أحلام إيران التوسعية فى السيطرة على منطقة الخليج والشرق الأوسط لا تتوقف، والتحكم فى البحر الأحمر حلم إيرانى هدفه دول الخليج وأمريكا ومصر.. فالهدف الأول الخليج وصراع لا ينتهى منذ فترات طويلة، ومواجهة دامت سنوات على أرض اليمن، أما الثاني فيعتبر ورقة ضغط قوية على واشنطن التى تستغل كل الفرص للضغط على إيران وفرض العقوبات الاقتصادية والدولية عليها، والثالث مصر وهو ما سنتحدث بشأنه لاحقًا عبر هذه السطور.
بدأت إيران بالتخطيط لحلمها الجديد من خلال الحوثيين عبر محاولات فرض السيطرة على باب المندب وضرب السفن التى تحمل الأعلام الإسرائيلية متحججة بأنها تقاتل من أجل غزة، والهدف هو زعزعت استقرار عمليات الملاحة عبر هذا الشريان الدولى المهم.
الجرأة التى بدا عليها الحوثيون مرجعها فى المقام الأول أن لديهم قناعة أن أمريكا لا ترغب فى توسيع دائرة النزاع فى المنطقة عبر الخروج بعيدًا عن غزة، ولأن توسيع بؤر الصراع قد تهدد استقرار العالم أجمع.
ثانيًا: أن طبيعة الأراضى اليمنية تشبه تضاريس أفغانستان إلى حد كبير، وأمريكا لها تجربة سيئة هناك ستجعلها تفكر كثيرًا قبل الإقدام على هذه الخطوة.
ثالثًا: أن دول الخليج خاصة السعودية والإمارات لديهما تجربة مريرة فى اليمن تجعلهما يفكران ألف مرة قبل الإقدام على مواجهة جديدة مع الحوثيين.
ويبقى الأهم وهو أن تلك المناوشات ذات تأثير بالغ على مصر وخاصة على قناة السويس التى وصلت إيراداتها فى العام 2022-2023 إلى ما يقرب من 9 مليارات دولار بزيادة قدرها 25% عن العام الأسبق، والتى بلغت 7 مليارات دولار، وسجل إجمالى إيرادات مصر من قناة السويس خلال آخر 10 سنوات ارتفاعا قدره 63%.
الأرقام السابقة تعنى أننا نتحدث عن واحد من أهم موارد مصر، وما يحدث فى باب المندب يؤثر تأثيرًا مباشرًا على قناة السويس التى ستدفع ثمن قرصنة الحوثيين فى مياه البحر الأحمر.
الأمر امتد إلى شركات الشحن التى بدأت تتجنب المرور عبر الممر الملتهب، والأخطر أن شركات التأمين رفعت القيمة التأمينية على الناقلات فى البحر الأحمر لارتفاع نسبة المخاطر، والذى ينعكس بالطبع على ثمن الشحنة وزيادة التكلفة، مما دفع العديد من الشركات إلى اللجوء لطريق رأس الرجاء الصالح الأطول مسافة والأكثر تكلفة ما يؤدى إلى خسائر لقناة السويس، وكلما زادت الضربات ارتفعت الخسائر.
ومن جانبها كشفت مؤسسة «إس إس أمريكا»، أن السفن أصبحت تأخذ إجراءات أمنية كبيرة مما يؤدى إلى زيادة فى تكلفة الشحن.. وفى المقابل هذه المشكلات التى تحدث عند باب المندب تسببت فى ازدحام بقناة السويس بسبب تباطؤ السفن فى التحرك نظرًا للمخاوف الأمنية، وأنها تنتظر الوقت المناسب للتحرك مما يؤثر على حركة المرور فى القناة.
باختصار.. يبدو أن الحديث عن مضيق باب المندب سوف يكون حديث الأيام المقبلة، خاصة بعد استهداف الحوثيين لسفينتين متجهتين إلى الكيان الصهيونى بصاروخين بحريين، حيث تحركت عدة قوى دولية من أجل حماية السفن التى تمر فى المضيق وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا مما ينذر بحدوث تبعات دولية خطيرة خلال الفترة المقبلة.
