جاسم مرزوق بودي يكتب: نظيف اليد مرفوع الجبين عشت.. ورحلت
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
آمنا رحلت، على بساط الإيمان والحق. حكمت... فعدلت.
لم يكن الحق كلمة في عباراتك فحسب بل هو نهج حياة ارتضيته ولم تحد عنه إيمانًا بقوله تعالى:"فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ".. وما كانت طاعة الله العلي العظيم سوى رأس الحكمة لديك وفعل إيمان ونهج حياة.
كم كنت شبيها بالكويت، أرضك وناسك وتراثها وماضيها وحاضرها، وكم كنت بصيرًا في أسرة الخير تنظر إلى الأمور كما يجب أن تكون لا كما فرضتها الظروف.
وأبلغت أسرتك الكبيرة، أهل الكويت على تنوع مشاربهم، أن الميزان يكيل بمكيال واحد في الحقوق والواجبات، وأن أمن الكويت واستقرارها وسلام ساكنيها خط أحمر، وأن الحزم في تطبيق القانون أولوية على الشعارات والتعريفات مثل "الدهاء والمرونة"، وأن الحكم ملح الأرض يتطلب عدلا في الرعية وينبذ الالتفاف على العدل بحجج الضرورة والمواءمات السياسية تيمنا بحديث الرسول الكريم: "إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن - وكلتا يديه يمين - الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وُلوا" .
في تقويم الزمن، لم تكن القيادة عبر مسند الإمارة طويلة، لكن القيادة بكل أهلها توفرت بكم منذ التدرج الأول، في قصر دسمان وفي مدرسة المباركية، وفي مؤازرة إخوانك الأمراء، وفي منصب المحافظ، وفي نيابة رئاسة الحرس الوطني، وفي وزارات الشؤون والدفاع والداخلية، ثم في ولاية العهد أمينا وعضيدا لأمير الإنسانية الراحل الشيخ صباح الأحمد... في كل تلك المناصب كنت رائدا تزرع بصمة خاصة وتحصد المحبة والولاء والانجاز، وفي كل تلك المناصب كنت أميرا بعدلك وحكمتك ورؤيتك وهدوئك. لا تغضب من نصيحة ولا تبخل بنصيحة "فالدين النصيحة" و"إذا استنصحك فانصح له" .
وعندما تسلمت مسند الإمارة نقلت كل ذلك التاريخ إليه. لم يكن المنصب غريبا عنك ولم تكن غريبا عليه. بقيت الأكثر التصاقا بالكويت، تستقبل الجميع بقلب مفتوح. يشعرون أنك أخ كبير أو أب لهم، تسأل عن كبارهم وتتحرى اخبار صغارهم، تبادر الى الاتصال والاطمئنان على الكبار وتوصي زائريك بأن ينقلوا الى صغارهم "توصيات أبوكم نواف لكم بأن تكثروا من العلم اليوم كي تصبحوا قادة الغد" .
وبين شؤون الحكم وادارة الدولة والاستقبالات والاجتماعات والتوجيهات، يبقى الوازع الديني سيد الأحكام، وتبقى الواجبات الإيمانية جرعة الروح التي غذت قيم العدل والمساواة وأمدتك بسلاح الصبر والهمتك نعمة البصيرة. تدخل المسجد وحيدا وتجلس وحيدا وتقرأ ما تيسر من الذكر الحكيم وتتلو الدعاء وتطلب الحماية والأمن والأمان والتقدم للكويت واهلها... ثم تغادر وحيدا وتتحدث مع من يتجمعون أمام سيارتك مرحبا مبتسما موجها. وكم كنت رحمك الله تردد قول الفاروق عمر رضي الله عنه:" آس بين الناس في مجلسك ووجهك حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك" .
"وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ". كانت من الآيات الكريمة التي رسمت خريطة الطريق لمرحلة كويتية ظللتها السعادة وتوجها الفرح. أثبت يا أمير العفو والتسامح أن الكويت تسكن في صدور أبنائها مهما أبعدتهم المسافات وأنها قلوبهم النابضة بالمحبة والانتماء.
سيدي صاحب السمو أميرنا الراحل، سنعلم أولادنا ما تعلمناه منك. أن تكون قلوبهم كبيرة بحجم قلب أبونا نواف، وأن القيادة في العمل حسم وحزم وحلم وحكمة ورؤية وابتسامة، فليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب. وأن التواضع يزيدهم رفعة، وأن التكبر انعكاس لنقص والتوتر تعبير عن وهن.
ليس سرا أن الراحل الكبير الشيخ نواف الأحمد امتلك سر العلاقة مع أهل الكويت بعيدا من القوانين والدستور والأعراف والمجاملات. كانت كلماته عندما يحادثك تكفي لتمهيد كل طرق الاستجابة والحل، فهو يبدأ المكالمة "معاك والدك نواف" ويغرق السامع بالخجل... والفخر.
رحمك الله يا "أبونا نواف" لم يعرف الكويتيون عنك إلا الكلمة الطيبة ولم يسمعوا سوى التوجهات الأبوية مهما كانت الظروف قاسية، غرست في اسرتك ومحيطك كل ابجديات الأخلاق تيمنا بقول الإمام علي رضي الله عنه: “إنّ الله جعل مكارم الأخلاق ومحاسنها وصلاً بيننا وبينه". كم كنت قريبا من الله... والله قريب من المتقين.
