مسقط ـ العُمانية: اعتمدت سلطنة عُمان وجمهورية الهند وثيقة رؤية مشتركة بعنوان «شراكة من أجل المستقبل»، تشمل رؤية مشتركة لقيادتَي البلدين؛ حيث تُشير الرؤية المشتركة إلى التآزر اللافت بين رؤية عُمان 2040 وأهداف التنمية في الهند تحت «أمريت كال» وتؤكدان على التزامهما بتسخير هذه التكاملات لتعميق الشراكة بينهما.


جاء ذلك في البيان المشترك بين سلطنة عُمان وجمهورية الهند بمناسبة زيارة «دولة» يقوم بها حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم إلى جمهورية الهند فيما يأتي نَصُّه:
«تلبيةً لدعوة كريمة من فخامة سمت. دوروبادي مورمو، رئيسة جمهورية الهند، قام حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم سُلطان عُمان، بزيارته الرسمية الأولى للهند يوم السبت الموافق 16 ديسمبر 2023، حيث تمَّ الاستقبال الرسمي لجلالة السُّلطان هيثم بن طارق في ساحة راشتراباتي بهاوان في نيودلهي، كما استضافت فخامة دروبادي مورمو رئيسة جمهورية الهند الصديقة مأدبة عشاء تكريمًا لجلالتِه.
تكتسب هذه الزيارة أهمية خاصة كونها الزيارة الأولى لسُلطان عُمان إلى الهند منذ أكثر من 25 عامًا، منذ زيارة السُّلطان قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه ـ في عام 1997م، وتأتي زيارة جلالتِه عقب زيارة دولة ناريندرا مودي رئيس وزراء الهند إلى سلطنة عُمان في فبراير من عام 2018م.
عقد جلالةُ السُّلطان ورئيس الوزراء مشاورات مغلقة تبعتها محادثات على مستوى الوفود بتاريخ 16 ديسمبر 2023، حيث اتسمت اللقاءات بدفء وودٍّ كبيرين، وأعرب القائدان عن رضاهما عن المستوى المميز للعلاقات الثنائية التي صمدت أمام اختبار الزمن، وتطورت إلى شراكة قويَّة ودائمة مبنية على الروابط التاريخية، والثقة والاحترام المتبادلين، والاهتمامات المشتركة.
وأشار القائدان وبرضا إلى تبادل الزيارات رفيعة المستوى بشكل مستمر، ساعدت في تحقيق التقدم في مختلف مجالات التعاون، وبحث القائدان أيضًا مجمل أوْجُه التعاون الثنائي، بما في ذلك التعاون السياسي والأمني، والدفاع، والتجارة، وأمن الطاقة والطاقة المتجدِّدة، والرعاية الصحية، والتعليم، والثقافة، والعلاقات بين الشَّعبين.
وأعرب جلالةُ السُّلطان المُعظَّم عن تقديره للهند على توجيه الدعوة إلى سلطنة عُمان للمشاركة في اجتماعات مجموعة العشرين بصفتها ضيفًا خاصًّا، كما أعرب عن تقديره للهند على التنظيم الناجح لقمَّة مجموعة العشرين ونسختين من قمَّة صوت الجنوب العالمي، مؤكدًا على دَوْر الهند في تسهيل منصَّة للتعاون العالمي والمناقشات حول القضايا الدولية المهمة.
وأشاد جلالتُه بالهند ورئيس الوزراء مودي على الإنجاز الملحوظ لرئاسة الهند لمجموعة العشرين في جمع الدول ذات الرؤى والأولويات المتنوِّعة للتوصل إلى اعتماد إعلان قادة نيودلهي التاريخي.
وتمَّ اعتماد وثيقة رؤية مشتركة بعنوان «شراكة من أجل المستقبل» خلال الزيارة، تشمل رؤية مشتركة لقيادتَي سلطنة عُمان والهند حيث تشير الرؤية المشتركة إلى التآزر اللافت بين رؤية عُمان 2040 وأهداف التنمية في الهند تحت «أمريت كال»، مؤكدتين على التزامهما بتسخير هذه التكاملات لتعميق الشراكة بين سلطنة عُمان والهند وتمَّ تحديد مجموعة من المجالات في الرؤية مثل التعاون البحري والتواصل، وأمن الطاقة والطاقة الخضراء، والفضاء، والتقنيات والتطبيقات، والمدفوعات الرقمية والتعاون المالي، والتجارة والاستثمار، والصحة، والسياحة والضيافة، وتكنولوجيا المعلومات والابتكار، بالإضافة إلى الزراعة والأمن الغذائي مع نقاط عمل محددة كجزء من خريطة الطريق المستقبلية لتعميق الروابط بين البلدين للتنفيذ.
