الاحتلال وعقدة "الصورة".. تاريخ أسود من التنكيل بوسائل الإعلام لوأد الحقيقة
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
الرؤية- سارة العبرية
يمارس الاحتلال الإسرائيلي أشكالا متنوعة من التنكيل بحق الصحفيين والإعلاميين في فلسطين، مثل القتل والاعتقال والتنكيل والتهديد والتشريد، ولا يقتصر هذا التنكيل على المراسلين وحسب؛ بل امتد إلى أسرهم أيضًا.
وتضطلع وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية بدورٍ مُهم في تسليط الضوء على الأحداث وتوجيه الرأي العام باتجاه معين، وفي سياق الحرب على قطاع غزة والمعاناة التي يواجهها الشعب الفلسطيني، تبيّن أن الاحتلال اتبع نهجين رئيسيين في التعامل مع وسائل الإعلام.
أولًا، يستغل الكيان الصهيوني بعض وسائل الإعلام لنشر الرواية الإسرائيلية وتبرير الإبادة الفلسطينية تحت مظلة الدفاع عن النفس، وثانيًا يقوم يتنفيذ هجمات على المراسلين الذين يسعون إلى رصد الحقائق، وكشف أكاذيب الاحتلال من خلال تقديم تقارير دقيقة وموضوعية تكشف انتهاكات جيش الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
ولقد أسفر هذا النهج إلى استشهاد أكثر من 90 صحفيًّا، رغم ارتدائهم شارات الإعلام، والقيام بواجبهم المهني في تغطية الأحداث؛ ليسارع قادة الاحتلال للتنصل من المسؤولية واتهام المقاومة.
ويقول "ميك والاس" العضو الإيرلندي في البرلمان الأوربي: "يستهدف الاحتلال الصحفيين الذين يتجرؤون على تقديم تقارير عن جرائم الحرب الصهيونية"، في حين يحفل التاريخ بجرائم الاحتلال مثل اغتيال أصحاب الكلمة الحرة خوفًا من إظهار الحقيقة، فلم تبدأ الاعتداءات الإسرائيلية على الصحفيين مع العدوان على غزة، وإنما تقترن بالجرائم المتكررة والممتدة منذ عقود ضد الفلسطينيين سواء في الضفة الغربية أو غزة.
وفي عام 2018م، اعتقلت قوات الاحتلال 4 إعلاميين في قناة القدس الفلسطينية، وأشرفت على عملية تعذيبهم بعد اتهامهم بالتحريض على الإرهاب.
ووفق تقرير منظمات حقوقية عربية، يقبع في السجون الإسرائيلية نحو 19 صحفيًّا وإعلاميًّا، يعيشون أوضاعًا إنسانية سيئة تحت التعذيب، وليس من المستغرب أن تعتقل قوات الأمن بعض الصحفيين الإسرائيليين الذين أدانوا عمليات الكيان ضد الفلسطينيين، أمثال "يسرائيل فراي" الذي اعتُقل على خلفية التغريد بحق الشعب الفلسطيني في مُقاومة المحتل.
وفي حال الفشل في الوصول إلى الصحفيين والإعلاميين، تتعمد قوات الاحتلال استهداف عوائلهم، على غرار ما حدث باستهداف عائلة وائل الدحدوح مراسل قناة الجزيرة استشهاد 20 من أفراد أسرة هاني المغاري المراسل بقناة الأقصى.
ومن أبرز الانتهاكات بحق الصحفيين، استهداف مصور قناة الجزيرة سامر أبو دقة في غزة خلال تغطيته القصف الإسرائيلي على مدرسة فرحانة في خانيوس، والاعتداء على فريق "بي بي سي" في تل أبيب، واغتيال الصحفي اللبناني عصام عبد الله الذي يعمل في وكالة رويترز وإصابة عدد من الصحفيين الذين يعملون في وكالات أجنبية، إلى جانب اغتيال مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة فاجعة التي اعتاد المجتمع العربي على صوتها وصورتها لمدة 25 عاما.
