لجريدة عمان:
2024-11-25@20:32:20 GMT

نوافذ: تحية الكتب إلى بعضها البعض!

تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT

يُلفت النظر في المجموعة القصصية «وقت قصير للهلع» للقاص العُماني يحيى بن سلام المنذري -التي أُعلِن قبل عدة أيام صعودها للقائمة القصيرة لجائزة الملتقى العربية للقصة- استدعاءه في إحدى قصص المجموعة مجموعةً قصصية قديمة للكاتب نفسه صدرت قبل عشرين عاما، هي «بيت وحيد في الصحراء». في تلك القصة (وهي «غليان الشاي») يوظّف المنذري يوميات كتبها عامل بنجالي عن حياته في عُمان، وخلال سرده ترد حكاية عن كتاب بعثته له أخته حسينة هدية من بنجلاديش، ويبدو أنه كتاب قصصي، ثم ما نلبث أن نعرف مع تقدم السرد أن الكتاب هو ترجمة إنجليزية لمجموعة قصصية ألّفها قاصّ عُماني عنوانها «بيت وحيد في الصحراء»!

لأول وهلة سيتبادر إلى ذهن القارئ أن يحيى سلام، حين رأى حاجة قصته إلى كتاب يقرأه أحد أبطالها اختار له عنوان إحدى مجموعاته القصصية من باب الترويج لها، بدلًا من اختيار عنوان عشوائي للكتاب، ومن نافل القول أن المؤلف له حرية اختيار أي عنوان يشاء.

لكننا ما نلبث أن نكتشف من تفاعل البنجالي مع الكتاب وتعليقاته على هوامشه -كما يخبرنا السارد- أنْ لا كتاب آخر يصلح لهذه القصة إلا «بيت وحيد في الصحراء» تحديدًا، كونه -أي الكتاب الحقيقي الذي تماهى مع كتاب القصة- تضمّن داخلَه مجموعة قصص عن العمال الهنود أسماها يحيى «زارعو غابة الإسمنت». وهكذا عاد كتاب قديم ليحيى سلام ليكون جزءًا حيويًّا من كتاب جديد، لا يمكن حذفه من القصة دون أن تتأثر.

وإذا كان المنذري قد أعاد إلى الواجهة -عن طريق الفن- كتابًا قديمًا من كتبه، فإن الروائي الكويتي سعود السنعوسي، وعلى النقيض تمامًا، بشر في روايته «ناقة صالحة» الصادرة عام 2019م، بكتاب مستقبلي له لم يصدر بعد! حين تحدث خلال هذه الرواية عن مدينة الطين، وعن روائيّ وقاص كويتي اسمه صادق بو حدب، وهو بالطبع شخصية خيالية تنتمي -حسب الرواية- إلى جيل أدباء الستينيات في الكويت، لنتفاجأ عند صدور رواية السنعوسي الجديدة «أسفار مدينة الطين» عام 2023م أنها مكتوبة بقلم صادق بو حدب هذا، كما يقول السنعوسي بعد صفحة الإهداء. بل إن «ناقة صالحة» توظف نفسها أيضًا كعمل أدبي يُسرَد عنه داخل الرواية، إذ أن السارد في معرض حديثه عن ذكر «ديار صالحة» في الأدب الكويتي يتحدث عن قصة عنوانها «ناقشة الحناء» من تأليف صادق بو حدب نُشِرتْ عام 1964م، ثم يضيف: «وبعد خمسٍ وخمسين سنة من تاريخ نشر تلك القصة أصدر الروائي الكويتي سعود السنعوسي روايته القصيرة «ناقة صالحة»، والتي تعيد إلى الأذهان قصة دخيل بن أسمر وصالحة آل مهروس التي ذكرها التاريخ بأكثر من رواية».

