الأمة التي تفتقد إلى أدب الحوار وقواعده لا يمكن أن يعرف التقدم والتحضر إليها سبيلًا. ولقد حثت جميع الأديان السماوية على غرس قيمة أدب الحوار بين المختلفين؛ نظرا إلى أهميتها. وقديما قالوا "اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية"، كما قيل- أيضا- "رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب". هذه هي الأدبيات والقيم التي من المفترض أن تنشأ عليها المجتمعات الإنسانية.
ثنائية الشباب والشيوخ (1)
يحدد الموروث الشعبي المصري العلاقة بين الصغير والكبير، أو بين الشباب والشيوخ، من خلال قانونين شعبيين مهمين، يمثلان قيمتين اجتماعيتين بارزتين، أول هذين المثلين، يقول: "إن كبر ابنك.. خاويه"، فهذا المثل الشعبي يحدد طبيعة العلاقة بين الشباب والشيوخ، هذه العلاقة التي قد تكون أسرية، بين الأب وابنه، أو فكرية بين الأستاذ وتلميذه. وهي علاقة ينبغي أن يسودها احترام الأكبر سنا (الأب أو الأستاذ) للأصغر سنا (الابن أو التلميذ)، فلا يسفِّه الكبير من رأي الصغير، أو يحقر من شأنه أو دوره، بل عليه أن يدعمه، ويوجهه، ويفرح بنجاحه، وألا يعتبره خصما أو منافسا أو منازعا له، سواء داخل البيت أو الجامعة، أو في أي مكان يجمع بين هاتين الفئتين العمريتين. ويأتي ثاني هذين المثلين ليحكم علاقة الأصعر سنا بالأكبر سنا، فيقول المثل الشعبي: "العين ما تعلاش عن الحاجب". فهذا المثل موجه للشباب (مثل الأبناء أو طلاب العلم) بألا ينخدعوا بشبابهم أو طاقتهم، أو بما تحصلوه من معارف، لم تتح الظروف للكبار أن يتحصلوا عليها. فهذا المثل رسالة اجتماعية موجهة إلى الشباب بأن يحترموا الكبير ويوقروه، وألا يأخذهم الغرور فيسيئوا التصرف والتعامل معهم، فيهتز النسيج الاجتماعي، مما يهدد استقراره. على هذا النحو الفلسفة الشعبية طبيعة علاقة الصغير بالكبير، وكذلك الكبير بالصغير، فإذا كان أول المثلين يوجب استيعاب الكبير لهنات الصغير وطيشه وتمرده أحيانا، فإن ثاني المثلين يفرض على الصغير ضرورة احترام الكبير، وإن صدر منه ما يعكر صفو هذا الاحترام. مثل هذه العلاقة القائمة على الاحترام المتبادل بين فئتي الشباب والشيوخ، تجعل المجتمع أكثر استقرارا، وقابلية لإقامة حوار خلاق بينهما، يفيد منه المجتمع ككل، بدلا من حالة الصراع بين الأجيال التي يمكن أن تهدد أواصر المجتمع؛ حيث يحاول كل منهما إثبات ذاته، وأحقيته وأهليته. ولعل في حكاية "الملك اللي أمر بقتل العواجيز"، ما يرسخ لحالة الحوار، بدلا من الصراع بين الأجيال. وهو ما سنستكمله في مقالنا السابق.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أدب الحوار الأديان السماوية الشباب والشیوخ
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية الصيني: الحل العسكري لأزمة البرنامج النووي الإيراني يهدد العالم بكارثة نووية
الصين – أكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي أن اللجوء إلى القوة العسكرية لن يحل الأزمة المتعلقة ببرنامج إيران النووي، محذرا من أن القصف الأمريكي للمنشآت النووية الإيرانية يهدد بكارثة نووية.
وقال وانغ يي، خلال مؤتمر صحفي مشترك في باريس مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو: “القصف الأمريكي السافر لمنشآت نووية في دولة ذات سيادة مثل إيران يمكن أن يؤدي إلى كارثة نووية سيدفع ثمنها العالم بأسره”، مشددا على أن “الحرب لا يمكن أن تحل المشكلة الإيرانية”.
وأعرب وزير الخارجية الصيني عن ثقته بأن “طهران لا تسعى إلى تطوير أسلحة نووية”، مؤكدا في الوقت نفسه “دعم بلاده لحق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة الذرية”، مضيفا: “القوة لا تجلب سلاما حقيقيا، بل قد تفتح صندوق باندورا (صندوق الشرور)”
يذكر أن منطقة الشرق الأوسط شهدت تصعيدا خطيرا في 13 يونيو الماضي، حين أطلقت إسرائيل عملية عسكرية ضد إيران، تلتها هجمات متبادلة. وبعد تسعة أيام من التصعيد، دخلت الولايات المتحدة على خط المواجهة، إذ شنت في 22 يونيو ضربات جوية على ثلاثة مواقع نووية إيرانية.
وفي 23 يونيو، ردّت طهران بهجوم صاروخي على قاعدة “العديد” الأمريكية في قطر، وهي أكبر قاعدة جوية أمريكية في الشرق الأوسط. ووفقًا للسلطات الأمريكية، لم تسفر الضربة عن إصابات أو أضرار كبيرة.
وفي تطور لاحق، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن إيران وإسرائيل توصّلتا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، دخل حيّز التنفيذ في 24 يونيو.
المصدر: تاس