ويزخر سجل قوات الاحتلال الإسرائيلي باعتداءات ممنهجة على الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام، راح ضحيتها -قبل عملية طوفان الأقصى- ما يزيد عن 46 صحفيًا، كما يكشف العدوان على غزة في 2021 -خلال معركة "سيف القدس"- استهداف عدد من مقار وسائل الإعلام بغارات جوية.
ووفقًا لتقرير نشرته منظمة "مراسلون بلا حدود"، تعرَّض أكثر من 144 صحفيًا من الفلسطينيين والأجانب، للاعتداءات من قبل جيش الاحتلال أثناء تغطيتهم للأحداث في فلسطين المحتلة خلال الفترة من 2018 إلى 2022.
وتتنوع هذه الهجمات بين إطلاق النار عليهم، ورشقهم بالقنابل الغازية والقنابل الصوتية، والاعتداء بالعصي، والسحل، مما أسفر عن إصابات بليغة أدت في الغالب إلى إعاقات دائمة، مثل فقدان الأطراف والأعين، والتشوهات في الوجه.
ومن بين هذه الاستهدافات، إصابة الصحفي يوسف الكرنز الذي فقد ساقه اليسرى أثناء تغطيته أحداث مسيرة العودة في 2018، والصحفي بتلفزيون القدس سامي مصران الذي فقد عينًا بعد أن أصيب بالرصاص في 2019، ومراسل وكالة الأناضول علي جاد الله الذي استُهدف لثالث مرة برصاصة مطاطية في رأسه.
وحسب نقابة الصحفيين الفلسطينيين، فقد أدت هذه الاعتداءات إلى اغتيال أكثر من 46 صحفيًا منذ 2000 وحتى 2022، بينهم صحفي "صوت الأقصى" يوسف أبو حسين عام 2021 جراء القصف الإسرائيلي لمدينة غزة، وصحفي وكالة أسوشيتد برس الإيطالي سيموني كاميلي الذي قُتل برفقة مترجمه الفلسطيني علي شهة جراء انفجار صاروخ إسرائيلي في غزة 2014.
وحسب تقرير "لجنة حماية الصحفيين"، يشكل الفلسطينيون 90% من الصحفيين والإعلاميين الذين قُتلوا على يد الجيش الإسرائيلي. أما الـ10% فكانوا من الصحفيين الأجانب.
ولا يقتصر استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي لوسائل الإعلام على أشخاص العاملين بها؛ فقد أشار "منتدى الإعلاميين الفلسطينيين" إلى أن الاحتلال الإسرائيلي دمّر عدة مقار لمؤسسات إعلامية في غزة، منها وكالة شهاب، ومكتب صحيفة الأيام، وشركة "إيفينت" للخدمات الإعلامية، ومكتب اليوم الإخباري، ووكالة معا وسوا، وإذاعة القرآن الكريم، وإذاعة بلدنا، ومؤسسة فضل شناعة، وغيرها من المؤسسات ممن لم يتم رصدها بسبب العدوان.
وفي 15 مايو 2021، تعرَّض برج الجلاء في غزة لاستهداف من قِبَل 4 صواريخ إسرائيلية، والذي يحتوي على مقار لعدة وسائل إعلام دولية ومحلية، وقبل ذلك، استهدفت الطائرات الحربية برج الشروق، الواقع في نفس الحي، الذي يضم مقار 15 وسائل إعلام، من بينها قناة روسيا اليوم وتلفزيون الألماني "زي دي إف" وتلفزيون دبي.