وإذا ما عدنا إلى رواية السنعوسي الأشهر «ساق البامبو» -الفائزة بجائزة البوكر للرواية العربية عام 2013م- فإننا نجدها تستدعي روايةً وكاتبها وتجعلهما مشاركَيْن فاعلين في الأحداث، إذْ أن بطل الرواية هوزيه ميندوزا (أو عيسى حسب اسمه الآخر) وفي معرضه بحثه المستميت عن أبيه راشد الطاروف، يذهب وأمه إلى رجل كويتي اسمه إسماعيل ويسألانه عنه، فيتضح أنه يعرفه، بل وشارك معه في مجموعة مقاومة أثناء الاحتلال العراقي للكويت، ويحدّث إسماعيل هذا الأم عن روايته التسجيلية التي وثق فيها أشهر الاحتلال السبعة، مضيفًا: «ليلة البارحة فقط انتهى دور راشد فيها واقعًا في أسر قوات الاحتلال»، ثم يخبرنا هوزيه في الهامش أن هذا الرجل هو الروائي الكويتي إسماعيل فهد إسماعيل، وأنه «استقرّ في الفلبين بعد تحرير بلاده لحواليّ ست سنوات، أنجز خلالها روايته السباعية التي تؤرخ لزمن الاحتلال: «إحداثيات زمن العزلة». وهكذا فقد شكّل الروائيُّ الكويتي الراحل وروايتُه، حضورًا فنِّيًّا مهمًّا في «ساق البامبو».

هذه أمثلة من الأدب في الخليج على الحياة التي يُمكن أن يمنحها كتاب أدبي لكتاب أدبي آخر، وهو أمر طبيعيّ، ذلك أن رواية جيدة -على سبيل المثال- يمكن أن تبعث تحية محبة أو إشارة ودّ إلى رواية جيدة أخرى (لعل تحية «ذاكرة غانياتي الحزينات» لماركيز إلى «الجميلات النائمات» لكاواباتا مثال بارز على هذا الأمر)، بل إن ثمة روايات عظيمة يمكن أن تمهّد الطريق إلى روايات عظيمة أخرى؛ فعلى سبيل المثال يرى الناقد الألماني الأمريكي فالتر كاوفمان أن رواية «التحوّل» الشهيرة لكافكا التي لها واحدة من أشهر افتتاحيات الروايات في الأدب العالمي: «استيقظ جريجوري سامسا ذات صباح بعد كوابيس مزعجة، فوجد نفسه قد تحوّل في فراشه إلى حشرة هائلة الحجم»، يرى كاوفمان أن الخيط الذي قاد إلى هذه الرواية عبارة قصيرة قالها رجل القبو في رواية دستيوفسكي «مذكرات قبو» (أو «مذكرات من العالم السفلي» في ترجمة أخرى): «لقد حاولتُ مرارًا أن أغدو حشرة».

سليمان المعمري كاتب وروائي عماني

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

كمين عيترون: الرواية الكاملة للكمين على لسان جندي صهيوني مشارك

كانت هذه المعركة بمثابة تصدٍ شرسٍ من مقاتلي حزب الله ضد محاولة اقتحام قامت بها قوة من “جيش” العدو الإسرائيلي، حيث تحصّنت هذه القوة في مبنى مدمر داخل القرية. وقد أسفرت المعركة عن حصار طويل واشتباكات عنيفة استمرت لما يقارب 14 ساعة.

وقبل الخوض في تفاصيل الكمين وفق شهادة الجندي المصاب، نشير الى أن العدو الإسرائيلي كان قد أعلن في 1 أكتوبر الماضي بدء عملية عسكرية برية ضد لبنان شملت غارات جوية وقصفا مدفعياً واغتيالات، لكن جيش العدو لم يتمكن حتى الآن من التمركز في أي قرية أو بلدة دخل إليها بسبب المقاومة التي يواجهها من قبل مجاهدو حزب الله، وهي الحقيقة التي تناقض ادعاءات العدو وتقزّم كل إنجازاته الميدانية، لا سيما مع حجم الخسائر المهولة التي يتكبّدها في المواجهات، وتكرّس واقع الفشل الكبير الذي يُمنى به العدو يومياً في مواجهاته مع المقاومة الإسلامية في لبنان.

وقد بلغت الحصيلة التراكمية لخسائر جيش العدو منذ بدء ما سماه “المناورة البرية في جنوب لبنان وحتى قبل أسبوع ،وفقاًُ لبيانات المقاومة، ، أكثر من 100 قتيل و1000 جريح من ضباطه وجنوده، كما تم تدمير 43 دبابة ميركافا، و8 جرافات عسكرية، وآليتي هامر، ومُدرعتين، وناقلتي جنود، وتم إسقاط 4 مُسيرات من طراز “هرميس 450″، ومسيرتين من طراز “هرميس 900”

 

كواليس الكمين المرعب والأكبر:
وفقًا للمراسل العسكري لصحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية يوآف زيتون، الذي أجرى لقاءً مع أحد جنود العدو الإسرائيلي الذي شارك في اشتباك عيترون وكمينها الشهير وأصيب خلاله، فإن المعركة تعتبر الأطول والأكثر دموية التي خاضها جيش العدو الإسرائيلي في جنوب لبنان، حيث أدت إلى مقتل 6 جنود صهاينة وإصابة 14 آخرين بجروح متفاوتة. (الحصيلة متوافقة مع العدد المعلن عنه رسمياً من قبل جيش العدو، مع الإشارة إلى فرض العدو سياسة الحظر الإعلامي).

