الانتخابات الرئاسية ومسئولية حزب الوفد عند استدعاء الوطن
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
فى عمر الأوطان لحظات فارقة، تتجلى فيها المسئوليات، وتعلى فيها القيم والثوابت الوطنية ولا ترى فيها إلا مصلحة الوطن، شاء القدر لهذا البلد العريق مصر، أن يكون محور اهتمام العالم، وأن تكون أحداثه محط أنظار الجميع، منذ أشهر ليست بالبعيدة أعلنت الدولة المصرية عن فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية 2024، وهذا أمر جلل لو تعلمون، وكان قدرنا فى حزب الوفد العريق أن يكون لنا دور وطنى كما كان على مر العصور.
لحظات استدعاء الوطن لا يمكن فيها قبول المواربة، أو مسك العصا من المنتصف، ولكن لزاماً عليك أن تقف وترد الجميل لهذا الوطن، بغض النظر عن النتائج.
لم يكن قرار المشاركة فى تلك الانتخابات هيناً، فقد عارضه العديد من الوفديين ولهم من الحجج والأسانيد ما يدعم وجهة نظرهم المحترمة، ووافق عليه البعض الأخر ولهم أيضاً ما يدعم تلك النظرة الصائبة، وعقب كل هذا خاض حزب الوفد العريق الانتخابات الرئاسية، ليؤكد للعالم أن هناك ديمقراطية راسخة فى هذا البلد منذ آلاف السنين، خاض الوفد الانتخابات ليدحض الشائعات ويرد على المتربصين بالوطن، خاض الوفد الانتخابات ليكون أداة للبناء وليس معولاً للهدم، أعلى الوفد المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، حتى فوق المصلحة الحزبية، لم يلهث الوفد وراء المصالح الضيقة، وكما قلنا دائماً: «لا حياد فى حب الوطن».
دور حزب الوفد لا تسعه سطور ولا مجلدات وإنما محفور فى قلوب المصريين، لا يقبل المزايدات، وانما تكشف حقيقته المواقف التاريخية وتثبته الأيام، لم نتأخر الوفد أبداً عن تلبية نداء الوطن، تقدم رئيسه الدكتور عبدالسند يمامة لخوض هذه الانتخابات ملتحفاً بمسئوليته الوطنية ومستجيباً لنداء الوطن، تقدم ببرنامج وضعه متخصصين، آملين فى تغيير الواقع للأفضل سواء حالفنا الحظ او لم يحالفنا، وأياً كانت النتائج نتمنى من الرئيس القادم أن يأخذ منه ما يتناسب مع طموحات المصريين فى الجمهورية الجديدة.
شهور وأيام بذلنا فيها الوفديون الجهد والعرق، طوفوا محافظات مصر، ليعلنوا أن أقدم حزب فى مصر وربما فى العالم ما زال ينبض بالحياة، أعتقد أن حزبنا العريق استفاد من هذه التجربة كثيراً والتى أفرزت رؤى وأفكاراً صالحة للتنفيذ رغم ما تعرض له من تطاول بعض الإعلاميين عليه عقب غلق الصناديق وبداية إعلان بعض نتائج اللجان الفرعية ورغم ما أصاب البعض منا من إحباط ومرارة كانت مرجعيتها أننا أقدم وأعرق وأهم حزب فى الشرق الأوسط، لقد كان الوفد على قدر المسئولية ولم يضع رأسه فى الرمال، بغض النظر عما تسفر عنه نتيجة الانتخابات التى ستعلنها الهيئة الوطنية للانتخابات غداً الاثنين.
ستثبت الأيام والسنون أن تجربة الوفد هدفها ترسيخ الثوابت الوطنية للدولة المصرية ودعم توجهات الوفد فى وجود تعددية حزبية حقيقة فى هذا البلد الذى يحارب من جهات متعددة، اقتصادياً وسياسياً خارجياً وداخلياً، خاض الوفد الانتخابات بنوايا صادقة، هدفها صالح الوطن، لم يحد أبداً عن ثوابته ودوره التاريخى الكبير.
