من الواضح أن الغطرسة الصهيونية أعمت قيادات كيان الاحتلال عن استيعاب اللحظة التي تحاصره من كل الاتجاهات.. لحظة استثنائية فعّلت محور المقاومة في سابقة لم تحدث من قبل، للرد على جرائمه في غزة، وإن لم تفعّل بعد كل إمكانات المحور.
المقاومة الإسلامية اللبنانية من شمال الكيان، والقوات المسلحة اليمنية من جنوبه، وفوق كل ذلك حصار بحري فرضته القوات البحرية اليمنية، ومعه بدأت أعراض الحُمى تظهر على جسد الكيان، ولا يزال يكابر.
ولا شك أن دخول اليمن معركة الدفاع عن الشعب الفلسطيني كان له تأثيره في صنع واقع الاحتلال الجديد، وفي صنع الأسباب الموضوعية لدفعه ومعه أمريكا إلى مراجعة مخطط الإخضاع للشعب الفلسطيني وقمع أي صوت أو تحرك مقاوم، فضلا عن أن التدخل اليمني نجح في إرباك الحسابات الأمريكية على مستوى كل المنطقة، وتحديدا مع إطلاق صنعاء معادلة البحر وباب المندب، وهو الجديد الذي فتح شهية التحليلات العسكرية والسياسية لوضع توقعات جديدة لمآلات الشيطنة الصهيونية الأمريكية.
فجّر اليمن مفاجأة صدمت العالم وكسرت كل التوقعات، حين أظهر استعدادا متكاملا، وواجه عدواً كالكيان الصهيوني الذي أرهب العالم، وحين نقول الكيان الصهيوني فإن الأمر يرتبط على نحو طبيعي بالكيان الأمريكي.
وبموازاة هذه المفاجأة ظهر في المقابل عجز أمريكي واضح عن تولي إدارة المعركة وتحويل النتائج لصالح التحالف الصهيوني الذي يجمعه بالكيان إلى جانب المانيا وبريطانيا وفرنسا وباقي الهوامش، وظهر هذا التحالف مشلولا عن القدرة في تحديد الردود المناسبة، والضامنة لاستعادة ما انهار من هيبته وكرامته.
فمنذ السابع من أكتوبر نشرت أمريكا بوارجها في بحار المنطقة، بقصد إرهاب الآخرين عن التدخل في معركة الكيان ضد الشعب الفلسطيني في غزة، ثم ما لبثت أن بدأت تبحث عن شراكة مع باقي الدول لتشكيل تحالف بحري بزعم حماية الملاحة والهدف منه إرهاب صنعاء عن الاستمرار في عملياتها ضد اسرائيل، ومع تغليب الآخرين لصوت العقل وعدم الرغبة في المجازفة بمصالحهم، ذهبت أمريكا كالعادة إلى التهديد الأجوف لصنعاء بإحياء العدوان على اليمن، ثم بدأت فجأة بسحب بوارجها من الخليج وتحديدا المدمرة الشهيرة «ايزنهاور»، ليدلل ذلك على أن البيت الأبيض لم يعد أمامه إلا الفقاعات الارهابية لردع صنعاء عن الاستمرار في عملية استهداف السفن ذات العلاقة بالكيان.
وخلال اليومين الماضيين – ومع زيادة حدة التهديدات الامريكية، والتي رافقها محاولات تقييم لأثر هذه التهديدات بإغراء بعض السفن للتوجه إلى موانئ الكيان تحت حمايتها – جاءت الصفعة اليمنية مؤلمة، إذ زادت عمليات الاستهداف، وضربت الصواريخ والمسيّرات اليمنية خلال ثلاثة أيام أربع سفن صدّقت أمريكا وخالفت التعليمات وتجرأت على تجاهل التحذيرات، زائدا عملية جوية على مناطق حساسة في أم الرشراش.
هنا كان من الطبيعي أن تعلن واشنطن أمس أن تهديداتها لصنعاء كي توقف عملياتها ضد الكيان الصهيوني، قد فشلت، حسب موقع اكسيوس الأمريكي، وزد فوق ذلك إطلاق صنعاء عبر قواتها البحرية وعيدا بانتقال عملياتها إلى المرحلة الثالثة، ولا أحد يعلم فحوى هذه المرحلة لكنها ربما تكون أقسى من استهداف السفن بهذه الطريقة المهذبة التي راعت حياة طواقم السفن فلم يتعرض أحدهم لأذى، وللتحليلات أن تذهب إلى حيث تريد، فالواضح للعالم أن القوات المسلحة اليمنية تنفذ عملياتها بلا آية ثغرات قانونية تجعلها في موضوع المساءلة الدولية، وإلا لكانت أمريكا قد تصدرت مسألة الادانة والاتهام.
ومع تتابع العمليات اليمنية، صار على الكيان أن يزيل عن عينيه غشاوة الغطرسة وأن يدرك أن توالي الضربات قد لا تفرض عليه فقط رفع يده عن الفلسطينيين، وإنما مغادرة المنطقة نهائيا وإعادة الأرض إلى أبنائها.
