الصوت العربي وانتخابات الرئاسة الأمريكية
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
هل بات الصوت العربي - الأمريكي مؤثراً وفاعلاً في مسارات ومساقات الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟
غالب الظن أن قرابة 3.5 مليون أمريكي - عربي، بنسبة 1.1 في المائة من سكان أمريكا، قد أضحوا رقماً مهماً لأي مرشح للرئاسة، لا سيما في الولايات المتأرجحة، حيث بضع مئات من الأصوات، يمكن أن تحسم الفوز، على غرار خمسمائة صوت تقريباً في ولاية فلوريدا عام 2000، حسمت المعركة لجورج بوش الابن.
على مشارف العام الجديد، وفي قلب الاستعدادات للانتخابات التمهيدية، عاد الحديث مجدداً حول أهمية الصوت العربي - الأمريكي، لا سيما في ظل المتغير الجديد المتمثل في موقف واشنطن من الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، والتي تجاوزت شهرها الثاني.
لمن سيصوّت هؤلاء في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وهل سيدعمون الرئيس الديمقراطي الحالي بايدن، وقد درجوا عادة على دعم مرشح الحزب الديمقراطي؟
خلال حملته الانتخابية الرئاسية 2016، صرح بايدن ذات مرة بأنه: "سيكون عادلاً مع الفلسطينيين ويحترم حقوقهم الإنسانية"، ومن هنا يتفهم المرء فوزه في ولاية تضم العديد من العرب الأمريكيين، وخاصة الفلسطينيين، بهامش 2.6 في المائة؛ ما يعني أهمية هذه الكتلة التصويتية.
الأمر عينه جرى في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في سباق 2016، وحينها تمكّن المرشح الديمقراطي بيرني ساندرز، من الفوز بميتشيغان بفضل أصوات هذه الجالية.
أما اليوم فتحوم حول بايدن سحابة قاتمة من الرفض الظاهري والباطني بعد مواقفه من أحداث غزة، وتصريحاته التي لا يمكن تجاهلها، بدءاً من قوله "أنا صهيوني"، مروراً "بضرورة اختراع دولة إسرائيل لو لم تكن موجودة"، وصولاً إلى "ليست لدي ثقة في ما يعلن عن عدد القتلى المدنيين الفلسطينيين"؛ الأمر الذي أثار حفيظة الجاليات الأمريكية من أصول عربية، وبلغ الأمر حد وصفه بأنه لا يقيم وزناً لهؤلاء البؤساء، وربما بات يراهم أقل مرتبة إنسانية. ويبدو من الطبيعي جداً في هذا السياق، أن ينحو هؤلاء لرفع شعار "تخلّوا عن بايدن"، بمعنى عدم التصويت له في انتخابات الرئاسة القادمة.
في دولة براغماتية مثل الولايات المتحدة الأمريكية، يمثل الصوت الانتخابي أمراً مهماً للغاية، وهذا ما تعلّمه الوافدون من العالم العربي من الجيلين الأول والثاني، وخلال عقد أو اثنين على أقصى تقدير سيشب الجيل الثالث القادر على تغيير الأوضاع وتبديل الطباع، بصورة أو بأخرى.
وتبدو زعامات الجالية الأمريكية - العربية، في ولايات متأرجحة عدة، بما في ذلك أريزونا وفلوريدا، جورجيا ومنيسوتا وبنسلفانيا، قد عقدت العزم على التحرك الفاعل والناجز لمواجهة مواقف بادين، وحرمانه من أصواتهم، حيث عقدوا في أوائل ديسمبر (كانون الأول) الحالي، لقاءً في مدينة ديربورن بولاية ميتشيغان لتنسيق مواقفهم التصويتية. إذ يتساءل البعض: "وهل يمكن لأصوات الأمريكيين العرب أن تضحى ذات ثقل انتخابي بالفعل في 2024 وما يليها من اقتراعات محلية، وعلى مستوى الولايات، وصولاً إلى رئاسة البلاد؟".
بالنظر إلى بعض الولايات مثل ميتشيغان ومينيسوتا، وهما ولايتان رئيسيتان في الغرب الأوسط، يشكّل الأمريكيون العرب 2-3 في المائة من أصوات الناخبين، وهي نسبة كافية لترجيح كفة الميزان مع أو ضد بايدن، وغيره من المرشحين في سباق الرئاسة.
