البوابة نيوز:
2025-10-28@08:27:03 GMT

الحوار هو الحل

تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT

الأمة التي تفتقد إلى أدب الحوار وقواعده لا يمكن أن يعرف التقدم والتحضر إليها سبيلًا. ولقد حثت جميع الأديان السماوية على غرس قيمة أدب الحوار بين المختلفين؛ نظرا إلى أهميتها. وقديما قالوا "اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية"، كما قيل- أيضا- "رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب". هذه هي الأدبيات والقيم التي من المفترض أن تنشأ عليها المجتمعات الإنسانية.

ولعل المجتمع المصري- عبر تاريخه الطويل- يمثل نموذجا فريدا في تأكيد قيمة الحوار، واحترام آراء المختلفين معك. غير أنه في الفترة الأخيرة التي سيطرت فيها تيارات الإسلام السياسي بتصارعاتها وتحزباتها على المشهد المصري إلى حد كبير، إلى جانب عوامل أخرى بنيوية وثقافية، كل هذا أدى إلى تغير الخريطة الثقافية المصرية بعض الشيء، كما حدث زلزال عنيف ضرب بنسيج القيم الاجتماعية، والتي كان على رأسها قيمة أدب الحوار بين المختلفين. لذلك رأيت أهمية تخصيص عدد من المقالات للتعرض لمعالجة هذا الأمر الذي يعوق تقدمنا، بل يعيدنا إلى قرون فكرية مظلمة. ولقد زادت حل التشنج الحواري فيما بعد عام 2011، فخلال هذه الفترة أصبح الرأي يفرض بالقوة، قوة الصوت، وقوة الحشد، وقوة الأتباع، بدلا من قوة الحجج والبراهين والأدلة. أصبحنا مؤخرا نأمل أن نستدعي الحالة الحوارية والفكرية والعقلية التي كانت تسود المجتمع المصري بدايات القرن العشرين. نحن في أمس الحاجة لاحترام حق الاختلاف بين الشباب والشيوخ، (عمريا)، بين الرجال والنساء (جندريا)، وبين الطالب والأستاذ (فكريا)، وبين المسلم والمسيحي، والمسلم واليهودي (دينيا)، بل بين المسلم والمسلم (اعتقاديا)، وبين مشجعي الأهلي ومشجعي الزمالك (رياضيا). إلى غير ذلك من الثنائيات المجتمعية، التي تبدو مختلفة أحيانا، أو متناقضة أحيانا أخرى، وفي حقيقة الأمر هي ليست كذلك، بل هي ثنائيات كل طرف منها يكمل الطرف الآخر، بل كلٌ منهما في أمس الحاجة للآخر، إذ لا يستطيع أي منهما العيش دون الآخر، بل لا تكون للحياة متعة دون في وجود أي منهما دون الآخر. وسوف أستهل طرح أول هذه الثنائيات من خلال ثنائية الشباب والشيوخ.

ثنائية الشباب والشيوخ (1)

يحدد الموروث الشعبي المصري العلاقة بين الصغير والكبير، أو بين الشباب والشيوخ، من خلال قانونين شعبيين مهمين، يمثلان قيمتين اجتماعيتين بارزتين، أول هذين المثلين، يقول: "إن كبر ابنك.. خاويه"، فهذا المثل الشعبي يحدد طبيعة العلاقة بين الشباب والشيوخ، هذه العلاقة التي قد تكون أسرية، بين الأب وابنه، أو فكرية بين الأستاذ وتلميذه. وهي علاقة ينبغي أن يسودها احترام الأكبر سنا (الأب أو الأستاذ) للأصغر سنا (الابن أو التلميذ)، فلا يسفِّه الكبير من رأي الصغير، أو يحقر من شأنه أو دوره، بل عليه أن يدعمه، ويوجهه، ويفرح بنجاحه، وألا يعتبره خصما أو منافسا أو منازعا له، سواء داخل البيت أو الجامعة، أو في أي مكان يجمع بين هاتين الفئتين العمريتين. ويأتي ثاني هذين المثلين ليحكم علاقة الأصعر سنا بالأكبر سنا، فيقول المثل الشعبي: "العين ما تعلاش عن الحاجب". فهذا المثل موجه للشباب (مثل الأبناء أو طلاب العلم) بألا ينخدعوا بشبابهم أو طاقتهم، أو بما تحصلوه من معارف، لم تتح الظروف للكبار أن يتحصلوا عليها. فهذا المثل رسالة اجتماعية موجهة إلى الشباب بأن يحترموا الكبير ويوقروه، وألا يأخذهم الغرور فيسيئوا التصرف والتعامل معهم، فيهتز النسيج الاجتماعي، مما يهدد استقراره. على هذا النحو الفلسفة الشعبية طبيعة علاقة الصغير بالكبير، وكذلك الكبير بالصغير، فإذا كان أول المثلين يوجب استيعاب الكبير لهنات الصغير وطيشه وتمرده أحيانا، فإن ثاني المثلين يفرض على الصغير ضرورة احترام الكبير، وإن صدر منه ما يعكر صفو هذا الاحترام. مثل هذه العلاقة القائمة على الاحترام المتبادل بين فئتي الشباب والشيوخ، تجعل المجتمع أكثر استقرارا، وقابلية لإقامة  حوار خلاق بينهما، يفيد منه المجتمع ككل، بدلا من حالة الصراع بين الأجيال التي يمكن أن تهدد أواصر المجتمع؛ حيث يحاول كل منهما إثبات ذاته، وأحقيته وأهليته. ولعل في حكاية "الملك اللي أمر بقتل العواجيز"، ما يرسخ لحالة الحوار، بدلا من الصراع بين الأجيال. وهو ما سنستكمله في مقالنا السابق. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أدب الحوار الأديان السماوية الشباب والشیوخ

