أحلام وبثينة صداقة برائحة البرتقال.. 40 سنة كفاح ورزق وسعي
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
جمعهما الكفاح والعمل فربطتهما صداقة قوية، أصبحتا وكأنهما وجهان لعملة واحدة، فلا واحدة منهما تظهر وحدها في العمل أو القرية محل إقامتهما، منذ أن عملا سويا في جني محصول البرتقال منذ نحو 40 عاما، أحلام وبثينة قصة عمل دؤوب وصداقة وتشابه في الظروف الحياتية إلى حد كبير.
التقت «الوطن» السيدتين أحلام السيد، البالغة من العمر 65 عاما، والسيدة بثينة توفيق 59 عاما، في ساحات أسواق الخضروات والفاكهة بمحافظة الشرقية أثناء عملهما في بيع محصول البرتقال الذي جمعتاه من البساتين والحدائق بالمناطق المرتكز زراعته بها، وذلك لبيعه للتجار أو الذين يشترون بالجملة.
تقول «أحلام» إنها بدأت العمل بعد وفاة زوجها منذ أكثر من 42 عاما في قرية الولجا محل سكنها وأبنائها، تلك التابعة لمركز منيا القمح بالشرقية والتي تقترب حدودها لمحافظة القليوبية وتتميز القرية بزراعة الموالح، خاصة البرتقال واليوسفي ثم الليمون والنارنج، معلقة: «فكرت في عمل بقريتي وقرب أطفالي والبرتقال متوفر والعمالة مطلوبة».
تتابع أحلام أن زوجها رحل تاركها خلفه أم صبيّة لطفلين فقررت أن تكون الأم والأب واعتكفت لأجلهما، إلا عن العمل والسعي والكد، لافتة إلى أن عملها كان في الحدائق والبساتين تذهب كعاملة بالبرتقال بالأجر اليومي تقطف ثمار البرتقال واليوسفي ضمن العاملات، إلا أنها أرادت أن تنمي عملها وتزيد الدخل فقررت أن تشتري حصص الموالح لنفسها فأخذت تتفق مع أصحاب الحدائق والبساتين لشراء كميات من المحصول ثم تتوجه لبيعه في الأسواق بالمدينة، معلقة: الشغل كتر الحمدلله وزادت حصتي وزادت البلاد اللي بوزع فيها البرتقال".
تضيف أحلام أنها كانت تستيقظ قبل الفجر لتنهي أعمال منزلها وتطمئن على سد حاجات أطفالها لتودعهم إلى مدارسهم ثم تنطلق للبساتين لقطف البرتقال واليوسفي بنفسها لتحمله على السيارة وتنهي العمل كمية حسب المحصول وتتوجه به في منتصف الليل إلى الأسواق ليكون جاهزا للبيع للمستهلكين في الصباح الباكر، معلقة: كنت بواصل الليل بالنهار وارتاح قليل علشان أفضل ساندة نفسي وأولادي واحتياجاتنا مقضية".
بعد سنوات قليلة من السعي والكد تغرفت أحلام على بثينة ابنة قريتها الولجا بعد وفاة زوجها هي الآخرى، وكان الحل لأسرة الثانية أن تجد عملا تكفي حاجات أبنائها الثلاثة فاقترحت أحلام على جارتها العمل معها بالحدائق، لافتة إلى أنها آنستها وأصبحتا ظلا لبعضيهما في العمل بالبساتين والحدائق والطرقات في الليل والصباح، معلقة: خدتها تشتغل عشان ولادها، وبقت أختي وصاحبتي وونيستي رايحين وجايين سوا.
قطف الثمار بالصباح الباكر وتوزيعه ليلا بالأسواقتلتقط بثينة طرف الحديث وتتابع أنهما يهونان على بعضهما ساعات العمل وأصبحتا لم تتفرقا حتى في المنزل والمناسبات والزيارات تجمعهما سويا إذ أصبحتا كالشقيقتين التوأم، تضيف بابتسامة رضا تكسو ملامحها أنها عملت سنوات طويلة رفقة أحلام في محاصيل عديدة أبرزها وأفضلها بالنسبة لديهم البرتقال، موضحة أن دائرة العمل انتشرت فلم يقتصر قطف الثمار من مدينتهم بل تفرق حتى وصل إلى البحيرة وكفر الشيخ والاسكندرية لقطف التفاح، الخوخ والمشمش وغيرها من الفواكه في المواسم المختلفة لبيعه.
قطف البرتقال من بساتين منيا القمح
وأكدت السيدتان أن موسم البرتقال هو الأفضل بالنسبة لهما، إذ أنه يتميز بدخله الوفير كما أن البرتقال لا يتطلب سفرا بسبب تميز مركز منيا القمح بزراعته بمساحات شاسعة، كل ما في الأمر أنهم ربما يرسلوه إلى أسواق خارج المدينة، وأوضحتا أن موسم حصاده حسب اختلاف أنواعه "بصرة، سكري وصيفي"، ويبدأ الحصاد من شهر أكتوبر وحتى مارس وأبريل، مكتسبين طوال فترة العمل خبرة في معرفة أجود أنواع البرتقال واختيار الذي يصدر منه للخارج.
