لجريدة عمان:
2025-01-05@12:14:32 GMT

نوافذ: تحية الكتب إلى بعضها البعض!

تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT

يُلفت النظر في المجموعة القصصية «وقت قصير للهلع» للقاص العُماني يحيى بن سلام المنذري -التي أُعلِن قبل عدة أيام صعودها للقائمة القصيرة لجائزة الملتقى العربية للقصة- استدعاءه في إحدى قصص المجموعة مجموعةً قصصية قديمة للكاتب نفسه صدرت قبل عشرين عاما، هي «بيت وحيد في الصحراء». في تلك القصة (وهي «غليان الشاي») يوظّف المنذري يوميات كتبها عامل بنجالي عن حياته في عُمان، وخلال سرده ترد حكاية عن كتاب بعثته له أخته حسينة هدية من بنجلاديش، ويبدو أنه كتاب قصصي، ثم ما نلبث أن نعرف مع تقدم السرد أن الكتاب هو ترجمة إنجليزية لمجموعة قصصية ألّفها قاصّ عُماني عنوانها «بيت وحيد في الصحراء»!

لأول وهلة سيتبادر إلى ذهن القارئ أن يحيى سلام، حين رأى حاجة قصته إلى كتاب يقرأه أحد أبطالها اختار له عنوان إحدى مجموعاته القصصية من باب الترويج لها، بدلًا من اختيار عنوان عشوائي للكتاب، ومن نافل القول أن المؤلف له حرية اختيار أي عنوان يشاء.

لكننا ما نلبث أن نكتشف من تفاعل البنجالي مع الكتاب وتعليقاته على هوامشه -كما يخبرنا السارد- أنْ لا كتاب آخر يصلح لهذه القصة إلا «بيت وحيد في الصحراء» تحديدًا، كونه -أي الكتاب الحقيقي الذي تماهى مع كتاب القصة- تضمّن داخلَه مجموعة قصص عن العمال الهنود أسماها يحيى «زارعو غابة الإسمنت». وهكذا عاد كتاب قديم ليحيى سلام ليكون جزءًا حيويًّا من كتاب جديد، لا يمكن حذفه من القصة دون أن تتأثر.

وإذا كان المنذري قد أعاد إلى الواجهة -عن طريق الفن- كتابًا قديمًا من كتبه، فإن الروائي الكويتي سعود السنعوسي، وعلى النقيض تمامًا، بشر في روايته «ناقة صالحة» الصادرة عام 2019م، بكتاب مستقبلي له لم يصدر بعد! حين تحدث خلال هذه الرواية عن مدينة الطين، وعن روائيّ وقاص كويتي اسمه صادق بو حدب، وهو بالطبع شخصية خيالية تنتمي -حسب الرواية- إلى جيل أدباء الستينيات في الكويت، لنتفاجأ عند صدور رواية السنعوسي الجديدة «أسفار مدينة الطين» عام 2023م أنها مكتوبة بقلم صادق بو حدب هذا، كما يقول السنعوسي بعد صفحة الإهداء. بل إن «ناقة صالحة» توظف نفسها أيضًا كعمل أدبي يُسرَد عنه داخل الرواية، إذ أن السارد في معرض حديثه عن ذكر «ديار صالحة» في الأدب الكويتي يتحدث عن قصة عنوانها «ناقشة الحناء» من تأليف صادق بو حدب نُشِرتْ عام 1964م، ثم يضيف: «وبعد خمسٍ وخمسين سنة من تاريخ نشر تلك القصة أصدر الروائي الكويتي سعود السنعوسي روايته القصيرة «ناقة صالحة»، والتي تعيد إلى الأذهان قصة دخيل بن أسمر وصالحة آل مهروس التي ذكرها التاريخ بأكثر من رواية».

وإذا ما عدنا إلى رواية السنعوسي الأشهر «ساق البامبو» -الفائزة بجائزة البوكر للرواية العربية عام 2013م- فإننا نجدها تستدعي روايةً وكاتبها وتجعلهما مشاركَيْن فاعلين في الأحداث، إذْ أن بطل الرواية هوزيه ميندوزا (أو عيسى حسب اسمه الآخر) وفي معرضه بحثه المستميت عن أبيه راشد الطاروف، يذهب وأمه إلى رجل كويتي اسمه إسماعيل ويسألانه عنه، فيتضح أنه يعرفه، بل وشارك معه في مجموعة مقاومة أثناء الاحتلال العراقي للكويت، ويحدّث إسماعيل هذا الأم عن روايته التسجيلية التي وثق فيها أشهر الاحتلال السبعة، مضيفًا: «ليلة البارحة فقط انتهى دور راشد فيها واقعًا في أسر قوات الاحتلال»، ثم يخبرنا هوزيه في الهامش أن هذا الرجل هو الروائي الكويتي إسماعيل فهد إسماعيل، وأنه «استقرّ في الفلبين بعد تحرير بلاده لحواليّ ست سنوات، أنجز خلالها روايته السباعية التي تؤرخ لزمن الاحتلال: «إحداثيات زمن العزلة». وهكذا فقد شكّل الروائيُّ الكويتي الراحل وروايتُه، حضورًا فنِّيًّا مهمًّا في «ساق البامبو».