كما شهد العدوان على غزة في عام 2021 تدمير مقار عدد من وسائل الإعلام العربية والدولية، ووثقت نقابة الصحفيين الفلسطينيين تدمير أكثر من 33 مؤسسة إعلامية خلال 10 أيام من القصف الإسرائيلي، أبرزها: شبكة الجزيرة ووكالة أسوشيتد برس الأمريكية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
لماذا يصر السيسي على التنكيل بعائلة مرسي؟
أثار قرار النيابة المصرية بإعادة تدوير المحامي المصري المعتقل أسامة محمد مرسي، نجل الرئيس الراحل، بقضية جديدة، رغم عدم انتهاء محكوميته السابقة، التساؤلات حول أسباب إصرار رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، على التنكيل بعائلة الرئيس الراحل، على غير ما قام به رؤساء مصر السابقين من تكريم عائلات من سبقوهم.
ورصد البعض مواقف تاريخية عديدة منها أنه عندما وضع جمال عبد الناصر، الرئيس محمد نجيب رهن الاعتقال وقيد الإقامة الجبرية 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 1954، في بيته بمنطقة المرج شمال شرق القاهرة، لم ينكل بعائلته.
وأشاروا إلى أنه عندما تخلص عبد الناصر من قائد الجيش عبد الحكيم عامر 14 في أيلول/ سبتمبر 1967، ظهرت عائلة عامر لاحقا لتتولى المناصب والتي كانت آخرها لنجل شقيقه طارق عامر كمحافظ للبنك المركزي 7 سنوات (2015- 2022).
كما اعتاد رؤساء مصر تكريم أسر رؤسائها السابقين، كما فعل أنور السادات، وحسني مبارك، وحتى الرئيس محمد مرسي الذي كرم أسرة السادات تشرين الأول/ أكتوبر 2012، حتى أن السيسي، نفسه، لم ينكل بأسرة مبارك وسمح بخروجه ونجليه من السجن، وودعه في جنازة عسكرية ورسمية 26 شباط/ فبراير 2020.
كما أن السيسي، عندما أمر بتوقيف رئيس أركان الجيش المصري الأسبق الفريق سامي عنان 23 كانون الثاني/ يناير 2018 ثم سجنه مدة عامين، لم ينكل بعائلته، ولا بعائلة الفريق أحمد شفيق الذي جرى ترحيله من الإمارات لمصر عام 2017، وتحديد إقامته فترة من الزمن.
"على النقيض"
ولكن وعلى النقيض يواصل السيسي التنكيل بعائلة الرئيس الراحل، وخاصة نجله أسامة مرسي، عضو فريق الدفاع عن والده والذي جرى اعتقاله في كانون الأول/ ديسمبر 2016، والذي منذ ذلك الحين مُنعت عنه تماما الزيارات ولأكثر من 8 سنوات، إلا من زيارة واحدة لأسرته من خلف حائل زجاجي نهاية عام 2017.
وفي هذا السياق، قررت نيابة أمن الدولة العليا المصرية، الاثنين، محاكمة أسامة مرسي، جنائيا، بالقضية (رقم 1096 لسنة 2022)، وذلك قبل انتهاء حكم حبس سابق بحقه مدته 10 سنوات صادر منذ العام 2016، وينتهي العام المقبل.
وجهت لأسامة مرسي، اتهامات جديدة بالتحريض على العنف، رغم أنه لا يزال رهن الاعتقال ويقضي فترة عقوبته، بين سجن "العقرب شديد الحراسة" جنوب القاهرة و"سجن بدر 3"، قرب العاصمة الإدارية الجديدة.
وعلى خلفية حثه "الأمم المتحدة" لمراجعة الانتهاكات بحق والده، كونه المتحدث الرسمي باسم العائلة وعضو فريق الدفاع عنه، واجه مرسي الابن ثلاثة قضايا أولها المعروفة إعلاميا بـ"فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة"، في آب/ أغسطس عام 2013، وصدر فيها حكم أولي بالحبس 10 سنوات في أيلول/ سبتمبر 2018.
أما ثاني القضايا فكان الاتهام بحيازة سلاح أبيض "سكين مطبخ" وجد بمنزله وتم فيها تخفيف العقوبة من 3 سنوات إلى شهر حبس في تشرين الأول/ أكتوبر 2018.
