الرؤية- سارة العبرية

يمارس الاحتلال الإسرائيلي أشكالا متنوعة من التنكيل بحق الصحفيين والإعلاميين في فلسطين، مثل القتل والاعتقال والتنكيل والتهديد والتشريد، ولا يقتصر هذا التنكيل على المراسلين وحسب؛ بل امتد إلى أسرهم أيضًا.

وتضطلع وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية بدورٍ مُهم في تسليط الضوء على الأحداث وتوجيه الرأي العام باتجاه معين، وفي سياق الحرب على قطاع غزة والمعاناة التي يواجهها الشعب الفلسطيني، تبيّن أن الاحتلال اتبع نهجين رئيسيين في التعامل مع وسائل الإعلام.

أولًا، يستغل الكيان الصهيوني بعض وسائل الإعلام لنشر الرواية الإسرائيلية وتبرير الإبادة الفلسطينية تحت مظلة الدفاع عن النفس،  وثانيًا يقوم يتنفيذ هجمات على المراسلين الذين يسعون إلى رصد الحقائق، وكشف أكاذيب الاحتلال من خلال تقديم تقارير دقيقة وموضوعية تكشف انتهاكات جيش الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.

ولقد أسفر هذا النهج إلى استشهاد أكثر من 90 صحفيًّا، رغم ارتدائهم شارات الإعلام، والقيام بواجبهم المهني في تغطية الأحداث؛ ليسارع قادة الاحتلال للتنصل من المسؤولية واتهام المقاومة.

ويقول "ميك والاس" العضو الإيرلندي في البرلمان الأوربي: "يستهدف الاحتلال الصحفيين الذين يتجرؤون على تقديم تقارير عن جرائم الحرب الصهيونية"، في حين يحفل التاريخ بجرائم الاحتلال مثل اغتيال أصحاب الكلمة الحرة خوفًا من إظهار الحقيقة، فلم تبدأ الاعتداءات الإسرائيلية على الصحفيين مع العدوان على غزة، وإنما تقترن بالجرائم المتكررة والممتدة منذ عقود ضد الفلسطينيين سواء في الضفة الغربية أو غزة.

وفي عام 2018م، اعتقلت قوات الاحتلال 4 إعلاميين في قناة القدس الفلسطينية، وأشرفت على عملية تعذيبهم بعد اتهامهم بالتحريض على الإرهاب.

ووفق تقرير منظمات حقوقية عربية، يقبع في السجون الإسرائيلية نحو 19 صحفيًّا وإعلاميًّا، يعيشون أوضاعًا إنسانية سيئة تحت التعذيب، وليس من المستغرب أن تعتقل قوات الأمن بعض الصحفيين الإسرائيليين الذين أدانوا عمليات الكيان ضد الفلسطينيين، أمثال "يسرائيل فراي" الذي اعتُقل على خلفية التغريد بحق الشعب الفلسطيني في مُقاومة المحتل.

وفي حال الفشل في الوصول إلى الصحفيين والإعلاميين، تتعمد قوات الاحتلال استهداف عوائلهم، على غرار ما حدث باستهداف عائلة وائل الدحدوح مراسل قناة الجزيرة استشهاد 20 من أفراد أسرة هاني المغاري المراسل بقناة الأقصى.

ومن أبرز الانتهاكات بحق الصحفيين، استهداف مصور قناة الجزيرة سامر أبو دقة في غزة خلال تغطيته القصف الإسرائيلي على مدرسة فرحانة في خانيوس، والاعتداء على فريق "بي بي سي" في تل أبيب، واغتيال الصحفي اللبناني عصام عبد الله الذي يعمل في وكالة رويترز وإصابة عدد من الصحفيين الذين يعملون في وكالات أجنبية، إلى جانب اغتيال مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة فاجعة التي اعتاد المجتمع العربي على صوتها وصورتها لمدة 25 عاما.

ويزخر سجل قوات الاحتلال الإسرائيلي باعتداءات ممنهجة على الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام، راح ضحيتها -قبل عملية طوفان الأقصى- ما يزيد عن 46 صحفيًا، كما يكشف العدوان على غزة في 2021 -خلال معركة "سيف القدس"- استهداف عدد من مقار وسائل الإعلام بغارات جوية.

