛ فأظهرت دراسة دولية حديثة «نُشرت في موقع The Australian» وجود ارتباط بين ممارسة الألعاب الإلكترونية -خاصة تلك التي تحتوي على ما يُسمّى بصناديق الغنيمة «loot boxes»- وزيادة مخاطر ممارسة القمار ومشكلات الصحة النفسية المرتبطة، وأشار الباحثون إلى أن شراء هذه الصناديق يمكن أن يؤدي إلى مظاهر نفسية مثل القلق، التوتر، الاكتئاب، والسلوك الاندفاعي التي تعد عوامل خطر مشتركة مع الإدمانات السلوكية الأخرى، وحذروا من أن الأطفال الذين يشاركون في شراء هذه الصناديق يكونون عرضة لمشكلات الخوض في القمار مستقبلا. كذلك، كشف تقرير صادر عن منظمة «CyberSafeKids» في عام 2023 أن 65% من الأطفال الأيرلنديين الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و12 عامًا تعرضوا لاتصالات خارجية من غرباء عبر الإنترنت؛ ليؤكد وجود ظاهرة نقص الوعي والرقابة الأسرية فيما يتعلق بسلامة الأطفال على الإنترنت الذي يرفع من احتمالية تعرضهم لمحتوى ضار أو استغلال من قبل مجموعات وجهات خطيرة.
باتت المنصات الرقمية والألعاب الإلكترونية أدوات سهلة الاستغلال من قبل منظمات إرهابية وإجرامية تهدف بواسطتها إلى التجنيد والأدلجة العقلية؛ فتستغل هذه الجهات المساحات الافتراضية للتواصل مع الشباب والتأثير على أفكارهم وسلوكياتهم عن طريق تقديم محتوى موجّه أو عبر تفاعلات مباشرة؛ فيسهل استدراج فئة الشباب وما دونهم وتجنيدهم لتحقيق مآرب تلك المنظمات، وتتطلب مثل هذه الظاهرة وعيًا مجتمعيًّا وأدوات فعّالة لرصدها ومكافحتها.
عبر ما يمكن رصده وقراءته، نجد أن كثيرا من فئة الشباب -فيما يمكن أن نطلق عليه بالجيل الرقمي- يعتمد على منصات مثل «تيك توك» و«يوتيوب» باعتبارها مصادرَ رئيسة للمعلومات؛ فيعرّضهم لخطر التضليل الإعلامي والتوجيه الفكري والمعرفي الخاطئ، ويبرز في مثل هذه الحالة مفهوم «الواقع الافتراضي» لـ«جان بودريار»؛ حيث تتلاشى الحدود بين الحقيقة والوهم؛ ليصبح الشباب عرضةً للتلاعب الفكري المقصود وغير المقصود؛ إذ يمكن استغلال الخوارزميات الذكية في هذه المنصات لتمرير المحتوى المتطرّف كما أظهرت دراسة لجامعة قناة السويس المصرية أن بعض الألعاب والمنصات تبث أفكارًا تتعارض مع القيم المجتمعية والدينية. كذلك تُشير دراسة نشرتها صحيفة المواطن الإلكترونية السعودية إلى تعرّض ما يقدّر بـ30% من الأطفال الذين يستخدمون الألعاب عبر الإنترنت إلى التنمّر؛ فيؤدي إلى تزايد ظاهرة العزلة الاجتماعية والقلق التي تُضعف الروابط الاجتماعية، وتجعل الفرد أكثر تقبلًا للتأثيرات الخارجية بما في ذلك التجنيد من قبل الجماعات الإجرامية.
بجانب ما يمكن أن تسببه الألعاب الإلكترونية من مخاطر فردية ومجتمعية؛ فإن الأفلام لا تقل خطرا؛ حيث إن المشاهد العنيفة أو تلك التي تُجسّد مظاهرَ الإرهاب يمكن أن تُسهم في زرع السلوكيات غير الأخلاقية في عقول الناشئة؛ فوفقَ دراسة نُشرت في مجلة «PubMed» وجدت علاقة بين التعرض المفرط للمحتوى العنيف وزيادة معدلات الاكتئاب والسلوك العدواني بين المراهقين، وكذلك فإن بعض الأفلام يمكن استعمالها أدواتٍ ترويجية غير مباشرة لجماعات متطرّفة وإجرامية عبر تقديم شخصيات «بطولية» تنتمي لهذه الجماعات؛ للدفع إلى الانحياز الأيديولوجي لدى المشاهدين واستثارة عواطفهم وإعادة توجيه عقولهم، وهذا ما يحدث أيضا بواسطة بعض الأغاني والموسيقى أو الأناشيد المغلّفة بأطر دينية، ولكن تحوي في باطنها رسائل نفسية خفية تخدم أيديولوجيات لا تنتمي للدين.
تشير العديد من التقارير والدراسات إلى أن عمليات تجنيد الشباب في المنظمات الإرهابية تحدث عبر الإنترنت، ويمكن أن تعتمد مثل هذه الجماعات الإرهابية على تقنيات الذكاء الاصطناعي لاستهداف الأفراد من فئة الشباب والأكثر إدمانا على الإنترنت والأنظمة الرقمية، وتتقاطع في هذا الشأن فلسفة الفيلسوف الإيطالي «غرامشي» المعنية بـ«الهيمنة الثقافية» مع الواقع الرقمي؛ إذ لم يعد السعي للسيطرة على الوعي الجمعي محصورًا على الأدوات التقليدية، ولكنه امتد إلى الفضاء الافتراضي؛ حيث تُصاغ السرديات وتُشكّل القناعات عبر محتوى مُصمم بعناية من قبل مجموعات متخصصة وقادرة على اختراق المجتمعات الإنسانية وأفرادها.
في ضوء هذه المشهد المخيف الذي يهدد مجتمعاتنا وأفرادها؛ فإنه من الضرورة أن نتوجه إلى تفعيل عاجل وحثيث لمواجهة هذه التحديات وإيجاد حلول لها بدايةً عبر ممارسة فاعلة للتربية الرقمية التي تأتي بأشكالها المتعددة منها وأهمها داخل المحيط الأسري والتعليمي عن طريق التوعية والمتابعة وإدراج مناهج مخصصة لتنمية الوعي الرقمي والتربية على ممارسة التحصينات اللازمة، وحينها تبرز الضرورة إلى تفعيل الأخلاقيات الرقمية التي يمكن بواسطتها إعادة تعريف مفهوم المسؤولية الرقمية ومواضع مخاطرها، ونستحضر في هذا المعرض فلسفة الأخلاق لـ«إيمانويل كانط» التي تُرجّح استنادَ الفعل الأخلاقي إلى عامل الواجب، لا إلى عامل المصلحة، ويمكن أن نتبنّى مثل هذه المبادئ الفلسفية في فضائنا الرقمي وممارسته اللامحدودة عبر إبراز دور الحكومات والمؤسسات التعليمية والأسر ومسؤوليتها في مضاعفة الوعي الرقمي عبر عدة سبل منها تقييد المحتوى الضار بواسطة استعمال خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وتفعيل التعليم النقدي عن طريق تدريب الشباب على تحليل المحتوى الرقمي والتمحيص بين النافع والضار بواسطة مناهج تعليمية متخصصة تتبنّى استعمال التقنية الدفاعية، وكذلك دفع أفراد المجتمع إلى تطبيق التوازن الرقمي عبر آلية تحديد أوقات الاستعمال، وإدماجهم في برامج ثقافية واجتماعية ورياضية ذات أهداف وحوافز معنوية ومادية. لهذا لا بد من تحالف قوى ثلاث لأجل التفعيل القوي للتربية الرقمية، ونعني بهذه القوى: حكومات تفرض التشريعات الصارمة فيما يتعلق بالممارسة الرقمية الضارة، ومؤسسات تعليمية تعمل على إدراج المنهج النقدي في عملية التعليم وتطوير القدرات الرقمية المضادة للمخاطر الرقمية، وأسر تتبنى مشروع توعية وتملك أدوات مراقبة للممارسات الرقمية، وبوجود هذا التفاعل الثلاثي يمكن تحويل الفضاء الرقمي من ساحة حرب أيديولوجية إلى فضاءٍ إيجابي يُغني العقل والنفس ويعود نفعه للفرد والمجتمع.
د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني