البوابة نيوز:
2025-07-05@23:21:58 GMT

الحوار هو الحل

تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT

الأمة التي تفتقد إلى أدب الحوار وقواعده لا يمكن أن يعرف التقدم والتحضر إليها سبيلًا. ولقد حثت جميع الأديان السماوية على غرس قيمة أدب الحوار بين المختلفين؛ نظرا إلى أهميتها. وقديما قالوا "اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية"، كما قيل- أيضا- "رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب". هذه هي الأدبيات والقيم التي من المفترض أن تنشأ عليها المجتمعات الإنسانية.

ولعل المجتمع المصري- عبر تاريخه الطويل- يمثل نموذجا فريدا في تأكيد قيمة الحوار، واحترام آراء المختلفين معك. غير أنه في الفترة الأخيرة التي سيطرت فيها تيارات الإسلام السياسي بتصارعاتها وتحزباتها على المشهد المصري إلى حد كبير، إلى جانب عوامل أخرى بنيوية وثقافية، كل هذا أدى إلى تغير الخريطة الثقافية المصرية بعض الشيء، كما حدث زلزال عنيف ضرب بنسيج القيم الاجتماعية، والتي كان على رأسها قيمة أدب الحوار بين المختلفين. لذلك رأيت أهمية تخصيص عدد من المقالات للتعرض لمعالجة هذا الأمر الذي يعوق تقدمنا، بل يعيدنا إلى قرون فكرية مظلمة. ولقد زادت حل التشنج الحواري فيما بعد عام 2011، فخلال هذه الفترة أصبح الرأي يفرض بالقوة، قوة الصوت، وقوة الحشد، وقوة الأتباع، بدلا من قوة الحجج والبراهين والأدلة. أصبحنا مؤخرا نأمل أن نستدعي الحالة الحوارية والفكرية والعقلية التي كانت تسود المجتمع المصري بدايات القرن العشرين. نحن في أمس الحاجة لاحترام حق الاختلاف بين الشباب والشيوخ، (عمريا)، بين الرجال والنساء (جندريا)، وبين الطالب والأستاذ (فكريا)، وبين المسلم والمسيحي، والمسلم واليهودي (دينيا)، بل بين المسلم والمسلم (اعتقاديا)، وبين مشجعي الأهلي ومشجعي الزمالك (رياضيا). إلى غير ذلك من الثنائيات المجتمعية، التي تبدو مختلفة أحيانا، أو متناقضة أحيانا أخرى، وفي حقيقة الأمر هي ليست كذلك، بل هي ثنائيات كل طرف منها يكمل الطرف الآخر، بل كلٌ منهما في أمس الحاجة للآخر، إذ لا يستطيع أي منهما العيش دون الآخر، بل لا تكون للحياة متعة دون في وجود أي منهما دون الآخر. وسوف أستهل طرح أول هذه الثنائيات من خلال ثنائية الشباب والشيوخ.

ثنائية الشباب والشيوخ (1)

يحدد الموروث الشعبي المصري العلاقة بين الصغير والكبير، أو بين الشباب والشيوخ، من خلال قانونين شعبيين مهمين، يمثلان قيمتين اجتماعيتين بارزتين، أول هذين المثلين، يقول: "إن كبر ابنك.. خاويه"، فهذا المثل الشعبي يحدد طبيعة العلاقة بين الشباب والشيوخ، هذه العلاقة التي قد تكون أسرية، بين الأب وابنه، أو فكرية بين الأستاذ وتلميذه. وهي علاقة ينبغي أن يسودها احترام الأكبر سنا (الأب أو الأستاذ) للأصغر سنا (الابن أو التلميذ)، فلا يسفِّه الكبير من رأي الصغير، أو يحقر من شأنه أو دوره، بل عليه أن يدعمه، ويوجهه، ويفرح بنجاحه، وألا يعتبره خصما أو منافسا أو منازعا له، سواء داخل البيت أو الجامعة، أو في أي مكان يجمع بين هاتين الفئتين العمريتين. ويأتي ثاني هذين المثلين ليحكم علاقة الأصعر سنا بالأكبر سنا، فيقول المثل الشعبي: "العين ما تعلاش عن الحاجب". فهذا المثل موجه للشباب (مثل الأبناء أو طلاب العلم) بألا ينخدعوا بشبابهم أو طاقتهم، أو بما تحصلوه من معارف، لم تتح الظروف للكبار أن يتحصلوا عليها. فهذا المثل رسالة اجتماعية موجهة إلى الشباب بأن يحترموا الكبير ويوقروه، وألا يأخذهم الغرور فيسيئوا التصرف والتعامل معهم، فيهتز النسيج الاجتماعي، مما يهدد استقراره. على هذا النحو الفلسفة الشعبية طبيعة علاقة الصغير بالكبير، وكذلك الكبير بالصغير، فإذا كان أول المثلين يوجب استيعاب الكبير لهنات الصغير وطيشه وتمرده أحيانا، فإن ثاني المثلين يفرض على الصغير ضرورة احترام الكبير، وإن صدر منه ما يعكر صفو هذا الاحترام. مثل هذه العلاقة القائمة على الاحترام المتبادل بين فئتي الشباب والشيوخ، تجعل المجتمع أكثر استقرارا، وقابلية لإقامة  حوار خلاق بينهما، يفيد منه المجتمع ككل، بدلا من حالة الصراع بين الأجيال التي يمكن أن تهدد أواصر المجتمع؛ حيث يحاول كل منهما إثبات ذاته، وأحقيته وأهليته. ولعل في حكاية "الملك اللي أمر بقتل العواجيز"، ما يرسخ لحالة الحوار، بدلا من الصراع بين الأجيال. وهو ما سنستكمله في مقالنا السابق. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أدب الحوار الأديان السماوية الشباب والشیوخ

