القدس المحتلة– في الوقت الذي تواصل حكومة الاحتلال الإسرائيلي المراوغة والمماطلة في ملف الأسرى لدى المقاومة في قطاع غزة، اتسعت في تل أبيب دائرة الاحتجاجات المطالبة بالتوصل إلى صفقة تبادل جديدة، تقضي بتحرير جميع الأسرى ضمن هدنة إنسانية ووقف مؤقت لإطلاق النار.

يأتي هذا الحراك لعائلات الأسرى، في ظل ما يعتقد البعض أنه "إجماع إسرائيلي" على استمرار الحرب، وهو "الإجماع" الذي تستغله حكومة بنيامين نتنياهو، لمواصلة التوغل البري في قطاع غزة، رغم ضغوط الإدارة الأميركية المطالبة بإنهاء مرحلة القصف المكثف والعنيف، والانتقال إلى مرحلة العمليات العسكرية المحددة.

عائلات الأسرى تواصل الضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي لإبرام صفقة تبادل شاملة مع المقاومة الفلسطينية (رويترز) إجماع وقناعات

يعكس هذا الموقف الذي عبّر عنه نتنياهو -وفقا للباحثين والمحللين- قناعات الإسرائيليين أن الحكومة توظف معاناة عائلات الأسرى لاستمرار الحرب، وأنها على استعداد للتضحية بالأسرى لمواصلة العملية العسكرية وتبرير القتل الجماعي للفلسطينيين بالقطاع، وهو ما عكسه إعلان الاحتلال عن مقتل 3 من الأسرى بنيران جنوده في حي الشجاعية.

وارتفعت حصيلة المحتجزين الذين قتلوا بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى 4 قتلى، حيث فشلت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في تحرير ولو حتى محتجز واحد عبر التوغل البري، علما أن إجمالي من بقي بالأسر لدى المقاومة الفلسطينية 138 إسرائيليا، غالبيتهم من العسكريين.

وأمام ماكينة الدعاية للحرب الإسرائيلية، تشكلت مبادرات محدودة من الإسرائيليين الداعية إلى وقف الحرب وتحرير جميع الأسرى من خلال صفقة تبادل شاملة، وهي المبادرات التي تتقاطع مع حراك عائلات الأسرى الإسرائيليين.

آدم كلير: الضغوط الخارجية لوقف الحرب يمكن أن تفكك الائتلاف الحكومي والتوجه لانتخابات مبكرة، وهو ما يخشاه نتنياهو (الجزيرة) مطالب واحتجاجات

في هذا السياق، قال المتحدث باسم كتلة "السلام الآن" آدم كلير، إن "الاحتجاجات لتحرير المحتجزين مهمة كما المطالب بوقف الحرب"، مضيفا أن الدعوات الإسرائيلية لوقف الحرب صغيرة ومعزولة ومحاصرة، وتكاد لا تسمع ولا حتى تحدث أي تغيير -ولو كان بسيطا- لدى المجتمع الإسرائيلي الذي يجمع على مواصلة الحرب حتى ولو تم تحرير المحتجزين.

ورغم هذا الحراك والاحتجاجات التي لم تخترق حتى الآن الإجماع الإسرائيلي بشأن الحرب، يعتقد كلير أن "حتى عائلات المحتجزين تطالب بتحرير من خلال وقف مؤقت لإطلاق النار أو ما بات يسمى هدنة إنسانية، وليس من خلال إنهاء الحرب".

وفي حديثه للجزيرة نت، لفت إلى أن هذا المطلب لعائلات الأسرى "يتناغم مع الأهداف المعلنة للحكومة الإسرائيلية بالسعي والعمل من أجل تحرير وإعادة المحتجزين، بالتوازي مع مواصلة العمليات العسكرية، بغية تقويض قوة حماس عسكريا والقضاء على حكمها بالقطاع".

وأوضح المتحدث أن الحرب على غزة تحظى بإجماع إسرائيلي غير مسبوق، وذلك بسبب الصدمة من أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والثمن الكبير بالضحايا وحتى بالمحتجزين، الذي دفعه المجتمع الإسرائيلي، الذي يعيش حالة غير طبيعية وهستيريا جنونية، وكأن الحياة توقفت عند السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ويصر على مواصلة الانتقام من الفلسطينيين في قطاع غزة"، بحسب وصفه.

وأكد أنه "حتى الخسائر الفادحة بعدد الجنود القتلى بالمعارك البرية أو التضحية ببعض المحتجزين، لن يشكل ضغطا على الحكومة للمضي قدما نحو صفقة تبادل شاملة أو إنهاء الحرب على غزة".

ولفت المتحدث ذاته إلى أن الاحتجاجات المطالبة باستعادة المحتجزين مهما توسعت رقعتها، وكذلك المظاهرات المطالبة بالإطاحة بنتنياهو مهما كانت حدتها وتأثيرها، فإنها لا تخرج من أجل المطالبة بوقف الحرب على غزة، مشككا في أن تؤدي صفقة تبادل شاملة إلى توسيع دائرة الاحتجاجات الإسرائيلية المطالبة بوقف الحرب.

