الفكاهة في الخطاب الجهادي.. تحليل مقارن لـ «داعش» و«القاعدة» و«طالبان»
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
تلعب الفكاهة في المجلات والإصدارات الجهادية دورا حيويا في تكوين الهوية الجماعية، وخلق إحساس بالتماسك الداخلي، وتشير دراسة لعدد من المجلات الصادرة باللغة الإنجليزية المنسوبة لتنظيمي «داعش» و«القاعدة» إلى أن التشدد لا يتمثل في العمليات والأهداف والفكر الاستراتيجي، بل يبدو جليا في الملابس والموسيقى والأفلام والروايات، وكذلك يتعلق بجانب آخر يتمثل في الفكاهة والرياضة.
تمثل الفكاهة البعد الناعم للحياة العسكرية لتلك التنظيمات، إلا أن هذا الأمر لم يحظ بالدراسات الكافية من الباحثين، وبالنظر إلى أي مجموعة ذات مرجعية وفكر أيديولوجي محدد، يمكن ملاحظة أن الممارسات الاجتماعية اليومية التي تتمثل في إلقاء الشعر وتفسير الاحلام وممارسه الرياضة، تشير تلك الممارسات إلى أن عناصر تلك المجموعة لا يقضون وقتهم في تعلم مهارات تصنيع القنابل فقط.
تلك الممارسات اليومية تصدرها الوسائل الإعلامية ضمن وسائلها الدعائية، على سبيل المثال عندما يوشك أحد العناصر على القيام بعمل جهادي - من وجهة نظرهم بطبيعة الحال - يتم إخراج مادة إعلامية خاصة بنشاطه اليومي، المتمثلة في لعب كرة القدم مع الأطفال، ووضح ذلك في أحد الإصدارات المرئية لتنظيم القاعدة، حيث تضمن صور المقاتلين وهم يمزحون.
يبقى السؤال: ما الهدف من تصوير الضحك والفكاهة في الخطاب الجهادي؟
يمكن الإجابة على هذا السؤال من خلال المسارات التالية:
*حدود الفكاهة:
تشير حدود الفكاهة في اللغة المستخدمة للتمييز بين ما هو مسموح وما لا يسمح بمناقشته بطريقه كوميدية، ولا توجد قواعد ثانية لما يمكن اعتباره كوميديا، تطبق كل مجموعة من تلك التنظيمات حدود الدعابة والفكاهة، فعلى سبيل المثال تضمن أحد إصدارات حركات طالبان منشورا يشير إلى أن (المأساة أن الناس يعتقدون أنه من المقبول تحقير المقدسات والاستخفاف بما هو محبب إلينا نحن المسلمين أكثر من أرواحهم)، يشير هذا البيان إلى أن المشاركة في السلوك الفكاهي العلني أمر غير مقبول لمسلم يحترم الشريعة، ويتضح ذلك الأمر في الفكاهة الظرفية حيث يتم الإسقاط من قبل أعضاء ذلك التنظيم، في حاله الاستخفاف بالمقدسات والاستهانة بها.
أنواع الفكاهة
*الفكاهة اللاإنسانية:
أشارت تلك الدراسة إلى أن عناصر تلك التنظيمات تستخدم الدعاية اللاإنسانية تجاه خصومهم بدرجات متفاوتة، وذلك من خلال نزع الصفات الإنسانية عن شخص أو مجموعة معينة، ويبدو الشكل الأكثر شيوعا فى ذلك الأمر هو إنكار الخصائص والسمات الإنسانية مثل الذكاء والأخلاق، وإظهار الصفات الحيوانية مثل الحشرات والخنازير، وقد يتعلق ذلك الاتجاه بمسارات وتفاعلات ديناميكية داخل تلك المجموعات والمتعاطفين معهم، وقد تمثل ذلك المنهج الخاص بالفكاهة اللاإنسانية في الإصدار رقم 10 لمجله دابق الصادرة عن تنظيم داعش وتضمن ما هو فحواه ( اكتشفت أنها زوجة أحد الدواب الذي كان يهدف النيل مني أو القصاص )
*الفكاهة الساخرة:
تهدف الفكاهة الساخرة الى الكشف باستخدام لغة ذكية غالبا ما تدعو الى تصور جديد يتحدى ويخالف الوضع الراهن.
وأشارت الدراسة إلى إبراز صور للفكاهة الساخرة، من خلال تحليل إصدارات تلك التنظيمات المقروءة والمرئية ما تضمنه العدد رقم 2 لمجلة الأمة الصادرة عن تنظيم القاعدة، وقد تضمن ذلك العدد محتوى يسخر من قرارات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب (يفضلون العقوبات الاقتصادية على الحياة العسكرية التي قد تجبر الدول على الانصياع للولايات المتحدة أو بعد 40 عاما قد تؤدي إلى انهيار الأنظمة الحاكمة بتلك الدول)، وهنا ترامب نفسه هو الهدف من النكتة الساخرة عن طريق الإيحاء، بأن تغريداته قد تؤدي الى انهيار انظمة حاكمة.