بقى أن أستكمل شهادتى فى هذا المحفل التاريخى الكبير، وهو تقديم أسمى آيات الشكر والتقدير والعرفان، الى الجندى المعلوم دائماً وهى وزارة الداخلية، بقيادة اللواء محمود توفيق، الذى قدم نموذجاً وطنياً يستحق أن يدرس باستراتيجية أمنية، ساهمت فى خروج هذا العرس الديمقراطى، بهذا النجاح، اعتمدت الشرطة منذ أول لحظة على استراتيجية تقوم على الحياد والشفافية والنزاهة، وكانت على مسافة واحدة من الجميع، لتؤكد أنها شرطة الشعب، وبرهنت بأنها وصلت لأعلى مستوى من التدريب والتنظيم التى مكنها من تنظيم هذه الانتخابات دون أن تسجل خرق واحد للقواعد والضوابط.
أكرر شكرى وتقديرى للوزير اللواء محمود توفيق، ولجميع قطاعات وإدارات وزارة الداخلية، وعلى رأسها قطاع الأمن الوطنى بالدقهلية، هؤلاء الأبطال الذين يعملون فى صمت وإخلاص، برهنوا أنهم من أكفأ الأذرع الأمنية فى العالم، ومن باب إسناد الفضل لأهله وما عايشته ووجدته فى بلدتى محافظة الدقهلية، وامنح وسام الوطنية والتميز لمديرية أمن الدقهلية، وعلى رأسها اللواء مروان حبيب، بما قدمه من قيادة أمينة وحكيمة، نفذت استراتيجية الوزارة كما يجب أن تكون، ووجدنا نحن نواب الشعب كل التعاون والإخلاص والتفانى فى أداء الواجب من جميع ضباط وأفراد وجنود فى مراكزنا، وعلى رأسهم مأمورو مركزى دكرنس وبنى عبيد ورؤساء مباحث دكرنس وبنى عبيد ومعاونيهم خيرة أبناء الداخلية، أبطال هذه الملحمة الوطنية.
اسمح لى عزيزى القارئ بأن أستبق إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات، وأؤكد أن الفائز فى هذه الانتخابات، قد أعلن، وجميعنا يعلمه منذ الساعة التاسعة مساء الثلاثاء، مع آخر ورقة اقتراع فى الصندوق، فالفائز الحقيقى والبطل فى هذه الانتخابات، هو المواطن المصرى، الذى كتب بصدق أول خط فى عقد بناء الجمهورية الجديدة.
و«للحديث بقية ما دام فى العمر بقية».
المحامى بالنقض
عضو مجلس الشيوخ
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كلمة حق فيها القيم الثوابت الوطنية المنتصف الوفديين هذه الانتخابات حزب الوفد
إقرأ أيضاً:
جبال مسندم .. أرض العجائب الجيولوجية والمناظر الطبيعية والتاريخ العريق
يعد التاريخ الجيولوجي لمحافظة مسندم بتكوينها التضاريسي الفريد من نوعه متحفًا تاريخيًا متعدد الأقسام، يضم بين طيّاته تسلسلًا تاريخيًا متنوعًا وهو محط اهتمام الجيولوجيين وعلماء الآثار، وتقع محافظة مسندم في أقصى الطرف الشمالي من سلطنة عُمان عند مدخل الخليج العربي، وتمتد على طول شريط ساحلي غرب بحر عُمان وجنوب شرق الخليج العربي، وبذلك تطل على البوابة التي تربط بين الخليج العربي والبحار المفتوحة في بحر عُمان والمحيط الهندي، التي يُطلق عليها مضيق هرمز الاستراتيجي، أحد أكثر الممرات المائية حركة في العالم. أما من حيث المساحة، فإن محافظة مسندم تغطي حوالي 0.6% من المساحة الكلية لسلطنة عُمان، وهي بذلك صغيرة مقارنةً بمساحات المحافظات الأخرى في سلطنة عُمان، فضلًا عن أن هذه المساحة