كتب ابراهيم بيرم في" النهار":     هل صحيح أن المعنيين الأساسيين بملف الوجود الفلسطيني المسلح في الجنوب استقر بهم الرأي أخيراً على سحبه من التداول بعدما أدّى غرضه وبلغ هدفه؟ هذا السؤال بدأ يفرض نفسه بإلحاح في الأيام التي تلت الحملة العنيفة التي أثارتها الدعوة المعلنة التي وجهتها حركة "حماس" الى عموم اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ومن يرغب من غيرهم للانخراط في إطار تعبوي أطلقت عليه اسم "طلائع طوفان الأقصى" يكون متصلاً بها وضمن تشكيلاتها، إضافة الى أن البيان عينه "أيقظ المواجع" عند كثر وأعاد الجدل والسجال حول كل تجربة الوجود الفلسطيني في لبنان تاريخاً وحاضراً ومستقبلاً.

  ويرى القيادي الفلسطيني في لبنان صلاح صلاح في تصريح لـ"النهار" أن ثمة افتعالاً لا مبرّر له من خلال تأويل مغلوط وافتراضي لمضمون بيان حماس "الذي أراه زلة لسان والأكيد أنه لا ينطوي على رغبة في إعادة عجلة الزمن الى الوراء كما يروّجون ويزعمون، بل هو عمل تعبوي فرضته طبيعة مرحلة ما بعد عملية "طوفان الأقصى" بهدف إعادة التواصل والارتباط باللاجئين في مخيمات لبنان الذين يبحثون عما يربطهم بعجلة النضال الوطني لاسترداد الحقوق المشروعة". وأضاف صلاح: "الجميع يعلم أننا كفلسطينيين لا نرغب إطلاقاً في العودة الى ما قبل عام 1982 لأنه أمر مستحيل لأن الظروف والوقائع التي برزت بعد نكسة عام 1967 وفرضت الوجود الفلسطيني في الجنوب لم تعد متوفرة ولم يعد ممكناً إنتاجها من جديد".   ومع ذلك، يستطرد صلاح "يعلم الجميع أنه لايمكن لأحد أن يمنع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من الانخراط في أنشطة وفاعليات تدعم نضالات أبناء شعبهم في الداخل سواء في غزة أو في الضفة الغربية أو في أراضي الـ48 أو تحول دون تعبيرهم عن الالتصاق بقضيتهم خصوصاً أنهم يجدون أن العالم كله يظهر تعاطفه مع القضية ويؤكد أحقيتها".   واللافت في المشهد أن الأيام القليلة الماضية شهدت غياباً لافتاً لأي مشاركة فلسطينية في المواجهات الدائرة على الحدود خلافاً لما جرى في الأيام والأسابيع الأولى لانطلاق تلك المواجهات حيث سُجّل وقوع أكثر من 22 عملية تبنتها كل من حماس والجهاد. ولا شك في أن هذا الغياب أغرى البعض بالسؤال عما إن كان الغرض الأساس من المشاركة الفلسطينية في مواجهات الحدود الأولى قد استُنفد أو أن الحملة المضادة لبيان "حماس" قد نبهت المعنيين الى ضرورة سحب هذا العنصر الخلافي من دائرة الفعل الميداني والضوء الإعلامي؟   ثمة من هم على صلة بدوائر القرار في "حزب الله" يستبعدون فرضية أن يكون الحزب استغنى عن الحاجة الى حضور العامل الفلسطيني الى جانبه في الخندق الحدودي أو يكون أخذ قراراً بوضعه على الرف بناءً على الاعتبارات التالية:   - إنّ الإسرائيلي ماضٍ قدماً في مواجهات غزة وأنه ليس في وارد الالتزام بأي هدنة قبل "سحق" حماس..   - لم يعد خافياً أن الحزب الذي ربط أداءه الميداني في الجنوب بمسار الميدان الغزاوي لا يمكنه أن ينسحب ويتراجع عن دور ناطه بنفسه صراحة وهو أن يكون جبهة مساندة لغزة ومقاتليها.   - مطلوب من الحزب أن يثبت أنه ليس حرس حدود لإسرائيل وأنه لا يمكنه أن يمنع جهة ما من منازلة إسرائيل.   - الحزب يعرف ما ينتظره من ضغوط خارجية إذا ما توقفت المواجهات لكي يخلي الساحة الجنوبية.   - كل ذلك يوحي أنه ما زال بحاجة الى "أوراق" لا يمكنه التفريط بها في طليعتها الورقة الفلسطينية.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی لبنان

إقرأ أيضاً:

