مسقط ـ العُمانية: اعتمدت سلطنة عُمان وجمهورية الهند وثيقة رؤية مشتركة بعنوان «شراكة من أجل المستقبل»، تشمل رؤية مشتركة لقيادتَي البلدين؛ حيث تُشير الرؤية المشتركة إلى التآزر اللافت بين رؤية عُمان 2040 وأهداف التنمية في الهند تحت «أمريت كال» وتؤكدان على التزامهما بتسخير هذه التكاملات لتعميق الشراكة بينهما.


جاء ذلك في البيان المشترك بين سلطنة عُمان وجمهورية الهند بمناسبة زيارة «دولة» يقوم بها حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم إلى جمهورية الهند فيما يأتي نَصُّه:
«تلبيةً لدعوة كريمة من فخامة سمت. دوروبادي مورمو، رئيسة جمهورية الهند، قام حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم سُلطان عُمان، بزيارته الرسمية الأولى للهند يوم السبت الموافق 16 ديسمبر 2023، حيث تمَّ الاستقبال الرسمي لجلالة السُّلطان هيثم بن طارق في ساحة راشتراباتي بهاوان في نيودلهي، كما استضافت فخامة دروبادي مورمو رئيسة جمهورية الهند الصديقة مأدبة عشاء تكريمًا لجلالتِه.
تكتسب هذه الزيارة أهمية خاصة كونها الزيارة الأولى لسُلطان عُمان إلى الهند منذ أكثر من 25 عامًا، منذ زيارة السُّلطان قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه ـ في عام 1997م، وتأتي زيارة جلالتِه عقب زيارة دولة ناريندرا مودي رئيس وزراء الهند إلى سلطنة عُمان في فبراير من عام 2018م.
عقد جلالةُ السُّلطان ورئيس الوزراء مشاورات مغلقة تبعتها محادثات على مستوى الوفود بتاريخ 16 ديسمبر 2023، حيث اتسمت اللقاءات بدفء وودٍّ كبيرين، وأعرب القائدان عن رضاهما عن المستوى المميز للعلاقات الثنائية التي صمدت أمام اختبار الزمن، وتطورت إلى شراكة قويَّة ودائمة مبنية على الروابط التاريخية، والثقة والاحترام المتبادلين، والاهتمامات المشتركة.
وأشار القائدان وبرضا إلى تبادل الزيارات رفيعة المستوى بشكل مستمر، ساعدت في تحقيق التقدم في مختلف مجالات التعاون، وبحث القائدان أيضًا مجمل أوْجُه التعاون الثنائي، بما في ذلك التعاون السياسي والأمني، والدفاع، والتجارة، وأمن الطاقة والطاقة المتجدِّدة، والرعاية الصحية، والتعليم، والثقافة، والعلاقات بين الشَّعبين.
وأعرب جلالةُ السُّلطان المُعظَّم عن تقديره للهند على توجيه الدعوة إلى سلطنة عُمان للمشاركة في اجتماعات مجموعة العشرين بصفتها ضيفًا خاصًّا، كما أعرب عن تقديره للهند على التنظيم الناجح لقمَّة مجموعة العشرين ونسختين من قمَّة صوت الجنوب العالمي، مؤكدًا على دَوْر الهند في تسهيل منصَّة للتعاون العالمي والمناقشات حول القضايا الدولية المهمة.
وأشاد جلالتُه بالهند ورئيس الوزراء مودي على الإنجاز الملحوظ لرئاسة الهند لمجموعة العشرين في جمع الدول ذات الرؤى والأولويات المتنوِّعة للتوصل إلى اعتماد إعلان قادة نيودلهي التاريخي.
وتمَّ اعتماد وثيقة رؤية مشتركة بعنوان «شراكة من أجل المستقبل» خلال الزيارة، تشمل رؤية مشتركة لقيادتَي سلطنة عُمان والهند حيث تشير الرؤية المشتركة إلى التآزر اللافت بين رؤية عُمان 2040 وأهداف التنمية في الهند تحت «أمريت كال»، مؤكدتين على التزامهما بتسخير هذه التكاملات لتعميق الشراكة بين سلطنة عُمان والهند وتمَّ تحديد مجموعة من المجالات في الرؤية مثل التعاون البحري والتواصل، وأمن الطاقة والطاقة الخضراء، والفضاء، والتقنيات والتطبيقات، والمدفوعات الرقمية والتعاون المالي، والتجارة والاستثمار، والصحة، والسياحة والضيافة، وتكنولوجيا المعلومات والابتكار، بالإضافة إلى الزراعة والأمن الغذائي مع نقاط عمل محددة كجزء من خريطة الطريق المستقبلية لتعميق الروابط بين البلدين للتنفيذ.