تجسدت اللحظة الدرامية التي ستظل عالقة في أذهان المشاركين، من خلال مشهد إنقاذ أحد جنود العدو المصابين، وهو “إيتاي فوكس”، البالغ من العمر 24 عامًا. حيث حاول المقاومة من خلال رفع قبضته أثناء عملية إنقاذه، في محاولة لتقليل آثار الهزيمة والخسائر التي تكبدها الجيش العدو الإسرائيلي في هذه المعركة المؤلمة.


كمين عيترون
خلال هذه المعركة، لقي 6 جنود صهاينة من لواء “ناحال الشمالي ألون 228” مصرعهم، واستمرت الاشتباكات مع تبادل إطلاق النار وإلقاء القنابل اليدوية، بالإضافة إلى عمليات التفتيش المعقدة لإنقاذ القتلى والجرحى تحت جنح الظلام. دخلت القوة الإسرائيلية إلى المبنى المدمر جراء غارة جوية، حيث كان هناك عنصران من حزب الله قد كمنا لهم، وعند دخول القوة، أطلق مجاهدو حزب الله النار بشكل مفاجئ، مما أسفر عن وقوع إصابات فادحة.

لاحقاً أدى تبادل إطلاق النار إلى اشتعال النيران بشكل كبير في المبنى، كما تعرضت قوة دعم إسرائيلية لإطلاق نار مكثف، مما أوقع العديد من الضحايا في صفوف القوة المساندة.

الفوضى تسود إثر انهيار الصف القيادي:
خلال مجريات المعركة، فقدت قوات العدو الإسرائيلي القدرة على التواصل الفعّال بين “الجنود والضباط،” الأمر الذي دفع “الفرقة 91” إلى الاعتقاد بأن “الجنود” قد وقعوا في الأسر. وصف أحد الجنود الصهاينة المشاركين في المعركة المشهد بأنه كان مليئًا بالفوضى والصراخ، مما زاد من حدة التوتر في تلك اللحظات الصعبة والحرجة.

بعد التعرّض لحدث معقّد وصعب، أصيب جنود الاحتياط من اللواء الصهيوني ذاته تحت قيادة “يانيف مالكا” بجروح خطيرة، وتعرض العديد من جنود العدو للقتل. وظلت القوة الصهيونية محاصرة في المبنى المدمر لساعات، ومع استقدام مزيد من القوات تمكنت “وحدات النخبة” من تحديد موقعهم وإنقاذهم بصعوبة بالغة، وبعيداً عن شهادة “الجندي” الصهيوني الجريح لا يستبعد أنّ هذه القوة النخبوية تعرّضت هي الأخرى لخسائر في صفوفها، وإن تحفظ العدو عن ذكر خسائره هنا في سياق الغموض والملابسات التي تغطي سردية الإنكار كاملة عن خسائره في الكمين.

تعتبر هذه المعركة، بحسب تسلسل الأحداث التي استعرضتها الصحيفة العبرية، آخر نشاط عملياتي لكتيبة الاحتياط في “عيترون” وهذا له دلالته. حيث أصر القادة العسكريون على التسلل إلى القرية لمهاجمة وتدمير البنية التحتية المسلحة لوحدة الرضوان التابعة لحزب الله.

كما أوضح “اللواء” في احتياط العدو “يوفال داغان” في حديثه للصحيفة العبرية: “كنا نعلم بوجود عدد أكبر من المسلحين في القرية، بعد أن عثرنا على آلاف الأسلحة ودمرناها، إضافة إلى اكتشاف مقر تحت الأرض لحزب الله، وشاحنات صغيرة مزودة بقاذفات صواريخ متعددة الفوهات. وقد قمنا بتكثيف العملية عبر الخداع للوصول إلى مبنى البلدية الذي كان يُعتقد أنه المقر المركزي لحزب الله”.