أحلام وبثينة تأخذان بأيدي السيداتأشارتا السيدتان الصديقتان إلى أنهما في طريقهما كلما رأتا سيدة بحاجة لدخل دلوها على طريق العمل ويسرّا لها العمل باليومية إن لم تجد عملا آخر لفتح بيتها أو تزويد السيدات بأقفاص البرتقال لبيعه بالقرى والأسواق ثم تحصيل الثمن مؤخرا بعد البيع حتى تستطع السيدة السداد والاستمرار في العمل كمساعدة لها دون حاجة لأحد، معلقتان: اتعلمنا كتير في الشغلانة دي واختلطنا بناس أشكال وألوان والصبر اتعلمناه بس ما نسيناش نبتسم ونفسنا نرتاح ونعمل عمرة".
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: محافظة الشرقية قصة كفاح سيدة
إقرأ أيضاً:
قصة كفاح ملهمة من ظلام البصر إلى نور الإبداع
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في زوايا الحياة الصعبة، يضيء الأمل كالشعاع الذي يهدي الحائرين في ظلام التحديات، شيماء محمد، إحدى بطلات جمعية للمكفوفين، تحكي قصة إصرار وكفاح تجاوزت فيها كل العقبات، لتثبت أن الإعاقة ليست في الجسد، بل في التفكير، وُلدت شيماء محمد مبصرة، فتاة متفوقة ومليئة بالطموح، وكانت طالبة مميزة في المدرسة حتى الصف الثاني الثانوي، حين أصيبت بضعف مفاجئ في البصر.
بعد عرضها على الأطباء، تم تشخيص حالتها بوجود مياه بيضاء في العينين، ونصح الأطباء بإجراء عملية جراحية، لكن الأمل سرعان ما تحول إلى مأساة، إذ تسبب خطأ طبي في مضاعفات خطيرة أدت إلى ضمور في العصب البصري، مما أفقدها بصرها تمامًا، كانت الصدمة قاسية على شيماء وأهلها، فدخلت في حالة نفسية صعبة، حيث انغلقت على نفسها وامتنعت عن مغادرة المنزل، لكن الأصدقاء والمقربين لم يتركوها وحدها، نصحوها بأن تستكمل تعليمها في مدرسة النور للبنات، وهي مدرسة مخصصة للمكفوفين.
رغم التحديات الكبيرة، مثل تعلم القراءة بطريقة برايل من الصفر، أظهرت شيماء عزيمة لا تلين. تعلمت برايل بإصرار، وأكملت تعليمها حتى حصلت على ليسانس الآداب، متحدية كل الصعاب، وبعد تخرجها، قررت شيماء أن لا تكون أسيرة الظلام أو الوحدة,،التحقت بـجمعية دنيتنا للمكفوفين، التي ساعدتها في تعلم حرف يدوية وتكوين صداقات جديدة، هناك اكتشفت شيماء شغفها بفن المكرمية (الحياكة اليدوية بالعُقد).
في وقت قصير، أتقنت شيماء هذا الفن وأصبحت تنتج قطعًا فنية مميزة، مثل الحقائب والإكسسوارات والديكورات المنزلية. لكنها لم تتوقف عند هذا الحد. اليوم، تحلم شيماء بأن تصبح مدربة لفن المكرمية، لتشارك مهاراتها مع غيرها من المكفوفين، وتفتح لهم أبواب الأمل والإبداع، وتعتبر قصة شيماء هي دعوة لكل من يواجه تحديات ليؤمن بأن الإرادة يمكن أن تصنع المستحيل. جمعية “دنيتنا للمكفوفين” تمثل مظلة لكل المبدعات من ذوي الإعاقة البصرية، حيث يمكنكم دعمهن بزيارة الصفحة الرسمية للجمعية وشراء منتجاتهن.
كل قطعة تُشترى ليست مجرد منتج، بل هي فرصة عمل وإشادة بجهود هؤلاء البطلات. الجمعية توفر الشحن داخل وخارج محافظة الإسكندرية، ويمكنكم التواصل عبر المعلومات الموضحة في نهاية التقرير، وتقول شيماء: “الإعاقة الحقيقية ليست في الجسد، بل في التفكير. بإيمانك بنفسك وثقتك في الله، يمكنك أن تحول الألم إلى طاقة، واليأس إلى نجاح، لا تستسلم أبدًا، فالحياة مليئة بفرص جديدة تنتظر من يقتنصها"، وتظل شيماء محمد مثالًا حيًا للإصرار والكفاح، وتؤكد أن الإعاقة ليست نهاية الطريق، بل قد تكون البداية لحياة مليئة بالإبداع والتألق.