◄ "فاينانشال تايمز": انتهت دورة التشديد النقدي العالمية.. والأسواق المالية "استوعبت الرسالة"

 

الرؤية- مريم البادية

 

أوضح اقتصاديون أن قرار البنك المركزي الأمريكي يعني أن البنك يقرر عدم تغيير سعر الفائدة الرئيسي، الذي يُستخدم في تحديد تكلفة الاقتراض للبنوك التجارية والمؤسسات المالية الأخرى، وعندما يتم تثبيت سعر الفائدة، يعني ذلك أن السعر سيبقى ثابتًا لفترة معينة دون تغيير، ويتأثر العالم بقرارات المركزي الامريكي، ويظهر ذلك جليا عندما يقرر خفض أو رفع ، إذ تتدفق أموال المستثمرين في العالم إلى الاقتصادات الصاعدة عندما ترفع الفائدة في امريكا بحثا عن الربح، والعكس صحيح.

ويشير قرار الفيدرالي إلى أن التشديد التاريخي للسياسة النقدية قد انتهى على الأرجح. وأجمع صناع السياسات تقريبا على توقعات بأن تكاليف الاقتراض ستنخفض في 2024.

وتجتمع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة ثماني مرات كل عام لتحديد سعر الفائدة قصيرة المدى. وبعد الاجتماع ينشر البنك بيانًا يحتوي على القرار الخاص بسعر الفائدة، وعلى تعليق مختصر على الأوضاع الاقتصادية والتي أثرت على قرارهم، والأكثر أهمية من ذلك، أنه يحتوي على إشارات فيما يتعلق بنتيجة الاجتماعات في المستقبل. يعتمد قرار تحديد سعر الفائدة في الغالب على التضخم. لأن الهدف الأساسي للبنك المركزي هو تحقيق استقرار السعر؛ وبالتالي عندما يرتفع التضخم فوق مستوى 2% تقريبًا، فإن البنك يقدم على رفع سعر الفائدة في محاولة لتخفيض الأسعار. للاتجاه الصعودي في أسعار الفائدة تأثير إيجابي على عملة البلاد. وتعد أسعار الفائدة قصيرة المدى عامل مؤثر على ارتفاع العملة، وبالتالي يراقب التجار أغلب المؤشرات الأخرى لمجرد التنبؤ بالكيفية التي يمكن أن تتغير بها أسعار الفائدة في المستقبل. تجذب أسعار الفائدة المرتفعة الأجانب الذين يبحثون عن أفضل عائد بأقل مخاطرة على أموالهم، الأمر الذي يؤدي إلى تزايد الطلب على عملة البلاد.

وكان رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الامريكي، جيروم باول، قد حدد في مؤتمر صحفي الأربعاء الماضي أبرز العوامل التي بنى عليها الفيدرالي قراره بتثبيت أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالي والرابعة هذا العام، والمؤشرات الاقتصادية المستقبلية، مشددًا على أن التضخم تراجع، إلا أنه لا يزال مرتفعًا. وأشار باول إلى أن "جهود البنك المركزي لتهدئة التضخم بدأت تترسخ"، على الرغم من تأكيده أنه "لا يزال هناك المزيد الذي يتعين علينا قطعه". وتابع: "لقد تراجع التضخم عن أعلى مستوياته، وجاء هذا دون زيادة كبيرة في البطالة.. هذا جيد جدًا.. لكن التضخم لا يزال مرتفعا للغاية.. إن التقدم المستمر لكبح جماح التضخم ليس أمرًا مضمونًا.. والطريق إلى الأمام غير مؤكدة بعد". ونوه رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الامريكي، بأن النمو الاقتصادي "تباطأ بشكل كبير" في الربع الرابع، موضحًا في الوقت نفسه أن البنك المركزي يرى أن الاقتصاد الامريكي يفقد قوته في الأشهر الأخيرة من العام.

وقال: "تُظهر المؤشرات الأخيرة إلى أن نمو النشاط الاقتصادي قد تباطأ بشكل كبير عن الوتيرة الضخمة التي شهدناها في الربع الثالث.. ومع ذلك، فإن الناتج المحلي الإجمالي في طريقه للتوسع بنحو 2.5% للعام بأكمله".

ولفت باول إلى أن النشاط في قطاع الإسكان قد "استقر" بعد انتعاشه خلال الصيف. وقال إن البيانات تشير إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة يؤدي إلى تباطؤ الاستثمار التجاري.

وأوضح باول أن اللجنة "على استعداد لتشديد السياسة بشكل أكبر". وبين أنه "على الرغم من أن سعر فائدة بنك الاحتياطي الفيدرالي من المرجح أن يكون عند ذروته أو بالقرب منها في دورة التشديد هذه، إلا أنه لا يستبعد رفع سعر الفائدة مرة أخرى". واستطرد: "نحن على استعداد لتشديد السياسة بشكل أكبر إذا كان ذلك مناسبًا". وأضاف أن البنك المركزي ملتزم في الواقع بتحقيق موقف من السياسة النقدية "مقيد بما فيه الكفاية" لخفض التضخم إلى المعدل المستهدف البالغ 2% بمرور الوقت.

وشدد على أنه "على الرغم من أن المشاركين لا يرون أنه من المحتمل أن يكون من المناسب رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر، إلا أنهم لا يريدون حذف هذا الاحتمال من على الطاولة". وحذر رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، من أن الاقتصاد الامريكي لا يزال بإمكانه العودة بشكل غير متوقع إلى الركود على الرغم من مرونته في العام 2023.

وقال في هذا السياق: "ليس هناك أساس يذكر للاعتقاد بأن الاقتصاد في حالة ركود الآن.. أعتقد بأن هناك دائمًا احتمال بحدوث ركود في العام المقبل.. إنه احتمال ذو معنى بغض النظر عما يفعله الاقتصاد.. لذا فإن هذا احتمال حقيقي دائمًا".

كما أكد على أن القدرة على خفض التضخم مرة أخرى إلى 2% دون التسبب في ارتفاع كبير في البطالة يمكن وصفها بأنها "هبوط ناعم"، لكن باول ليس مستعدًا لوصف العملية بأنها ناجحة، معبرًا عن ذلك بقوله: "هذه النتيجة ليست مضمونة. وقال باول: “من السابق لأوانه إعلان النصر". وأوضح أن "تخفيضات أسعار الفائدة ستكون موضوعًا للمناقشة في المستقبل"، مشيرًا إلى أن "معركة التضخم بعد، لكن صناع السياسات في البنك المركزي سيبدأون في مناقشة تخفيف السياسة وسط علامات على التباطؤ في كل من التضخم وسوق العمل".

وبحسب تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، نقل عن كبيرة الاقتصاديين العالميين في كابيتال إيكونوميكس، جينيفر ماكيون، قولها: "لقد وصلنا إلى مرحلة بارزة في دورة السياسة النقدية العالمية.. لقد انتهت دورة التشديد النقدي العالمية".

وتبعًا لذلك، فإنه للمرة الأولى منذ نهاية العام 2020، من المتوقع أن يخفض أكثر من 30 بنكًا مركزيًا في العالم أسعار الفائدة في الربع المقبل بدلًا من رفعها، بحسب الشركة المذكورة.

ووفق التقرير، فإن الأسواق المالية استوعبت الرسالة: "الآن يسعر المتداولون عدم زيادة من جانب أغلب البنوك المركزية الكبرى أو التخفيضات من جانب في عديد من الاقتصادات الناشئة". كما نقل عن كبير الاقتصاديين في سيتي بنك الامريكي، ناثان شيتس، قوله إن يقترب من "نقطة انتقالية" تتمثل في انخفاض النمو ، مردفًا: "إننا نرى أدلة على وجود نظام جديد يتسم بالانكماش التدريجي وتباطؤ النمو".

