الاعتداء على الصحفيين بالقدس.. إذلال وتخويف لحجب الصورة
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
القدس المحتلة- لم تلتئم جروح المصور الصحفي المقدسي مصطفى الخروف بعد الاعتداء عليه بالضرب والركل وتهديده بإطلاق النار عليه، بينما كان يوثق بعدسة كاميرته صلاة الجمعة، التي أُقيمت بشكل جماعي في حي وادي الجوز بالقدس، على بُعد عشرات الأمتار من المسجد الأقصى المبارك.
وتقام هذه الفريضة على الإسفلت منذ 10 أسابيع في حيي وادي الجوز ورأس العامود بعد منع المصلين من الوصول إلى أولى القبلتين، وبمجرد انقضائها تباغت قوات الاحتلال عادة المصلين بالقنابل الغازية والصوتية والمياه العادمة لتفريقهم.
تكررت الاعتداءات على الصحفيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي في حي وادي الجوز بالتحديد، لكن أعنفها سُجّل في الجمعة العاشرة ضد مصور وكالة الأناضول التركية مصطفى الخروف.
غطّى هذا المصور صلاة الجمعة ثم هَمّ بمغادرة المكان مع زميله، فاعترض طريقهما أحد الجنود بعد مناداتهما وسؤالهما عن الوجهة التالية فأجابا "عائدين إلى سيارتنا".
طلب الجندي منهما التوجه إلى الضابط وهكذا فعلا، لكن الضابط قال لهما إذا لم تكن وجهتكما سيارتكما للمغادرة فيمنع عليكما الخروج من المكان.
مباغتة وإذلالسأل مصطفى الضابطَ عن سبب المنع، لكن الجندي باغته بركله بحذائه العسكري في يده، ودفع هذا التصرف المصور للسؤال مرة أخرى عن سبب الاعتداء، فما كان من الجنود إلا الهجوم عليه وعلى زميله المصور والاعتداء عليهما بالدفع والضرب.
"اخجل من نفسك" وجّه المصور مصطفى الخروف هذه الكلمة باللغة العبرية للجندي الذي اعتدى عليه فاستشاط الأخير غضبا وسحب أقسام سلاحه وصوبه نحوه، وما كان من مصطفى إلا أن رفع يديه واستدار وقال "هاك يداي.. إذا ارتكبت خطأ اعتقلني وتوقف عن الضرب".
سمع أحد أفراد الشرطة عبارة المصور وأمر باعتقاله فورا فهجم الجنود وأسقطوه أرضا وبدؤوا بضربه بشكل جماعي على رأسه بالأحذية العسكرية وأعقاب البنادق، وبعد دقائق طلب الشرطي من المسعفين التوجه نحو مصطفى لكنه رفض العلاج رغم أن دمه كان يسيل على الإسفلت.
أُطلق سراح مصطفى في المكان ذاته، وطلبت الشرطة الإسرائيلية منه تقديم إفادته بعد تسريحه من المستشفى، ولم يتردد في تقديمها وهناك التقى الجنديين اللذين اعتديا عليه بشكل أساسي أثناء تأديته لعمله الميداني، بينما كانا يخضعان للتحقيق في قسم التحقيق مع الشرطة "ماحش"، حيث تنتهي معظم القضايا بإغلاق الملف دون معاقبة الفاعلين.
ولا تقتصر التضييقات على العمل الصحفي منذ بداية الحرب على الاعتداء الجسدي، بل امتدت لتشمل المنع من العمل والحد من حرية الحركة والتنقل عدا عن الاعتقال على خلفية التعبير عن الرأي عبر منصات التواصل.
الصحفية راما يوسف منعت من العمل في البلدة القديمة من القدس (الجزيرة) التهمة.. أنا فلسطينيةالصحفية راما يوسف التي تعمل بشكل حر مع عدة وسائل إعلام تعرضت هي الأخرى لمنعها من العمل في البلدة القديمة في السابع من ديسمبر/كانون الأول الجاري أثناء مرافقتها لطاقم صحفيين أجانب لإعداد قصة في القدس العتيقة.
وفي حديثها للجزيرة نت عن تلك الحادثة قالت "كنا نسير في طريق الواد ومعنا معداتنا وكاميراتنا عندما باغتنا 3 جنود وطلبوا منا إبراز هوياتنا الشخصية.. أبرز الأجانب بطاقة الصحافة الإسرائيلية وأبرزت أنا هويتي الإسرائيلية الزرقاء".
سألها أحد الجنود عن بطاقة الصحافة الإسرائيلية فأجابته "أنا فلسطينية ولا يمكنني حمل هذه البطاقة".