وأعرب القائدان عن ثقتهما بأنَّ وثيقة الرؤية المشتركة ستعمل كخريطة طريق لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات متنوعة وستقود الشراكة العُمانية – الهندية إلى آفاق جديدة.
وأشار القائدان وبرضا إلى النُّمو الملحوظ في التجارة الثنائية فقد تضاعف حجم التبادل التجاري من 5.4 مليار دولار أميركي في 2020-2021 إلى 12.3 مليار دولار في 2022-2023.
وقدَّر القائدان المفاوضات التي بدأت للدخول في اتفاقية للشراكة الاقتصادية الشاملة بين سلطنة عُمان والهند وحققت تقدُّمًا كبيرًا، واتَّفقا على الاستمرار في العمل عن كثب من أجل تسريع المفاوضات وإنهائها، ولدى الاتفاقية الإمكانية لتسخير هذه الشراكة وتحقيق مسار أعلى للنمو يتماشى مع الإمكانات الهائلة للعلاقات الثنائية التاريخية الوثيقة. كما أعرب القائدان عن تقديرهما لإعلان الدفعة الثالثة من صندوق الاستثمار المشترك بين سلطنة عُمان وجمهورية الهند (OIJIF)، وإمكاناته في تحفيز الاستثمارات من سلطنة عُمان ومنطقة الخليج في القطاعات الأسرع نموًّا في الاقتصاد الهندي.
ورحَّب القائدان بتعميق التعاون الدفاعي المستمر بين البلدين، مؤكدَيْن على ضرورة تعزيز التفاعل المتبادل في هذا المجال.
واتَّفق القائدان على توسيع التعاون في مجال الفضاء، وأعربا عن تقديرهما للتفاعلات الثنائية الأخيرة في هذا القطاع. وأقرَّا بالإمكانات الواسعة للتعاون في مجالات متعددة، بما في ذلك الاستشعار عن بُعد، وإطلاق الأقمار الصناعية والاتصالات، والتطبيقات العملية لتكنولوجيا الفضاء، مؤكدَيْن على الاهتمام المشترك بين سلطنة عُمان والهند في هذه المجالات.
وناقش الجانبان التعاون في مجال الطيران المدني والتواصل الجوِّي، حيث أعرب الجانب العُماني عن اهتمامه بالعمل المشترك من أجل تحسين إدارة المجال الجوِّي ونظام إدارة حركة الطيران للمنفعة المتبادلة، وأعرب الجانب الهندي عن استعداده لمواصلة المناقشات الجارية بين هيئات الطيران المدني للجانبين من أجل إيجاد طريق تعاوني للمُضي قُدمًا.
وأكَّد القائدان على أهمية التعاون في مجال الصحة، وأعربا عن التزامهما بتعزيز التعاون الثنائي في هذا القطاع المهمِّ، كما أبرزا إمكانية الشركات لاستكشاف شراكات مستقبلية مع نظرائها في تصنيع الأدوية العامة، وناقش القائدان إمكانية سلطنة عُمان لتصبح مركزًا رئيسًا للأيورفيدا في الشرق الأوسط، نظرًا للشَّعبية المتزايدة لنظام الطِّب الهندي التقليدي في المنطقة.
كما أكَّد الجانبان على أنَّ العلاقات بين الشَّعبين تمتد لقرون وتمثل ركيزة أساسية للعلاقة التاريخية بينهما، وعبَّر الجانب الهندي عن تقديره للجانب العُماني لرعايته الممتازة للجالية الهندية الكبيرة التي تتجاوز 700,000 شخص مقيم، وأعرب الجانب العُماني عن امتنانه للجالية الهندية المغتربة، مؤكدًا على مساهماتها المستمرة والقيِّمة في المجتمع والاقتصاد العُماني.
والتزم الجانبان بتعزيز التعاون الثقافي من خلال التوقيع على مذكّرة تفاهم (MoU) في المجال الثقافي، حيث ستعزز هذه المذكرة التعاون المتزايد في الأنشطة الثقافية، بما في ذلك مشاركة العروض الفنية، والمعارض، والفعاليات الثقافية.