واتجهت البنوك المركزية في الاستجابة لهذه البيانات، فبدأ عديد من الاقتصادات الناشئة في خفض أسعار الفائدة، في حين فاجأت قرارات الإبقاء على تكاليف الاقتراض بدلًا من رفعها في بنك إنجلترا والبنك الوطني السويسري الاقتصاديين، وسلطنة عمان ودول عدة حول العالم.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: بنک الاحتیاطی الفیدرالی البنک المرکزی أسعار الفائدة على الرغم من سعر الفائدة الفائدة فی لا یزال إلى أن

إقرأ أيضاً:

البنك الدولي يحذر: الرسوم الجمركية الأميركية قد تضعف النمو العالمي

حذر البنك الدولي الخميس من أن الرسوم الجمركية الأميركية الشاملة التي يتوقع أن تبلغ 10% قد تقلص النمو الاقتصادي العالمي الضعيف بالفعل.

ومن المرجح أن يسجل النمو العالمي 2.7% في 2025 لكنه قد يفقد 0.3 نقطة مئوية إذا ردّ شركاء الولايات المتحدة التجاريون بفرض رسوم جمركية من جانبهم، حسب البنك.

واقترح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب:

فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على الواردات. رسوم عقابية بنسبة 25% على الواردات من كندا والمكسيك حتى يتخذ البلدان إجراءات صارمة ضد المخدرات والمهاجرين الذين يعبرون الحدود إلى الولايات المتحدة. رسوم جمركية بنسبة 60% على السلع الصينية.

بالمقابل، تعهدت بعض الدول، ومنها كندا، بالرد.

تفاقم الضرر على النمو الاقتصادي العالمي

وقال البنك الدولي إن محاكاة باستخدام نموذج للاقتصاد الكلي العالمي أظهرت أن زيادة قدرها 10 نقاط مئوية في الرسوم الجمركية الأميركية على جميع الشركاء التجاريين في عام 2025 قد تقلص النمو العالمي 0.2 نقطة مئوية لهذا العام، مشيرا إلى أن الرد من الدول المستهدفة قد يؤدي إلى تفاقم الضرر على النمو.

وأضاف أن هذه التقديرات تتفق مع دراسات أخرى أظهرت أن زيادة قدرها 10 نقاط في الرسوم الجمركية الأميركية قد "تخفض مستوى الناتج المحلي الإجمالي الأميركي بنسبة 0.4%، في حين أن الرد المماثل من الشركاء التجاريين قد يفاقم التأثير السلبي الإجمالي إلى 0.9%".

إعلان

لكن البنك قال إن النمو في الولايات المتحدة قد يزيد أيضا بنحو 0.4 نقطة مئوية في عام 2026 إذا تم تمديد أجل التخفيضات الضريبية في الولايات المتحدة، مع وجود آثار عالمية طفيفة فحسب.

وانضم بنك التسويات الدولية للبنك الدولي ليحذر أيضا من زيادة "الخلافات والتفتت" في التجارة العالمية، مشيرا إلى أن نشوب حرب تجارية واسعة النطاق بين واشنطن ودول أخرى هو "سيناريو خطر ملموس".

وتوقع أحدث تقرير للبنك الدولي حول آفاق الاقتصاد العالمي الذي يصدر مرتين سنويا نموا اقتصاديا عالميا مستقرا عند 2.7% في عامي 2025 و2026، وهو معدل النمو نفسه في عام 2024، وحذر من أن الاقتصادات النامية تواجه الآن أضعف توقعات النمو على المدى الطويل منذ عام 2000.

 

ترامب هدد بفرض رسوم عقابية بـ25% على الواردات من كندا والمكسيك (شترستوك) أداء الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية

وقال البنك الدولي إن الاستثمار الأجنبي المباشر في الاقتصادات النامية يبلغ الآن نحو نصف مستواه في أوائل العقد الأول من القرن 21، وإن القيود التجارية العالمية أعلى بـ5 مرات من المتوسط بين عامي 2010 و2019.

