من الذي حكم السودان بعد كرري من 1898م وصنع سودان 56 ؟!
يمكننا اعتبار كتاب الصراع السياسي على السودان 1840م – 2008م للاستاذ جمال شريف من أهم وأخطر المؤلفات الحديثة في تاريخ السودان التي لم تلق حظها من النقاش والمفاكرة.
تقوم الفكرة الجوهرية للكتاب من أجل إثبات أن فترة الحكم الثنائي البريطاني المصري من 1898م حتى 1955م لم تكن فترة حكم مشترك بين مصر وبريطانيا للسودان ولا هي فترة حكم بريطاني للسودان بشراكة صورية مع مصر حسبما يعتقد غالبية السودانيين.


إذن من كان حقيقة يحكم السودان خلال فترة الحكم الثنائي 1898م – 1955م ؟

(الإدارة البريطانية في الخرطوم) هي التي كانت تحكم.
هذا هو المصطلح الذي استخدمه المؤلف ، ويقصد به مجموعة البريطانيين من عسكريين ومدنيين تعاقبوا على منصب الحاكم العام بدءا من السردار كتشنر بعد كرري 1898م مباشرة ولأشهر معدودة وبعده ونجت باشا حتى 1917م ثم حتى آخر حاكم عام غادر الخرطوم في 1955م ومعهم مجموعات الإداريين البريطانيين الذين كانوا يحيطون بهم ويتولون المناصب الرئيسية في منظومة الحكم مثل السكرتير الإداري والمالي وقيادات المخابرات والمصالح الحكومية المهمة.

(الإدارة البريطانية في الخرطوم) لم تكن تمثل الحكومة البريطانية بل كانت تمثل نفسها وتعارض في كثير من الأحيان قرارات الحكومة البريطانية الخاصة بالسودان وتتغلب عليها وتلغيها ويرى أن هذه الإدارة البريطانية في الخرطوم كانت لها جماعات ضغط داخل بريطانيا تقوم نيابة عنها بالضغط على الحكومة من خلال الإعلام والبرلمان لتبني سياسات أو للتراجع من سياسات وأن هذه الإدارة البريطانية في الخرطوم كانت على درجة من القوة بحيث رفضت أحيانا تنفيذ قرارات من الحكومة البريطانية خاصة بالسودان وذلك بحجة أنهم كبريطانيين يعملون في السودان يتلقون رواتبهم من السودانيين وليس من الحكومة البريطانية ولذا فإن من واجبهم الحرص على مصالح السودانيين وطموحاتهم المشروعة للإستقلال.

ولولا هذه الإدارة البريطانية في الخرطوم لفاز التاج المصري باستعادة الإنفراد بالسيادة على السودان وهو الإنفراد الذي فقده منذ توقيع إتفاقية الحكم الثنائي في 1899م بين وزير الخارجية المصري بطرس غالي واللورد كرومر قنصل بريطانيا في مصر علما أن اللورد كرومر نفسه كان من مجموعة الإدارة البريطانية في الخرطوم.

ما إجتهد الاستاذ جمال شريف في إثباته في مؤلفه القيم صحيح باعتقادي ، فمثلا عند تتبع المراحل التي تم بها ترشيح واختيار غردون للحضور للسودان في المرة الثالثة والأخيرة التي قتل فيها يوم 26 يناير 1885م نجد أن حتى رئيس الوزراء البريطاني لم يكن له دور في عملية الاختيار والتعيين ، وبعد تعيينه وقبل أن يغادر غردون للخرطوم تم استدعائه للاجتماع بمجموعة يطلق عليها مجموعة المصالح ، فمن هم ؟!

طبعا بعدها توجه غردون للقاهرة لمقابلة الخديوي محمد توفيق لاستلام قرار التعيين من الحكومة المصرية من أجل إكمال الشكل القانوني فقط لا غير.

بالمناسبة ، في كل صفحات السفر القيم لن تجد المصطلحات المألوفة التي تعودنا عليها في أدبيات المؤامرات والحكومات الخفية ، ولكن غياب المصطلحات لا يعجزك عن الفهم بل ربما كان ذلك الغياب من عناصر التشويق والبعد عن التكرار الفج.

ونحن على اعتاب ذكرى الاستقلال في يناير 2024م أتساءل عما إذا قدرت مجموعة إدارة الخرطوم أن سودان 56 قد استنفذ أغراضه وحان وقت إعادة تشكيله من جديد ؟
#كمال _حامد ????

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الحکومة البریطانیة

إقرأ أيضاً:

بعد أن يسدل الستار علي الحرب العالمية الثالثة في السودان يمكن اجراء مناظرة سياسية بين الجنرالين

بعد أن يسدل الستار علي الحرب العالمية الثالثة في السودان يمكن اجراء مناظرة سياسية بين الجنرالين الذين هزما الشعب السوداني والفائز يحل محل بايدن مرشحا للديمقراطيين و المتعثر تلقائيا يخلف ترمب مرشحا للجمهوريين ولا يهم من يفوز ولكن المهم أن السودان سيرتاح

