ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (عليّ زكاة وأريد أن أخرجها لأقاربي المحتاجين ولكن لا أعرف شروط إخراج الزكاة لهم، فنرجو منكم بيان ذلك.

حكم إخراج الزكاة على فيزا المشتريات.. دار الإفتاء تجيب المفتي: انتعاش الاقتصاد ثمرة الزكاة والصدقات

وقالت دار الإفتاء، إن من مقاصد الشريعة الإسلامية في الزكاة أنها قدَّمت في أدائها كفايةَ قرابةِ المزكِّي على غيرهم، وجعلت لسدِّ حاجةِ ذوي رحمه وعصبته المحتاجين أولويةً في صرفها؛ مراعاةً لصلة الرحم، وضمانًا لاستمرار الترابط الأسريّ والتكافل العائلي والعشائري الذي هو اللبنة الأساس في التكافل المجتمعي: فبدأ بهم القرآن الكريم في مطلق العطاء؛ فقال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 215]، وهذا يشمل النفقة الواجبة والمندوبة، ويشمل الزكاة في غير ما تجب فيه النفقة.

قال مجاهد: "سألوه: ما لهم في ذلك؟ ﴿قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾، قال: ههنا يا ابن آدم فضَعْ كَدْحَك وسَعْيَك، ولا تَنْفَحْ بها ذا وذاك وتَدَع ذوي قرابتك وذوي رحمك" أخرجه عبد بن حميد في "التفسير"؛ كما في "الدر المنثور" للسيوطي (1/ 585، ط. دار الفكر).

وجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أجرَ الزكاة مضاعفًا إذا أعطاها المزكِّي قرابتَه المحتاجين الذين لا تجب نفقتُهم عليه:
فروى الحُمَيْدي والإمام أحمد والدارمي في "مسانيدهم"، والنسائي والترمذي وحسنه وابن ماجه في "سننهم"، وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه في "صحاحهم"، عن سلمان بن عامر الضَّبِّي رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَهِيَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ»، وصححه الحافظ ابن الملقن في "البدر المنير" (7/ 411، ط. دار الهجرة).
وروى ابن زنجويه في "الأموال"، والطبراني في "الكبير"، من حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى ذِي قَرَابَةٍ يُضَعَّفُ أَجْرُهَا مَرَّتَيْنِ».

شروط إخراج الزكاة للأقارب

وأكدت دار الإفتاء، أنه يُشترط في آخذ الزكاة أن لا يكون ممن وجبت نفقته على المزكِّي؛ فقد أجمع الفقهاء على أن من شروط الزكاة أن لا تُعطَى لمن تجب نفقتهم على المزكِّي من أصول أو فروع أو غيرهم؛ لأن دفع الزكاة إلى هؤلاء يغنيهم عن النفقة الواجبة عليه، فيعود نفع الزكاة إليه، فكأنه دفعها إلى نفسه، إلا أن يكونوا مدينين، فتدفع إليهم حينئذ تحت سهم الغارمين؛ لأنه ليس مطالبًا بسداد ديونهم.

قال الإمام ابن المنذر النيسابوري في "الإجماع" (ص: 48، ط. دار المسلم): [وأجمعوا على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين والولد في الحال التي يجبر الدافع إليهم على النفقة عليهم] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 482، ط. مكتبة القاهرة): [(ولا يُعطَى من الصدقة المفروضة للوالدين وإن علوا، ولا للولد وإن سفل) قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين في الحال التي يجبر الدافع إليهم على النفقة عليهم؛ ولأن دفع زكاته إليهم تغنيهم عن نفقته وتسقطها عنه ويعود نفعها إليه، فكأنه دفعها إلى نفسه، فلم تجز] اهـ.

وتابعت: فكل من لم تجب على المزكِّي نفقتُه من أقاربه جاز دفع الزكاة إليه ما دام مستحقًا لها.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء زكاة الشريعة إخراج الزکاة دار الإفتاء دفعها إلى

إقرأ أيضاً:

هل يجوز احتساب المساهمة في جهاز ابنة الأخت من أموال الزكاة؟

قال الدكتور عطية لاشين استاذ الفقه بكليه الشريعه والقانون تلقينا سؤالًا من إحدى الأخوات تقول فيه: "عندي مال وجبت فيه الزكاة بفضل الله، وشقيقتي فقيرة وتجهز ابنتها للزواج، فهل يجوز لي أن أساعدها بقدر من المال وأحسبه من الزكاة؟".