هذه أمثلة من الأدب في الخليج على الحياة التي يُمكن أن يمنحها كتاب أدبي لكتاب أدبي آخر، وهو أمر طبيعيّ، ذلك أن رواية جيدة -على سبيل المثال- يمكن أن تبعث تحية محبة أو إشارة ودّ إلى رواية جيدة أخرى (لعل تحية «ذاكرة غانياتي الحزينات» لماركيز إلى «الجميلات النائمات» لكاواباتا مثال بارز على هذا الأمر)، بل إن ثمة روايات عظيمة يمكن أن تمهّد الطريق إلى روايات عظيمة أخرى؛ فعلى سبيل المثال يرى الناقد الألماني الأمريكي فالتر كاوفمان أن رواية «التحوّل» الشهيرة لكافكا التي لها واحدة من أشهر افتتاحيات الروايات في الأدب العالمي: «استيقظ جريجوري سامسا ذات صباح بعد كوابيس مزعجة، فوجد نفسه قد تحوّل في فراشه إلى حشرة هائلة الحجم»، يرى كاوفمان أن الخيط الذي قاد إلى هذه الرواية عبارة قصيرة قالها رجل القبو في رواية دستيوفسكي «مذكرات قبو» (أو «مذكرات من العالم السفلي» في ترجمة أخرى): «لقد حاولتُ مرارًا أن أغدو حشرة».

سليمان المعمري كاتب وروائي عماني

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

مصطفى بكري يشيد بفيروز مكي مذيعة القاهرة الإخبارية.. تحية لوطنيتها وعروبتها

وجه الإعلامي مصطفى بكري، التحية لـ الإعلامية فيروز مكي مذيعة القاهرة الإخبارية، بعد مداخلة مثيرة مع المستشار بالحزب الجمهوري ليف لارسون، خلال برنامج "مطروح للنقاش"، قائلا: "تحية لوطنيتها وعروبتها".

الرواتب هتزيد.. مصطفى بكري يكشف مفاجآت سارة للمصريين (فيديو) مصطفى بكري: الشعب السوري سيرى الأمرّين من حكومة الجولاني (فيديو)

وأحرجت الإعلامية فيروز مكي، ليف لارسون المستشار بالحزب الجمهوري، خلال حلقة اليوم من برنامج "مطروح للنقاش"، عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، قائلة له: "لن نقبل السخرية من مأساة أطفالنا في غزة".

روح وطنية

وقال مصطفى بكري خلال تقديمه برنامج حقائق وأسرار، المذاع على قناة صدى البلد: "أعجب بالمذيعة المصرية الأصيلة الوطنية العروبية فيروز مكي، مذيعة قناة القاهرة الإخبارية، تلك المذيعة التي تحدثت بروح وطنية وردت بكل علم ووعي وإدراك وذكاء سياسي ومهني على أحد أعضاء الحزب الجمهوري الأمريكي".

وفي اللحظة التي تحدثت فيها فيروز مكي عن المآسي التي يعيشها الأطفال في غزة في ظل الأحداث المؤسفة والتصعيد المستمر، فوجئت بابتسامة المستشار الأمريكي، والتي جاءت خلال حديثه عن الوضع الفلسطيني. بدلاً من الصمت، اختارت مكي الرد بقوة، حيث قالت: "حين أطلب منك عدم الابتسام أعلم أنك تقوم بالسخرية".

واصلت مكي حديثها بتعبير واضح عن استيائها: "أنت تتحدث عن طفل فلسطيني يُباد وتبتسم؟! أطفالكم لا يعيشون ربع ما يعيشونه." وقد أكدت على عدم قبول المصريين لمثل هذه التصرفات على شاشة إعلامية عربية. 

مقالات مشابهة

  • مدير مكتب الأسد يكشف تفاصيل الساعات الأخيرة لبشار في القصر الرئاسي.. رواية مختلفة
  • قصور الثقافة تصدر رواية "ضربة حظ" لإسلام عشري
  • التنجيم في زمن التوترات السياسية.. لماذا يصدق البعض توقعات ليلى عبد اللطيف؟
  • اليمن يُغرد منفردًا
  • في كلمة متلفزة .. امين عام حزب الله يوجه تحية خاصة لليمن
  • زحزحة المعتقدات وسؤال الهُوية في رواية عائدٌ إلى حيفا
  • دار الأوبرا تحتضن حفل إطلاق رواية لعنة الخواجة.. 9 يناير
  • 7 مشاهير ارتكبوا حوادث دهس لمواطنين.. بعضها انتهى بالتصالح ودفع الدية
  • مصطفى بكري يشيد بفيروز مكي مذيعة القاهرة الإخبارية.. تحية لوطنيتها وعروبتها
  • حب مسموم.. رواية تناقش قضية النرجسية في ضوء التطور التكنولوجي