تبقى كلمة.. الأرقام والإحصائيات تكشف أهمية الشريان الدولى المهم «باب المندب»، حيث أوضحت إدارة معلومات الطاقة أن 12% من إجمالى النفط المنقول بحرًا فى النصف الأول من العام الجارى، بالإضافة إلى 8% من تجارة الغاز الطبيعى المسال مرت من باب المندب وخط أنابيب سوميد وقناة السويس، كما أن 40% من التجارة العالمية تمر من هذا المضيق.
ويعد باب المندب امتدادا لقناة السويس وهنا تكمن أهميته إقليميًا ودوليًا، حيث يمر عبره نحو 6.2 مليون برميل من النفط الخام يوميًا، وحوالى 25 ألف سفينة سنويًا بمعدل 57 سفينة يوميًا.
تسعى واشنطن إلى تشكيل قوة دولية كبيرة لحماية حركة التجارة المارة فى المضيق، من أجل التصدى للهجمات التى يشنها الحوثيون على السفن وتهدد بتصاعد التوترات فى المنطقة.
ويبقى الله مع مصر التى تقف شامخة وصامدة على أطراف حدود ملتهبة تنذر بالانفجار بين عشية وضحاها.. حفظ الله مصر وجيشها وشعبها فى رباط إلى يوم الدين.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: باختصار السيطرة باب المندب
إقرأ أيضاً:
ماذا كشفت تسريبات سيغنال عن الهجمات الأمريكية على الحوثيين في اليمن؟
كشفت محادثة جماعية صادمة، شارك فيها مسؤولون من إدارة الرئيس الأمريكي ترامب لمناقشة خطط قتالية أمريكية، بشكل صارخ وغير معتاد، عن ما تأمل إدارة ترامب تحقيقه من خلال الغارات الجوية هذا الشهر ضد الحوثيين في اليمن.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" وترجمته "عربي21"، فقد قال بعض المشاركين في المحادثة؛ إن الهجمات كانت تهدف إلى ردع الحوثيين عن مهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر، وإعادة فتح ممرات الشحن إلى قناة السويس.
وقال أحد المشاركين، الذي تبيّن أنه مايكل والتز، مستشار الأمن القومي للرئيس ترامب: "سواء كان ذلك الآن أو بعد عدة أسابيع من الآن، سيتعين على الولايات المتحدة إعادة فتح ممرات الشحن هذه".
لكن الآمال رفيعة المستوى التي عبر عنها في محادثة عبر تطبيق "سيغنال"، والتي أصبحت علنية بعد إضافة رئيس تحرير مجلة "ذي أتلانتك" إليها عن غير قصد، قد تصطدم بالواقع، وفقا للتقرير.
إظهار أخبار متعلقة
يقول خبراء في شؤون الشرق الأوسط؛ إن الحوثيين المدعومين من إيران لن يهزموا بسهولة. قليل من الحروب قد تم الانتصار بها عبر القوة الجوية وحدها، ويقول بعض الخبراء العسكريين؛ إن الأمر لن يختلف مع الحوثيين.
كما أن شركات الشحن الكبرى لا ترغب في العودة إلى البحر الأحمر. لقد وجدوا حلا بديلا، وإن كان غير مريح ومكلف، يسمح لهم بتجنب تلك الممرات وتسليم البضائع في الوقت المحدد.
ونقلت الصحيفة عن جيمس هولمز، رئيس "جيه. سي. وايلي للاستراتيجية البحرية" في كلية الحرب البحرية في رود آيلاند، قوله؛ إنه حتى خلال الحرب الأمريكية لإخراج العراق من الكويت عام 1991، عندما كانت القوة الجوية في ذروتها، كان الغزو البري ضروريا، وقد تتطلب هزيمة الحوثيين احتلالا.
وأضاف هولمز: "عليك السيطرة على المنطقة لتحقيق النصر". لا يمكن للطائرات احتلال الأراضي، مهما بلغت أهميتها كقدرة دعم للجيوش ومشاة البحرية.
ويقول محللون؛ إن الحوثيين قد يستغلون الضربات العسكرية الأمريكية لتعزيز مواقعهم في اليمن وخارجها، حيث تكبد وكلاء إيرانيون آخرون، مثل حزب الله اللبناني، خسائر فادحة على يد إسرائيل.
وقال فارع المسلمي، الباحث اليمني في معهد تشاتام هاوس في لندن؛ إن الضربات الأمريكية الأخيرة "استجابة مباشرة لدعوات الحوثيين للدخول في حرب مع الولايات المتحدة". وأضاف أن الجماعة "تريد جر الولايات المتحدة إلى تصعيد إقليمي أوسع".