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية الصيني: الحل العسكري لأزمة البرنامج النووي الإيراني يهدد العالم بكارثة نووية

الصين – أكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي أن اللجوء إلى القوة العسكرية لن يحل الأزمة المتعلقة ببرنامج إيران النووي، محذرا من أن القصف الأمريكي للمنشآت النووية الإيرانية يهدد بكارثة نووية.

وقال وانغ يي، خلال مؤتمر صحفي مشترك في باريس مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو: “القصف الأمريكي السافر لمنشآت نووية في دولة ذات سيادة مثل إيران يمكن أن يؤدي إلى كارثة نووية سيدفع ثمنها العالم بأسره”، مشددا على أن “الحرب لا يمكن أن تحل المشكلة الإيرانية”.

وأعرب وزير الخارجية الصيني عن ثقته بأن “طهران لا تسعى إلى تطوير أسلحة نووية”، مؤكدا في الوقت نفسه “دعم بلاده لحق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة الذرية”، مضيفا: “القوة لا تجلب سلاما حقيقيا، بل قد تفتح صندوق باندورا (صندوق الشرور)”

يذكر أن منطقة الشرق الأوسط شهدت تصعيدا خطيرا في 13 يونيو الماضي، حين أطلقت إسرائيل عملية عسكرية ضد إيران، تلتها هجمات متبادلة. وبعد تسعة أيام من التصعيد، دخلت الولايات المتحدة على خط المواجهة، إذ شنت في 22 يونيو ضربات جوية على ثلاثة مواقع نووية إيرانية.

وفي 23 يونيو، ردّت طهران بهجوم صاروخي على قاعدة “العديد” الأمريكية في قطر، وهي أكبر قاعدة جوية أمريكية في الشرق الأوسط. ووفقًا للسلطات الأمريكية، لم تسفر الضربة عن إصابات أو أضرار كبيرة.

وفي تطور لاحق، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن إيران وإسرائيل توصّلتا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، دخل حيّز التنفيذ في 24 يونيو.

المصدر: تاس

مقالات مشابهة

  • حوارات للأردن عون مساحة حوار آمنة للحوار بين الشباب وصنّاع القرار لتعزيز المشاركة الوطنية
  • النجيفي:الحشد الشعبي سيذهب إلى مزبلة التاريخ والعار
  • وزير الخارجية الصيني: الحل العسكري لأزمة البرنامج النووي الإيراني يهدد العالم بكارثة نووية
  • الفنيش: الرؤية الأمريكية للحل في ليبيا غير واضحة     
  • مهارات السيطرة على الانفعال والغضب :
  • الممارسات الخادشة للحياء الصادرة عن مغني له جمهور .. بين الرفض والقبول
  • «شباب شرطة الشارقــة» يناقش الوقاية من الإدمان
  • حضرموت.. بين المعاناة والصمود: ما الحل؟
  • حزب طالباني:الحل المؤقت لأزمة رواتب الإقليم بداية لحل دائمي
  • ورقة برّاك تصطدم برفض حزب الله وبن فرحان في بيروت تشجيعا لانجاز خارطة الحل المطلوبة