وخلال الزيارة، تمَّ إصدار طابع بريدي تذكاري مشترك يرمز إلى العلاقة الثقافية والشَّعبية الطويلة الأمد بين البلدين ويوضِّح الطابع البريدي المشترك الرقصات الشَّعبية التقليدية، معرضًا براعة التراث الثقافي للبلدين وسيكون محلَّ تقدير من قبل هواة الطوابع والفن في كلا البلدين.
وأشار القائدان إلى التاريخ الطويل للتجارة البحرية بين الهند وعُمان، مكَّن من تبادل البضائع والأفكار عبر آلاف السنين، وأشارا إلى الدَّوْر المُهمِّ الذي أدَّته السفن الشراعية في تسهيل التجارة والتبادلات الثقافية، أسهمت في تاريخ طويل وغني من التفاعل بين شِبه القارة الهندية وشِبه الجزيرة العربية، وخصوصًا سلطنة عُمان.
وأعرب القائدان عن تقديرهما لمقترح وزارة الثقافة الهندية بإعادة تسيير رحلة بحرية لسفينة يدوية هندية صُنعت بتقنيات تقليدية في الهند، ومخطط الرحلة من ميناء ماندافي في جوجرات إلى مسقط خلال عامي ٢٠٢٥ أو ٢٠٢٦م، تباعًا لرحلة أخرى في مناطق أخرى. واتفق القائدان على أنَّ هذه الرحلة ستركز على الروابط التاريخية بين الهند وعُمان، الأمر الذي سيعزز قوة الثقة في العلاقات بين الشَّعبين والبلدين.
وأعرب الجانبان أيضًا عن التزامهما بتعزيز التعاون السياحي، ومشاركة أفضل الممارسات في السياحة المستدامة، وبحث إمكانات زيادة التدفقات السياحية بين البلدين.
وأدان القائدان الإرهاب بجميع أشكاله وأكَّدا على التزامهما بتعزيز التعاون للتأكيد على أهمية تعزيز القيم العالمية للسَّلام، والعدالة، والتعايش، والتسامح مع التأكيد على ضرورة التخلي عن جميع أشكال التطرف التي تؤدي إلى العنف، وخطاب الكراهية، والتمييز، والتحريض.
وناقش القائدان أيضًا القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وأعرب الجانبان عن التزامهما القوي بدعم الجهود التي تُعزز السلام والاستقرار في العالم وفي المنطقة.
وأكَّد البلدان على ضرورة التزام جميع الدول بالقانون الدولي، واحترام السيادة والسلامة الإقليمية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وحل النزاعات بالطرق السلمية من خلال الحوار والحلول الدبلوماسية.
وتمَّ التوقيع وتبادل الاتفاقيات ومذكّرات التفاهم التالية خلال الزيارة:
1. مذكّرة تفاهم بين وزارة الثقافة والرياضة والشباب في سلطنة عُمان ووزارة الثقافة في جمهورية الهند في مجال الثقافة.
2. مذكّرة تفاهم بين وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات في سلطنة عُمان ووزارة الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات في جمهورية الهند في مجال تكنولوجيا المعلومات.
3. مذكّرة تفاهم بين المركز الوطني للمعلومات المالية (FNCI) ووحدة المعلومات المالية (FIU) حول التعاون في تبادل المعلومات المتعلقة بغسل الأموال، والجرائم الأوَّلية المرتبطة وتمويل الإرهاب.
4. اتفاقية بين حكومة سلطنة عُمان وحكومة جمهورية الهند بشأن التوظيف المفيد للأشخاص المصاحبين للموظفين الرسميين.
5. مذكّرة تفاهم بين جامعة ظفار ومجلس العلاقات الثقافية الهندي حول إنشاء كرسي مجلس العلاقات الثقافية الهندي للدراسات الهندية – اللغة الهندية.
6. الأحكام الرئيسة لإنشاء الصندوق العُماني الهندي المشترك الثالث بين جهاز الاستثمار العُماني وبنك الدولة الهندي.
وأعرب القائدان عن ثقتهما في النطاق الواسع لتطوير العلاقات الثنائية بشكل أكبر، وقدَّم جلالة السُّلطان هيثم بن طارق شُكره وتقديره لرئيس الوزراء ناريندرا مودي على حُسن الضيافة من الحكومة والشَّعب الهندي، وقدَّم جلالتُه دعوةً لرئيس وزراء الهند لزيارة سلطنة عُمان».

