من #الجزائر لأيرلندا …!
بقلم م. عبدالرحمن “محمدوليد” بدران
كنا قد سردنا قبل عدة أشهر في إحدى مقالاتنا كيف عمل #الاستعمار_الفرنسي في الجزائر على مدار أكثر من 100 عام على إلغاء هوية #الشعب_الجزائري واستمات في شطب وجوده بكل أنواع الجرائم التي لا تمت للإنسانية بصلة، سعياً منه لترسيخ حقيقة كذبه بأن الجزائر ليس أكثر من مقاطعة فرنسية جنوبية وأنه لا وجود لشعب اسمه شعب جزائري، واليوم نتنقل بين صفحات التاريخ من قصة معاناة الجزائر بشعبها العربي المسلم قبل أن ينال استقلاله ويتخلص من #إجرام مستعمر يدعي دفاعه عن حقوق الإنسان اليوم مع أمثاله من الدول الكبرى في العالم، والتي دائماً ما تدعي سعيها للأفضل للإنسان والإنسانية لنرى ماذا تقول صفحات التاريخ في أمثال هؤلاء، ولننتقل معاً في هذه السطور إلى جمهورية أيرلندا، تلك الدولة الواقعة في قارة أوروبا وشعبها الأوروبي المسيحي الديانة وتجربته مع إحدى تلك الدول الكبرى، فنحن هنا لن نتحدث لا عن دولة عربية ولا حتى مسلمة الديانة، فقد كانت أيرلندا مستعمرة بريطانية منذ القرن الثاني عشر عندما قام الملك هنري الثاني بغزوها، ليستمر الحكم البريطاني لها 800 عام حتى استقلالها في العام 1921، وقد عمل البريطانيون خلال هذه السنوات على قمع الثقافة الأيرلندية وشطبها بكافة أشكالها، بما في ذلك اللغة والموسيقى والفنون، بل وحتى العمل على التمييز الديني بين الأيرلنديين الكاثوليك والبريطانيين البروتستانت، وقد بلغت ذروة الاضطهاد في مجاعة البطاطس الأيرلندية أو المجاعة الكبرى التي ضربت أيرلندا في القرن التاسع عشر بين 1845-1852، عندما أتلفت آفة زراعية محاصيل البطاطس في أنحاء أوروبا وتضررت منها الأراضي الأيرلندية بشكل كبير جداً ما أدى إلى تدمير محصول البطاطس بالكامل، وهي التي كانت تمثل المحصول المهم للمزارعين والفقراء، بل وتشكل ما يقارب نصف نظامهم الغذائي، وقد تسببت هذه المجاعة بموت ما يقارب مليون إنسان وهجرة مليون آخر إلى خارج أيرلندا، ولكن هذه النتيجة كانت لأسباب أخرى فاقمت آثار المجاعة على شعب أيرلندا.
تلك الأسباب التي كان تقودها القوة التي كانت تحكم الشعب الأيرلندي آنذاك، والتي لم تفعل شيئاً لهم لتجاوز محنة المجاعة، بل على العكس رفضت بريطانيا المساعدات التي قدمتها لهم بعض الدول، بل وقامت بإلغاء بعض القوانين الجمركية ما تسبب في رفع أسعار السلع الغذائية الأساسية مثل الذرة والخبر، كما استمرت في اجبار التجار على تصدير الحبوب من أيرلندا إلى بريطانيا حتى عندما كان الشعب الأيرلندي يموت من جوعه!
مقالات ذات صلةوقد عاش ملايين الأيرلنديين نتيجة ذلك في ظروف بائسة جعلت العداء يتنامى تجاه الاستعمار البريطاني، وجعل الشعور بالقومية الوطنية يزداد مع العمل على تحرير البلاد من الغطرسة والظلم البريطاني، تماماً كما يعمل كل استعمار أعمى بطبعه على ترسيخ هذه المفاهيم والقيم لدى الشعوب المقهورة حتى يجعلها تقتلعه من بين ظهرانيها، وهو ما فعله الشعب الأيرلندي عندما ثار مرات عديدة ضد ظلم الاحتلال ودفع الكثير من أرواح شعبه حتى تحققت له حريته ونجح في انتزاعها بإعلان استقلاله في النهاية، ومن هنا نرى كيف كانت إحدى الدول الكبرى مدعية الحرية وحقوق الإنسان تعمل كل جهدها لإلغاء وجود شعب أيرلندا كشعب مستقل له الحق في العيش بحرية وكرامة برغم أنه يدين بذات الديانة التي يدين بها المستعمر، لكن سوء حظه أنه ينتمي لطائفة مختلفة في الديانة ذاتها وهي الطائفة المسيحية الكاثوليكية المختلفة عن عقيدة بريطانيا المسيحية ذات الأغلبية البروتستانتية، حتى أن هذا جعل بريطانيا تفصل شمال أيرلندا لتأسيس أيرلندا الشمالية فيها بحجة تطابق عقيدتها الدينية مع بريطانيا وتضمها إلى بريطانيا لفصلها عن أيرلندا ذات الأغلبية الكاثوليكية، وهو كما هو متوقع دائماً ما أدى لحروب أهلية ونزاعات مستمرة إلى يومنا هذا بين جمهورية أيرلندا والجزء الشمالي منها أو أيرلندا الشمالية.