ويعتقد كلير أن ضغوطا خارجية من أميركا وأوروبا والدول العظمى، من شأنها أن تجبر إسرائيل على وقف الحرب لتكون أقل حدة وشدة، ما من شأنه أن يفكك الائتلاف الحكومي وأن يدفع بالتوجه لانتخابات مبكرة، وهو السيناريو الذي يخشاه نتنياهو.

غادي الغازي: حكومة الاحتلال الإسرائيلي توظف معاناة عائلات الأسرى من أجل استمرار الحرب (الجزيرة) صدمة وزعزعة

من جانبه، يولي الباحث في التاريخ الاجتماعي والثقافي الدكتور غادي الغازي، أهمية لاتساع دائرة الاحتجاجات في الشارع الإسرائيلي المطالبة بتحرير المحتجزين وإبرام صفقة تبادل جديدة، وكذلك الأصوات الداعية إلى وقف الحرب.

لكن الباحث في التاريخ الاجتماعي والثقافي، استبعد أن تتمكن هذه الأصوات والمطالب من اختراق الإجماع الصهيوني حول الحرب على غزة، أو خلق حالة ضغط كبيرة ومؤثرة على الحكومة الإسرائيلية، كون عملية "طوفان الأقصى" زعزعت الوعي الإسرائيلي الذي ما زال مصدوما بعد اهتزاز الحصانة الأمنية.

وأوضح الغازي، في حديثه للجزيرة نت، أن حكومة الاحتلال توظف معاناة عائلات الضحايا والأسرى من أجل استمرار الحرب، حيث باتت السردية في الذهنية والعقلية الإسرائيلية أنها بمثابة حرب وجودية ودفاع عن البيت، لكن دون أن تؤدي هذه الحرب أو العمليات العسكرية إلى تحرير ولو حتى رهينة واحدة.

تضحية وتبرير

وبناء على ذلك، يؤكد غادي الغازي وجود "حالة لامبالاة للإسرائيليين تجاه القتل الجماعي للفلسطينيين في غزة، بل هناك إجماع إسرائيلي داعم للقتل الجماعي بغزة، كون عدد القتلى المدنيين الإسرائيليين في طوفان الأقصى الأكثر منذ نكبة عام 1948، بينما عدد القتلى الجنود الأكثر منذ حرب يونيو/حزيران 1967، وبالتالي تحرير المحتجزين يعتبر هدفا ثانويا".

وحيال هذه المعتقدات التي تم ترسيخها، يستبعد الباحث في التاريخ الاجتماعي والثقافي أن تفضي صفقة تبادل شاملة إلى إنهاء الحرب، مع تعزيز القناعات باستمرار حالة القتال ضد الفلسطينيين، لافتا إلى أن الحكومة الإسرائيلية لن تتردد حتى في التضحية بالأسرى لدى المقاومة الفلسطينية من أجل تبرير استمرار الحرب.

وعزا الغازي هذا التوجه لحكومة نتنياهو والتعامل مع ملف الأسرى، بسبب القناعات التي تعززت لدى المجتمع الإسرائيلي بأنه دفع ثمنا باهظا في معركة "طوفان الأقصى"، وبالتالي فإن التضحية بالمحتجزين لن يغير نظرتهم في كل ما يتعلق بسير الحرب واستمرار القتال في غزة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی صفقة تبادل شاملة تحریر المحتجزین حکومة الاحتلال استمرار الحرب عائلات الأسرى الحرب على غزة وقف الحرب من أجل

إقرأ أيضاً:

أبرز الوجهات التي يفرّ إليها الإسرائيليون منذ بداية الحرب علي غزة

 

لم تعد إسرائيل دولة آمنة ولا يتوفر فيها عنصر الاستقرار و الأمن حيث بات الإسرائيليون ينزحون وكشفت بيانات سلطة السكان والهجرة الإسرائيلية أن أكثر من نصف مليون إسرائيلي غادروا ولم يعودوا، منذ بداية الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر الماضي.

إسرائيل تفرج عن 54 معتقلًا بينهم مدير مستشفى الشفاء المملكة المتحدة تعارض إعلان إسرائيل شرعنة خمس بؤر استيطانية في الضفة الغربية

أشار استطلاع للرأي إلى أن 33% من سكان إسرائيل يفكرون فعليا بالهجرة والانتقال للعيش في أوروبا وأميركا بسبب حكومة نتنياهو المتطرفة وسياساتها التي لا تحظى بالدعم الشعبي، وبما أن نصف سكان إسرائيل تقريبا ما زالوا يحملون عمليا جوازات سفر بلدانهم الأصلية (الأشكناز) فإنهم جاهزون لاستخدامها في حال اقتضى الأمر الهرب.

 

غادروا اسرائيل 

وبحسب صحيفة معاريف الإسرائيلية، فإنه حتى عام 2020 غادر أكثر من 756 ألف يهودي إسرائيل للعيش في بلدان أخرى، ويعود ذلك إلى تدهور الوضع الاقتصادي وعدم المساواة والإحباط بسبب تعثر مسار السلام، بالإضافة إلى تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينيةوعلى مر السنين، غادروا غالبية الإسرائيليين الي المانيا و فرنسا و بريطانيا  و كندا و قبرص  واسبانيا وامريكا و استراليا .