ووفقاً لـ”داغان”، فقد شنت القوات الإسرائيلية “هجومًا استمر ليوم كامل، حيث قام سلاح الجو الإسرائيلي بقصف بعض المباني المشبوهة لتسهيل تقدم القوات”، لكن الواقع كان معقداً، حيث أن المسلحين كانوا يختبئون بين الأنقاض.


كمين عيترون
معركة شرسة ومواجهات ضارية:
قال اللواء في احتياط ” جيش” العدو إنه في” الساعة 14:31 تلقى أول اتصال عبر أجهزة الاتصال اللاسلكي يفيد بوقوع حدث صعب، حيث كان من الصعب الحصول على معلومات دقيقة حول الوضع الميداني بسبب إصابة العديد من الضباط. وتظهر التحقيقات الأولية للجيش الإسرائيلي أن القوة الأولى التي دخلت المبنى “لتطهيره” من المسلحين، والتي كانت تضم 6 جنود، تعرضت لإطلاق نار شديد من مسافة قريبة من قبل مسلحَين إثنين من حزب الله مختبئين بين الركام”.

كما ألقى مجاهدو حزب الله قنابل يدوية، مما أدى إلى اشتعال حريق كبير في المبنى، وأضاف” اعتقد باقي جنود السرية الذين هرعوا إلى موقع الحادث لإنقاذ رفاقهم المصابين، بسبب الدخان الكثيف، أن هناك مسلحًا واحدًا فقط. لكن في الواقع، كان هناك مسلح آخر مختبئ تحت الأنقاض، ينتظر الفرصة المناسبة لإطلاق النار”.

وصف الجندي الصهيوني ” إيتاي فوكس” تجربته بقوله: “كنت ضمن قوة إسناد ورأيت أربعة أو خمسة جنود مصابين في باحة المبنى، بعضهم لم يكن يتحرك ولا يستجيب. كنت أعلم أنه وفقًا للإجراءات، يجب أولاً القضاء على التهديد وقتل المسلحين، ومن ثم إنقاذ الجرحى وتخليص القتلى”.

وأضاف: “أطلقت نيرانًا على نقاط مشبوهة ثم أنزلت بندقيتي الرشاشة لأستطيع إنقاذ جندي جريح آخر وسحبه إلى الخلف. في تلك اللحظة، كانت الأجواء هادئة نسبيًا، لكنني أصبت برصاصة دخلت بجوار الأرداف وخرجت من الفخذ”.

بأس المقاومة يفرض على العدو تغيير خططه:
ومن الواضح أن العدو الإسرائيلي تفاجأ بشدة المقاومة في تصديها أثناء التوغل البري رغم حشده الهائل للفرق العسكرية والنخبوية من قواته، وكذلك رغم اغتياله عدد كبير من القادة العسكريين على المستويين الأول والثاني، لكن جيش العدو وأمام استبسال المقاومين اضطر لدفع خطته إلى تعديل إستراتيجي والتحول إلى تكتيك جديد يعتمد على الدخول إلى المناطق وتفخيخ المباني ثم تفجيرها، والانسحاب السريع لتفادي المزيد من الخسائر البشرية، خاصة بعد نجاح المقاومة في نصب الكمائن.

مقالات مشابهة

  • الرواية.. بين الانتصار للحقوق وإملاءات الجوائز
  • عاجل | الجيش الإسرائيلي: رصد 20 صاروخا أطلقت من لبنان باتجاه الجليل الغربي تم اعتراض بعضها وسقطت أخرى بمناطق مفتوحة
  • تحية وسلام.. للشهداء والأبطال
  • سر المرة الوحيدة التي بكى فيها سمير غانم على الشاشة.. ما القصة؟
  • الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
  • كمين عيترون: الرواية الكاملة للكمين القاتل على لسان جندي صهيوني مشارك
  • "مانهاتن الصحراء".. مدينة عربية بناطحات من الطين
  • أغرب 4 أسماك في العالم.. بعضها يمتلك أسنان بشرية ويتغذى على الخشب
  • كمين عيترون: الرواية الكاملة للكمين على لسان جندي صهيوني مشارك
  • مناوي: “المشتركة سمال جنجويد” .. ألف تحية وتقدير لكم يا أبطال