تغطيها الجبال الوعرة، باستثناء مساحات صغيرة بين قمم الجبال أو على ساحل البحر، وأعلى قمة في هذه السلسلة من الجبال الوعرة هي قمة جبل حارم في ولاية خصب، تليها قمة جبل كيوي في ولاية دبا. جغرافية مسندم كما أن سلسلة الجبال في محافظة مسندم كانت متصلة مع السلاسل الجبلية لجبال زاجروس في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ونتيجة للحركات العنيفة التي شهدتها الصفائح الأرضية التكتونية، حدث هبوط كبير لهذه السلسلة، مما أدى إلى فصل سلسلة الجبال في محافظة مسندم عن جبال زاجروس وتكوّن الخليج العربي، وبالتالي فإن هذه الحركات التي مرت على تضاريس المنطقة أسهمت في تشكّل العديد من الأحفوريات التي لا تزال شاهدة على التاريخ الجيولوجي لهذه المنطقة. وحول تفاصيل أكثر عن بنية المنطقة الجيولوجية، التقى «ملحق المحافظات» بعمر بن علي الشحي، باحث تاريخي بمحافظة مسندم. يقول عمر الشحي: «تشير معظم الدراسات الجيولوجية الحديثة إلى أن محافظة مسندم تتبع جيولوجيًا إقليم جبال شمال عُمان، الذي تسوده صخور جيرية ترسبت فيما كان سابقًا يشكل الرصيف القاري للكتلة العربية، وتعود هذه الصخور في تكوينها إلى منتصف الزمن البرمي والكريتاسي، أي حوالي 100-280 مليون سنة قبل الحاضر، وقد رُسبت هذه الصخور في بيئة بحرية ضحلة، وبالتالي يميل لونها إلى اللون الرمادي وتعرف جيولوجيًا بمجموعة الحجر الكبرى، هذا وقد جُلبت هذه الصخور مع صخور القشرة المحيطية «الأوفيوليت» بواسطة عمليات تكتونية معقدة لتستقر فوق صخور الرصيف القاري المذكورة سابقًا، «مجموعة الحجر الكبرى»، لذا تعد جبال محافظة مسندم من الناحية الجيولوجية مشابهة لبقية أجزاء جبال الحجر الغربي، فهي تمتاز بوجود كتلة سميكة من هذه الصخور الكربونية، إلا أن هناك أوجه اختلاف جيولوجية؛ حيث إن جبال محافظة مسندم تظهر على شكل ثنية محدبة كبيرة لكنها تميل ميلًا طفيفًا نحو الشرق والغرب». أحافير متنوعة يضيف عمر الشحي قائلًا: «لا نبالغ إذا قلنا: إن جبال محافظة مسندم كتاب تاريخي مفتوح بين قمة جبل حارم بولاية خصب وقمة جبل كيوي في ولاية دبا، حيث يقف الجبلان بشموخ حرّاسًا لهذا المكان الأثري المعشّق بروائح من تاريخ غابر في الجبال الصخرية المحيطة بمحافظة مسندم، فهناك صخور تحتوي على أحافير، وهي بقايا وآثار وبصمات الكائنات البحرية من أسماك ومرجان مرورًا بعدة أنواع من الأصداف البحرية التي يعود تاريخها إلى عشرات الملايين من السنين وحتى قبل ظهور البشر، لذا تُعد الأحافير من أكثر المفاتيح القيمة لتاريخ الأرض عند الباحثين الجيولوجيين، حيث لا تساعد الأحافير الجيولوجي على معرفة عمر صخرة ما فحسب، بل تساعد أيضًا في تحديد الظروف التي تشكلت فيها تلك الصخرة وتعقُّب الطبقات المختلفة الموجودة حول العالم». بيانات جيولوجية أضاف الباحث التاريخي عمر الشحي: «إن جبال محافظة مسندم تضم مجموعة متنوعة من الصخور التي ترجع إلى العصر البليوسيني، بما في ذلك الحجر الجيري والصخور الرسوبية، ومن