يحتفي العالم، غدا ،الإثنين، الموافق للثامن عشر من ديسمبر، باليوم العالمي للغة العربية، باعتبارها ركنا من أركان التنوع الثقافي، وإحدى اللغات الأكثر انتشارا واستخداما في العالم، ويحتفي بإبداعها وفنونها ودورها في إنتاج المعارف والأفكار وتعزيز الحوار بين الثقافات.
وقد وقع الاختيار على هذا التاريخ، لأنه اليوم الذي اتخذت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1973 قرارها التاريخي بأن تكون اللغة العربية لغة رسمية سادسة في المنظمة.


وتحت شعار /العربية: لغة الشعر والفنون/، تحتفي الأمم المتحدة هذا العام باليوم العالمي للغة العربية، حيث أعربت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة /اليونسكو/، بهذه المناسبة، عن تقديرها وتحياتها للناطقين باللغة العربية في كل أنحاء العالم، الذين يحافظون على تراث لغوي وثقافي فريد ورمز للتنوع والإلهام.
وفي هذا الإطار، أبرز كتاب وأكاديميون في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ دور اللغة العربية في رفد التراث العالمي بكنوز الإبداع، وإسهامها الخالد في ميادين الشعر والفن، منوهين بكونها تمثل ذاكرة الأمة العربية الإسلامية ومستودع تراثها، والجسر الرابط بين الماضي والحاضر.
وأكد الشاعر والكاتب الدكتور حسن علي النعمة، رئيس مجلس أمناء جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، في تصريح لـ/قنا/ أن الاحتفاء يعكس إجلال الأمم المتحدة للغتنا العربية وإكبار مساهمتها في إثراء الثقافة الإنسانية على مدى العهود من خلال إنتاج روائع البيان والتبيين ورفد التراث العالمي بجماليات الشعر والفنون، وإغناء الوجدان الإنساني بصنوف الإبداع.
ولفت إلى أن عطاء الحضارة العربية واللغة العربية للإنسانية في مختلف العصور، يتجلى في حوارها وتفاعلها مع أهل البلدان والأمصار التي نزلت بها، فأخذت من تراث هذه الأمم وأعطتها وأضافت إليها، وصاغت تراثا جديدا ولغة جديدة من كنوز الخيال والأدب والفن. لذلك تعتبر اللغة العربية اليوم من أغنى لغات العالم بقاموسها اللغوي ورصيدها من البيان والآداب والفنون.
وشدد الدكتور حسن النعمة على ضرورة الوعي بمنزلة اللغة العربية، وحث أجيال الأمة وكل المتحدثين بها، على المساهمة في تكريم لغتنا وصون حضارتنا بمزيد من الإنتاج والإبداع ومواكبة تطور الحضارة الإنسانية في علومها وإبداعاتها، ومواصلة مسيرة العطاء في مجالات المعرفة وتسخير التكنولوجيا والعلم، فديمومة اللغة العربية واستمراريتها وتقدمها يعتمد على قدرتها على التفاعل مع العصر ومواصلة مسيرة الأخذ والعطاء.
وبدوره، أكد الكاتب والأكاديمي الدكتور علي أحمد الكبيسي، رئيس قسم اللغة العربية بجامعة قطر سابقا، وعضو المجلس العلمي لمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية، في تصريح مماثل لـ/قنا/ على أن اللغة العربية تمثل ذاكرة الأمة العربية الإسلامية ومستودع تراثها، والجسر الرابط بين الماضي والحاضر.. لافتا إلى أنها تحظى في دولة قطر باهتمام كبير بوصفها اللغة الرسمية للدولة، تقديرا لأهميتها ومكانتها الدينية والتاريخية.
وشدد على أن هذا الاهتمام يتجلى من خلال أربعة نماذج في التشريع وتأسيس المعاجم ونشر ثقافة المناظرة، وتوظيف التكنولوجيا لتعزيز البحث اللغوي.
أما النموذج الأول، فيتمثل في إصدار قانون حماية اللغة العربية وهو القانون رقم 7 لسنة 2019 وتضمن 15 مادة تلزم جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية بحماية اللغة العربية ودعمها في كافة الأنشطة والفعاليات كما تلزم استعمال اللغة العربية في عدد من القطاعات والمحيط الاجتماعي.
بينما يتمثل النموذج الثاني في معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، وهو مشروع حضاري، يهدف بشكل أساسي إلى رصد تطور معاني ألفاظ اللغة العربية وتتبع استعمالاتها المتنوعة عبر سياقاتها التاريخية وذلك بتخصيص مدخل معجمي لكل لفظة يدون فيه تاريخ ظهورها بمعناها الأول وتاريخ تحولاتها التركيبية والدلالية، ومستعمليها في كل طور من أطوارها، مع توثيق كل ذلك بالنصوص التي تشهد على صحة المعلومات الواردة فيها، وذلك اعتمادا على مدونة لغوية ضخمة من المصنفات العربية.
وأضاف: ويفتح هذا المعجم أبوابا واسعة أمام الباحثين والدارسين لتعميق الوعي والفهم لموروثنا المعرفي والعلمي، ويهيئ فرصا عديدة لتجديد معارفنا الحاضرة واستشراف مستقبل واعد في مجالات البحث والتعليم والمعالجة الآلية للغة العربية.
وحول النموذج الثالث، أشار الدكتور علي الكبيسي إلى مركز مناظرات قطر وهو عضو في مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، وله جهود وأنشطة متميزة في نشر ثقافة المناظرة باللغة العربية في قطر وخارجها.
أما النموذج الرابع، فهو معهد قطر لبحوث الحوسبة وهو تابع لجامعة حمد بن خليفة وله جهود متميزة في تعزيز مكانة اللغة العربية في عصر المعلومات من خلال إجراء بحوث متعددة في مجال تقنيات اللغة العربية.