 

وأشارت تقارير إلى ارتفاع الإقبال على نيل الجنسية الفرنسية بنسبة 13%، وسجلت السلطات البرتغالية زيادة بنسبة 68% في طلبات الحصول على الجنسية من الإسرائيليين، كما سجلت السلطات البولندية والألمانية زيادة بنسبة 10% في نفس الطلبات خلال الشهرين الماضيين.

 

غادروا خلال الشهور الستة الأولى من الحرب

وقال موقع زمن إسرائيل الإخباري إن قرابة 550 ألف إسرائيلي غادروا ولم يعودوا حتى الآن خلال الشهور الستة الأولى من الحرب.

 

وقال الموقع الإسرائيلي إن ما كان يعتبر هروبا مؤقتا للإسرائيليين خلال الحرب، أو صعوبة فنية في العودة إليها، تحول الآن إلى اتجاه دائم هجرة دائمة.

ووفق أحدث معطيات دائرة الإحصاء في أبريل الماضي، يبلغ عدد سكان إسرائيل 9.9 ملايين شخص، بينهم أكثر من مليوني فلسطيني (فلسطينيو 1948) و400 ألف فلسطيني في القدس الشرقية، و20 ألف سوري في الجولان المحتل.

 

ويوجد هناك الملايين من مزدوجي الجنسية، حيث يحملون جنسية واحدة أخرى على الأقل بجانب جنسيتهم الإسرائيلية.

 

عدد اليهود الذين غادروا إسرائيل

ونشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية بيانات صادرة عن مركز الإحصاء الإسرائيلي يشير إلى أن عدد اليهود الذين غادروا إسرائيل عام 2015 -أي بعد معركة العصف المأكول- بلغ 16 ألفا و700 شخص عاد منهم 8500 فقط.

و ذكرت تقديرات إحصائية إسرائيلية أن نحو 800 ألف مستوطن ممن يحملون جوازات سفر إسرائيلية يقيمون بصورة دائمة تقريبا في دول عدة ولا يرغبون بالعودة إلى إسرائيل.

 

مئات الضباط الإسرائيليين يرغبون التخلص من الخدمة العسكرية

قالت القناة الإسرائيلية 12 إن نحو 900 ضابط برتب متفاوتة طلبوا بحث إمكانية تحريرهم من عقود الخدمة العسكرية خلال العام الأخير، في حين لم تتجاوز مثل هذه الطلبات سابقا 150 ضابطا.

وكانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية قالت إن عشرات جنود الاحتياط يعلنون أنهم لن يعودوا للخدمة العسكرية في غزة حتى لو تعرضوا للعقاب.

ويأتي ذلك في وقت ذكرت فيه وسائل إعلام إسرائيلية أن المئات من جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي يغادرون شهريا إلى الخارج بدون إبلاغ قادتهم، في ظل استمرار الحرب على غزة حيث تكبدت قوات الاحتلال خسائر كبيرة خلال الأشهر الماضية.

وبدوره، قال موقع والا الإسرائيلي إن الجيش يعاني من نقص في الجنود، ويسعى لتشكيل فرقة جديدة لتنفيذ مهام مختلفة

وأضاف الموقع أن الجيش سيطلق على الفرقة اسم "فرقة دافيد"، وستضم جنودا ومجندات بلغوا سن الإعفاء ومتطوعين وعناصر من الحريديم، وقد يتمكن الجيش بذلك من تجنيد 40 ألف مقاتل.

ونقل الموقع عن مصادر في الجيش، أن تجنيد المقاتلين قد يسهم في مهام عدة منها أمن الحدود والضفة الغربية وحرب متعددة الجبهات مستقبلا.

 

مقالات مشابهة

  • مقتل جندي إسرائيلي وإصابة آخر في عملية طعن بالجليل.. واستشهاد المنفذ
  • الاحتلال الإسرائيلي يدمر أبراج الاتصالات لحجب مأساة غزة عن العالم
  • سرايا القدس تكشف: بعض الأسرى الإسرائيليين بغزة حاولوا الانتحار
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: مستعدون لاتخاذ أي إجراء ضد حزب الله لكننا نفضل التفاوض
  • كبار جنرالات جيش الاحتلال يؤيدون وقفَ الحرب بغزة حتى ولو بقيت حماس
  • مصدر إسرائيلي يكشف لـالحرة تفاصيل ضخ الكهرباء لمحطة مياه بغزة
  • الصحة في غزة: حصيلة قتلى الحرب الإسرائيلية على غزة بلغت 37925
  • "الأورومتوسطي لحقوق الإنسان": انتهاكات إسرائيل ضد الأسرى الفلسطينيين يندى لها جبين الإنسانية
  • أبرز الوجهات التي يفرّ إليها الإسرائيليون منذ بداية الحرب علي غزة
  • إسرائيل تغلي.. نتنياهو في عين العاصفة