مميزات الصخور الرسوبية -التي تمتاز بها عن بقية الصخور الأخرى- هي قدرتها على الاحتفاظ بالأحافير، وقد حصلت بعثة من علماء الجيولوجيا والآثار والنبات -حضرت إلى محافظة مسندم في الفترة ما بين 1970 و1972- على تصريح من السلطان قابوس -رحمه الله- وأمضت بعثة مسندم ثلاثة أشهر في الجزء الشمالي من شمال عُمان الذي يضم شبه جزيرة مسندم ووديانها الغارقة، وكان الهدف الرئيسي للبعثة هو الحصول على بيانات حول التاريخ الجيولوجي للمنطقة، وقد حددت البعثة أهم الآثار والأحافير والنباتات والصخور في محافظة مسندم، ثم وصلت بعثة علمية أخرى عام 1974 إلى محافظة مسندم لدراسة تاريخها التكتوني والجيولوجي، ونتيجة للدراسات التي أجرتها هذه البعثات، أدرك الجيولوجيون العاملون في المنطقة أن تكتونيات محافظة مسندم تتشابه مع جبال البحر الأحمر». متحف جيولوجي يؤكد عمر الشحي أن التراث الجيولوجي بشكل عام هو ثروة سياحية، حيث أكّدت الاكتشافات التي قام بها ولا يزال يقوم بها بعض المواطنين بجهودهم المتواضعة أن محافظة مسندم مقصد حيوي للجيولوجيين وعلماء الحفريات، وهذا يشكل نوعًا من الدعاية والترويج للسياحة الجيولوجية المطلوب تطويرها والاهتمام بها من قبل وزارة التراث والسياحة والمعنيين، حيث سيبرز اسم محافظة مسندم على خريطة السياحة المتعلقة بالحفريات والجيولوجيا، مما يجعلها مقصدًا للعديد من الباحثين والعلماء من مختلف دول العالم، خاصة مع التاريخ الجيولوجي القديم لهذه المنطقة وما مرت به من حقب تاريخية أسهمت في اكتسابها خصائص متنوعة، سواء في فترات غرقها بالمياه أو صعودها عاليًا نتيجة الطي والالتواء الذي تعرضت له طبقات القشرة الأرضية، مما جعلها تتسم بتنوع في التركيب والخصائص، كما تتنوع بالأحفوريات التي تعد عامل جذب للعلماء والمهتمين، إلى جانب السياح من محبي السياحة البيئية. مناطق غنية بالحفريات وحول أبرز مناطق انتشار الحفريات، قال عمر الشحي: «غالبًا ما توصف محافظة مسندم عند الكثير من الباحثين بأنها رؤوس الجبال؛ لأنها تحتضن سلسلة جبال شاهقة ممتدة بشكل رأسي وملتوية شديدة الانحدار والوعورة، وتضم واحدة من أكثر سلاسل التتابع اكتمالًا للطبقات الجيولوجية التي تسجِّل مراحل تاريخ الأرض والحياة، حيث نجد الحفريات في جميع مناطق محافظة مسندم تقريبًا، ومن بين المناطق الرئيسية يمكن أن نذكر الموقع الفريد لجبل حارم في ولاية خصب، حيث يضم حفريات من الكائنات البحرية التي يعود تاريخها لملايين السنين، وأيضًا جبل كيوي في ولاية دبا، ومواقع جبلية كثيرة متفرقة في ولاية خصب وفي نيابة ليما، إضافة إلى حفريات بحرية في ولاية بخاء، ووجود هذه الحفريات يعد دليلًا قاطعًا على أن المنطقة كانت مغمورة بالمياه لفترات طويلة، ثم نتيجة حركة الصفائح التكتونية حدثت حركات رفع وهبوط في المنطقة، ولذلك تعتبر المحافظة، بجيولوجيتها الفريدة، مثالًا للأودية الهابطة والمصاطب والجبال المرفوعة التي تكوّنت بين حركات انكسارية أخذت أشكالًا متعددة». |