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: بتعزیز التعاون جمهوریة الهند رؤیة مشترکة بین البلدین التعاون فی ب الهندی الع مانی الهند فی فی مجال من أجل

إقرأ أيضاً:

الاقتصاد الصحي في سلطنة عمان التحديات والفرص«1»

يشكل الاقتصاد الصحي جزءًا محوريًا من السياسات الاقتصادية والاجتماعية، حيث يعكس الاستثمار في القطاع الصحي أهمية الصحة كركيزة للتنمية البشرية والاقتصادية. شهد القطاع الصحي في سلطنة عمان تطورًا كبيرًا منذ السبعينيات، مدفوعًا بالخطط التنموية الحكومية، مع التركيز على توفير خدمات شاملة لجميع السكان، ما أدى إلى تحسين المؤشرات الصحية الوطنية.

ارتفاع التكاليف الصحية في سلطنة عمان يمثل قضية مهمة تؤثر على الأفراد والمجتمع ككل، إذ تشهد الخدمات الصحية في سلطنة تطورًا ملحوظًا على مستوى البنية الأساسية والخدمات المقدمة، لكن هذا التقدم يأتي مصحوبًا بزيادة في النفقات.

هناك عدة أسباب رئيسية لهذا الارتفاع، منها: ارتفاع الطلب على الخدمات الصحية بسبب الزيادة السكانية المتسارعة والتحول في نمط الأمراض من الأمراض المعدية إلى الأمراض المزمنة. ثم يأتي التطور التكنولوجي في القطاع الصحي العالمي والحاجة إلى استيراد هذه التقنيات، وارتفاع تكلفة الأدوية والمستلزمات الطبية والاعتماد على الاستيراد بسبب محدودية الإنتاج المحلي، وهناك سبب آخر وهو ارتفاع توقعات المرضى بشأن جودة الرعاية الصحية والخدمات المقدمة، كما أن التوجه نحو تنويع الاقتصاد قد يقلل من الأولوية التمويلية للقطاع الصحي مقارنة بقطاعات أخرى.

بالرغم من وجود هذه التحديات للقطاع الصحي هناك أيضا مخارج للتغلب على هذه التحديات والمصاعب ومنها: أولا: تعزيز الاستثمار في إنتاج الأدوية والمستلزمات الطبية محليًا وإقليميا (بالتعاون مع منظومة دول الخليج) لتقليل الاعتماد على الاستيراد. تعزيز الاستثمار في إنتاج الأدوية والمستلزمات الطبية على المستويين المحلي والإقليمي يمثل خطوة استراتيجية لتقليل الاعتماد على الاستيراد وضمان استدامة القطاع الصحي. دول مجلس التعاون الخليجي تمتلك مقومات اقتصادية وبنية أساسية تمكنها من تطوير صناعة دوائية ومستلزمات طبية قادرة على تلبية احتياجاتها المحلية والإقليمية. وهنا من الممكن تأسيس مجلس خليجي للصناعات الدوائية يهدف إلى تنسيق الجهود وتعزيز التكامل بين الدول الأعضاء ووضع سياسات مشتركة لدعم الصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية، ومن ثم إنشاء مصانع إقليمية مملوكة بشكل مشترك بين دول الخليج لإنتاج أدوية ومستلزمات طبية تخدم المنطقة والتركيز على إنتاج الأدوية الأساسية المكلفة واللقاحات والمستلزمات الطبية التي تشهد طلبًا متزايدًا، وفي سبيل ذلك يجب أن يتم استغلال الموارد الطبيعية لكل دولة لتوفير المواد الخام المستخدمة في الصناعة وتبادل الخبرات والمعرفة التقنية بين الدول الخليجية لتطوير منتجات بجودة عالية. ثم يأتي توحيد التشريعات واللوائح الخاصة بتسجيل الأدوية واعتمادها بين دول المجلس وتسهيل حركة المنتجات الدوائية بين الدول الأعضاء بدون قيود جمركية.

