سيكون على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الاختيار، في ولايته الرئاسية المقبلة، بين تعميق الأزمة الاقتصادية أو توتر العلاقة الوثيقة مع الجيش عبر تقليص اقتصاد القوات المسلحة..

تلك الرؤية قدمها يزيد صايغ، في تحليل بـ"المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية" (ISPI) ترجمه "الخليج الجديد"، على ضوء انتخابات رئاسية خاضها السيسي قبل أيام، ومن شبه المؤكد أن يفوز عبرها بولاية رئاسية ثالثة تستمر 6 سنوات.

وقال صايغ إن "مصر اقتربت من التعريف التقليدي للحكم العسكري منذ عام 2013، عندما قاد وزير الدفاع آنذاك السيسي الانقلاب (الذي أطاح بالرئيس المدني الوحيد المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي 2012-2013)، ومنذ توليه الرئاسة في العام التالي".

وأوضح أن "الجيش والكيانات العسكرية الأخرى وأجهزة المخابرات التابعة لها تهمين على البرلمان وجميع مستويات الحكم المحلي من خلال مرشحي ومتقاعدي الجيش، كما تسيطر على الكثير من وسائل الإعلام العامة والخاصة".

وتابع: "كما يتولى الجيش حصة غير مسبوقة من مشاريع الأشغال العامة، ويلعب دورا متزايدا في استراتيجية الاستثمار في الدولة ووضع السياسات الاقتصادية (...) وكانت الشراكة بين السيسي والجيش عاملا أساسيا في هذا التحول".

اقرأ أيضاً

وول ستريت جورنال: السيسي لن يخفف قبضة الجيش على الاقتصاد

الرئاسة والجيش

"كانت التوترات وألعاب السلطة والتوازنات المتغيرة سمة دائمة للعلاقة بين الرئاسة والجيش، والتي تم لعبها في سياق السياسات الاقتصادية والتحالفات الاجتماعية محليا والتحالفات الجيوسياسية خارجيا، لكن يوجد اختلافان يميزان عهد السيسي"، كما أضاف صايغ.

وأردف: "أولا، استخدم السيسي الجيش بشكل أكثر استباقية وعلى نطاق واسع من أي من أسلافه لإعادة بناء السياسة والمجتمع والاقتصاد".

و"مع ذلك، فإن قدرته على القيام بهذا مع بقائه في القيادة بثبات تعتمد على قدرته على الحفاظ على طبيعة المعاملات الأساسية في علاقة الرئاسة مع الجيش"، وفقا لصايغ.

واستطرد: "ثانيا، اكتسب الجيش استقلالا مؤسسيا غير مسبوق، مدعوما بإحساس أكثر تماسكا بمصالحه من أي وقت مضى".

واعتبر صايغ أن "الجيش اليوم بعيد كل البعد عن الجيش حين الإطاحة في عام 2011 بالرئيس آنذاك حسني مبارك (1981-2011)، واضطر إلى تحمل مسؤولية غير مألوفة لإدارة التحديات الاجتماعية والمالية والاقتصادية والسياسية المعقدة التي تواجه مصر".

وشدد على أن "قيام كل من الرئيس والجيش بتمكين الآخر ليس بالأمر الجديد في بلد حيث أربعة من أصل خمسة حكموه منذ الخمسينيات (إلغاء النظام الملكي وإعلان الجمهورية في عام 1953) هم من الجيش (أو ستة من أصل ثمانية إذا وضعنا الرؤساء المؤقتين في الحسبان)".

اقرأ أيضاً

"فاير أوبزرفر": السيسي يتحايل على صندوق النقد ويعمق اقتصاد الجيش

الولاية الجديدة

"ومنذ توليه منصبه، منح السيسي الامتياز للجيش، بعد أن كان مبارك يمنحه لوزارة الداخلية، كما قام السيسي بمراجعة عميقة لعلاقة المعاملات مع مجموعات المصالح المختلفة داخل هيئة كبار ضباط الجيش. ويمكن القول إنه شكل كتلة سلطة أكثر تماسكا مع الجيش من أي رئيس سابق"، كما زاد صايغ.

وتابع أن "السيسي اعتمد على الجيش لقيادة استراتيجيته الاستثمارية ما أشبع شهية الجيش للانخراط في الأنشطة التجارية والحصول على مصادر دخل، وزاد عدد الشركات العسكرية المسجلة رسميا، والمشاركة في إنتاج السلع والخدمات المدنية، بنسبة نحو 70٪  في ظل إدارته".

وأضاف أنه "بقيادة الهيئة الهندسية في الجيش، أدارت الهيئات العسكرية ربع إجمالي أعمال البناء الممولة من القطاع العام بين عامي 2013 و2018، أما فروع الخدمة، مثل القوات الجوية والبحرية، التي لم تكن نشطة اقتصاديا، فقد مُنحت عقود أشغال عامة كبرى".

وأردف: "ويحتل الجيش الآن مكانة رائدة، احتكارية أحيانا، في القطاعات الاستراتيجية مثل الأسمنت والصلب والصناعات الاستخراجي، كما يشارك الممثلون العسكريون في هيئات صنع السياسات ومجالس السوق في العديد من القطاعات الحيوية".

صايغ قال إن "أزمة الديون (التي تثقل كاهل مصر) ليست كافية لإحداث انهيار للنظام.. وحتى الآن، لم يضطر الجيش إلى إعادة ترتيب حصته الاقتصادية ولا إعادة تنظيم علاقته مع الرئيس".

واستدرك: "لكن فترة ولاية السيسي المقبلة البالغة ست سنوات سيطغى عليها تدافع على العملات الأجنبية وإيرادات الدولة".

ورجح أن السيسي "سيضطر إلى الاختيار بين الشروع في إصلاحات هيكلية، وبالتالي كبح جماح توليد الدخل للجيش ما يعني احتمال توتر العلاقات معه، أو السماح للأزمة الاجتماعية والاقتصادية بالتعمق إلى درجة حرجة".

اقرأ أيضاً

ميدل إيست آي: هكذا أصبحت سلطة الجيش فوق السيسي في مصر

المصدر | يزيد صايغ/ المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أزمة الاقتصاد مصالح الجيش السيسي ولاية جديدة

إقرأ أيضاً:

بعد سيطرة الجيش السوداني عليها.. ماذا تعرف عن قاعدة الزرق؟

قاعدة الزرق، تصدرت محركات البحث خلال الساعات القليلة الماضية وذلك تزامنًا مع أعلن قوات الجيش السوداني والقوات المشتركة من تحرير قاعدة الزرق الاستراتيجية، الواقعة على بُعد 120 كيلومترًا شمال مدينة الفاشر في شمال دارفور، في عملية نوعية مباغتة أكدت التنسيق العالي بين الأجهزة الأمنية والعسكرية.

أهمية قاعدة الزرق الاستراتيجية

تقع القاعدة في منطقة وادي زُرق، التي تعد جزءًا من مناطق دار زغاوة، وتشكل نقطة ربط استراتيجي بين وادي هور وليبيا. بسبب موقعها الحيوي، استولى عليها قائد مليشيا الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، عام 2017، وقام بتحويلها إلى مركز عمليات رئيسي لقواته.

تحركات مليشيا الدعم السريع

حميدتي لم يكتفِ بتحويل القاعدة إلى معقل عسكري، بل قام بجلب مجموعات من قبيلة الرزيقات الآبالة واستوطنهم في المنطقة رغم معارضة زعيم قبيلة الرزيقات موسى هلال وعدد من أعيان القبيلة، ما أضاف أبعادًا اجتماعية وقبلية للتوترات في المنطقة.

الدور الأمني والعسكري في العملية

مصادر عسكرية أكدت أن تحرير القاعدة كان نتيجة تعاون وثيق بين جهاز الأمن والمخابرات والاستخبارات العسكرية، مما أسهم في تحقيق عنصر المفاجأة، وضمان نجاح العملية دون مقاومة تُذكر.

تأثير استراتيجي واسع

يُعد تحرير القاعدة ضربة موجعة لمليشيا الدعم السريع، حيث يعوق التواصل والتمويل بين قوات حميدتي وليبيا، كما يؤمن ولايتي الشمالية ونهر النيل من أي تهديدات محتملة. وفي هذا السياق، صرح الكاتب الصحفي عثمان ميرغني أن السيطرة على الزرق تعني سقوط مشروع حكومة المنفى قبل تشكيلها، في إشارة إلى التحديات المتزايدة التي تواجه مليشيا الدعم السريع.

رسالة ميدانية قوية

عملية تحرير قاعدة الزرق تؤكد تفوق القوات المسلحة السودانية في استعادة السيطرة على المواقع الحيوية، مما يعزز جهودها لإعادة الأمن والاستقرار إلى مناطق النزاع في دارفور.

مقالات مشابهة

  • بعد سيطرة الجيش السوداني عليها.. ماذا تعرف عن قاعدة الزرق؟
  • القصة لم تنته.. تطور جديد في أزمة بوبيندزا مع الزمالك| ماذا حدث؟
  • طرح شركات الجيش فى البورصة يعزز ثقة القطاع الخاص
  • خبير اقتصاديات الطاقة: أزمة الشرق الأوسط تضرب اقتصاد العالم كله
  • عامر الشوبكي: أزمة الشرق الأوسط تلقى بظلالها على الاقتصاد العالمي
  • ماذا يجري عند جواجز الجيش في الجنوب؟
  • بسبب جروس| أزمة داخل نادي الزمالك.. ماذا يحدث؟
  • صيف 2025 بدون تخفيف أحمال.. ماذا فعلت الدولة لتحل أزمة الكهرباء؟| 4 آلاف ميجاوات جديدة
  • أزمة تواجه جروس قبل مواجهة الزمالك وطلائع الجيش في الدوري
  • الجيش الإسرائيلي يُهاجم إبنة نصرالله.. ماذا قال عنها؟