تجار اليمن قلقون من ارتدادات استهداف السفن في البحر الأحمر… وارتباك للملاحة الدولية
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
يمن مونيتور/العربي الجديد
تربك هجمات الحوثيين المكثفة في البحر الأحمر ضد السفن المتجهة إلى إسرائيل، حركة التجارة الدولية، لا سيما بعد إعلان خطوط ملاحية عالمية فاعلة، الامتناع عن المرور في هذا الشريان الحيوي، الأمر الذي يؤثر حتما على الكثير من الأسواق ومنها اليمن أيضا التي تترقب انعكاسات على حركة الاستيراد.
وتشهد محافظة الحديدة شمال غرب اليمن حركة غير اعتيادية منذ الأسبوع الماضي، حيث تبحث عدة جهات معنية بالاستيراد في القطاعين العام والخاص الصعوبات والإشكاليات التي يواجه الوكلاء والشركات الملاحية بالأساس، والتي يتوقع تزايد حدتها في الفترة المقبلة وسط تصاعد الاضطرابات في البحر الأحمر وباب المندب.
وتأتي التطورات الحالية، بينما كان ميناء الحديدة قد عاد لاستقبال السفن التجارية مطلع العام الحالي بعد توقف دام لأكثر من أربع سنوات، بسبب الحرب التي مزقت اليمن منذ عام 2015.
وأصدرت شركة شحن الحاويات العملاقة “إيه بي مولر ميرسك” تعليمات لسفنها المتجهة إلى المدخل الجنوبي للبحر الأحمر بوقف رحلاتها.
وقالت الشركة في بيان، يوم السبت الماضي: “بعد الحادث الوشيك الذي تعرضت له سفينة (ميرسك جبل طارق)، يوم الجمعة، والهجوم الآخر على سفينة حاويات أخرى، السبت، أصدرنا تعليمات لجميع سفن (ميرسك) في المنطقة المتجهة للمرور عبر مضيق باب المندب بإيقاف رحلاتها حتى إشعار آخر”.
وباب المندب هو مضيق ضيق من المياه يربط المحيط الهندي بالبحر الأحمر، وفي نهاية المطاف، بقناة السويس المصرية شمالاً.
كما أعلنت شركة شحن الحاويات الألمانية “هاباج لويد”، يوم الجمعة، تعليق رحلاتها عبر البحر الأحمر مؤقتاً، بعد ساعات من تعرّض إحدى سفنها لهجوم بالقرب من اليمن.
كذلك قالت شركتان لناقلات النفط إنهما تصران على وجود بند في العقود يسمح لهما بتحويل سفنهما للإبحار حول أفريقيا إذا رأوا أن المياه قبالة اليمن غير آمنة. إذ قالت مالكة ناقلات النفط العملاقة، “يوروناف” إنها تصر على منح سفنها خياراً في جميع المواثيق لتجنب البحر الأحمر.
ويرى خبراء اقتصاد أن إقدام “ميرسك”، وهي ثاني أكبر شركة لخدمات الشحن البحري في العالم، على إيقاف عملياتها عبر البحر الأحمر، قد يكون له تبعات جسيمة على عدد كبير من الدول ومنها اليمن نفسه، الذي يعتمد على استيراد 90% من احتياجاته السلعية من الخارج.
يقول المحلل الاقتصادي اليمني فؤاد نعمان، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن هناك مخاوف واسعة من تبعات ما يجري في البحر الأحمر وباب المندب على السوق اليمنية، من حيث المعروض السلعي وصعوبات الاستيراد والشحن التجاري إلى البلد الذي يتوقع أن تتضاعف بشكل كبير بسبب ما يحدث، حيث من المرجح أن ترفض شركات الشحن والتأمين العالمية التعامل مع الموانئ اليمنية.
وتتصاعد وتيرة استهداف السفن في البحر الأحمر، منذ إعلان الحوثيين، مساء السبت من الأسبوع الماضي، أنهم سيهاجمون أي سفينة تبحر إلى إسرائيل، أياً كانت جنسيتها، بعدما كانت هجماتهم مقتصرة في الأسابيع الماضية على السفن الإسرائيلية فقط، وذلك ردأً على العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة والحصار المميت الذي يفرضه الاحتلال على سكان القطاع عبر منع الغذاء والدواء.