وصفت إدارة ترامب الحوثيين بأنهم تهديد لسلامة الأمريكيين وحلفائهم واستقرار التجارة البحرية العالمية. بالإضافة إلى الضربات العسكرية، أعادت الإدارة تصنيف الحوثيين رسميا على أنهم "منظمة إرهابية أجنبية".
وقد تعهد ترامب هذا الشهر بالقضاء التام على الجماعة، وحذر إيران بأن تتوقف "فورا" عن تزويدها بالمعدات العسكرية وتقديم الدعم العام لها.
وتقول إدارة ترامب؛ إن ضرباتها ستكون أكثر فعالية من تلك التي نفذتها إدارة بايدن. وقال مشارك آخر في الدردشة، تبين بأنه وزير الدفاع بيت هيغسيث؛ إن "بايدن دمر" الردع الأمريكي.
مع قصف أعنف، وضربات موجهة ضد قادة الحوثيين، وجهود ناجحة لقطع التدفقات المالية عن الحوثي، قد تنجح الولايات المتحدة. لكن التاريخ ليس حليفها.
ومن عام 2015 إلى عام 2022، قاتل الحوثيون تحالفا بقيادة السعودية، شن حربا لاستعادة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا ومواجهة نفوذ إيران في المنطقة. وحتى لو نجحت الولايات المتحدة في الضغط على إيران للحد من دعمها للحوثيين، فقد أظهر المسلحون قدرتهم على التصرف بشكل مستقل، وفقا للمحللين.
ويرى لوكا نيفولا، كبير المحللين في شؤون اليمن والخليج لدى منظمة "بيانات مواقع الصراعات المسلحة وأحداثها"، وهي مجموعة رصد الأزمات: "صمدت الجماعة في وجه سبع سنوات من الغارات الجوية التي تقودها السعودية، وعام من الغارات الأمريكية في عهد إدارة بايدن، التي لم تسفر عن أي تأثير يذكر".
وقال جيمس هيويت، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، في بيان يوم الأربعاء: "بينما لا تزال هذه العملية مستمرة، فقد تلقينا مؤشرات إيجابية كبيرة من جهودنا، بما في ذلك القضاء على قيادات حوثية رئيسية، وشن ضربات على أكثر من 100 هدف حوثي، بما في ذلك أنظمة دفاع جوي ومقرات ومراكز قيادة وتحكم ومنشآت تصنيع وتخزين الأسلحة".
ويهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر منذ أواخر عام 2023، مستهدفين السفن التي تعتقد الجماعة أنها مرتبطة بإسرائيل، تضامنا مع حماس في غزة. وتبع ذلك فترة من الهدوء النسبي بعد التوصل إلى وقف إطلاق نار مؤقت بين إسرائيل وحماس في كانون الثاني/ يناير. لكن الحوثيين أصدروا بعد ذلك تحذيرا في 12 آذار/ مارس، قائلين؛ إنهم سيستأنفون الهجمات على السفن الإسرائيلية ردا على إغلاق إسرائيل لمعابر غزة وحصارها للمساعدات الإنسانية.
منذ بدء الضربات الأمريكية هذا الشهر، أطلق الحوثيون ما لا يقل عن ثمانية صواريخ باليستية على إسرائيل في الأسبوعين الماضيين، كان آخرها يوم الخميس، على الرغم من اعتراض معظمها. وردت الطائرات الحربية الإسرائيلية بقصف موانئ ومحطة كهرباء في الأراضي اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون.
إظهار أخبار متعلقة
تاريخيا، سعت القوى العظمى إلى حماية الشحن؛ لأن أي انقطاع في تدفقات التجارة العالمية يمكن أن يؤدي إلى نقص في الإمدادات وارتفاع التضخم، مما يتسبب في دمار اقتصادي.
ركز جزء كبير من الدردشة الجماعية بين مسؤولي إدارة ترامب على فتح ممرات الشحن. قال هيغسيث؛ إن "استعادة حرية الملاحة" كانت "مصلحة وطنية أساسية".
ولكن على الرغم من أن الجيش الأمريكي يشن ضربات يومية ضد أهداف حوثية، إلا أن البنتاغون لم يقدم تفاصيل عن الهجمات منذ 17 آذار/ مارس، عندما قال؛ إنه تم ضرب أكثر من 30 هدفا حوثيا في اليوم الأول.