الزكاة: عبادة مالية خالصة

الحمد لله رب العالمين الذي قال في محكم التنزيل: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون)، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، القائل: (الصلاة نور، والصبر ضياء، والصدقة برهان).

إن الزكاة عبادة مالية خالصة، فرضها الإسلام لتطهير المال وتنميته، وهي حق معلوم في مال المسلم، يصرف لفئات محددة ذكرها الله عز وجل في القرآن الكريم. ولا تجب الزكاة إلا على من بلغ ماله النصاب، ومر عليه الحول، وكان فاضلًا عن حاجاته الضرورية وديونه.

صرف الزكاة للفقراء والمساكين

من أولى الفئات المستحقة للزكاة في الإسلام الفقراء والمساكين، وهم الذين لا يكفيهم دخلهم لتغطية احتياجاتهم الأساسية. وفي عصرنا، أصبح ما كان يُعتبر كماليات في الماضي يُعدّ من ضروريات الحياة، مثل المسكن والمأكل وأساسيات تجهيز الحياة الزوجية.

حكم المساهمة في جهاز ابنة الأخت من الزكاة

بالنظر إلى واقع السؤال، ورغم أن تجهيز البيت والمهر يقع على عاتق الزوج، إلا أن الأعراف في مجتمعاتنا تفرض على أهل الزوجة المشاركة في تجهيزها. وفي ظل ذلك، إذا كانت شقيقتك فقيرة ولا تستطيع تجهيز ابنتها للزواج، فإن المساهمة في هذا الأمر من أموال الزكاة جائز، باعتبار أنه من ضروريات الحياة التي تحتاجها ابنتها.

ضوابط احتساب الزكاة في هذه الحالةأن تكون شقيقتك من المستحقين للزكاة: بمعنى أن تكون فقيرة أو مسكينة، وفق التعريف الشرعي.أن تكون الأموال المقدمة موجهة لتغطية ضروريات تجهيز الزواج: مثل الأثاث أو الأجهزة الضرورية للحياة اليومية.أن تكون النية واضحة: أي أن تنوي احتساب هذه المساهمة من أموال الزكاة عند إخراجها.الزكاة والتكافل الاجتماعي

إن صرف الزكاة في مثل هذه الحالات يعزز التكافل الاجتماعي بين المسلمين، ويُظهر روح الإسلام التي تحث على مساعدة المحتاجين وسدّ الفجوات في حياتهم. وقد قال الله تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها)، مؤكدًا على دور الزكاة في تطهير النفس والمال، وتحقيق العدالة الاجتماعية.

 

مقالات مشابهة

  • هل يجوز لمن فاتته صلاة الجنازة آداؤها بعد دفن الميت .. الإفتاء تجيب
  • حكم قول "حسبي الله ونعم الوكيل".. الإفتاء تجيب
  • متى ليلة الإسراء والمعراج 2025 وأفضل أعمالها المستجابة؟ الإفتاء تجيب
  • حكم شراء السلع المشكوك في كونها مسروقة.. دار الإفتاء تجيب
  • هل تصح صلاة الفجر «ركعتان فقط» بدون سنة؟ .. الإفتاء تجيب
  • هل يجوز احتساب المساهمة في جهاز ابنة الأخت من أموال الزكاة؟
  • ماذا يحدث إذا لم أقل بسم الله قبل الأكل وهل يعد فرضا؟.. الإفتاء تجيب
  • لماذا لا يقرأ بعض الأئمة البسملة مع الفاتحة في الصلاة؟.. الإفتاء تجيب
  • ما حكم صيام ليلة الإسراء والمعراج؟ الإفتاء تجيب وتوضح الشروط
  • هل يجوز صلاة المرأة بالبنطلون خارج المنزل؟ دار الإفتاء تجيب