الإبادة الجماعية تطلق على استهداف مجموعة من البشر بغرض تدميرهم كليا أو جزئيا

إسرائيل رفضت التوقيع على نظام روما الأساسي خوفًا من ملاحقتها دوليا

يمكن للدول الأعضاء المطالبة بالتحقيق في جرائم الإبادة الجماعية

 

الرؤية- فيصل السعدي

أكد المحامي خليفة بن مرهون الرحبي أمين سر جمعية المحامين العمانية، أن العدوان الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني يرتقي إلى جرائم الإبادة الجماعية التي يعاقب عليها القانون الدولي، إذ إنها تستهدف القضاء على الشعب الفلسطيني واغتصاب أرضه وتهجير الفلسطينيين إلى الدول المجاورة.

وأوضح- في حوار مع "الرؤية"- أن الجهة التي تختص بالتحقيق في جرائم الإبادة الجماعية هي المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي في مملكة نيذرلاندز، والتي حققت في جرائم سابقة في عدة دول مثل أوغندا و‌جمهورية الكونغو الديمقراطية و‌جمهورية أفريقيا الوسطى و‌دارفور، وأصدرت 9 مذكرات اعتقال، مبيناً: "في مثل هذه الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي فالعقوبات الواجب تطبيقها تصل إلى السجن لسنوات لا تتجاوز 30 عاماً، أو السجن المؤبد إذا كانت الجرائم بالغة الخطورة.

ويقول المحامي خليفة بن مرهون الرحبي، إنَّ جريمة الإبادة الجماعية وفقا لمواثيق الأمم المتحدة والقوانين الدولية وبحسب ما تتضمن المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، تعرف بأنها: "أي من الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، بما في ذلك قتل أعضاء من الجماعة، أو إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة، أو إخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية بغرض تدميرها المادي كلياً أو جزئيًا، أو فرض تدابير تستهدف الحول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة، أو نقل أطفال من الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى".

وأوضح في تصريح لـ"الرؤية"، أن الاتفاقية تؤكد على أن الإبادة الجماعية هي جريمة بمقتضى القانون الدولي، سواء ارتكبت في زمن السلم أو الحرب، حيث تتعهد الأطراف بمنعها والمعاقبة عليها، كما تقع المسؤولية الأساسية في منع الإبادة الجماعية ووقفها على عاتق الدولة التي تقع فيها هذه الجريمة.

وأشار الرحبي إلى أنَّ المحكمة الجنائية الدولية تأسست سنة 2002، كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء، كما أنها تقوم بالتحقيق في الجرائم التي ترتكب بعد تاريخ إنشائها مطلع يوليو 2002 عندما دخل قانون روما حيز التنفيذ، حيث تعمل هذه المحكمة على مساعدة الأجهزة القضائية داخل الدولة التي ترتكب فيها جرائم الإبادة الجماعية على القيام بدولها، لأن المحكمة الجنائية الدولية لا تستطيع القيام بدورها القضائي ما لم تبد المحاكم الوطنية رغبتها أو كانت غير قادرة على التحقيق في القضايا، وبذلك تكون المحكمة الجنائية الدولية الملاذ الأخير، مبينًا أن المسؤولية الأولية تتجه إلى الدول نفسها.

وتابع الرحبي قائلا: "نظام روما  يتكون من 128 مادة، تتصدرها ديباجة تشير إلى ما شهده القرن العشرين من سقوط الملايين من الأطفال والنساء والرجال ضحايا لفظائع هزت ضمير الإنسانية بقوة، وهددت السلم والأمن في العالم، وتؤكد أن هذه الجرائم يجب ألا تمر دون عقاب وأنه تجب مقاضاة مرتكبيها على نحو فعال من خلال تدابير تتخذ على الصعيد الوطني وكذلك من خلال تعزيز التعاون الدولي، كما أكدت الدول الأطراف في نظام روما عزمها - من أجل بلوغ هذه الغايات ولصالح الأجيال الحالية والمقبلة - على إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة مستقلة ذات علاقة بمنظومة الأمم المتحدة وذات اختصاص على الجرائم الأشد خطورة التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره، وفي الأول من يوليو 2002 دخل نظام روما الأساسي حيّز التنفيذ، وتأسست بذلك أول محكمة جنائية دولية دائمة".

وأشار المحامي خليفة بن مرهون الرحبي، إلى أنَّ إسرائيل ليست عضوا ضمن الدول الموقعة على ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية، حيث امتنعت عن التوقيع على نظام روما الأساسي بسبب مخاوفها من أن تكون عرضة للملاحقات القضائية الناجمة عن الوضع غير القانوني للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية، والذي يعتبره الكثيرون انتهاكا لاتفاقية جنيف الرابعة.