على جانب آخر، تشير تلك الدراسة إلى أن تنظيم «داعش»، أبرز تلك التنظيمات تمثلت سخريته من قادة الدول الكبرى وردت في العدد رقم 13 من مجله «داعش»، وفي العدد رقم 9 لاحد إصدارات القاعدة - مجلة الأمة
*الفكاهة الظرفية:
تعرف بأنها استخدام الفكاهة في الحنين إلى الماضي، ووضعها في سياق الروايات والأحداث المباشرة التي مر بها المجاهدون في تلك التنظيمات، وتستخدم لغرض استراتيجي لتحفيز عناصر تلك المجموعات والمتعاطفين.
الفكاهة الظرفية شائعة إلى حد ما لدى تنظيم «القاعدة»، إلا أنها تبدو واضحة تماما من خلال إصدارات تنظيم داعش، كما ورد بالعدد رقم 1 من مجلة الرسالة إحدى صور الدعابة الظرفية لإظهار الجانب الخفي لأحد الانتحاريين، وقد تضمن ذلك الإصدار (كان خطاب رجل بسيط يلقي النكات، ويداعب الجميع، ويقيم علاقات جيدة مع الآخرين).
تشير إصدارات داعش إلى الفكاهة والضحك في سياق الجهاد -من وجهة نظرهم- ويسهم ذلك المضمون بشكل إيجابي في حشد الأفراد من خلال التأكيد على البهجة التي يحصل عليها المشاركون في أعمال باسم الجهاد، وبالتالي يتم استخدام الفكاهة الظرفية لإثراء سرد الأحداث الماضية، وتطوير منطق، واتجاه يحث على القناعة بأفكار تلك التنظيمات.
خاتمة
تشير الآثار الأوسع لتلك الدراسة إلى أن الفكاهة تلعب دورا أساسيا في الفكر الجهادي وتعزز الهوية، فالفكاهة الظرفية على سبيل المثال تظهر تركيزا على الحياة الجهادية يتجاوز ويخالف مفهوم التشدد، ويمكن لذلك الأمر أن يكون أداة فعالة لجذب المجندين المحتملين، بإيهامهم برؤية رومانسية لحياة جهادية.
وقد خلصت الدراسة إلى أن الفكاهة في الخطاب الجهادي، وحالة التهكم والسخرية التي وردت في إصدارات تلك المجموعات المقروءة والمرئية، تشير إلى مدى العدوانية تجاه المعارضين.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الإرهاب داعش طالبان القاعدة الفكاهة الدراسة إلى أن تلک التنظیمات من خلال
إقرأ أيضاً:
العراق: قلقون من نمو التنظيمات الإرهابية وتوسعها في بعض المناطق السورية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم /الأحد/، أن العراق يدرس التغيرات الجارية في سوريا، معربا عن قلقه من نمو التنظيمات الإرهابية وتوسعها في بعض المناطق السورية، مشددا على أهمية مساعدة الشعب السوري في بناء عملية سياسية شاملة ومستقرة، تضم جميع مكونات المجتمع السوري، بما يحقق الاستقرار ويحد من التوترات.
وأوضح وزير الخارجية العراقي - خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره العُماني بدر البوسعيدي، اليوم وفقا لوكالة الأنباء العراقية "واع" - أن العراق وسلطنة عُمان تربطهما علاقات تاريخية، منوها بالدور المميز الذي تلعبه سلطنة عُمان في المجال الدبلوماسي، لا سيما في ما يتعلق بالملف السوري.
وأكد دعم العراق الكامل للقضية الفلسطينية، داعيًا إلى وقف إطلاق النار في غزة وإرسال المساعدات الإنسانية العاجلة لدعم المدنيين المتضررين.
من جانبه، قال وزير الخارجية العماني إنه حمل رسالة خطية من سلطان عُمان إلى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، تتصل بالعلاقات الطيبة بين البلدين، مبينًا أن تلك العلاقات تنطلق للتعاون وتحقيق المزيد من النقاط المشتركة.
وأضاف أن عمل اللجنة المشتركة بين البلدين؛ انعكس على الجوانب الاقتصادية وخطوط النقل والسياحة والطاقة والقطاع المالي والمصرفي وتشجيع القطاع الخاص.
وأشار إلى جرت مناقشة القضايا الإقليمية التي تشكل أهمية كبيرة للبلدين والمنطقة، مشددًا على تكثيف الجهود الدبلوماسية لحل النزاعات في المنطقة.