وكانت ثالث القضايا هي دعوى إسقاط الجنسية المصرية عن أسامة وشقيقته شيماء مرسي، وهي القضية التي رفضتها محكمة القضاء الإداري في تموز/ يوليو 2019.
أسامة مرسي المحبوس على ذمة قضية فض اعتصام رابعة العدوية، بعد مرور أحداثها بـ3 سنوات، خرج من زنزانته الانفرادية مرتين فقط، الأولى في 17 حزيران/ يونيو 2019 لحضور جنازة والده، والثانية في 4 أيلول/ سبتمبر 2019 لحضور جنازة شقيقه الأصغر عبد الله.
وفي إحدى جلسات محاكمته، كشف أسامة مرسي عن ظروف اعتقاله القاسية، حيث قال للقاضي إنه محتجز في زنزانة انفرادية، وممنوع من التواصل مع السجناء الآخرين، كما يُحرم من العلاج والكتب الدراسية التي يحتاجها لإكمال دراساته العليا، ويُمنع من صلاة الجمعة.
"لقاء حار.. ووصية الرئيس"
والأحد الماضي، وقبل يوم واحد من قرار التدوير، كتبت زوجة أسامة مرسي، إسراء النجار: "اللهم في هذه الأيام المباركة فك قيد عبدك أسامة، وأسر المأسورين، واجعله شهر فرج وجبر علينا وعلى أمة محمد صلي الله عليه وسلم"، ليكتب شقيقه أحمد مرسي: "فك الله قيدك وردك إلينا ردا جميلا يا أخي".
وفي آب/ أغسطس 2017، وفي مشهد سجلته الكاميرات داخل محكمة مصرية ظهر أسامة مرسي، يحتضن زوجته ونجله الذي ولد قبل اعتقال أسامة بـ 27 يوما فقط، وفق تأكيد مقربون من الأسرة لـ"عربي21"، موضحين أن نجله الآن يبلغ 8 سنوات و4 شهور لم ير فيهما والده إلا وهو رضيع.
ويظل ذلك المقطع الأكثر إثارة في حياة عائلة مرسي، حيث يظهر فيه عبد الله مرسي في المشهد الذي قد يعد الأخير له مع أخيه أسامة، حيث توفي بعدها بعامين في واقعة مثيرة للتكهنات والتساؤلات واتهامات حقوقية للسطات باستهدافه في 4 أيلول/ سبتمبر 2019.
وقال مصدر مقرب من عائلة الرئيس، في حديث سابق مع "عربي21"، إن "الرئيس مرسي كان قد طالب أسرته في إحدى الزيارات وقبل وفاته بتوصيل رسالة منه إلى نجله أسامة تقول: (جدد نيتك فأنت حُبست لله وللوطن وليس لأجل أبيك)".
وقال مصدر آخر، إن مقربين من أسرة الرئيس يرغبون في الحديث عن أزمة أسامة مرسي، وعما يطاله من تنكيل، في ظل تجاهل لوضعه الحقوقي والإنساني والصحي المزري، وحرمانه من أبسط الحقوق القانونية ومنها الزيارة والحصول على الدواء.
واعتبر الناشط المصري الدكتور مراد علي، أن إعادة الزجّ بنجل الرئيس الراحل بقضايا جديدة مع اقتراب انتهاء مدة العقوبة الجائرة المفروضة عليه، دليل دامغ على غياب نية النظام لإقامة العدل، وتكشف عن مدى انحدار القيم وانعدام النزاهة لدى متخذي القرار، مؤكدا أنه "بعد 12 عاما، لا يزال الانتقام من الرئيس مرسي مستمرا في صورة أبنائه".