كانت هذه الجملة كفيلة بمنع راما من إتمام عملها في ذلك اليوم، بل وبتهديدها بمنعها من دخول كافة أبواب البلدة القديمة والتغطية داخل السور التاريخي.
"سألتُ الجندي عن سبب منعي فقال: لأنكِ قلتِ فلسطين.. اذهبي إلى فلسطين"، في إشارة إلى أن القدس مدينة إسرائيلية وبالتالي كان يجب عليها أن تقول إنها في إسرائيل.
صممت الصحفية المقدسية على تكرار ترديد العبارة ذاتها أثناء اقتيادها من طريق الواد في البلدة القديمة إلى خارج باب العامود وهي "هذا عمل مخالف للقانون" فأجابها الجندي "لا قانون اليوم.. أنا القانون وأنا الذي أقرر".
تضيف راما أن هذا الموقف أثر عليها بشكل سلبي من الناحية النفسية وشعرت بالتهديد والخطر، خاصة أن الجنود تعاملوا معها منذ اللحظة الأولى التي قالت فيها إنها فلسطينية على أنها متهمة ومجرمة.
صحفيون بلا حماية
مسؤول لجنة القدس في نقابة الصحفيين الفلسطينيين بلال الكسواني قال للجزيرة نت إن النقابة وثقت منذ بداية الحرب العديد من الانتهاكات ضد الصحفيين المقدسيين، مضيفا أنها تنوعت بين اعتداء بالضرب ومنع من دخول المسجد الأقصى والبلدة القديمة للتغطية، إضافة إلى الاستهداف بالقنابل الغازية والمياه العادمة والاعتقال على خلفية التعبير عن الرأي عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وأشار الكسواني إلى أن النقابة توثق كافة الاعتداءات على الصحفيين وترسلها للاتحاد الدولي للصحفيين الذي يضم أكثر من 600 ألف صحفي في جميع أنحاء العالم.
بدوره، قال الحقوقي المقدسي الخبير في القانون الدولي منير نسيبة إن مقطع الفيديو الذي وثق استهداف وتعنيف المصور الصحفي مصطفى الخروف يظهر مدى عنجهية الشرطة الإسرائيلية وتطرفها مع الفلسطينيين في القدس.
وأشار نسيبة -الذي يدير مركز العمل المجتمعي التابع لجامعة القدس- إلى ضرورة ملاحظة أن المصور لم يظهر أي شكل من أشكال المقاومة، بل رفع يديه مستسلما لكن ذلك لم يُعفِه من المضي في الاعتداء عليه.
وفي نظرة قانونية للموقف، أكد نسيبة أن القانون الدولي الإنساني يقضي بضرورة حماية المدنيين والصحفيين بشكل خاص، فهو يتطرق لهم بشكل محدد ويخصهم بالحماية طالما أنهم لا يمثلون جزءا من الحرب ولا يشاركون في القتال.
وتطرق نسيبة، في ختام حديثه، إلى استهداف الصحفيين بأشكال مختلفة في الحرب الحالية، مشددا على أن المجازر التي ارتُكبت بحق عائلات صحفيي قناة الجزيرة الإخبارية تهدف لإخافة الصحفيين وثنيهم عن ممارسة عملهم.
ووصف هذه الانتهاكات بالتعسفية التي تتجاوز إسرائيل فيها كل الخطوط الحمراء والقوانين الدولية وحتى قانونها المحلي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: البلدة القدیمة
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يُواصل الاعتداء على أهالي الضفة الغربية
يُواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة الاعتداءات المُمنهجة ضد الشعب الفلسطيني في داخل الأراضي المُحتلة.
اقرأ أيضاً.. عدوى النيران تنتقل إلى نيويورك.. إصابة 7 أشخاص في حريق هائل
حصيلة مُرعبة للضحايا الأطفال في حرب غزة إيران تُحرج ترامب بتوقيع معاهدة جديدة مع روسياوأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" بأن أفراد من جيش الاحتلال انهالوا بالضرب المُبرح على شقيقين في قرية المُغير شمال شرق رام الله.
وتسبب الاعتداء في إصابة الشقيقين بكسورٍ استلزمت نقلهما إلى المستشفى.
وقالت مصادر محلية إن الجيش الإسرائيلي انهال بالضرب على الشقيقين ربيع ومحمد خالد أبو نعيم، أثناء تواجدهما برفقة عدد من المتضامنين الأجانب في منطقة "الخلايل" جنوب القرية، للتصدي لمحاولة هدم مرافق في المكان.
وتسبب الاعتداء في إصابة الشقيقين بكسورٍ في أيديهما، وجاء ذلك في إطار اقتحام قوات الاحتلال للمنطقة وهدم مرحاض متنقل قامت إحدى العائلات بوضعه أمس إلى جانب خيام يقطنون فيها، كما تخلل الاقتحام الاستيلاء على مركبة من الموقع.
يعاني الفلسطينيون في الضفة الغربية من ظروف قاسية بسبب الاحتلال الإسرائيلي والإجراءات المرتبطة به. يُعد بناء المستوطنات واحدًا من أكبر التحديات التي تواجه السكان، حيث يتم مصادرة الأراضي الفلسطينية وتوسيع المستوطنات على حساب المزارعين وأصحاب الأراضي. كما تُفرض قيود صارمة على حركة الفلسطينيين من خلال الحواجز العسكرية والجدار العازل، مما يعزلهم عن أراضيهم، أماكن عملهم، والمدارس، ويجعل حياتهم اليومية مليئة بالصعوبات.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه الفلسطينيون في الضفة الغربية انتهاكات يومية لحقوقهم الإنسانية، مثل الاعتقالات التعسفية، وتدمير الممتلكات، والمصادرة المستمرة للأراضي. كل ذلك يحدث في إطار سياسة الاحتلال التي تهدف إلى السيطرة على الأراضي الفلسطينية وتوسيع المستوطنات، مما يزيد من معاناة الفلسطينيين الذين يعيشون في حالة من القلق والضغط المستمر. وعلى الرغم من هذه الظروف الصعبة، يواصل الفلسطينيون في الضفة مقاومة هذه السياسات بأشكال متعددة، في سعيهم نحو تحقيق الحرية والعدالة.
على الرغم من هذه التحديات، يظهر الفلسطينيون في الضفة الغربية صمودًا استثنائيًا للحفاظ على حقوقهم وهويتهم الوطنية. يتمثل هذا الصمود في التمسك بالأرض، تنظيم الفعاليات السلمية، والسعي للتعليم كوسيلة لتحقيق مستقبل أفضل. مع ذلك، يبقى تحقيق السلام والعدالة للفلسطينيين في الضفة الغربية مرهونًا بإنهاء الاحتلال وإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
وفي غزة، استمرت الطائرات الحربية الإسرائيلية في شن غاراتها المكثفة، حيث أفادت السلطات الفلسطينية في وقت متأخر من مساء الخميس بأن 86 شخصًا على الأقل لقوا حتفهم في اليوم الذي تلا إعلان الهدنة.
نظرًا للانقسامات الواضحة بين الوزراء، تم تأجيل الاجتماعات التي كانت مقررة أمس، والتي كان من المتوقع أن يصوت فيها مجلس الوزراء على الاتفاق، حيث ألقت إسرائيل باللوم على حماس في هذا التأخير.
لكن في الساعات الأولى من صباح اليوم، أفاد مكتب نتنياهو بأن الموافقة باتت وشيكة، حيث جاء في بيانه: "أبلغ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من فريق التفاوض أنه تم التوصل إلى اتفاق بشأن إطلاق سراح الرهائن".
كما أشار إلى أن مجلس الوزراء الأمني سيجتمع اليوم قبل الاجتماع الكامل لمجلس الوزراء لاحقًا للموافقة على الصفقة.
فيما أصدرت وزارة العدل الإسرائيلية، مساء اليوم الجمعة، بيانًا جاء فيه: "بعد اجتماع مجلس الوزراء الذي عُقد اليوم، 17 يناير، تم نشر قائمة السجناء الذين سيتم الإفراج عنهم في المرحلة الأولى من خطة إطلاق سراح الرهائن، وذلك بعد موافقة الحكومة على هذه الخطة".
وأضاف البيان: "يمكن الاطلاع على القائمة على موقع وزارة العدل، بالإضافة إلى إمكانية التقدم عبر نموذج على الإنترنت للحصول على مزيد من المعلومات حول قائمة السجناء. هذه القائمة جزئية وتخص المرحلة الأولى فقط، وسيتم نشر القائمة الكاملة بعد أن تتخذ الحكومة قرارها النهائي".
كما أوضحت وزارة العدل أنه "لن يتم الإفراج عن السجناء في الدفعة الأولى إلا بعد موافقة الحكومة على المخطط، وذلك قبل الساعة الرابعة عصرًا من يوم الأحد المقبل". وأشارت إلى أن "المكتب يرد على الاستفسارات عبر نموذج الاتصال المتاح على موقع الوزارة على مدار 24 ساعة".