إلى أي مدى نجحت رهانات حزب الله؟

حين دخل "حزب الله" الحرب في غزة وفتح جبهة جنوب لبنان "لإسناد" حركة "حماس" كان رهانه الضغط على العدوّ الإسرائيليّ لوقف إطلاق النار في فلسطين وتبادل الأسرى بالمحتجزين. لكن بعد حوالي سنة من المعارك، خرجت إسرائيل عن كافة الخطوط الحمر وقامت باغتيال قيادات الصفّ الأوّل في "محور المقاومة" أكان في الضاحية الجنوبيّة أو في فلسطين أو في إيران، وزادت من وتيرة قصفها بشكل غير مسبوق مرتكبة المجازر بحقّ المدنيين اللبنانيين والفلسطينيين على حدٍّ سواء، من دون أيّ رادع أو احترام لقواعد الاشتباك. فتل أبيب تجاوزت "قواعد الاشتباك" التي ظنّت "المقاومة" أنّ إسرائيل لا يُمكن أنّ تخرج عنها. فخلال الفترة الأخيرة، عمد الجيش الإسرائيلي إلى توسيع رقعة قصفه وقام بتهجير سكان الضاحية الجنوبية بعدما أرهب وقتل المدنيين هناك، وقد وصل الجنون ببنيامين نتنياهو إلى المُخاطرة باغتيال السيّد حسن نصرالله، من دون الاكتراث بتوسّع الحرب إلى لبنان وبالتحذيرات الدوليّة له. إلاّ أن اعتبار أنّ "إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت" وأنه لا يُمكنها أنّ تُغامر في لبنان لأنّ قدرات "حزب الله" كبيرة وازدادت جدّاً منذ العام 2006 لم يتطابق مع الواقع الميداني، خصوصًا بعد  اغتيال الأمين العام  لـ "الحزب" وتدمير الضاحية الجنوبية والجنوب والبقاع في غضون أيّام قليلة، وهذا ما اعتبره البعض  فشلاً في التقدير من قبل "المقاومة" التي استخفت بإمكانات العدوّ الذي بات يُريد إبعاد عناصر "الرضوان" بالقوّة إلى شمال الليطاني عبر الغزو البريّ المحدود، كما القضاء على ترسانة "الحزب" عند الحدود مع فلسطين المحتلة. إلا أن التصدي اليومي لمحاولات الخرق الإسرائيلية على الحدود الجنوبية قد أحبط مخطط الاجتياح البري حتى الآن. وقد يكون تفجير أجهزة "البيجر" والاتصال أيضاً من أبرز العوامل التي أدّت إلى خيبة في أوساط "حزب الله"، لأنّ العدوّ نجح في أنّ يفرض معادلة استخباراتية جديدة. إلاّ انّه خلافاً لكلّ التوقّعات الإسرائيليّة والغربيّة، فإنّ "حزب الله" واجه التصعيد والإجرام الإسرائيليّ بقصف المستوطنات بعدد كبيرٍ من الصواريخ، وهو القادر لوجستيًا على إطلاق حوالي 3000 صاروخ على المستعمرات وعلى تل أبيب يوميّاً، لكنه في الواقع يتبع استراتيجية مغايرة لما يتوقعه العدو.  وتجدر الإشارة إلى أنّ "حزب الله" دخل في معركة إستخباراتيّة ضدّ الجيش الإسرائيليّ عبر تصويره مواقع مهمّة جدّاً داخل حيفا والجولان وغيرها من المدن الإسرائيليّة، غير أنّه لا يزال يُعوّل على عدم خروج الأمور عن السيطرة وعدم المُخاطرة، بينما العدوّ بدأ عمليّة بريّة غير ناجحة وغير موفقة في لبنان.
 
وفي هذا السياق أيضاً، فإنّ "الحزب" ربما قد أخطأ في بعض الأحيان باعتباره أنّه يتفوّق على إسرائيل عسكريّاً، وأشار إلى أنّ العدوّ لا يُمكنه فتح جبهة في لبنان في ظلّ استمرار الحرب في غزة، لكن ما ثَبُتَ أنّ تل أبيب لا تزال قادرة على مُواجهة "حماس" في غزة، وزيادة قصفها للمناطق اللبنانيّة وبشنّ غزو بريّ، كما عبور بعض آلاف الكيلومترات لضرب أهداف الحوثيين في اليمن، ردّاً على استهداف تل أبيب بصواريخ بالستيّة.
 
وقد يرى الكثيرون أنّ رهان "حزب الله" على عدم بقائه وحيداً في ساحة القتال، وهو صاحب شعار ـ"وحدة الساحات" أثبت فعاليته عندما قصف الحوثيّون في اليمن والفصائل العراقيّة إسرائيل بالوتيرة عينها، من دون أنّ ندخل في مدى تأثير هذا القصف على قدرات اسرائيل العسكريّة أو الضغط عليها لإنهاء عدوانها على لبنان وفلسطين. وكذلك جاء الرد الإيراني ليدحض كل الشائعات بأن إيران قد تخّلت عن "الحزب".
 
وأكّد نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم خلال إطلالته الأخيرة، أنّ "المقاومة" لا تزال تُشدّد على "إسناد غزة" وعلى استعداد المقاتلين لأيّ عمليّة بريّة إسرائيليّة، في تأكيدٍ أنّ "الحزب" لا يزال مُتمسكاً برهاناته السابقة. المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تستهدف عناصر لـ الحزب داخل مسجد في بنت جبيل
  • الحزب يقاتل وجودياً : نكون أو لا نكون!
  • فيلتمان للحرة: يجب أن يكون اغتيال نصر الله دافعا لتوحيد اللبنانيين
  • الشاطر حسن
  • من يكون الفلسطيني الضحية الوحيد الذي سقط بصواريخ إيران في الضفة الغربية؟(صورة)
  • ما هي التحديّات التي تنتظر إسرائيل في لبنان؟
  • إلى أي مدى نجحت رهانات حزب الله؟
  • حماس: النار التي تشعلها إسرائيل ستحرقها
  • أسطورة "حزب الله"
  • معرض صوت المرأة يلقي الضوء على التحديات التي تواجه المرأة المبدعة بالإمارات