ووفقًا لتقرير نشرته منظمة "مراسلون بلا حدود"، تعرَّض أكثر من 144 صحفيًا من الفلسطينيين والأجانب، للاعتداءات من قبل جيش الاحتلال أثناء تغطيتهم للأحداث في فلسطين المحتلة خلال الفترة من 2018 إلى 2022.

وتتنوع هذه الهجمات بين إطلاق النار عليهم، ورشقهم بالقنابل الغازية والقنابل الصوتية، والاعتداء بالعصي، والسحل، مما أسفر عن إصابات بليغة أدت في الغالب إلى إعاقات دائمة، مثل فقدان الأطراف والأعين، والتشوهات في الوجه.

ومن بين هذه الاستهدافات، إصابة الصحفي يوسف الكرنز الذي فقد ساقه اليسرى أثناء تغطيته أحداث مسيرة العودة في 2018، والصحفي بتلفزيون القدس سامي مصران الذي فقد عينًا بعد أن أصيب بالرصاص في 2019، ومراسل وكالة الأناضول علي جاد الله الذي استُهدف لثالث مرة برصاصة مطاطية في رأسه.

وحسب نقابة الصحفيين الفلسطينيين، فقد أدت هذه الاعتداءات إلى اغتيال أكثر من 46 صحفيًا منذ 2000 وحتى 2022، بينهم صحفي "صوت الأقصى" يوسف أبو حسين عام 2021 جراء القصف الإسرائيلي لمدينة غزة، وصحفي وكالة أسوشيتد برس الإيطالي سيموني كاميلي الذي قُتل برفقة مترجمه الفلسطيني علي شهة جراء انفجار صاروخ إسرائيلي في غزة 2014.

وحسب تقرير "لجنة حماية الصحفيين"، يشكل الفلسطينيون 90% من الصحفيين والإعلاميين الذين قُتلوا على يد الجيش الإسرائيلي. أما الـ10% فكانوا من الصحفيين الأجانب.

ولا يقتصر استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي لوسائل الإعلام على أشخاص العاملين بها؛ فقد أشار "منتدى الإعلاميين الفلسطينيين" إلى أن الاحتلال الإسرائيلي دمّر عدة مقار لمؤسسات إعلامية في غزة، منها وكالة شهاب، ومكتب صحيفة الأيام، وشركة "إيفينت" للخدمات الإعلامية، ومكتب اليوم الإخباري، ووكالة معا وسوا، وإذاعة القرآن الكريم، وإذاعة بلدنا، ومؤسسة فضل شناعة، وغيرها من المؤسسات ممن لم يتم رصدها بسبب العدوان.

وفي 15 مايو 2021، تعرَّض برج الجلاء في غزة لاستهداف من قِبَل 4 صواريخ إسرائيلية، والذي يحتوي على مقار لعدة وسائل إعلام دولية ومحلية، وقبل ذلك، استهدفت الطائرات الحربية برج الشروق، الواقع في نفس الحي، الذي يضم مقار 15 وسائل إعلام، من بينها قناة روسيا اليوم وتلفزيون الألماني "زي دي إف" وتلفزيون دبي.

كما شهد العدوان على غزة في عام 2021 تدمير مقار عدد من وسائل الإعلام العربية والدولية، ووثقت نقابة الصحفيين الفلسطينيين تدمير أكثر من 33 مؤسسة إعلامية خلال 10 أيام من القصف الإسرائيلي، أبرزها: شبكة الجزيرة ووكالة أسوشيتد برس الأمريكية.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

إيران تراقب إدارة ترامب عن كثب

نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، تحليلاً تناولت فيه الإشارات والرسائل المنشورة في وسائل الإعلام الإيرانية حول احتمالية وجود حل دبلوماسي في الأزمة مع الولايات المتحدة.

وذكرت "جيروزاليم بوست"، أن إيران تراقب عن كثب كيفية تعامل إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب مع سياستها، مشيرة إلى أن طهران ربما كانت تتوقع عودة حملة الضغط الأقصى من واشنطن كما حدث في الإدارة الأولى، وعلى الرغم من ذلك، فإنها ترى فرصة سانحة لمحاولة تهدئة الولايات المتحدة الأمريكية.
وأضافت الصحيفة تحت عنوان "إيران تراقب إدارة ترامب الجديدة عن كثب"، إلى ما نُشر في 29 يناير (كانون الثاني) في وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية، بأنه لم يتم إرسال أو تلقي رسالة مُحددة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، وما يتم طرحه موجود فقط في وسائل الإعلام، وذلك نقلاً عن وزير الخارجية عباس عراقجي.
واعتبرت الصحيفة أن هذا مهم لأن نفس وسائل الإعلام الرسمية كانت قد قالت إنه "قد يرسل ترامب إشارات مبدئية إلى إيران حول الانفتاح على الدبلوماسية"، كما ذكر التقرير أن وزير الخارجية الإيراني "رفض التكهنات الإعلامية حول التبادلات الدبلوماسية بين طهران وواشنطن". 