وأعرب القائدان عن ثقتهما بأنَّ وثيقة الرؤية المشتركة ستعمل كخريطة طريق لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات متنوعة وستقود الشراكة العُمانية – الهندية إلى آفاق جديدة.
وأشار القائدان وبرضا إلى النُّمو الملحوظ في التجارة الثنائية فقد تضاعف حجم التبادل التجاري من 5.4 مليار دولار أميركي في 2020-2021 إلى 12.3 مليار دولار في 2022-2023.
وقدَّر القائدان المفاوضات التي بدأت للدخول في اتفاقية للشراكة الاقتصادية الشاملة بين سلطنة عُمان والهند وحققت تقدُّمًا كبيرًا، واتَّفقا على الاستمرار في العمل عن كثب من أجل تسريع المفاوضات وإنهائها، ولدى الاتفاقية الإمكانية لتسخير هذه الشراكة وتحقيق مسار أعلى للنمو يتماشى مع الإمكانات الهائلة للعلاقات الثنائية التاريخية الوثيقة. كما أعرب القائدان عن تقديرهما لإعلان الدفعة الثالثة من صندوق الاستثمار المشترك بين سلطنة عُمان وجمهورية الهند (OIJIF)، وإمكاناته في تحفيز الاستثمارات من سلطنة عُمان ومنطقة الخليج في القطاعات الأسرع نموًّا في الاقتصاد الهندي.
ورحَّب القائدان بتعميق التعاون الدفاعي المستمر بين البلدين، مؤكدَيْن على ضرورة تعزيز التفاعل المتبادل في هذا المجال.
واتَّفق القائدان على توسيع التعاون في مجال الفضاء، وأعربا عن تقديرهما للتفاعلات الثنائية الأخيرة في هذا القطاع. وأقرَّا بالإمكانات الواسعة للتعاون في مجالات متعددة، بما في ذلك الاستشعار عن بُعد، وإطلاق الأقمار الصناعية والاتصالات، والتطبيقات العملية لتكنولوجيا الفضاء، مؤكدَيْن على الاهتمام المشترك بين سلطنة عُمان والهند في هذه المجالات.
وناقش الجانبان التعاون في مجال الطيران المدني والتواصل الجوِّي، حيث أعرب الجانب العُماني عن اهتمامه بالعمل المشترك من أجل تحسين إدارة المجال الجوِّي ونظام إدارة حركة الطيران للمنفعة المتبادلة، وأعرب الجانب الهندي عن استعداده لمواصلة المناقشات الجارية بين هيئات الطيران المدني للجانبين من أجل إيجاد طريق تعاوني للمُضي قُدمًا.
وأكَّد القائدان على أهمية التعاون في مجال الصحة، وأعربا عن التزامهما بتعزيز التعاون الثنائي في هذا القطاع المهمِّ، كما أبرزا إمكانية الشركات لاستكشاف شراكات مستقبلية مع نظرائها في تصنيع الأدوية العامة، وناقش القائدان إمكانية سلطنة عُمان لتصبح مركزًا رئيسًا للأيورفيدا في الشرق الأوسط، نظرًا للشَّعبية المتزايدة لنظام الطِّب الهندي التقليدي في المنطقة.
كما أكَّد الجانبان على أنَّ العلاقات بين الشَّعبين تمتد لقرون وتمثل ركيزة أساسية للعلاقة التاريخية بينهما، وعبَّر الجانب الهندي عن تقديره للجانب العُماني لرعايته الممتازة للجالية الهندية الكبيرة التي تتجاوز 700,000 شخص مقيم، وأعرب الجانب العُماني عن امتنانه للجالية الهندية المغتربة، مؤكدًا على مساهماتها المستمرة والقيِّمة في المجتمع والاقتصاد العُماني.
والتزم الجانبان بتعزيز التعاون الثقافي من خلال التوقيع على مذكّرة تفاهم (MoU) في المجال الثقافي، حيث ستعزز هذه المذكرة التعاون المتزايد في الأنشطة الثقافية، بما في ذلك مشاركة العروض الفنية، والمعارض، والفعاليات الثقافية.