وأما التوقف عن عمليات الاستهداف للسفن إلى الكيان المتغطرس، فإنها ثابت ومبدأ قالتها وتقولها الجموع اليمنية المليونية التي تخرج اسبوعيا لتحث القوات المسلحة على ألا تقف مكتوفة الايدي تجاه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حرب إبادة وحصار حتى من الحصول على شربة ماء نظيفة.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
العمليات العسكرية اليمنية.. حضور فاعل ومؤثر ضد العدو الصهيوني
يمانيون../
سجلّت القوات المسلحة اليمنية، حضورًا مؤثرًا من خلال خطواتها المتقدمة في إطار المسار العملياتي ضد العدو الصهيوني، الأمريكي، البريطاني في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس” المساندة لغزة وكل فلسطين.
لاقت العمليات العسكرية اليمنية، أصداءً واسعة من قبل محللين عسكريين واستراتيجيين ووسائل الإعلام، عن مدى تأثيرها المباشر وغير المباشر على العدو الصهيوني، الأمريكي، سيما في ظل فشل منظومات دفاعه الجوي في اعتراض صواريخ وطائرات اليمن، التي تحقق أهدافها في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي سياق خطابه الأسبوعي، تحدث قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي الخميس الماضي، عن مدى تأثير العمليات العسكرية اليمنية على العدو الصهيوني، وحالة الرعب والقلق والهلع التي زرعتها في صفوف عصابات المستوطنين الصهاينة، فضلًا عن تأثيرها على الوضع الاقتصادي الإسرائيلي.
وغير بعيد القول، إن العمليات اليمنية، أربكت كيان العدو الصهيوني، خاصة الصواريخ الفرط صوتية، التي أجبرت ملايين الصهاينة على الهروب إلى الملاجئ، ومغادرة الآلاف منهم للأراضي المحتلة، بالرغم مما يمتلكه الكيان الغاصب من أسلحة متطورة ومنظومات دفاع جوي هي الأحدث، إلا أنها فشلت في اعتراض الصواريخ والمسيرات اليمنية فشلًا ذريعًا.
وفي إطار توسع بنك الأهداف العسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، استهدفت القوات المسلحة فجر اليوم ما يسمى بوزارة دفاع العدو الصهيوني بصاروخ فرط صوتي فلسطين 2، ما يُعد تكتيكًا استراتيجيًا تمضي عليه القوات المسلحة في مواجهة الغطرسة الصهيونية والأمريكية، التي ذاقت منها شعوب المنطقة والعالم الويلات منذ عقود.
تأثير العمليات اليمنية، جعل ثلاثي الشر أمريكا وبريطانيا وإسرائيل، في حالة تخبط وارتباك وعجز عن التعامل معها، واللجوء لاستهداف البنية التحتية للشعب اليمني بصورة هستيرية، وهو ما سيكلف العدو ثمنا باهظا لحماقته هذه، كون تدمير المنشآت المدنية لا يضعف من قدرة اليمنيين على المواجهة بقدر ما يعززها على المضي للتصدي للعدو وإفشال مخططاته.
مما له دلالته، بات المستوطنون غير واثقين بالمنظومة الدفاعية لكيان العدو، لعدم قدرتها أكثر من مرة في اعتراض الصواريخ والطائرات اليمنية التي أقلقت مضاجع الصهاينة في أكثر من 234 مغتصبة، مع دوي صفارات الإنذار، والمشكلة الكبرى للعدو الإسرائيلي تكمن في محاولة إيجاد حل لتفعيل دور المنظومات الدفاعية حسب صحيفة معاريف الصهيونية.
الشعب اليمني عبر التاريخ، يخرج منتصرًا من أي معركة يخوضها، وهو ما لم يدركه الكيان الصهيوني، فبعد عشر سنوات من العدوان والحصار بقيادة أمريكا والسعودية والإمارات خرج أقوى من ذي قبل، وامتلك القوة والجرأة في مواجهة دول الطغيان والاستكبار العالمي، وأصبح رقمًا صعبًا في المعادلة الإقليمية والدولية، بما يمتلكه من ترسانة أسلحة متطورة قهرت أمريكا وبريطانيا وإسرائيل.
وما يُؤسف له أن الأنظمة العربية، خاصة المتماهية مع الكيان الصهيوني، والموالية لأمريكا، غير مدركة الأطماع الاستعمارية الأمريكية، الصهيونية، التي لن تتوقف على فلسطين فحسب، وإنما ستمتد إلى المنطقة وما نشره العدو الصهيوني مؤخرًا من خريطة شملت مناطق بلبنان وسوريا والأردن وقبلها خرائط مرحلية، إلا دليلًا على أن بلدان المنطقة مستهدفة وأن كيان العدو منذ نشأته يحمل توجهًا عدوانيًا طامعًا في السيطرة على البلدان العربية والإسلامية.
وبهذا الصدد يشير قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، إلى أن الإسرائيلي والأمريكي كلٌ منهما طامع ويتجه بعدوانية بخطط عملية وفق السياسات التي يعبّرون عنها لتحقيق أهدافهم العدوانية، ما ينبغي أن تكون الأمة في الموقف الفعلي الحقيقي ضد العدو الإسرائيلي بما يردعه عن تحقيق أطماعه.
وأكد أن تبّني سياسات الاستسلام والتخاذل لن تجدي الأمة ولا فائد لها أبدا لردع الأمريكي والإسرائيلي تجاه تلك الأطماع.. معتبرًا التعاون مع الأمريكي والإسرائيلي، إسهامًا في تمكينهما من تحقيق أهدافهما بأقل كلفة، وهي سياسات خاطئة جدًا.