"عداء فكرة مرسي"
وفي قراءته لأسباب مواصلة السيسي التنكيل بأسرة الرئيس مرسي رغم وفاته قبل 6 سنوات، قال السياسي المصري الدكتور عبد الموجود الدرديري، إن "الجنرال ونظامه يخاف ليس فقط من شخص الرئيس الشهيد، لكن من الفكرة التي أوصلت الرئيس مرسي للحكم؛ ولذلك تجده يحارب أي إنسان يدعو للحرية والعدالة".
البرلماني المصري السابق، أضاف لـ"عربي21": "كابوس الخيانة يطارده في حله وترحاله، ولن يستطيع التخلص منه بالدنيا ولا بالآخرة".
وأكد أن "أسرة الرئيس الكريمة والأحرار من أبناء مصر يدفعون ثمن هذه الرمزية لأنهم أصروا على حمل مشروع قيم الحرية والعدالة".
ويرى أنه "لذلك على أبناء مصر الأوفياء التشبث وبكل الطرق الممكنة بمشروع الحرية والعدالة الذي مات عليه الرئيس الشهيد، والآلاف من أبناء وبنات مصر الأوفياء".
ومضى يوضح أن "الطريق طويل وشاق لكنه محسوم النتائج بإذن الله؛ وهي انتصار قيم العدل والحرية، وهي المخرج الوحيد لكل أبناء مصر، بما فيهم من يدعمون الاستبداد والفساد".
وفي نهاية حديثه، يعتقد أنه "من الأفضل أن يلقى الإنسان ربه وهو على طريق العدل والحرية حتى وإن لم يتحقق النصر على يديه بعد، بدلا من أن يموت ذليلا على طريق الاستبداد والفساد".
"عداء الإسلاميين"
وفي رؤيته قال السياسي المصري محمد سودان إن "السيسي رجل مريض؛ ولديه عديد من عقد النقص، وأعتقد أن لديه عداء شخصي مع الإسلاميين وخاصة جماعة الإخوان المسلمين".
القيادي بحزب "الحرية والعدالة" الحاكم في مصر (2012- 2013)، أضاف لـ"عربي21": "وبالتالي هذه الأمراض والعقد النفسية تنعكس على تصرفاته مع جميع قيادات الإخوان، وذويهم وليس فقط الدكتور مرسي، وأفراد عائلته".
وألمح إلى أنه "كما أنه منبطح تماما للكيان الصهيوني وبالتالي تنتقل بالتبعية عداوة زعماء الكيان إلى قلب السيسي، ثم تنطلق كل تصرفاته تجاههم مشحونة بهذا الكره".
وذهب للقول إلى إن "الرئيس مرسي؛ كان شخصية محترمة متدينة شريفة، هو وكل من عمل معه، وخاصة مساعديه، والوزراء الذي عُرف عنهم جميعا النزاهة والعمل بكد وإخلاص، بشكل لم يره الشعب المصري من قبل".
وختم مبينا أن "السيسي وعصبته يفتقرون لكل هذه الصفات وخاصة الشرف والنزاهة والإخلاص، بالتالي فاقد الشيء لا يعطيه، ولذلك رأيناه منذ اللحظة الأولى للاستيلاء على السلطة يكيل الاتهامات الملفقة للرئيس مرسي، حتى بعد مقتله، ثم قتل ابنه عبد الله، ثم إهانة أسرته وباقي أبنائه".
"في حصار"
وتقبع عائلة الرئيس مرسي، في قرية العدوة، التابعة لمركز ههيا، بمحافظة الشرقية، مسقط رأس مرسي، فيما تقيم عائلته الصغيرة بمدينة الزقازيق عاصمة المحافظة، دون أي نشاط سياسي أو حزبي أو حتى مجتمعي.
ويجري فرض طوق أمني شديد على تحركات العائلة، التي لا يمكنها الإدلاء بأية أحاديث صحفية حول أوضاعها ولا أوضاع نجلها المعتقل أسامة مرسي، تحسبا لعدم ملاحقة أفراد جدد من العائلة، وذلك وفق محاولات سابقة من "عربي21".