وفي ذات السياق، نوهت الكاتبة والأكاديمية الدكتورة صيتة نقادان، رئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم بجامعة قطر في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ باختيار منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة /اليونيسكو/ لموضوع /العربية: لغة الشعر والفنون/ عنوانا رئيسيا لمناسبة اليوم العالمي للغة العربية لعام 2023 مما يعد فرصة لتسليط الضوء على القيمة الثقافية والإنسانية العظيمة التي تحملها اللغة العربية، وخاصة في مجال الشعر والفنون.
وأشارت إلى أن ارتباط اللغة العربية بالشعر يعكس تاريخا عريقا من التفرد الأدبي من بدايات الشعر العربي المدون حتى الآن، "فالشعر ديوان العرب" كما قيل، فقد حمل الشعر تاريخ العرب وحكاياتهم ومشاعرهم وعاداتهم وتقاليدهم ومعاناتهم وفكرهم، وحفظها تراثا إنسانيا فريدا لا يشبه أي تراث آخر.
وأوضحت أن هذه المناسبة تفتح المجال لكشف استلهام الفنانين والشعراء جماليات اللغة العربية في أعمالهم الفنية، من خلال ربط اللغة بالفن، وتعميق الفهم لدور العربية في تحفيز الإبداع بكل صوره.. كما تبرز ضرورة الحفاظ على التراث اللغوي والثقافي العربي، وتسلط الضوء على الأهمية الحيوية للغة العربية كوسيلة لنقل التراث الأدبي والفني للأجيال القادمة، وتعزز دور اللغة العربية في إثراء التواصل الثقافي على مستوى العالم وبين مختلف شعوبه كما يفترض للغة حية ومؤثرة مثل اللغة العربية.
وشددت على أن اللغة العربية قدمت إسهاما جوهريا في ميدان الشعر العالمي بآلاف الدواوين الشعرية الخالدة، فهي لغة شعرية بكل تفاصيلها وتراكيبها وجرسها وثراء قاموسها اللغوي. وفي إطار الفنون، تتألق اللغة العربية حاملة للإبداع والتعبير، فالعمارة والفنون التشكيلية والخط العربي كلها تجسد تراثا حافلا بالتنوع والابتكار، يندرج ضمن سياق عربي يتميز بالعمق الثقافي والتأثير الجمالي في تجسيده لهوية اللغة العربية وجمالياتها.
واختتمت الدكتورة صيتة نقادان تصريحها لـ/قنا/ بالإشارة إلى أن التحدي والواجب يكمن في نقل هذا الإرث الثقافي اللغوي بكل الوسائل، وهذا يتطلب منا تشجيع البحث العلمي والتأليف في المجالات الأدبية والفنية، ويجب علينا أن نكون روادا في تيسير حوار فكري يسهم في توسيع آفاق المعرفة وفتح أفق جديد للغتنا وثقافتنا وشعرنا وتعريف الأمم الأخرى بعمق الإرث الفني الذي تحمله في مجال الشعر والفن والخط والعمارة.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: اليوم العالمي للغة العربية الیوم العالمی للغة العربیة اللغة العربیة فی للغة العربیة فی الشعر والفنون الأمم المتحدة من خلال إلى أن

