لجريدة عمان:
2025-02-09@00:26:48 GMT

نوافذ: تحية الكتب إلى بعضها البعض!

تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT

يُلفت النظر في المجموعة القصصية «وقت قصير للهلع» للقاص العُماني يحيى بن سلام المنذري -التي أُعلِن قبل عدة أيام صعودها للقائمة القصيرة لجائزة الملتقى العربية للقصة- استدعاءه في إحدى قصص المجموعة مجموعةً قصصية قديمة للكاتب نفسه صدرت قبل عشرين عاما، هي «بيت وحيد في الصحراء». في تلك القصة (وهي «غليان الشاي») يوظّف المنذري يوميات كتبها عامل بنجالي عن حياته في عُمان، وخلال سرده ترد حكاية عن كتاب بعثته له أخته حسينة هدية من بنجلاديش، ويبدو أنه كتاب قصصي، ثم ما نلبث أن نعرف مع تقدم السرد أن الكتاب هو ترجمة إنجليزية لمجموعة قصصية ألّفها قاصّ عُماني عنوانها «بيت وحيد في الصحراء»!

لأول وهلة سيتبادر إلى ذهن القارئ أن يحيى سلام، حين رأى حاجة قصته إلى كتاب يقرأه أحد أبطالها اختار له عنوان إحدى مجموعاته القصصية من باب الترويج لها، بدلًا من اختيار عنوان عشوائي للكتاب، ومن نافل القول أن المؤلف له حرية اختيار أي عنوان يشاء.

لكننا ما نلبث أن نكتشف من تفاعل البنجالي مع الكتاب وتعليقاته على هوامشه -كما يخبرنا السارد- أنْ لا كتاب آخر يصلح لهذه القصة إلا «بيت وحيد في الصحراء» تحديدًا، كونه -أي الكتاب الحقيقي الذي تماهى مع كتاب القصة- تضمّن داخلَه مجموعة قصص عن العمال الهنود أسماها يحيى «زارعو غابة الإسمنت». وهكذا عاد كتاب قديم ليحيى سلام ليكون جزءًا حيويًّا من كتاب جديد، لا يمكن حذفه من القصة دون أن تتأثر.

وإذا كان المنذري قد أعاد إلى الواجهة -عن طريق الفن- كتابًا قديمًا من كتبه، فإن الروائي الكويتي سعود السنعوسي، وعلى النقيض تمامًا، بشر في روايته «ناقة صالحة» الصادرة عام 2019م، بكتاب مستقبلي له لم يصدر بعد! حين تحدث خلال هذه الرواية عن مدينة الطين، وعن روائيّ وقاص كويتي اسمه صادق بو حدب، وهو بالطبع شخصية خيالية تنتمي -حسب الرواية- إلى جيل أدباء الستينيات في الكويت، لنتفاجأ عند صدور رواية السنعوسي الجديدة «أسفار مدينة الطين» عام 2023م أنها مكتوبة بقلم صادق بو حدب هذا، كما يقول السنعوسي بعد صفحة الإهداء. بل إن «ناقة صالحة» توظف نفسها أيضًا كعمل أدبي يُسرَد عنه داخل الرواية، إذ أن السارد في معرض حديثه عن ذكر «ديار صالحة» في الأدب الكويتي يتحدث عن قصة عنوانها «ناقشة الحناء» من تأليف صادق بو حدب نُشِرتْ عام 1964م، ثم يضيف: «وبعد خمسٍ وخمسين سنة من تاريخ نشر تلك القصة أصدر الروائي الكويتي سعود السنعوسي روايته القصيرة «ناقة صالحة»، والتي تعيد إلى الأذهان قصة دخيل بن أسمر وصالحة آل مهروس التي ذكرها التاريخ بأكثر من رواية».

وإذا ما عدنا إلى رواية السنعوسي الأشهر «ساق البامبو» -الفائزة بجائزة البوكر للرواية العربية عام 2013م- فإننا نجدها تستدعي روايةً وكاتبها وتجعلهما مشاركَيْن فاعلين في الأحداث، إذْ أن بطل الرواية هوزيه ميندوزا (أو عيسى حسب اسمه الآخر) وفي معرضه بحثه المستميت عن أبيه راشد الطاروف، يذهب وأمه إلى رجل كويتي اسمه إسماعيل ويسألانه عنه، فيتضح أنه يعرفه، بل وشارك معه في مجموعة مقاومة أثناء الاحتلال العراقي للكويت، ويحدّث إسماعيل هذا الأم عن روايته التسجيلية التي وثق فيها أشهر الاحتلال السبعة، مضيفًا: «ليلة البارحة فقط انتهى دور راشد فيها واقعًا في أسر قوات الاحتلال»، ثم يخبرنا هوزيه في الهامش أن هذا الرجل هو الروائي الكويتي إسماعيل فهد إسماعيل، وأنه «استقرّ في الفلبين بعد تحرير بلاده لحواليّ ست سنوات، أنجز خلالها روايته السباعية التي تؤرخ لزمن الاحتلال: «إحداثيات زمن العزلة». وهكذا فقد شكّل الروائيُّ الكويتي الراحل وروايتُه، حضورًا فنِّيًّا مهمًّا في «ساق البامبو».