ولعل من نافلة القول أن الأمريكيين العرب، على نسبتهم الديموغرافية، يمثلون جماعة نوعية متميزة، في وسط الجاليات العرقية المختلفة التي تملأ أرجاء البلاد، فنسبة 61 في المائة منهم من حملة شهادات علمية عليا، ولديهم نسب عالية في المهن الحرة وفي الطب والهندسة، كما أن متوسط دخولهم غالباً ما تفوق أقرانهم من الأسر الأمريكية لجماعة "الواسب"؛ مما يجعلهم مفيدين عملياً وعلى كل الصعد الحياتية.
تبدو نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة في غير صالح الرئيس بايدن، بحسب "الأخوين زغبي" اللذين يديران مركزاً متقدماً لقياس حرارة الرأي العام أو برودته تجاه قضية الانتخابات الرئاسية.
هنا يلاحظ أولاً أن الفتور تجاه بايدن، يكاد ينحى إلى الرفض، والأرقام لا تكذب ولا تتجمل، وذلك أن 17 في المائة فقط من الأمريكيين العرب قالوا إنهم سيصوتون لبايدن، في تناقض ملحوظ مع عدد الذين صوتوا له في عام 2020، وبلغت نسبتهم وقتها 59 في المائة. وعطفاً على ذلك؛ فقد انخفضت معدلات تأييد الرئيس بينهم من 74 في المائة عام 2020 إلى 29 في المائة في استطلاع هذا العام. بالإضافة إلى ذلك، فإن ثلثي العرب الأمريكيين يقولون إن لديهم وجهة نظر سلبية حول تعامل الرئيس بايدن مع أعمال العنف الحالية في غزة، وبخاصة دعم إسرائيل سياسياً وعسكرياً.
يبدو بايدن قطعاً في حكم الخاسر، ومن هنا يطرح التساؤل: "من سيستفيد من تحولات الأمريكيين العرب؟".
من الظاهر أنه قد تذهب بعض الأصوات إلى دونالد ترمب، وإن كانت له ثغرات واسعة تجاه العرب والمسلمين، في حين سيصوّت آخرون لمرشحين يساريين مناهضين للحرب من الديمقراطيين، مثل روبرت كيندي جونيور، وكورنيل ويست، لا سيما أن الأخيرة مشغولة بتنظيم مسيرات مؤيدة للفلسطينيين في لوس أنجليس بولاية كاليفورنيا.
إلى ذلك، يظل احتمال المقاطعة للانتخابات القادمة قائماً، لكنه خيار غير صائب في كل الأحوال، والأكثر فائدة منه المشاركة، لا سيما أن التصويت لمرشح آخر هو الطريقة الوحيدة التي تجبر السياسيين على تغيير مواقفهم.
يراكم موقف الأمريكيين العرب إخفاقات بايدن المتوقعة، لا سيما في ضوء تراجع شعبيته وسط الناخبين الأمريكيين، وقطاع كبير منهم بات يرفض العنصرية الواضحة تجاه الفلسطينيين، حال المقارنة مع مواقفه من أوكرانيا والأوكرانيين في مواجهة هجمات بوتين.
سوف يؤخذ موقف الأمريكيين العرب من هذه الانتخابات مقياساً في الأيام المقبلة، خصوصاً مع توقعات بتنامي أعدادهم واشتداد عودهم بحلول 2050؛ ما سيجعل منهم قوة انتخابية كما العديد من الجاليات الأخرى.
فقط، التساؤل الأكثر أهمية هل سينجحون هذه المرة في توحيد صفوفهم من غير محاصصة عرقية أو آيديولوجية؟ ثم ما الذي يمكنهم فعله أبعد من مجرد التصويت وأفعل على صعيد الأفعال الإيجابية الداعمة للقضايا العربية؟
الشرق الأوسط
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الانتخابات بايدن امريكا انتخابات بايدن مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأمریکیین العرب فی المائة لا سیما
إقرأ أيضاً:
الرئاسة والحزب... نحو مخرج منظّم
كتبت دوللي بشعلاني في" الديار": يعود موضوع سلاح نزع سلاح حزب الله الى الواجهة، للوصول الى استراتيجية دفاعية وطنية تحمي لبنان من العدو "الإسرائيلي"، ولا تُقدّم له سلاح المقاومة على طبق من فضّة.وإذ رفض الحزب فكرة نزع السلاح، على ما جاء على لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، أكّد رئيس الجمهورية جوزاف عون المطالب من الخارج بتطبيق الإصلاحات واتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701 مقابل إعادة الإعمار، أنّه "سيتمّ تنفيذ موضوع حصر السلاح الذي هو موضوع أساسي للحفاظ على السلم الأهلي، من دون إلزامه بمواعيد محدّدة أو ممارسة الضغوطات"، موضحاً أنّه ينتظر الظروف المناسبة لتحديد كيفية تنفيذ ذلك...