إقرأ أيضاً:

علي بن تميم: «عام المجتمع» رؤية حكيمة تجاه بناء مجتمع مزدهر

قال الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية:«يجسّد إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، تخصيص عام 2025 ليكون «عام المجتمع» في دولة الإمارات تحت شعار «يداً بيد»، رؤية القيادة الحكيمة تجاه بناء مجتمع متماسك ومزدهر، ودعوة راقية لكي يعمل الجميع معاً يداً بيد لتعزيز الروابط في المجتمع، وإطلاق الإمكانيات والمواهب مدفوعين بحس المسؤولية المشتركة في خدمة الوطن».
وأضاف: «هذا الإعلان يأتي في وقت شديد الأهمية والدقة من مسيرة النهضة المتفردة التي يقودها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، بعد أن اكتملت مرحلتا التأسيس والتمكين؛ ليعزز أثر وحضور هذه القيم والمبادئ الإنسانية العليا ويجعلها محوراً رئيسياً من محاور صنع المستقبل».
وأضاف:«قطعت دولة الإمارات شوطاً طويلاً في ما يتعلّق بتعزيز مكانة المجتمع، ما جعلها نموذجاً يقتدى به، يستمد أهميته من بنيانه المتين القائم على أصول راسخة من القيم والمبادئ الإنسانية بما يسمح له بأن يتفاعل مع العالم مؤثراً ومتأثراً بما فيه الصالح والخير لكل الإنسانية».
وتابع رئيس مركز أبوظبي للغة العربية:«إن المجتمعات التي تُبنى على أسس قوية تكون أكثر استقراراً، وقدرة على مواجهة مختلف التحديات، كما أنها تحافظ على إرثها الفكري، والمعرفي، والثقافي، وتمرره للأجيال المقبلة ليكون لها قدرة في المستقبل على قيادة البلاد نحو آفاق أكثر ازدهاراً وتطوراً، متسلّحة بالقيم، والعلم، والمعرفة. كما أن هذا الإعلان يسهم أيضاً في تعزيز مكانة دولة الإمارات باعتبارها بيئة حاضنة للعديد من الثقافات، توفّر لهم حياة مستقرة بجودة عالية، وتشجّع على الابتكار والإبداع؛ لهذا نمضي في مركز أبوظبي للغة العربية قدماً بترجمة رؤى القيادة الحكيمة من خلال إطلاق المزيد من المبادرات، والبرامج النوعية، ومبتكرات الصناعات الثقافية والإبداعية، ومستجدات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ونضع كل هذا في خدمة هذا التوجّه الذي يُعلي من قيمة المجتمع، لتؤدي دورها في ترسيخ ثقافة الإبداع، وتكريس حضور اللغة العربية بوصفها لغة ثقافة وعلوم وفنون، وركيزة أساسية للهوية الثقافية والمجتمعية الأصيلة».
وقال سعيد حمدان الطنيجي، المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية: «إن إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عام 2025»عام المجتمع«تأكيدٌ جديدٌ على نهج القيادة الحكيمة المؤمن بأن بناء الإنسان هو أساس كل تنمية».