إقرأ أيضاً:

افتتاح المتحف المصري الكبير.. وزير الشباب: يجسد رؤية القيادة السياسية في بناء الجمهورية الجديدة

يُعد افتتاح المتحف المصري الكبير حدثًا تاريخيًا استثنائيًا يعكس عظمة مصر وحضارتها التي تمتد جذورها لآلاف السنين، ويمثل رسالة جديدة للعالم تؤكد أن مصر ماضية بثبات نحو المستقبل، مستندة إلى ماضيها العريق وحاضرها الزاهر.

إن هذا الصرح الحضاري العملاق لا يُجسد فقط أعظم كنوز الإنسانية من آثار الفراعنة، بل يُجسد أيضًا رؤية القيادة السياسية الحكيمة في بناء الجمهورية الجديدة التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وتضع الثقافة والهوية المصرية في مقدمة أولويات التنمية المستدامة.

ويُعد المتحف المصري الكبير إضافة كبرى إلى خريطة المقاصد السياحية والثقافية العالمية، ومحورًا أساسيًا في تعزيز القوة الناعمة لمصر، التي طالما ألهمت شعوب العالم بتاريخها وفنونها وإنجازاتها.

إن وزارة الشباب والرياضة تنظر إلى هذا الافتتاح العظيم باعتباره مصدر فخر واعتزاز لكل شاب مصري، ونموذجًا يُحتذى به في الإبداع والإنجاز، ويعكس روح التحدي والإصرار التي يتميز بها أبناء الوطن.

وبهذه المناسبة، أتوجه بخالص التهنئة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، على هذا الإنجاز التاريخي، وإلى كل القائمين على تنفيذ هذا المشروع الحضاري العملاق، الذي يؤكد أن مصر كانت وستظل مهد الحضارة وموئل الإبداع الإنساني.

اقرأ أيضاًباقي 4 أيام.. تعرف على أسعار تذاكر المتحف المصري الكبير

قالوا عن المتحف المصري الكبير.. وزيرة التنمية المحلية في مقال لوكالة أنباء الشرق الأوسط

افتتاح المتحف المصري الكبير.. حدث القرن على المستويين الثقافي والحضاري

مقالات مشابهة

  • المجتمع المدني والشباب العربي.. مؤتمر الجامعة العربية للاحتفال بمرور 80 عامًا على التأسيس
  • أوقفوا غلاء المهور
  • افتتاح المتحف المصري الكبير.. وزير الشباب: يجسد رؤية القيادة السياسية في بناء الجمهورية الجديدة
  • انطلاق مؤتمر "المجتمع المدني والشباب العربي" احتفالًا بمرور 80 عامًا على تأسيس الجامعة العربية
  • لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني أدانت الجريمة التي أدت إلى مقتل الشاب إيليو إرنستو أبو حنا
  • نقيب الأشراف: الأمة العربية لن تتجاوز العقبات إلا بتضافر الجهود
  • مجلس الشباب العربي يناقش تعزيز الحوار المشترك حول قضايا النشء.. غدا
  • الأوقاف تعقيبا على واقعة السويس: توقير الكبير مروءة ورجولة وأخلاق رفيعة
  • انطلاق ورش العمل وجلسات الحوار بقمة مصر المستدامة للشباب 2025 بالجامعة الأمريكية بالقاهرة..صور
  • بشراكة وزارة الشباب والرياضة.. انطلاق جلسات الحوار بقمة مصر المستدامة