وسط المواقف من الحزب وسلاحه، تقول مصادر سياسية مطّلعة إنّ محاولة خلق شرخ بين الدولة اللبنانية بشخص الرئيس عون، وبين حزب الله، وبينه وبين قائد الجيش الجديد رودولف هيكل ووزير الدفاع اللواء ميشال منسّى، لن تُجدي نفعاً. فالتنسيق قائم بين الجيش وحزب الله في الجنوب، كما أنّ التواصل بين ممثلي الحزب والرئاسة يجري أيضاً ، من أجل التوصّل الى إيجاد حلّ لمسألة سلاح الحزب ومصيره ومستقبل مقاتليه. ولن يقوم أي مسؤول لبناني باتخاذ أي قرار يؤثّر في وحدة الجيش كرمى لعيون أورتاغوس أو "إسرائيل".
ويجري حالياً دراسة خطّة تتضمن نقاطا عديدة قابلة للنقاش في هذا الإطار. وتتضمّن هذه الخطّة، على ما كشفت المصادر، بنوداً عديدة تتعلّق بــ :
1- مقترحات حول المكان الذي سيوضع فيه سلاح الحزب، وفي أي مخازن أمينة سيجري توضيبه، ومن يملك حقّ امتلاك مفاتيح هذه المخازن، وكيف يمكن حمايتها مستقبلاً من أي ضربة "إسرائيلية".
2- الدور المستقبلي لمقاتلي حزب الله، وعددهم حالياً بين 30 و40 ألف مقاتل. وثمّة مقترحات عديدة في هذا السياق، إذ هناك من يقترح ضمّهم الى الجيش في لواء خاص، أو دمجهم به، أو أن يكونوا فرقة أو مجموعة عسكرية موازية له، كما هو حال الحشد الشعبي العراقي. وهذا أمر لا يمكن تطبيقه في لبنان. لهذا فدور المقاتلين يتطلّب المزيد من النقاش حول إذا كان استيعابهم في الجيش، يحافظ على التوازن الطائفي فيه أم يخلّ به، وما البديل لكلّ من هذه المقترحات؟
3- الدور السياسي المستقبلي للحزب، بعيداً عن السلاح. وهو أمر ستحدّده الانتخابات البلدية والاختيارية في أيّار المقبل، وما ستُفرزه نتائج الصناديق في كل البلديات، لا سيما في الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب والبقاع، فضلاً عن الانتخابات النيابية التي ستجري في أيّار من العام 2026.
وتقول المصادر إنّه على الدولة أيضاً معالجة السلاح الفلسطيني، داخل وخارج المخيمات، سيما أنّ الفصائل الفلسطينية تمتلك أسلحة ثقيلة. ويجب إيجاد حلّ لهذا السلاح، على أن يكون لبنانياً- عربياً، وليس فقط لبناني- فلسطيني، سيّما أنّ ثمّة تنظيمات فلسطينية، خصوصاً في مخيم عين الحلوة تابعة لأنظمة عربية. لهذا يجب معالجة مسألة السلاح الفلسطيني بالتوازي مع سلاح الحزب. وإذ أكّد مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا ، بأنّه أبلغ السلطات اللبنانية بأنّ أي نقاش في موضوع سلاح الحزب مؤجّل، الى حين انسحاب "إسرائيل" الكامل من جنوب لبنان ووقف اعتداءاتها المستمرّة عليه والالتزام بالقرارات الدولية، تلفت المصادر الى أنّ هذا ما تسعى اليه الدولة اللبنانية عبر الديبلوماسية، للضغط على "إسرائيل" لتنفيذ الإنسحاب ووقف اعتداءاتها وخرقها لاتفاق وقف النار. وأشارت المصادر الى أنّ ثمّة فارقا بين نزع سلاح المقاومة وبين صياغة الاستراتيجية الدفاعية، التي تهدف الى حماية لبنان أولاً، لا تسليم السلاح لكي يُصبح العدو قادراً على القيام بكلّ ما يريده ليس فقط على الحدود اللبنانية، إنّما على جميع الأراضي اللبنانية.
مواضيع ذات صلة الرئاسة السورية: الرئيس الشرع أكد أن سوريا بدأت خطوات حقيقية نحو الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية Lebanon 24 الرئاسة السورية: الرئيس الشرع أكد أن سوريا بدأت خطوات حقيقية نحو الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية