ليست انتقاما.. علي جمعة يكشف الحكمة من المصائب والكوارث في الدنيا
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إن الله سبحانه وتعالى رحيم بعباده وأنه سبحانه عندما يرسل المصائب والكوارث سواء كانت مجاعات أو سيول أو فيضانات أو زلازل أو براكين مثل هذه الأشياء؛ إنما يرسلها كمذكِّر وليست انتقامًا، لأن انتقامه أشد من هذا بكثير.
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية فيسبوك، أنه ليس الانتقام أن يموت مائة أومئتان أوكذا بل الانتقام -نسأل الله السلامة ونسأل الله العفو- ليست هذه صورته، الانتقام صورته أشد وأنكى، ونسأل الله أن يرحم ضعفنا وأن يغفر لنا على ما كان من عمل، ولكن هذه الأحداث الكونية مذكرة وتجعل الانسان يتذكر أنه بيد الله مثل الموت {فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ} هو مصيبة لكنه يذكر بالآخرة.
الانسان بعد أن تنتهي فترة الحداد ينشغل بالدنيا مرة ثانية وينسى الموت، عجيب! ولهذا سُمى إنساناً من النسيان وسُمى الناس كذلك لأنهم ينسون: وما أولُ ناسٍ إلا أولُ الناسِ ** وأول الناس هو سيدنا آدم.
إذن هذه الأشياء مذكرة وليست انتقامًا، لأن الانتقام ليس هذا شكله، الانتقام شئ رهيب، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقى أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من أي انتقام وغضب له سبحانه وتعالى.
فالذي يحدث إنما هو تذكير كشأن الموت وشأن الشيب؛ فالإنسان يأتى له شيب فيذكر أنه كبر في السن وقربت أيامه وأنه لم يبق له أكثر مما مضى فيبدأ في العمل الصالح وفي رد المظالم وفي عمل الخير للناس ..... إلخ.
ونجد في الشيب أن الإنسان يمسك عصاه فهذه نذير بقرب المسألة تُرجع الانسان إلى حظيرة الله وتجعله {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}، {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ } ففيها معنى الدفع والباعث لأن الانسان يغير من سلوكه فكذلك الموت وكذلك المصائب والكوارث سواء كانت مجاعات أو سيول أو فيضانات أو زلازل أو براكين ... إلخ، كل هذه الأشياء يفعلها الله سبحانه وتعالى من أجل تذكير الناس، والحكيم هو الذي يحولها إلى تذكِرة يرجع بها إلى رب العالمين سبحانه وتعالى ويسارع إلى المغفرة.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
كل كلام يقوله الإنسان محسوب عليه إلا 3 أمور فما هي؟.. علي جمعة يوضح
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن سيدنا النبي ﷺ: يقول: “من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه”، إنه أدب رفيع لا نراه في حياتنا اليومية، حيث نجد الناس يتدخلون في أمور ليست من شأنهم، فيتحدثون بما لا يعلمون، ويقولون بما لا يتقنون، وكل ذلك محسوب عليهم لا لهم. وقد قال رسول الله ﷺ: «كل كلام ابن آدم عليه لا له إلا أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو ذكر الله».
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أنه قد تعجب قوم من هذا الحديث عند الإمام سفيان الثوري رحمه الله ورضي عنه، فقال لهم: "لِمَ العجب؟" واستدل بقول الله تعالى: "لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ"، وبقوله تعالى: "يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا".
كان سفيان يستشهد بالقرآن على صحة الحديث ليزيل عنهم العجب، لأن كل كلام ابن آدم عليه لا له، إلا في الأمور الثلاثة: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وذكر الله، وعندما يقول النبي ﷺ: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، فهي كلمة جامعة تدعو الإنسان إلى أدب عظيم مع الله.
وكما ورد عن أبي ذر رضي الله عنه، عندما سئل رسول الله ﷺ عما ورد في صحف إبراهيم عليه السلام، قال ﷺ: "عَلَى الْعَاقِلِ مَا لَمْ يَكُنْ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ أَنْ تَكُونَ لَهُ سَاعَاتٌ: سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ، وَسَاعَةٌ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ، وَسَاعَةٌ يَتَفَكَّرُ فِيهَا فِي صُنْعِ اللَّهِ، وَسَاعَةٌ يَخْلُو فِيهَا لِحَاجَتِهِ مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ" [رواه ابن حبان].
هذا هو العاقل الذي يشغل نفسه بما يعنيه من أمور دينه، وليس بما لا ينفعه من أمور دنياه. هذا هو العاقل الذي يستحي من الله. وقد قال رسول الله ﷺ: "الاِسْتِحْيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَتَحْفَظَ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَتَتَذَكَّرَ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا؛ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ".
هذه هي حقيقة الحياء من الله سبحانه وتعالى: أن تحفظ الرأس وما وعى. فانظر إلى بلاغة النبي ﷺ، حيث لم يذكر العين وحدها لحفظها من النظر الحرام، أو اللسان من القول الحرام، أو الأذن من السمع الحرام، بل قال: "الرأس وما وعى"، وهذا يشمل الفكر الحرام أيضًا.
وينبغي عليك أيها المسلم أن تنزه باطنك وتطهره لله حياءً منه، وأن تأكل الحلال لتحفظ البطن وما حوى، وقد قال ﷺ: "أطب مطعمك تكن مستجاب الدعاء".
كما ينبغي عليك أن تذكر الموت دائمًا، فمن ذكر الموت امتنع عن الفسوق، وداوم على ذكر الله، وتذكر البلى، حيث لا شيء يبقى في هذه الحياة الدنيا، كما قال تعالى: "كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ".
عودوا إلى أدب الإسلام، فإن الإسلام كله حلاوة، يأمر بالمعروف، والجمال، والنظافة، وينهى عن القبح، وقلة الحياء، وقلة الأدب.