الاحتلال يتعمد تصفية الصحفيين في غزة لإخفاء جرائمه
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
الحرب الإعلامية في غزة الأشد على مستوى الحروب
◄ حملة ممنهجة لاستهداف الصحفيين.. والمنظمات الدولية تعاني الخرس!
◄ 92 صحفيًا استُشهِدُوا في غزة منذ "7 أكتوبر"
الرؤية- مدرين المكتومية
بدأ فصل جديد من رواية المقاومة الفلسطينية منذ يوم السابع من أكتوبر، فصل لا يشبه الفصول السابقة منذ عام 1948، إذ إن ما بعد السابع من أكتوبر أيقظ الضمائر الميتة وأحيا القضية في نفوس المنحازين لأصحاب الحقوق، كما أن ما بعد هذا اليوم أكد أن القضية الفلسطينية باقية وحتى التحرير.
هذه الرواية مليئة بالأحداث والتفاصيل التي لا يمكن تلخيصها في صفحات، إلا أنه يمكن النظر إلى زاوية أو فصل محدد من فصول هذه الرواية الملحمية، وهو فصل "صوت الحقيقة" ونبض الفلسطينيين وحرّاس القضية، فصل الصحفيين الذين حملوا سلاح الحقيقة باختلاف أنواعه ما بين قلم أو كاميرا أو ميكروفون، أو من خلال صفحاتهم الشخصية التي يتابعها الملايين.
في هذا الفصل وفي هذه الأحداث بالتحديد، كان عمل الصحفيين أشد ألمًا على الاحتلال الإسرائيلي من ألم قذائف الياسين ورصاص جنود المقاومة، لأنهم كشفوا للعالم وحشية هذا المحتل، ليقرر الاحتلال تصفيتهم حتى يتمكن من استكمال جرائمه بحق أهل فلسطين دون أن تزعجه عدسات المصورين أو كلمات المراسلين والصحفيين.
ولقد شهدت الحرب الغاشمة استشهاد العشرات من الصحفيين بعد أن استهدفتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكل متعمد، العشرات من زملاء المهنة الذين لم نلتق بهم لكننا لا يمكن أن نعتبرهم مجرد رقم يسجل في شهادة وفاة، فهم رسل الإنسانية ونبض المجتمعات وأصحاب الكلمة.
ومنذ السابع من أكتوبر استشهد أكثر من 90 صحفيًا وإعلاميًا، كانوا ينقلون لنا الصورة ويخاطبونا بلغة المشهد والحدث، رحلوا ولازال سيناريو رحيلهم يتكرر مع غيرهم من الصحفيين، كل منهم يرى أن من واجبه الصحفي ومسؤوليته الحقيقية أن ينقل الصورة كما هي، وأن يكون جزءا من الحدث، لأننا دائماً ما نكون بانتظارهم ونترقب ما ينشرونه من صور وفيديوهات توثق الحقيقة، وعلى الرغم من غيابهم إلا أن ما قدموه للعالم كله لن يغيب، فقد قدموا الحقيقة ولا شيء سواها.
وخلال الحرب الغاشمة، لاحظنا أن الاحتلال الإسرائيلي كان يستهدف الصحفيين وعائلاتهم، ليس خوفا من نقل الحقيقة للمجتمع العربي، وإنما خوفا من نقل الحقيقة للمجتمع الإسرائيلي والغربي الذي فقد ثقته في الإعلام العبري.
وبمجرد أن استطاعت الرواية الفلسطينية إثبات صدقها وقوتها وتمكنت من تجاوز الإعلام العبري وحركت الرأي العام في العالم كله، جن جنون الاحتلال وخططوا لاستهداف واغتيال الصحفيين في محاولة بائسة لإخماد صوت الحقيقة، لتصلنا يوميا أخبار استشهاد الصحفيين أو أحد من أفراد أسرتهم، إلا أن إيمان الصحفيين بقضيتهم ومهنتهم لم يثنهم عن القيام بعملهم لنقل المشهد من الداخل كما هي على الرغم من افتقارهم للأدوات اللازمة بعد أن قصف الاحتلال المكاتب الإعلامية ودمر مقرات الصحف والقنوات.
وبعد أن ساهم الصحفيون الفلسطينيون في فضح جرائم الاحتلال واستطاعوا كشف روايتهم الكاذبة أمام العالم كله، شعر الاحتلال الإسرائيلي بأنه ضعيف وأنا ما حاول ترسيخه في أذهان العالم كله صار هباء أمام قوة الصحافة الفلسطينية، لتخرج المظاهرات في العديد من العواصم والمدن للمطالبة بوقف الحرب ومحاكمة قادة الاحتلال.
وعلى الرغم من التحديات التي واجهت الصحفيين أثناء أداء مهامهم، ورغم الضغوط والفقد والخذلان والانكسار ورغم الدموع والمشاهد القاسية التي يضطرون لتوثيقها، إلا أنهم كانوا يستيقظون كل يوم حاملين أمانة القضية والمهنة على أعناقهم ليستكملوا مشوار توثيق الحقيقة تحت قصف الطائرات والدبابات.
لقد كان على عاتق الصحفيين أمانة ثقيلة للتعريف بالقضية الفلسطينية وجرائم الاحتلال، لكنهم دفعوا في سبيل ذلك أرواحهم، وكان آخر هؤلاء مصور قناة الجزيرة في غزة سامر أبو دقة، الذي استهدفه جيش الاحتلال أثناء تغطية الأحداث في محيط مدرسة فرحانة في خان يونس جنوبي قطاع غزة، ومنع سيارات الإسعاف من الوصول إليه لإنقاذه، لينزف وحيدا إلى أن ارتقى شهيدا.
إن الصحفيين في غزة يخوضون حربا لا تقل أهمية عن الحرب التي يخوضها أفراد المقاومة الفلسطينية، انتصارا لأرضهم وقضيتهم، يبدؤون يومهم والموت يحوم حولهم في كل مكان لكنهم متسلحون بالإيمان بالقضية وبعدساتهم.
ومن الأمثلة على هذه التضحيات العظيمة، مراسل الجزيرة وائل الدحدوح، والذي استهدفه جيش الاحتلال أيضًا وأصيب في نفس الوقت مع سامر أبي دقة، ومن قبل فقد زوجته وأحد أبنائه، ليعود بعد كل هذا الابتلاء ويستكمل مسيرته المهنية، وسط صمت مخز لكل المؤسسات المعنية بالصحفيين حول العالم.
ووسط كل هذه المآسي، قال مراسل الجزيرة وائل الدحدوح: "برغم هذه الاستهدافات التي أودت بحياة الزملاء الصحفيين، واستهداف أسرهم ومكاتبهم وسيارتهم تماما كما هو الحال بالنسبة لقطاع غزة، نقول إن عزاءنا الوحيد أننا مستمرون في أداء هذا الواجب".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يتعمد “إبادة المدارس” لتدمير نظام التعليم بغزة
البلاد – رام الله
أدانت منظمات دولية قرار نتنياهو منع إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، واعتبروه مخالفًا للقوانين الدولية، فيما وصفت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالحق في التعليم تدمير الاحتلال 90% من مدارس غزة بـ “إبادة المدارس” بهدف التدمير الكامل والمتعمد لنظام التعليم.
وحذرت “اليونيسف” من أن توقف تسليم المساعدات إلى غزة سيؤدي بسرعة إلى عواقب مدمرة على الأطفال والأسر في جميع أنحاء القطاع الذين يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة، وقال إدوارد بيجبيدر، المدير الإقليمي لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “إن القيود المفروضة على المساعدات ستؤثر بشدة على عمليات إنقاذ حياة المدنيين”
وقالت منظمة أطباء بلا حدود: “إنه ينبغي ألا تستخدم المساعدات الإنسانية أداة حرب”، وأوضحت منسقة الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود كارولين سيجوين، أن “إسرائيل تمنع مرة أخرى شعبًا بأكمله من تلقي المساعدات”، وشددت بالقول “هذا أمر غير مقبول ومثير للغضب وسوف تكون له عواقب مدمرة”.
وقالت منظمة أوكسفام الخيرية البريطانية، إن “منع إسرائيل دخول الإغاثة لغزة عمل متهور وعقاب جماعي”، وشددت المنظمة على أن منع دخول الإغاثة الذي تنتهجه سلطات الاحتلال، محظور بموجب القانون الدولي”.
وقال كبير مسؤولي الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر: “إن قطع إسرائيل الإغاثة وجميع الإمدادات عن غزة خطوة مثيرة للقلق”، وأعتبر أن “الوصول إلى المساعدات يجب أن يكون مسموحًا به بموجب القانون الدولي”.
وقرر نتانياهو إغلاق معابر غزة الأحد، في استخدام للمساعدات كورقة ابتزاز، للتهرب من الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، ما يزيد معاناة أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون أصلًا أوضاعًا مأساوية، بفعل حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة لمدة 15 شهرًا.