وخلال الزيارة، تمَّ إصدار طابع بريدي تذكاري مشترك يرمز إلى العلاقة الثقافية والشَّعبية الطويلة الأمد بين البلدين ويوضِّح الطابع البريدي المشترك الرقصات الشَّعبية التقليدية، معرضًا براعة التراث الثقافي للبلدين وسيكون محلَّ تقدير من قبل هواة الطوابع والفن في كلا البلدين.
وأشار القائدان إلى التاريخ الطويل للتجارة البحرية بين الهند وعُمان، مكَّن من تبادل البضائع والأفكار عبر آلاف السنين، وأشارا إلى الدَّوْر المُهمِّ الذي أدَّته السفن الشراعية في تسهيل التجارة والتبادلات الثقافية، أسهمت في تاريخ طويل وغني من التفاعل بين شِبه القارة الهندية وشِبه الجزيرة العربية، وخصوصًا سلطنة عُمان.
وأعرب القائدان عن تقديرهما لمقترح وزارة الثقافة الهندية بإعادة تسيير رحلة بحرية لسفينة يدوية هندية صُنعت بتقنيات تقليدية في الهند، ومخطط الرحلة من ميناء ماندافي في جوجرات إلى مسقط خلال عامي ٢٠٢٥ أو ٢٠٢٦م، تباعًا لرحلة أخرى في مناطق أخرى. واتفق القائدان على أنَّ هذه الرحلة ستركز على الروابط التاريخية بين الهند وعُمان، الأمر الذي سيعزز قوة الثقة في العلاقات بين الشَّعبين والبلدين.
وأعرب الجانبان أيضًا عن التزامهما بتعزيز التعاون السياحي، ومشاركة أفضل الممارسات في السياحة المستدامة، وبحث إمكانات زيادة التدفقات السياحية بين البلدين.
وأدان القائدان الإرهاب بجميع أشكاله وأكَّدا على التزامهما بتعزيز التعاون للتأكيد على أهمية تعزيز القيم العالمية للسَّلام، والعدالة، والتعايش، والتسامح مع التأكيد على ضرورة التخلي عن جميع أشكال التطرف التي تؤدي إلى العنف، وخطاب الكراهية، والتمييز، والتحريض.
وناقش القائدان أيضًا القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وأعرب الجانبان عن التزامهما القوي بدعم الجهود التي تُعزز السلام والاستقرار في العالم وفي المنطقة.
وأكَّد البلدان على ضرورة التزام جميع الدول بالقانون الدولي، واحترام السيادة والسلامة الإقليمية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وحل النزاعات بالطرق السلمية من خلال الحوار والحلول الدبلوماسية.
وتمَّ التوقيع وتبادل الاتفاقيات ومذكّرات التفاهم التالية خلال الزيارة:
1. مذكّرة تفاهم بين وزارة الثقافة والرياضة والشباب في سلطنة عُمان ووزارة الثقافة في جمهورية الهند في مجال الثقافة.
2. مذكّرة تفاهم بين وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات في سلطنة عُمان ووزارة الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات في جمهورية الهند في مجال تكنولوجيا المعلومات.
3. مذكّرة تفاهم بين المركز الوطني للمعلومات المالية (FNCI) ووحدة المعلومات المالية (FIU) حول التعاون في تبادل المعلومات المتعلقة بغسل الأموال، والجرائم الأوَّلية المرتبطة وتمويل الإرهاب.
4. اتفاقية بين حكومة سلطنة عُمان وحكومة جمهورية الهند بشأن التوظيف المفيد للأشخاص المصاحبين للموظفين الرسميين.
5. مذكّرة تفاهم بين جامعة ظفار ومجلس العلاقات الثقافية الهندي حول إنشاء كرسي مجلس العلاقات الثقافية الهندي للدراسات الهندية – اللغة الهندية.
6. الأحكام الرئيسة لإنشاء الصندوق العُماني الهندي المشترك الثالث بين جهاز الاستثمار العُماني وبنك الدولة الهندي.
وأعرب القائدان عن ثقتهما في النطاق الواسع لتطوير العلاقات الثنائية بشكل أكبر، وقدَّم جلالة السُّلطان هيثم بن طارق شُكره وتقديره لرئيس الوزراء ناريندرا مودي على حُسن الضيافة من الحكومة والشَّعب الهندي، وقدَّم جلالتُه دعوةً لرئيس وزراء الهند لزيارة سلطنة عُمان».