وذكر أمين سر جمعية المحامين العمانية أن اتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية تنص على أنه يمكن محاكمة ومعاقبة أي شخص بتهمة الإبادة الجماعية، بمن فيهم المنتخبون بطريقة ديمقراطية، كما أن المحكمة الجنائية الدولية هي المكلفة بالتحقيق في قضايا جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وعقد المحاكمات بشأنها، وبالتالي ووفقاً لنظامها الأساسي، يمكن محاكمة أي شخص يرتكب جريمة الإبادة الجماعية أو يأمر بها أو يشارك فيها أو يحرض عليها، لافتاً إلى أن هناك محكمة أخرى وهي محكمة العدل الدولية في لاهاي، والتي تتعامل مع النزاعات بين الدول ويمكنها أن تقرر ما إذا كانت الدول مسؤولة عن الإبادة الجماعية أم لا.

وقال الرحبي إن تحرك المحكمة الجنائية الدولية لملاحقة قادة الاحتلال الإسرائيلي يبقى موضع شك، نظرا لعدة عوامل ومن أبرزها الحسابات السياسية للدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى عدم توقيع إسرائيل على ميثاق روما الأمر الذي يمثل عائقا كبيرا.

وبيّن أنه على الرغم من عدم توقيع إسرائيل على ميثاق روما إلا أنه يمكن تجاوز هذا العائق إذ إنه وفقاً لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يجوز لأي دولة طرف أن تحيل إلى المدعي العام حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة قد ارتكبت، وتطلب من المدعي العام التحقيق في الحالة لغرض تحديد ما إذا كان ينبغي اتهام شخص محدد أو أكثر بارتكاب مثل هذه الجرائم، إذ إن عدد الأعضاء بالمحكمة بلغ 123 دولة حتى يناير 2015.

يشار إلى أن المدعي العام للمحكمة كريم خان قال إن مكتبه تلقى "طلبا للتحقيق بشأن الوضع في دولة فلسطين صادر عن الدول الأطراف الخمس، جنوب أفريقيا، وبنغلادش، وبوليفيا، وجزر القمر، وجيبوتي"، مضيفاً أنه "مع تلقي الطلب، يؤكد مكتبي أنه يجري حاليًا تحقيقًا بشأن الوضع".

واستشهد أمير سر جمعية المحامين العمانية بعدد من جرائم الإبادة التي اعترفت بها المحكمة الجنائية الدولية، مثل رواندا حيث تم قتل ما يقرب من 800 ألف من قبيلة التوتسي على يد جماعة الهوتو في عام 1994، ومذبحة سريبرينيتسا التي شهدتها البوسنة والهرسك في عام 1995 وقتل فيها أكثر من 8300 من المسلمين معظمهم من الرجال والشيوخ، بالإضافة إلى عمليات القتل التي ارتكبها الخمير الحمر في كمبوديا في السبعينيات حيث تم قتل ودفن أكثر من مليون شخص بشكل جماعي على يد نظام الخمير الحمر خلال حكمهم.

ولفت الرحبي إلى أنَّ سلطنة عمان دعت إلى محاكمة قادة الاحتلال الإسرائيلي وداعميهم نظير ما يقومون به من جرائم ضد الإنسانية في فلسطين، قائلا: " الجرائم التي ارتكبت بحق الأشقاء الفلسطينيين صادمة وتحدث للأسف في وضح النهار وتحت أنظار جميع دول العالم التي تمارس للأسف ازدواجية المعايير بشكل صارخ وغير مقبول على الإطلاق، ولا أعتقد أنه يوجد مكان في هذا العالم شهد مثل هذه الجرائم من حيث الكم والتنوع، ونستطيع أن نجزم بشكل قاطع أن إسرائيل ارتكبت جرائم إبادة جماعية".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مقرر أممي: تدمير البنية التحتية في غزة انتهاك يصل إلى جرائم الإبادة

أكد باللا كريشيان رجا جوبال، مقرر الأمم المتحدة المعني بالحق في السكن، أن تدمير البنية التحتية في قطاع غزة يمثل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي ويُعد قتلًا متعمدًا للشعب الفلسطيني.

 

وأوضح جوبال، خلال مداخلة على قناة «القاهرة الإخبارية»، أن الدمار الواسع الذي طال المدارس والمستشفيات وشبكات المياه والكهرباء جعل الحياة في غزة شبه مستحيلة، معتبرًا أن ما حدث يرقى إلى جرائم إبادة جماعية وفقًا لميثاق الأمم المتحدة.

 

وأضاف أن بعض وحدات الجيش الإسرائيلي ارتكبت أعمالًا وحشية ضد المدنيين ويجب محاسبتها أمام العدالة الدولية، مؤكدًا أن الإفلات من العقاب لا يمكن أن يستمر.