وتسود مخاوف من عودة أزمة الشحن التجاري إلى اليمن في ظل التحركات الأميركية الواسعة لتشكيل تحالف عسكري دولي في البحر الأحمر لمواجهة الحوثيين. ولا يستبعد خبراء اقتصاد تجدد الصراع الاقتصادي في الدولة التي أنهكتها الحرب وتجدد أزمة الشحن التجاري بعد فترة من الهدوء ونجاح الوساطة العمانية والأممية بخفض حدة التوتر بين جميع الأطراف لتهيئة الأجواء التي تسمح بالتوصل إلى هدنة تفضي لإطلاق عملية سياسية شاملة لإحلال السلام في البلاد.
ويتوقع مراقبون عودة المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين وإعادة إغلاق ميناء الحديدة الذي عاد لاستقبال السفن التجارية مطلع هذا العام بعد سنوات من التوقف والتفتيش للسفن المحدودة التي كان يتم السماح لها بالمرور.
وتأتي هذه التطورات بينما تشير بيانات ملاحية إلى أن ميناء الحديدة سجل نمواً كبيراً في نشاطه التجاري خلال عام 2023، بنسبة بلغت 52% بالمقارنة مع عام 2022، في حين ارتفع عدد السفن التجارية الواصلة إلى الميناء خلال العام الجاري بنسبة 75%.
يقول أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز اليمنية محمد قحطان، لـ”العربي الجديد”، إن “هجمات الحوثيين سترفع تكلفة التأمين على النقل البحري عبر باب المندب، كما ستؤدي إلى تكثيف التواجد العسكري للدول الاستعمارية المنتشرة في البحر الأحمر وعلى رأسها الولايات المتحدة، والتي ستوظف ذلك بتنفيذ مخططاتها الرامية لتهميش مضيق باب المندب من خلال توجيه حركة النقل التجاري البحري لطرق بديله تكون تحت سيطرتها مثل مشروع الطريق الرابط بين دول آسيا وأوروبا عبر البحر المتوسط (طريق الهند ـ أوروبا) وإعادة تفعيل طريق رأس الرجاء الصالح”.
ويتوقع قحطان تأثر اليمن من الارتفاع المحتمل في تكاليف الشحن التجاري، ومواجهة البلاد المزيد من صعوبة الاستيراد وهي دولة استهلاكية تعتمد بدرجة رئيسية على ما يصلها من الواردات من الأسواق الخارجية، مشيرا إلى أن التضييق على حركة المرور الدولية عبر باب المندب يعني مزيدا من انهيار وضع التجارة الخارجية لليمن، وبالتالي مزيد من التدهور الاقتصادي والإنساني.
وفي مقابل التحذيرات من تضرر حركة التجارة اليمنية، يشير تجار إلى وجود استقرار تمويني من مختلف المواد الأساسية والسلع الاستهلاكية، بينما لا يخفون قلقهم من التأثيرات المرتقبة لما يجري على هذا الاستقرار وحركة الاستيراد خلال الفترة القادمة.
وقالت مصادر لـ”العربي الجديد” إن الغرفة التجارية والصناعية المركزية في أمانة العاصمة صنعاء دعت جميع التجار إلى سرعة استكمال الإجراءات الخاصة بالتسليم والتفريغ والنقل من أرصفة ميناء الحديدة وإتباع الإجراءات التي تم الاتفاق عليها مع اللجنة المشتركة التي تم تشكيلها الأسبوع الماضي لتسهيل الإجراءات في الميناء.
وأشارت المصادر إلى أن الغرفة طالبت كافة المستوردين الذين لهم بضائع وحاويات في السفن الواقعة في غاطس ميناء الحديدة، وأرصفته سرعة استلام أوامر التسليم من الشركات الملاحية.
ويقول الباحث الاقتصادي جمال راوح لـ”العربي الجديد”، إن السلطات المعنية في صنعاء والقطاع التجاري الخاص يتوقعون حدوث تغيرات في الشحن التجاري إلى اليمن وصعوبات قد تحصل في الاستيراد وارتفاع تكاليف التأمين، إضافة إلى تشديد إجراءات التفتيش على السفن التجارية المتجهة إلى ميناء الحديدة، الأمر الذي قد يضاعف من مستوى الإجراءات والفترة الزمنية المحددة للوصول إلى الميناء، وهو ما قد يؤدي إلى عرقلة الإجراءات الملاحية في ميناء الحديدة ومستوى تدفق السلع إلى الأسواق المحلية.