ومن هنا نرى لا نستغرب عندما نعرف مثل هذه الحقائق التاريخية عن ذات الدولة الكبرى التي قامت باستغلال هيمنتها العسكرية وقوتها الاستعمارية في إنتزاع أرض ليست لها وسرقتها من شعبها الأصلي في وعد بما لا تملكه لمن لا يستحقه، لإقامة دولة احتلال مزعومة فوق تراب أرض فلسطين، ثم دعم هذه الاحتلال بكافة الطرق ليبقى مندوباً لها وللدول الكبرى مثيلاتها في السياسات والأساليب الملتوية لتنفيذ مؤامرتهم على المنطقة وشعوبها، وهو ما يتكشف في فلسطين منذ سنوات طويلة عياناً بياناً وينفضح بشكل أكبر مع كل جريمة يرتكبها هذا الاحتلال المستمر في جرائمه بحق الشعب الفلسطيني منذ عشرات السنين، وممارساته المستمرة لمحو أي أثر أو قومية له، وإسكات أي أصوات تنادي بحريته وكرامته واستقلاله، تماماً كما فعل من قام على تأسيس هذا الاحتلال مع كل الشعوب التي استعمرها واحتل أراضيها من قبله، ولذلك لا نستغرب ممارسات هذا الاحتلال المجرم مهما بلغت من الخسة والدناءة والفظاعة فهو لم يتعلم إلا من أمثاله من المستعمرين، وقصصهم تؤكد ذلك من الجزائر لأيرلندا وصولاً إلى كل بقعة عانت من احتلالهم وجرائمهم في هذا العالم، وآخرها أرض فلسطين، أرض البطولة والصمود والإباء، ولكننا لن نستغرب أيضاً نتيجة ذلك والتي كانت متشابهة على الدوام، فمهما نجح الاحتلال في إسكات صوت الحق والحرية ولو لسنوات طويلة، سيخرج له ولو من بين الركام من سيقلب الأرض فوق رأسه يوماً، ليحرر الأرض ويطرد المحتل ويدحره منها مهزوماً مخذولاً بإذن الله، سلاماً لكم يا أهل فلسطين، وسلاماً لجميل صبركم وصمودكم، يا من تعلمون العالم معنى الصبر والصمود والتحدي والكرامة والإباء.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الجزائر الاستعمار الفرنسي الشعب الجزائري إجرام
إقرأ أيضاً:
بريطانيا تستضيف قمة افتراضية لتعزيز السلام في أوكرانيا
يعقد رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، السبت قمة افتراضية في لندن بمشاركة نحو 25 قائدًا عالميًا، لمناقشة سبل الحفاظ على السلام في أوكرانيا في حال التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع روسيا، التي اعتبرها ستارمر "غير جادة بشأن السلام".
ووفقا لبيان صادر عن داونينغ ستريت، ستشارك دول أوروبية عدة إلى جانب أوكرانيا، وحلف الناتو، والمفوضية الأوروبية، وكندا، وأستراليا في الاجتماع، الذي يهدف إلى تحديد الخطوط العريضة لتحالف دولي "لدعم سلام عادل ودائم" في أوكرانيا.
ضغط أميركي وموقف متردد من موسكو
تأتي القمة في ظل دعوات أميركية متزايدة لهدنة، حيث مارست واشنطن ضغوطا كبيرة على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي وافق الثلاثاء الماضي على وقف مؤقت للأعمال العدائية لمدة 30 يوما، بشرط أن تلتزم روسيا بذلك أيضا.
لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبدى تحفظات بشأن الهدنة، مشيرا إلى وجود "قضايا مهمة" يجب حلها قبل وقف إطلاق النار.
وفي هذا السياق، قال ستارمر في بيان مساء الجمعة: "تجاهل الكرملين التام لمقترح الرئيس ترامب بشأن وقف إطلاق النار يثبت أن بوتين غير جاد بشأن السلام".
ويقود ستارمر، إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، جهودًا لتشكيل تحالف من الدول الداعمة لأوكرانيا، خاصة بعد بدء ترامب مفاوضات مباشرة مع موسكو في فبراير الماضي.
ويهدف اجتماع السبت، وفقًا لداونينغ ستريت، إلى "تعميق فهم كيفية مساهمة الدول في هذا التحالف، قبل جلسة تخطيط عسكري مرتقبة الأسبوع المقبل".
ومن المتوقع أن تتنوع مساهمات الدول بين إرسال قوات – وهو التزام أبدت باريس ولندن استعدادها له – وتقديم دعم لوجستي إضافي.
وقال ستارمر: "إذا جلست روسيا أخيرا إلى طاولة المفاوضات، يجب أن نكون مستعدين لمراقبة وقف إطلاق النار لضمان أن يكون سلاما جادا ودائما". كما شدد على ضرورة فرض مزيد من الضغوط الاقتصادية على روسيا في حال رفضها الاتفاق الأميركي.
في المقابل، أكد بوتين أن أي تسوية يجب أن تضمن "سلاما طويل الأمد"، في إشارة إلى مطالبته بضمان عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي.
بدوره، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن قمة السبت ستسعى إلى "تعزيز الدعم لأوكرانيا والعمل من أجل سلام متين ودائم"، داعيًا روسيا إلى "وقف انتهاكاتها" في أوكرانيا.