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: بتعزیز التعاون جمهوریة الهند رؤیة مشترکة بین البلدین التعاون فی ب الهندی الع مانی الهند فی فی مجال من أجل

إقرأ أيضاً:

توثيق حرب الإبادة

– صدر عن دار طباق للنشر والتوزيع بالتعاون مع المكتبة الوطنية الفلسطينية، كتاب «بخط أحمر»، الذي يوثق حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.
ويأتي الكتاب الواقع في 210 صفحات من القطع المتوسط بلوحة الفنان محمد آلعزيز عاطف بتأليف مشترك يضم ثلاثة وثلاثين مشاركا من الكتّاب والمبدعين العرب، بحيث يمثل الكتاب وثيقة هامة ترصد شهادات وحكايات توثقها أقلام عربية هي الأبرز في المشهد الثقافي العربي، حول ما تتعرض له فلسطين من احتلال وإبادة جماعية، وقراءات في السابع من أكتوبر.
ويشارك في الكتاب كل من الكتّاب: إبراهيم الدويري من موريتانيا، وإبراهيم عبد المجيد من مصر، وإبراهيم الكوني من ليبيا، وإبراهيم نصرالله من فلسطين، وأحمد المديني من المغرب، وأدهم شرقاوي من فلسطين، وأشرف قرقني من تونس، والمغيرة الهويدي من سوريا، وإنعام كجه جي من العراق، وأيمن العتوم من الأردن، وبثينة العيسى من الكويت، وبشرى خلفان من سلطنة عمان، وجامع نور أحمد من الصومال، وجوخة الحارثي من سلطنة عمان، وخالد حروب من فلسطين، وزهران القاسمي من سلطنة عمان، وسعود السنعوسي من الكويت، وصالحة عبيد من الإمارات، وعامر فردان من الكويت، وعبد العزيز بركة ساكن من السودان، وعدنية شبلي من فلسطين، وعلي المقري من اليمن، والمتوكل طه من فلسطين، ومحسن الرملي من العراق، ومحمد أحمدو من موريتانيا، ومحمود شقير من فلسطين، ومنصورة عز الدين من مصر، ونجوى بن شتوان من ليبيا، وهدى بركات من لبنان، وواسيني الأعرج من الجزائر، ووليد الشرفا من فلسطين، وياسين عدنان من المغرب، وقدّم للكتاب الكاتب طارق عسراوي من فلسطين.
ويمكن اعتبار الكتاب بأنه الصوت العربي غير الرسمي من سلطنة عمان إلى موريتانيا، ويأتي الكتاب ضمن مشروع يوميات غزة الذي أطلقته دار طباق للنشر والتوزيع لإصدار عدة كتب بمثابة وثائق للحرب الجارية منذ السابع من أكتوبر، تهدف من خلاله إلى توثيق حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.

مقالات مشابهة

  • توثيق حرب الإبادة
  • الكويت والهند تتفقان في بيان مشترك على رفع مستوى العلاقات الثنائية إلى شراكة استراتيجية
  • سلطنة عمان والبحرين.. روابط تاريخية متينة ومرحلة واعدة من التعاون المثمر
  • سلطنة عمان والعراق تبحثان تعزيز التعاون في عدة مجالات
  • عُمان وأنجولا تؤكدان إقامة تعاون لتعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية
  • سلطنة عمان وأنجولا تؤكدان تعزيز الشراكة في القطاعات الاقتصادية والاستثمارية
  • سلطنة عمان وجمهورية بيلاروس تسعيان لتطوير الشراكة بالمجالات الاقتصادية
  • سلطنة عمان تدين حادثة الدهس في ألمانيا.. عاجل
  • خبير: قمة الثماني النامية فرصة لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء
  • وزيرة التخطيط تلتقي نائب رئيس بنك الاستثمار الأوروبي لتعميق الشراكة