 

وشدد المقرر الأممي على أن الفلسطينيين وحدهم من يملكون حق تقرير مستقبل غزة، بعيدًا عن أي وصاية خارجية، داعيًا إلى تشكيل حكومة فلسطينية مستقلة تتولى إعادة الإعمار بمساندة المجتمع الدولي.

 

أردوغان: زيارتي إلى غزة باتت قريبة وأحذر إسرائيل من خرق اتفاق وقف النار


أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن زيارته إلى قطاع غزة باتت وشيكة، داعيًا إسرائيل إلى الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار وتجنب أي خطوات من شأنها تهديد الاستقرار أو خرق التفاهمات القائمة.

 

وأكد أردوغان، في تصريحات له، أهمية تسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة دون أي عوائق، مشددًا على أن الحل الجذري للأزمة يكمن في تطبيق مبدأ حل الدولتين، بما يضمن الأمن والسلام الدائم في المنطقة.

 

حماس: مطلب نزع السلاح في خطة ترامب "خارج النقاش"


أكد مسئول في حركة حماس، السبت، أن مطلب نزع سلاح الحركة الوارد في خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة "خارج النقاش تمامًا"، مشددًا على أن "موضوع تسليم السلاح غير وارد".

 

وأوضح المسئول، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، في تصريحات لوكالة فرانس برس، أن الحركة ترفض إدراج هذا البند ضمن أي تسوية سياسية.

 

وتأتي هذه التصريحات في اليوم الثاني لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، عقب اتفاق تم توقيعه في شرم الشيخ المصرية، نص على تبادل الرهائن والمعتقلين ووقف الحرب المستمرة منذ عامين.

 

يُشار إلى أن خطة ترامب تضمنت في نقاطها العشرين نزع سلاح حماس وتشكيل إدارة دولية انتقالية باسم مجلس السلام برئاسته الشرفية لإدارة غزة، على أن يُبحث ملف السلاح في المرحلة الثانية من الخطة.

 

فتح: اتفاق غزة انتصار سياسي وإنساني.. ومصر أعادت ضبط البوصلة الإقليمية


أكد الدكتور أيمن الرقب، القيادي في حركة فتح وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أن الاتفاق التاريخي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة يُعد انتصارًا سياسيًا وإنسانيًا بعد ما وصفه بـ"المقتلة الكبرى"، موجّهًا تحية لمصر قيادةً وشعبًا على دورها المحوري في صياغة خطة متكاملة واجهت مشروع ترامب، وأسهمت في منع المنطقة من الانزلاق نحو كارثة جديدة.

 

وأوضح الرقب أن القاهرة أدارت المشهد بذكاء استراتيجي، وتمكنت من فرض إرادتها على الأطراف الدولية والإقليمية، معتبرًا أن التحرك المصري مثّل إعادة ضبط للبوصلات السياسية في المنطقة.

 

 

وأشار القيادي الفتحاوي إلى أن مصر نجحت في كسر ثلاث قواعد تقليدية كانت تحكم الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي لعقود، وهي: كسر قاعدة استمرار القتل من خلال فرض وقف إطلاق النار وإثبات قدرة الإرادة الدولية، بدعم مصري، على إيقاف الحرب، إلى جانب كسر جمود خطة ترامب عبر تعديل الخطوط الجغرافية من "الخط الأزرق" إلى "الخط الأصفر"، بما أتاح مساحة أوسع للحركة والمناورة السياسية، فضلًا عن كسر المدى الزمني الصارم بتمديد فترة تنفيذ الاتفاق إلى أسبوع كامل بدلًا من 72 ساعة، بما يسمح بإطلاق الأسرى يوم الاثنين في إطار منظم وآمن.

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • يوم المخاطر.. إبادة غزة ترفع الطوارئ في إيطاليا قبل مواجهة إسرائيل
  • ارتفاع شهداء الإبادة الجماعية الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 67 ألفاً و869
  • بعد وقف الحرب.. ما مصير أحكام “الجنائية الدولية” ضد نتنياهو؟
  • العرض العالمي الأول لفيلم «ثريا حبّي» ضمن المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة السينمائي الـ46
  • فك عزلة إسرائيل
  • ما المطلوب لتسريع ملاحقة الاحتلال على جرائم الإبادة في غزة؟
  • قاليباف: إيران تدعم أي مبادرة لإنهاء الإبادة الجماعية في غزة
  • شيكاغو : احتجاجات شعبية ضد حاكم مينيسوتا لتواطئه في “الإبادة الجماعية” في غزة
  • سفارة إيران في فنزويلا: منح نوبل لمُبَرِّرَة الإبادة الجماعية في غزة سخرية من مفهوم السلام
  • مقرر أممي: تدمير البنية التحتية في غزة انتهاك يصل إلى جرائم الإبادة