وأضاف أن النمو في البلدان النامية من المتوقع أن يصل إلى 4% في عامي 2025 و2026، وهو أقل بكثير من تقديرات ما قبل الجائحة بسبب أعباء الديون المرتفعة، وضعف الاستثمار، وتباطؤ نمو الإنتاجية، إلى جانب ارتفاع تكاليف تغير المناخ.

وتابع أن الناتج الإجمالي في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية من المتوقع أن يظل أقل بنسبة تزيد على 5% عن اتجاهه قبل الجائحة بحلول عام 2026، بسبب الجائحة والصدمات اللاحقة.

وقال كبير الاقتصاديين في البنك الدولي إندرميت جيل -في بيان- إن "السنوات 25 المقبلة ستكون أصعب على الاقتصادات النامية مقارنة بالأعوام 25 الماضية"، وحث الدول على تبنّي إصلاحات محلية لتشجيع الاستثمار وتوطيد العلاقات التجارية.

إعلان

وأفاد البنك الدولي بأن النمو الاقتصادي في البلدان النامية انخفض من نحو 6% في العقد الأول من القرن 21 إلى 5.1% في العقد الثاني من القرن 21، وبلغ في المتوسط نحو 3.5% في عشرينيات القرن 21.

وأشار إلى أن الفجوة بين البلدان الغنية والفقيرة تتسع أيضا بعد أن بلغ متوسط معدلات النمو للفرد في البلدان النامية، باستثناء الصين والهند، نصف نقطة مئوية أقل في المتوسط من تلك الموجودة في الاقتصادات الغنية منذ عام 2014.

ترامب هدد برفض رسوم جمركية على الواردات بواقع 10% (رويترز)

وتتوافق التوقعات القاتمة مع التصريحات التي أدلت بها الأسبوع الماضي المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، قبل صدور التوقعات الجديدة للبنك التي من المنتظر أن تصدر اليوم الجمعة.

وقال البنك الدولي في تقريره إن "الاقتصادات النامية قد تواجه رياحا شديدة غير مواتية على مدى العامين المقبلين".

وأضاف "حالة عدم اليقين الشديدة في السياسة العالمية قد تؤدي إلى تقويض ثقة المستثمرين وتقييد تدفقات التمويل، والتوترات التجارية المتزايدة قد تؤدي إلى تقليص النمو العالمي، والتضخم المستمر قد يؤدي إلى تأخير التخفيضات المتوقعة في أسعار الفائدة".

وتابع البنك أنه يتوقع مزيدا من المخاطر السلبية على الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى زيادة في التدابير المعطلة للتجارة -والتي تنفذها بشكل رئيسي الاقتصادات المتقدمة- وعدم اليقين بشأن السياسات المستقبلية التي تعمل على تثبيط الاستثمار والنمو.

ومن المتوقع أن يصل متوسط التجارة العالمية في السلع والخدمات التي توسعت 2.7% في عام 2024 إلى نحو 3.1% في عامي 2025 و2026، لكنها ستظل أقل من متوسطات ما قبل الجائحة.

مقالات مشابهة

  • البنك الدولي يحذر: الرسوم الجمركية الأميركية قد تضعف النمو العالمي
  • الذهب يلمع وسط توقعات بتيسير نقدي جديد من الفيدرالي الأمريكي
  • زيادة الاحتياطي الأجنبي وتحسن نقدي بعد انتخاب الرئيس اللبناني
  • مصرف لبنان: تحسن نقدي وزيادة الاحتياطي الأجنبي
  • الذهب يسجل أعلى مستوى له على الإطلاق
  • محافظ البنك المركزي: التضخم في تركيا يواصل الانخفاض
  • معلومات الوزراء يستعرض تقرير «كابيتال إيكونوميكس» حول التوقعات الاقتصادية العالمية 2025
  • معلومات الوزراء يستعرض تقرير كابيتال إيكونوميكس حول التوقعات الاقتصادية العالمية 2025
  • الذهب يتراجع ترقباً لبيانات التضخم ومصير الفائدة الأمريكية
  • الذهب يتراجع بحذر ترقبًا لبيانات التضخم ومصير الفائدة