وباتت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر ضد السفن المتجهة إلى إسرائيل مؤلمة كثيراً لدولة الاحتلال، إذ قال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون، يوم الخميس الماضي، إن وصول السفن إلى ميناء إيلات بجنوب إسرائيل توقف بشكل شبه كامل بسبب هذه الهجمات، في وقت أرسلت إدارة الرئيس جو بايدن رسائل حذرت الحوثيين من الاستمرار في شن الهجمات، ووسط توقعات بإنشاء قوة متعددة الجنسيات تساهم في الردع، وفق ما أورده موقع “أكسيوس” الأميركي، بينما حذّر وزير الدفاع الإيراني، الولايات المتحدة، من مغبة تشكيل تلك القوة.
وذكر الموقع أن هجمات الحوثيين أسفرت عن “خلق توترات” في المنطقة، وفرضت “تهديداً متفاقماً” على السفن التي تبحر في أحد طرق الشحن التجارية الرئيسية في المنطقة، فيما شدد على أن الولايات المتحدة “تشعر بقلق بالغ” إزاء تلك الهجمات التي تهدد حرية الملاحة في المياه الدولية.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: البحر الأحمر اليمن لـ العربی الجدید فی البحر الأحمر هجمات الحوثیین السفن التجاریة میناء الحدیدة الشحن التجاری المتجهة إلى باب المندب
إقرأ أيضاً:
اليمن يطالب بتحقيق دولي عن حمولة السفينة (إيه إس إل باوهينيا)
وقال عامر- في منشور على حسابه في فيسبوك بحياد كامل جرى الحديث مؤخراً عن انفجار السفينة الصينية (إيه إس إل باوهينيا) التي ترفع علم هونغ كونغ لحادث جنوب البحر الأحمر”، مؤكداً أنه على الرغم مما تم تداوله اعلامياً عن كون السفينة كانت تحمل شحنة خطرة وهو ما أكدته شركة «أمبري» الأمنية، إلا ان ذلك لم يثر اهتمام اولئك الذين ملأوا الدنيا صراخاً في حوادث أقل.
وأضاف عامر: “إن الدول والمنظمات المهتمة بالبيئة البحرية لم يبحثوا عن ماهية الشحنة ومدى خطورتها ولا عن الجهة القادمة منها أو إليها بل إن البعض حاول استخدامها للدلالة على أن البحر الأحمر لايزال خطراً، على الرغم من بدء الهدنة في غزة والتزام صنعاء بالتهدئة حتى يثبت ما ينقضها”.
وتابع قائلاً: “بخصوص السفينة، فإن ما رشح من معلومات خلال التحقيقات التي تجريها الجهات اليمنية ذات العلاقة، يشير إلى أن السفينة كانت قادمة من ميناء جبل علي وتحمل 1290 طناً من المواد شديدة الخطورة، حيث غادرته بتاريخ 22 يناير وكانت وجهتها الأخيرة ميناء جدة”.
وأكد عامر أن ذلك الصمت والتجاهل يفتح تساؤلات لا تقل أهمية عن خطورة الشحنة وعن نوعها، وكذا عن محاولة الرياض وأبوظبي التنصل عن علاقتهما بها بعدم إظهار أي توضيح وبما يقابله من تواطؤ دولي ومن المنظمات ذات العلاقة”، مطالباً المنظمات الدولية بفتح تحقيق شفاف للكشف عن نوعية الشحنة ومدى خطورتها على البيئة البحرية.
وكانت وكالة رويترز نشرت الثلاثاء الماضي، تقريراً أفاد بتعرض سفينة حاويات ترفع علم “هونغ كونغ”، لحادث غامض في البحر الأحمر، ما أجبر طاقهما على إخلائها، مؤكدة- نقلاً عن مصدرين بحريين- قولهما إن “طاقم سفينة الحاويات (إيه.إس.إل باوهينيا) التي ترفع علم هونج كونج هجروها في البحر الأحمر بعد اشتعال النيران فيها” مشيرين إلى أن “سبب الحادث لم يتضح على الفور”، فيما نقلت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية عن شركة “ديابلوس جروب” لإدارة المخاطر قولها: “إن السفينة كانت تجنح وتشتعل فيها النيران على بعد نحو 225 كيلومترا (140 ميلاً) قبالة ساحل الحديدة”.
ومساء الأربعاء الفائت، قال مركز المعلومات البحرية المشترك التابع للقوات البحرية المشتركة التي تشرف عليها الولايات المتحدة في المنطقة، إن حادثة إجلاء طاقم سفينة صينية في البحر الأحمر بعد تعرضها لحريق، لا علاقة لها بهجمات القوات اليمنية .