هذا الرئيس الذي أصبح يمشي كما يمشي الوجي الوحل رغم أنه يتمتع بجسم رفيع معقول كان يمكن أن يساعده في خفة الحركة والمناورة وممارسة الرياضة والحساب الذهني والتفكير المنطقي السليم ولكن التقدم في العمر وهذه سنة الحياة يمر بها كل انسان فإن لم يحمل علي آلة حدباء بعد طول سلامة وتقلب في النعيم فلابد أن يمر بمحطة الشيخوخة التي يري فيها فنونا من التصرفات لم يعهدها في نفسه من قبل وحتما لن يلقي لها بالا ويمضي في مسيرته وكأنه ذاك الشاب الفتوة ابن العشرين الذي تغمره ميعة الصبا وتحيط به دوائر الاهتمام وتتسابق علي خطب وده والقرب منه أجهزة الإعلام واجمل الحوريات وتخط عنه بالقلم الرشيق وريشة الفنان الدوريات التي نالت من الاحترام علي مستوي العالم وحققت لضيفها ما يحلم به من الشهرة والأحلام والاحترام ولكن المشكلة أن بلوغ السن القانونية للجلوس علي كرسي القماش وتخطي هذه المرحلة والإصرار علي التشبث بالوظيفة وياليتها وظيفة عمومية يشغلها الكثيرون والاخفاق فيها لاتقوم له الدنيا ولا تقعد ولكن مشكلة بايدن أنه يتقلد عملا يجعله محط أنظار الشعوب والرسميين ورواد الفضاء والدواعش وجماعة مالكوم اكس و المرابطين تحت سور المكسيك الذين يودون العبور لبلاد اليانكي لتقديم الشكر لبايدن الذي شجعهم للحضور ولم يقفلها في وشهم كما فعلها ترمب بل إن بايدن أعطاهم ضوءا اخضر للحضور معززين مكرمين لأنهم في نظره عمالة رخيصة لاترهق الخزينة العامة التي تحتاج لكل دولار لارساله علي عجل الي نتنياهو الغلبان ولزيلينيسكي الكحيان والاخير انتظروه سنين ولم يحقق النصر المرتجي مما جعل أوروبا تتململ ضجرا من هذا الفلم الهندي الطويل وبدأت بعض الدول هنالك تتمرد وتقول عديل ( تاني مابندفع إلا البيان يطلع ) !!..
لا استطيع ان اصدق بأن امريكا بكل تقدمها في كافة المجالات وهي سيدة العالم من كل النواحي يتمخض جبلها فيلد مرشحين للرئاسة أحدهما رفع عنه القلم بسبب الخرف والزهايمر والآخر رفع عنه القلم بسبب الجن الكلكي اللابس ملكي !!..
يبدو أن بايدن بعد المناظرة الباهتة التي غامر ودخلها ولم يتمعن في المرآة التي كانت كفيلة بأن تعيده الي رشده ولكنه فضل أن يسمع للمنافقين والمطبلين الذين كنا نعتقد أنهم كائنات تعيش في دول العالم الثالث فقط ولكن ثبت لنا بالدليل أن النفاق لا وطن له ولن تسلم منه دولة مهما تحصنت بالقيم الإنسانية والأخلاق والمثل والديمقراطية والحرية وكرامة الإنسان !!..
يحشدون لنا الكونغرس بغرفتيه بجهابزة القانون ومن يفهمون في الاقتصاد وفي السياسة والدبلوماسية وفي كافة العلوم ولكن زيارة واحدة من نتنياهو لهم يتحولون كلهم وبالاجماع الي اسماك تسمع فقط بكل طاعة وتختفي عندهم الفصاحة وطول اللسان ولسان حالهم يردد مرحبا ومرحبا بالاديب الاريب القادم من تل أبيب !!..
أن تفشل امريكا في تقديم شاب مثل كنيدي قديما ومثل أوباما حديثا ليقود مسيرتهم فمعني هذا أن الانتخابات الأمريكية لم يعد لها لزوم وبدأت سمعتها تتدهور وتتدحرج مثل كرة الثلج مما يجعلنا نصدق أن فوز ترمب فعلا كان بمساعدة الروس الذين اخترقوا الدفاعات الإلكترونية للامريكان وعربدوا فيها ليفوز ترمب الذي لايستحق إلا أن يكون مديرا لشركة عقار تبيع وتشتري وتستبدل البيوت والحوانيت والأراضي السكنية والتجارية والزراعية أما أن يكون رئيسا لكوخ العم سام فهذه سقطة مدوية وفضيحة مجلجلة فصاحبنا هذا غير جهله بالسياسة والكياسة والدبلوماسية فهو غريب الأطوار عنده مرض عضال اسمه جنون العظمة وقد جعله هذا الداء الوبيل يميل الي الاستعراض في كلامه ولغته الجسدية ويحاول بقدر الإمكان أن يقنع سامعيه بأنه هو احمد بن الحسين الكوفي ( المتنبي ) الذي يتفاخر بأنه هو الشاعر المحكي والآخر الصدي !!..
وكم كم البون شاسع بين المتنبي الذي كان يمدح نفسه اولا ويترك بقية المدح للملوك والرؤساء العرب وبين ترمب الذي اذا فاز بالرئاسة نقول لأمريكا ( البركة فيكم ) !!..

حمدالنيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي.
معلم مخضرم .

ghamedalneil@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • المجرم جوليان أسانج مرحبا بك في السودان !
  • (جولة الفجر الرياضي).. هل وجد الأهلي ضالته الهجومية في وسام أبو علي؟
  • نساء في السودان بين العنف الجنسي والوصم الظالم من المجتمع
  • وزير الخارجية يستعرض أزمة السودان وغزة مع رئيسة مجموعة الأزمات الدولية
  • لا يحق لقائد الجيش تشكيل حكومة
  • بعد أن يسدل الستار علي الحرب العالمية الثالثة في السودان يمكن اجراء مناظرة سياسية بين الجنرالين
  • وزير الخارجية يستقبل رئيسة مجموعة الأزمات الدولية
  • حرب السودان.. تدمير جسر الحلفايا الرابط بين بحري وأم درمان
  • رئيس «العدل والمساواة» يشيد بدعم الإمارات للسودان وينتقد «دبلوماسية» الخرطوم
  • أمراء الحرب يدمّرون السودان وشعبه