بين التصعيد والمساومة: هل تسعى إيران لعقد صفقة مع ترامب؟https://t.co/1aZKg0XD5E pic.twitter.com/LErZs2I3Va

— 24.ae (@20fourMedia) January 29, 2025  رغبة إيران في التواصل

وقالت الصحيفة إنه على الرغم من ذلك، إلا أن إيران تلمح أنها تريد التواصل مع واشنطن، وأن عراقجي صرح بأنه لا توجد ثقة كبيرة بين الولايات المتحدة وإيران، ولكنه ذكر إمكانية إعادة الثقة بين البلدين، موضحة أن الدبلوماسي الإيراني تطرق أيضاً إلى الاتفاق النووي الذي أُبرم عام 2015، والذي انسحبت إدارة ترامب الأولى منه عام 2018، وردت إيران بتجاوز القيود النووية للاتفاق بشكل تدريجي، وصولا إلى تخصيب اليورانيوم إلى 60% وتركيب أجهزة طرد مركزي متقدمة.

إيران تنتظر سياسة واضحة

كما ألقت الصحيفة الضوء على ما قالته وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية، بأن الجهود الرامية إلى إحياء الاتفاق في ظل إدارة بايدن توقفت في عام 2023 بسبب الخلافات حول آليات رفع العقوبات، مشيرة إلى أن إيران تنتظر سياسة واضحة، وهذا ما أوضحه عراقجي عندما قال "لا يمكن حل انعدام الثقة بسهولة وبكلمات لطيفة وجميلة"، وأن إيران تنتظر سياسة واضحة من واشنطن. 

على غرار إسرائيل... ترامب يأمر بإنشاء "قبة حديدية" أمريكيةhttps://t.co/pRpcEeva3O

— 24.ae (@20fourMedia) January 28, 2025  رسالة مهمة

وفي الوقت نفسه، أشار تحليل آخر لوسائل الإعلام الرسمية، إلى أن "ترامب قد يرسل إشارات إلى إيران بأنه قد يكون على استعداد للتعامل مع طهران دبلوماسياً". واعتبرت الصحيفة أن هذه رسالة مهمة من إيران. ووفقاً للتقارير الإيرانية، فإنه من غير الواضح ما إذا كانت هذه التحركات تشير إلى تحول في التكتيكات أو الاستراتيجية أو الموقف.
وذكرت الصحيفة الإسرائيلية، أن التقارير الإيرانية توضح مدى مراقبة الحكومة الإيرانية لإدارة ترامب الجديدة عن كثب، كما تشير إلى أن إيران منفتحة على المناقشات والمحادثات.

مقالات مشابهة

  • فتح معبر رفح وانتشال المزيد من الشهداء الفلسطينيين
  • «الهجوم بدون نقرة».. الاحتلال الإسرائيلي يخترق أجهزة الصحفيين عبر واتساب
  • عماد الدين حسين: الإعلام الإسرائيلي موجه ولا ينشر شيئا حقيقيًا (فيديو)
  • عماد الدين حسين: الإعلام الإسرائيلي موجهة ولا ينشر شيئا حقيقيا إلا إذا كان يصب في مصلحة الاحتلال
  • إيران تراقب إدارة ترامب عن كثب
  • برلمانية: الإعلام الإسرائيلي يكشف نوايا الاحتلال الشيطانية ضد مصر والفلسطينيين
  • حزب الاتحاد: تداول الإعلام الإسرائيلي صورة السيسي وإبراهيم رئيسي استفزاز مرفوض
  • برلمانية: هجوم الإعلام الإسرائيلي على مصر لن يغير من موقفنا ضد تهجير الفلسطينيين
  • برلماني: الهجوم الإسرائيلي على مصر يؤكد صدق موقفها الرافض لتهجير الفلسطينيين
  • بريطانيا وأمريكا: تاريخ أسود من الإجرام المُفرِط بحق الأمة والإنسانية!