لكن من آن إلى آخر تكتب زوجة الرئيس الراحل وأم أبنائه الخمسة (أحمد، والشيماء، وأسامة، وعمر، وعبد الله) السيدة نجلاء علي محمود، -تزوجا عام 1980- كلمات مؤثرة في ذكرى وفاة زوجها ونجلها عبد الله محمد مرسي.
كما ينشر بشكل دوري كبير أبناء الرئيس الراحل طبيب جراحة المسالك البولية في مستشفى الأحرار بمدينة الزقازيق أحمد مرسي، عن والده وشقيقه، في حين يشارك برأيه أحيانا في بعض قضايا الوطن، ودعم المقاومة الفلسطينية.
وردد جملة والده الشهير وقت اعتداء "إسرائيل" على غزة عام 2012: "لن يكون لهم أبدا سلطان على أهل غزة.. لن نترك غزة وحدها".
وردا على دعوة رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار رغبته في شراء مباني وسط القاهرة التاريخية وفي 24 شباط/ فبراير الماضي، كتب عبر صفحته بـ"فيسبوك"، جملة كان قد قالها والده سابقا: "أرض مصر حرام على غير المصريين".
"يقودهم إلى الموت البطيء"
ويعاني أكثر من 60 ألف معتقل مصري في سجون السيسي منذ انقلابه العسكري 3 تموز/ يوليو 2013، من التنكيل بهم وبأسرهم، ورفض السلطات إخلاء سبيل الكثيرين ممن انتهت فترة عقوبتهم بل وإعادة تدويرهم في قضايا جديدة، ما دفع حقوقيون لاتهام السلطات بأنها ترغب في تركهم للموت البطيء في السجون.
ومنذ بداية العام الجاري توفي 8 معتقلين سياسيين نتيجة أوضاع الحبس المزرية والإهمال الطبي المتعمد الذي يعاني منه جميع المعتقلين بحسب رصد حقوقي وشكاوى أهالي معتقلين، وهو الرقم الذي يتعدى 903 معتقلا منذ العام 2013 وحتى العام الماضي الذي شهد وحده وفاة 50 معتقلا، وفق حقوقيين.
وفي 27 شباط/ فبراير الماضي نقل مدير منظمة "حقهم" للدفاع عن سجناء الرأي مسعد البربري، عن رسالة وصلته من سجن "بدر 3"، سيئ السمعة عن أحوال كارثية لا يمكن وصفها سوى "بالتصفية المتعمدة".
وأشار إلى معاناة قيادات جماعة الإخوان المسلمين الذين تجاوز كثيرون منهم سن الثمانين، مشيرا لمعاناة محمود عزت، ومحيي حامد، ومحمود غزلان، ومحمد رفاعة الطهطاوي، وأحمد أبوبركة، وحسن البرنس، وحسن مالك، وغيرهم.
وفي آب/ أغسطس 2022، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا أعدته فيفيان يي، تحدثت فيه عن الموت البطيء للسجناء السياسيين في مصر، المحتجزين في "زنازين قذرة"، ويتعرضون للتعذيب الروتيني ويحرمون من الأدوية المنقذة للحياة.
وأكد الحقوقي المصري محمود جابر، أن استمرار اعتقال أسامة مرسي وإعادة تدويره في قضايا ملفقة هو استمرار لمسلسل الاعتقال التعسفي غير القانوني، وإعادة الاتهام في قضايا جديدة لأجل عدم تنفيذ الإفراج بعد انتهاء مدة الحكم القضائي.
مدير "مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان"، أكد أن هذا يؤكد وجود انتهاكات ممنهجة لحقوق المعتقلين، واستخدام القضاء كأداة للقمع السياسي، مطالبا بـالإفراج الفوري عن أسامة مرسي وكافة المعتقلين، ووقف ممارسات التدوير، وفتح تحقيقات دولية مستقلة حول الانتهاكات التي يتعرضون لها بالسجون التي تحولت لمقابر جماعية.