هذه أمثلة من الأدب في الخليج على الحياة التي يُمكن أن يمنحها كتاب أدبي لكتاب أدبي آخر، وهو أمر طبيعيّ، ذلك أن رواية جيدة -على سبيل المثال- يمكن أن تبعث تحية محبة أو إشارة ودّ إلى رواية جيدة أخرى (لعل تحية «ذاكرة غانياتي الحزينات» لماركيز إلى «الجميلات النائمات» لكاواباتا مثال بارز على هذا الأمر)، بل إن ثمة روايات عظيمة يمكن أن تمهّد الطريق إلى روايات عظيمة أخرى؛ فعلى سبيل المثال يرى الناقد الألماني الأمريكي فالتر كاوفمان أن رواية «التحوّل» الشهيرة لكافكا التي لها واحدة من أشهر افتتاحيات الروايات في الأدب العالمي: «استيقظ جريجوري سامسا ذات صباح بعد كوابيس مزعجة، فوجد نفسه قد تحوّل في فراشه إلى حشرة هائلة الحجم»، يرى كاوفمان أن الخيط الذي قاد إلى هذه الرواية عبارة قصيرة قالها رجل القبو في رواية دستيوفسكي «مذكرات قبو» (أو «مذكرات من العالم السفلي» في ترجمة أخرى): «لقد حاولتُ مرارًا أن أغدو حشرة».

سليمان المعمري كاتب وروائي عماني

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

حفل توقيع رواية "هزيمة الحلم الأول" لعمرو بدر بنقابة الصحفيين

نظمت اللجنة الثقافية بنقابة الصحفيين، اليوم، ندوة وحفل توقيع رواية "هزيمة الحلم الأول" للكاتب الصحفي عمرو بدر، عضو مجلس نقابة الصحفيين الأسبق، وذلك بقاعة محمد حسنين هيكل.

شارك على منصة نقاش الندوة الكاتب الصحفي والأديب الدكتور عمار علي حسن، والكاتب الصحفي محمود مطر، نائب رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون، والكاتب والناشر حسين عثمان، مؤسس دار ريشة للنشر والتوزيع، ودار الندوة الكاتب الصحفي تامر هنداوي.

كما شارك في حفل التوقيع من الضيوف الفنانة سيمون، والكاتب الصحفي خالد البلشي، نقيب الصحفيين، ومحمد الجارحي، عضو مجلس نقابة الصحفيين، ومحمد ابو السعود، عضو مجلس نقابة الصحفيين، وعاطف عبد الغني، مدير تحرير مجلة أكتوبر، وصفوت عمران، نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية.

من جانبه قال الكاتب الصحفي عمرو بدر، إن روايته "هزيمة الحلم الأول" والتي ترصد أحلام جيل ثورة ٢٥ يناير امتازت بالبساطة وعدم الإطالة، مؤكدا أن العصر الحالي هو عصر السوشيال ميديا والتغريدات القصيرة، لذا اعتمد هذا الأسلوب في الرواية.

ويؤمن عمرو بدر بأن الصحافة ليست مجرد مهنة، بل معركة دائمة من أجل الحرية والعدالة، وأن الأحلام، مهما تعرضت للهزيمة، تبقى نقطة ضوء تنير الطريق.

مقالات مشابهة

  • "بعضها متعمد".. فرض حظر التجوال بسبب حرائق الغابات في تشيلي
  • حفل توقيع رواية "هزيمة الحلم الأول" لعمرو بدر بنقابة الصحفيين
  • مأخوذ عن رواية The Whisper Man.. تفاصيل فليم روبرت دي نيرو الجديد
  • «مركز جمعة الماجد» ينظم محاضرة عن الكتب المؤثرة
  • سوريا بعد الأسد.. كيف تزور دمشق القديمة وكأنك تقرأ رواية ملحمية؟
  • «فتاة وبحيرتان».. رواية تُبحر فى أعماق النفس والقدر
  • صندوق تمويل المشروعات التعليمية يدعم سداد جزء من تكاليف الكتب المدرسية
  • إدارة تعليم الجوف تنظم ملتقى نوافذ حوارية للموجهين الطلابيين
  • تغيير ديمغرافي في صنعاء.. جماعة الحوثي تستولون على مرتفعات جبلية وتخصص بعضها لعناصرها القادمين من صعدة
  • المسيحيون في سوريا.. ما وراء رواية نظام الأسد