رحمك الله يا والدنا وقائدنا... عزاؤنا ان الأمين على العهد سمو الشيخ مشعل الأحمد خير خلف لخير سلف سيكمل المسيرة، وهو الذي كان رفيق عمر وولي حق. غالب الدمع عندما كان يودعك في رحلات العلاج وخانه التماسك وانهمرت العبرات عندما ودعك في رحلتك الى دنيا البقاء. يقال ان القائد الحقيقي لا يحكم إلا برؤية العبور الى المستقبل وصنع الأمل... والشيخ مشعل يزرع التفاؤل ليحصد مستقبلا أفضل للكويت والكويتيين.
رحمك الله يا والدنا وأميرنا... نظيف اليد، مرفوع الجبين، عشت ورحلت، تغمدك العلي القدير بواسع رحمته وألهم الكويتيين الصبر والسلوان.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
موسى أبو مرزوق: لم أكن لأقبل بهجوم 7 أكتوبر لو علمت عواقبه
قال رئيس مكتب العلاقات الخارجية في حركة حماس، موسى أبو مرزوق، إنه لم يكن على اطلاع تفصيلي على خطط هجوم 7 أكتوبر 2023، مؤكدًا أنه ما كان ليوافق عليه لو أدرك العواقب التي ترتبت عليه.
وفي تصريحات لصحيفة "نيويورك تايمز"، أشار أبو مرزوق إلى أن الدمار الذي لحق بغزة يجعل من غير المقبول الادعاء بأن حماس انتصرت..
ولفت أبو مرزوق إلى أن هناك نوعا من الانفتاح لدى قيادة حماس للتفاوض بشأن مستقبل سلاح الحركة في غزة.
واعتبرت "نيويورك تايمز" أن "تعليقات أبو مرزوق تشير إلى وجود خلافات بين مسؤولي حماس حول الخط الذي ستتبعه الحركة، كما تشير إلى أن الإحباط الذي يشعر به الفلسطينيون في غزة، الذين يقولون إن الهجوم جعلهم يتحملون معاناة غير عادية، قد أحدث بعض التأثير داخل قيادة حماس".
كما لفتت إلى أن "تعليقات أبو مرزوق مماثلة لتلك التي أدلى بها حسن نصر الله، زعيم حزب الله، في أعقاب حرب عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله.
وقد دفع حجم الدمار في ذلك الصراع نصر الله إلى الاعتراف بأن جماعته لم تكن لتختطف وتقتل العديد من الجنود الإسرائيليين في ذلك الوقت لو كانت تعلم أن ذلك سيثير مثل هذا الرد القوي".
وقال أبو مرزوق إنه لم يكن على علم بالتفاصيل المحددة لهجوم 7 أكتوبر، الذي قُتل فيه ما يقرب من 1200 شخص وأُخذ حوالي 250 رهينة، لكنه أشار إلى أنه وغيره من القادة السياسيين في حماس أيدوا الاستراتيجية العامة للهجوم العسكري على إسرائيل.
وأضاف: "لو كان متوقعا أن يحدث ما حدث، لما كان هناك 7 أكتوبر"، على حد تعبيره.
كما أشار إلى وجود قدر من الاستعداد داخل حماس للتفاوض بشأن مستقبل أسلحتها في غزة، وهي نقطة خلاف رئيسية في المفاوضات مع إسرائيل.
وقال السيد أبو مرزوق إن بقاء حماس خلال الحرب ضد إسرائيل يعد "نوعًا من الانتصار".
كما شبه حماس بشخص عادي يقاتل مايك تايسون، بطل الملاكمة السابق في الوزن الثقيل: فإذا نجا هذا الشخص غير المدرب من ضربات تايسون، فسيقول الناس إنه انتصر، وفقًا لما قاله.
وأوضح أنه من الناحية المطلقة، "من غير المقبول" الادعاء بأن حماس انتصرت، خاصة بالنظر إلى حجم الدمار الذي ألحقته إسرائيل بغزة.
وقال: "نحن نتحدث عن طرف فقد السيطرة على نفسه وانتقم من كل شيء"، في إشارة إلى إسرائيل. "هذا ليس انتصارًا بأي حال من الأحوال".
وأكمل: "نحن مستعدون للحديث عن كل قضية"، عندما سئل عن الأسلحة. وأضاف: "أي قضية توضع على الطاولة، يجب أن نتحدث عنها".
أضاف أبو مرزوق أنه يمكن مناقشة إطلاق سراح المزيد من الرهائن والأسرى الفلسطينيين خلال تمديد المرحلة الأولى، لكنه أوضح أنه في أي صفقة مستقبلية، ستطالب حماس بالإفراج عن عدد أكبر بكثير من الأسرى مقابل كل رهينة، معتبرا أن الإسرائيليين المتبقين هم جنود.
وقال إنه يمكن إطلاق سراح جميع الرهائن دفعة واحدة إذا كانت إسرائيل مستعدة لإطلاق سراح آلاف الفلسطينيين من سجونها، وإنهاء الحرب، والانسحاب من غزة.