ويقول مسؤولون يمنيون؛ إن الضربات أصابت أيضا مناطق سكنية ومباني في صنعاء، العاصمة، مما تسبب في عدد غير معروف من الضحايا المدنيين.
ونجح الحوثيون إلى حد كبير في تخويف السفن الغربية من البحر الأحمر. منذ أن بدؤوا استهداف السفن في عام 2023، نفذوا حوالي 130 هجوما على السفن التجارية، وفقا لبيانات من مشروع بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة، وهي مجموعة مراقبة الأزمات.
ودفع ذلك سفن الشحن المتجهة من آسيا إلى أوروبا إلى التوقف عن السفر عبر البحر الأحمر وقناة السويس، والتوجه بدلا من ذلك حول الطرف الجنوبي لأفريقيا - وهي رحلة تبلغ حوالي 3500 ميل بحري و10 أيام أطول. ارتفعت تكلفة الشحن بشكل حاد مع سعي الشركات لإعادة تنظيم مساراتها وإضافة المزيد من السفن. ولكن في غضون أشهر، تكيفت مع الرحلات الأطول، وانخفضت أسعار الشحن هذا العام بشكل حاد.
يقول مسؤولو الشحن؛ إنهم لن يعودوا إلى البحر الأحمر حتى يتم التوصل إلى اتفاق سلام في الشرق الأوسط يشمل الحوثيين أو هزيمة المليشيات.
صرح فينسنت كليرك، الرئيس التنفيذي لشركة ميرسك، وهي شركة شحن مقرها الدنمارك، في شباط/ فبراير: "إما تدهور كامل لقدراتهم أو وجود نوع من الاتفاق". ويوم الأربعاء، قال متحدث باسم ميرسك في بيان: "لا تزال أولويتنا هي سلامة بحارتنا وسفننا وشحنات عملائنا".
في الدردشة الجماعية، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، كان هناك خلاف حول ما إذا كان إعادة فتح ممرات الشحن في البحر الأحمر ذات أهمية وطنية بالغة. وأكد أحد المشاركين، الذي تبيّن بأنه نائب الرئيس جيه دي فانس، أن الممرات أكثر أهمية لأوروبا من الولايات المتحدة.
لا تعتمد الولايات المتحدة على قناة السويس؛ لأن تجارتها البحرية مع آسيا تمر عبر المحيط الهادئ، ومع أوروبا، تمر عبر المحيط الأطلسي. لكن محللي الشحن يقولون؛ إن قناة السويس لا تزال ممرا مائيا حيويا للولايات المتحدة.
إظهار أخبار متعلقة
أصبحت أهميتها واضحة في السنوات الأخيرة، عندما تم تقييد أو إغلاق طرق شحن أخرى - قناة بنما التي يطمح إليها ترامب، على سبيل المثال، بشدة، كما قال ريكو لومان، كبير الاقتصاديين في مجال النقل والخدمات اللوجستية والسيارات في ING Research.
وقال لومان: "الشحن البحري سوق عالمي وكل شيء مترابط".
ووفقا للتقرير، فقد انتقد بعض المشاركين في الدردشة أوروبا لعدم بذلها جهودا عسكرية كافية لإعادة فتح البحر الأحمر للشحن. قال فانس: "أكره إنقاذ أوروبا مرة أخرى".
لكن الاتحاد الأوروبي نشر قوة بحرية صغيرة في البحر الأحمر منذ أوائل العام الماضي للدفاع ضد الهجمات، وتم تمديد المهمة إلى شباط/ فبراير المقبل.
قالت جينيفر كافانا، مديرة التحليل العسكري في معهد "أولويات الدفاع"، وهو معهد أبحاث يُفضّل ضبط النفس في السياسة الخارجية؛ إن أوروبا استفادت بالفعل من القوة العسكرية الأمريكية. لكنها أضافت أن الأوروبيين قرروا أنهم قادرون على تحمّل تكاليف الشحن الإضافية، وأنّ بذل جهد عسكري كبير ضد الحوثيين ربما لا يستحق العناء.
وأضافت: "لا ينبغي للولايات المتحدة القيام بعمل عسكري في البحر الأحمر، حتى لو استمرت أوروبا في الامتناع عن ذلك".