سينتج عن هذا التعاون تحقيق أمن دوائي إقليمي يقلل من الاعتماد على الأسواق الخارجية، ويدعم الاقتصاد الخليجي من خلال تنويع مصادر الدخل، وكذلك يعزز التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي لتحقيق تنمية صحية مستدامة. هذا الاستثمار في إنتاج الأدوية والمستلزمات الطبية محليًا وإقليميًا يمثل خطوة حيوية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الاقتصاد الصحي لدول مجلس التعاون الخليجي.

ثانيا: تحسين كفاءة إدارة الموارد الصحية من خلال الاستفادة من البيانات والتحول الرقمي. فمع التطور التكنولوجي المتسارع، أصبحت البيانات والتحول الرقمي أدوات حاسمة لتحسين إدارة الموارد الصحية وضمان تقديم خدمات صحية عالية الجودة. الاستفادة من هذه التقنيات يساعد في مواجهة تحديات القطاع الصحي ويعزز من كفاءته وفعاليته.

وتكمن أهمية تحسين كفاءة إدارة الموارد الصحية رقميا في ترشيد النفقات الصحية لتقليل الهدر المالي وضمان تخصيص الميزانيات بشكل أفضل وكذلك تقليل الأخطاء الإدارية والطبية التي تؤدي غالبا إلى ارتفاع التكاليف. كما أن تحسين كفاءة إدارة الموارد الصحية رقميا سيؤدي إلى تعزيز جودة الخدمات الصحية، فمن خلال تحسين التخطيط وتوزيع الموارد رقميا سيؤدي هذا إلى تقديم خدمات صحية أسرع وأكثر دقة ويساعد في ضمان توفر الموارد الأساسية مثل الكوادر الطبية والمستلزمات الصحية في الوقت والمكان المناسبين. وكذلك فإن استخدام أنظمة بيانات متطورة يساهم في الاستجابة السريعة للأزمات ويساعد على اتخاذ قرارات مستنيرة وسريعة خلال الأزمات الصحية مثل الأوبئة.

هناك عدة استراتيجيات مهمة في المجال التقني التي من الممكن أن تسهم بتحسين كفاءة إدارة الموارد الصحية رقميا ومنها: إنشاء نظام صحي رقمي موحد يهدف إلى تطوير قاعدة بيانات وطنية تجمع المعلومات الصحية لجميع المواطنين والمقيمين وربط المستشفيات والمراكز الصحية بنظام رقمي مركزي لتسهيل تبادل المعلومات، واستخدام البيانات الضخمة (Big Data) لتحليل البيانات الصحية على نطاق واسع لتحديد الأنماط والتوجهات وتوجيه القرارات الصحية بناءً على تحليلات دقيقة تتنبأ بالاحتياجات المستقبلية، وتطبيق الذكاء الاصطناعي (AI) لتحسين جدولة المواعيد الطبية وإدارة الأسرّة في المستشفيات وتحسين التشخيص الطبي من خلال تحليل الصور والتقارير الطبية باستخدام تقنيات التعلم الآلي. كما يمكن الاستفادة من التحول الرقمي في إدارة الموارد البشرية الصحية من خلال تطوير نظام رقمي لإدارة الكوادر الطبية بما يضمن توزيع العاملين حسب الحاجة ويُمكّن من مراقبة أداء الكوادر الصحية وتحفيزها على تحسين الإنتاجية. وهناك أيضا توجه عالمي نحو تبني وتطوير الصحة الإلكترونية (E-Health) والصحة الرقمية (Digital Health) بتعزيز استخدام التطبيقات الصحية التي تتيح للمرضى حجز المواعيد، والوصول إلى السجلات الطبية، والتواصل مع الأطباء عن بعد وتوفير خدمات التطبيب عن بُعد (Telemedicine) لتغطية المناطق الطرفية وبعض الظروف التي تمنع المريض من الوصول إلى مقدم الخدمة الصحية.

إن الاستفادة من البيانات والتحول الرقمي في إدارة الموارد الصحية سيمثل نقلة نوعية نحو تحقيق نظام صحي متطور ومستدام في سلطنة عمان،ويدعم«رؤية عمان 2040» ويساهم في ضمان رفاهية المواطنين والمقيمين. كما سيعمل على تحسين كفاءة توزيع الموارد وتقليل الهدر وتعزيز جودة الخدمات الصحية وزيادة رضا المرضى وبناء قطاع صحي مستدام قادر على مواجهة التحديات المستقبلية.