وأضاف:«إن تجربة دولة الإمارات التنموية تعد بحق أهم تجارب التنمية في العالم التي قامت على احترام منظومتها الاجتماعية والثقافية والفكرية من دون تخل عن موروث الآباء والأجداد، ويأتي هذا الإعلان لدمج هذا المنجز الحضاري الكبير داخل مكتسبات الوطن ليكون حاضراً في السير نحو المستقبل بمزيد من النجاح والازدهار»
وتابع:«تقع اللغة العربية في القلب من فكرة المجتمع؛ فهي أساس تكوينه الثقافي والحضاري ووسيلته للتعبير عن قيمه ومبادئه، ومركز أبوظبي للغة العربية خلال سعيه لتحقيق أهدافه في تعزيز حضور اللغة العربية يضع نصب عينيه الوصول إلى كافة أطياف المجتمع ومكوناته على اختلاف أعمارهم واهتماماتهم، انطلاقاً من إيمان راسخ بأنّ اللغة العربية هي الركيزة الأساسية لهوية وثقافة المجتمع، وسوف تتنوع مساهمات المركز خلال عام المجتمع في سبيل تعزيز مكانة، وقيمة اللغة العربية، وتفعيل دورها المهمّ والفاعل في تحقيق تماسك المجتمع من خلال تمكينها، وإطلاق المزيد من المبادرات، والبرامج التي تخدم هذا التوجّه بالتعاون مع مختلف الشركاء المحليين، والعالميين، كما سنواصل جهودنا الحثيثة في تنظيم واستضافة الفعاليات الثقافية، والمجتمعية، التي تسهم في ترسيخ الهوية الوطنية، وترتقي بمكانة اللغة العربية الوعاء الذي يعبّر عن وعي المجتمع، ونهضته الفكرية، والتنموية».
وأضاف:«يؤدي مركز أبوظبي للغة العربية دوراً مهماً في تعزيز ثقافة، ووعي المجتمع، وترسيخ مكانة اللغة العربية في نفوس جميع أفراده، ونحن على يقين بأن على الأجيال الشابة مسؤولية كبيرة في بناء، وقيادة مستقبل الدولة، وهذا يتحقق بالتعاون المثمر بين جميع الجهات والذي سيعكس مدى قوة وتلاحم مجتمعنا، وعليه سنعمل في المركز على مواصلة جهودنا، والتزامنا تجاه مجتمعنا، وتفعيل دورنا بتحقيق تطلعات قيادتنا الرشيدة في بناء مجتمع متماسك، مرتبط ارتباطاً وثيقاً بحضارته العربية، وقيمه، وهويته الوطنية الأصيلة».

مقالات مشابهة

  • بمناسبة اليوم العالمي للحجاب.. نصائح للاعتناء بصحة شعرك
  • «التربوي للغة العربية لدول الخليج» يعرّف بإصداراته في «القاهرة للكتاب»
  • اتفاقية تعاون بين «دارة الشعر العربي» بالفجيرة و«كلية اللغة العربية» بجامعة الأزهر
  • يا ليل يا عين| المسرح الشعبى والفنون الغنائية مرآة التراث ووجدان المجتمع المصرى.. إسهامات المبدعى من الشيخ سلامة حجازى إلى جمالات شيحة
  • «أبوظبي للغة العربية» يكرّم الفائزين بالدورة الرابعة لمسابقة «أصدقاء اللغة العربية»
  • "أبوظبي للغة العربية" يكرّم الفائزين بـ "أصدقاء اللغة"
  • مجمع الملك سلمان العالمي يُطلق «تقرير مؤشر اللغة العربية»
  • علي بن تميم: «عام المجتمع» رؤية حكيمة تجاه بناء مجتمع مزدهر
  • "أبوظبي للغة العربية" يستقبل طلبات "المنح البحثية"
  • «أبوظبي للغة العربية» يطلق الدورة الخامسة من برنامج المنح البحثية 2025