ثالثا: تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتوفير خدمات صحية مستدامة. فتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص (PPP) يعتبر خطوة استراتيجية لدعم استدامة القطاع الصحي في سلطنة عمان. يمكن لهذه الشراكات أن تسهم في تحسين جودة الخدمات الصحية وزيادة الكفاءة وتخفيف العبء المالي عن الحكومة، مع تحقيق أهداف «رؤية عمان 2040» في تعزيز رفاهية المجتمع وتنويع الاقتصاد.

وهناك عدة مجالات للتعاون الصحي بين القطاعين العام والخاص ومنها: تطوير البنية الأساسية الصحية في بناء وتشغيل المستشفيات والمراكز الصحية وكذلك إنشاء وحدات طبية متخصصة من خلال جذب المستثمرين الإقليميين والدوليين، ومجالات الصحة الرقمية من خلال الاستثمار في تطوير تطبيقات الصحة الإلكترونية والتطبيب عن بُعد وتطوير أنظمة السجلات الصحية الرقمية بالتعاون مع الشركات التكنولوجية، والأبحاث الصحية والتطوير للمساهمة بتمويل مشترك للأبحاث الصحية بين الحكومة والشركات الخاصة المحلية والدولية لتطوير حلول مبتكرة للعلاجات وإدارتها.

ومن الممكن أن يأخذ التعاقد الصحي مع القطاع الخاص أنواعا كالتعاقد طويل الأجل والتعاقد الاستثماري والتعاقد التشاركي. ومن المهم في هذا المجال التأكيد على ضرورة وضع قوانين تضمن توزيع الأدوار والمسؤوليات بين القطاعين بشكل متوازن، كما يمكن للحكومة تأسيس هيئة أو تقسيم تنظيمي في إحدى الوحدات للإشراف على تنفيذ ومتابعة الشراكات بين القطاعين. تكون للهيئة الصلاحيات التي تمكنها من تقديم التحفيز المناسب مثل الإعفاءات الضريبية وتنظيم الدعم المالي لجذب الاستثمارات.

تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص في القطاع الصحي يمثل خطوة حيوية لضمان تقديم خدمات صحية مستدامة وذات جودة عالية في سلطنة عمان، ويساهم في تحقيق التوازن بين التوسع في الخدمات الصحية وترشيد التكاليف المالية.

يواجه الاقتصاد الصحي في عمان تحديات هيكلية تتعلق بالتمويل وزيادة الطلب على الخدمات الصحية، لكنه يزخر بفرص لتعزيز الكفاءة من خلال تعزيز الاستثمار في التصنيع الطبي وتطوير وتبني التكنولوجيا والاستثمار في الشراكة بين القطاعين العام والخاص. يتطلب تحسين الاقتصاد الصحي استراتيجية شاملة تستند إلى الاستفادة من التعاون الإقليمي والشراكات بين القطاعين العام والخاص لضمان استدامة هذا القطاع الأساسي والحيوي، كما يساعد التصدي لهذه التحديات في تحقيق توازن بين تحسين جودة الخدمات الصحية وضبط تكاليفها بما يتناسب مع احتياجات المجتمع العماني.

مقالات مشابهة

  • سلطنة عمان وفرنسا تستعرضان العلاقات الثنائية والموضوعات العسكرية المشتركة
  • سلطنة عمان تستعرض فرصًا استثمارية بمؤتمر التعاون الياباني للبترول والطاقة المستدامة
  • سلطنة عمان ضيف شرف في معرض بغداد الدولي
  • دراسة ماليزية جديدة ترصد مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص في سلطنة عُمان 
  • 5.2 % زيادة بعدد المركبات في سلطنة عمان
  • شراكة استراتيجية بين "أسياد إكسبريس" و"أمازون" لتعزيز نمو التجارة الإلكترونية في عُمان
  • بنك عمان العربي يشارك في "منتدى الأعمال العماني الهندي"
  • مجلس العلوم الدولي يثمن دور سلطنة عمان في دعم المعرفة
  • الاقتصاد الصحي في سلطنة عمان التحديات والفرص«1»
  • سلطنة عمان تطّلع على تجربة مملكة البحرين في مكافحة الاتّجار بالبشر