ملف الرياضة.. وحديث يطول!
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
د. محمد بن خلفان العاصمي
يمثل ملف الرياضة العُمانية واحدًا من أكثر الملفات سخونة على الساحة الجماهيرية؛ حيث يمس هذا القطاع شريحة كبيرة من أبناء الوطن، ويتماهى مع جوانب مُهمة خاصة في ظل ما تشهده المنطقة الخليجية من تطور ملموس جعلها تنافس على المستوى العالمي، وأصبحت هذه المنطقة قبلة هامة وواجهة للأحداث الرياضية العالمية والإقليمية، وقد تحولت الرياضة إلى صناعة واستثمار عالي القيمة وأصبح أحد المصادر الهامة لتعزيز الدخل القومي للعديد من الدول.
وفي حقيقة الأمر، مَرَّ ملف الرياضة العُمانية بمجموعة كبيرة من التحولات بداية من بزوغ فجر النهضة المباركة بقيادة المغفور له السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- والذي أولى عناية خاصة بهذا القطاع، ولامست مسيرة النهضة المباركة جوانب متعددة منه وخاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية والتشريعات والتنظيمات الإدارية. ومع استكمال النهضة المتجددة بقيادة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أعزه الله- نجد أنَّ هذا الملف يجد أولوية خاصة من لدن جلالته- أبقاه الله- وقد تجلى هذا الاهتمام بالإعلان عن بدء الدراسات الاستشارية لمشروع المدينة الرياضية، ومن المؤمل أن تكون هذه المدينة الرياضية علامة فارقة في مسيرة الرياضة العُمانية.
ومنذ أيام أعلن سعادة وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للرياضة والشباب أن الوزارة ستقوم بتنفيذ دراسة لتقييم واقع قطاع الرياضة في سلطنة عُمان بالتعاون مع بيت خبرة دولي، وذلك بدايةً من يناير 2024، وسوف يتمُّ الالتقاء بأصحاب العلاقة من الأندية الرياضية وغيرها من الهيئات الخاصة العاملة بالمجال الرياضي بهدف رصد هذه التحدّيات ورفع التوصيات خلال الربع الثاني من العام المقبل، وهذا التوجه والاعلان هو خطوة في مصب تحقيق مستهدفات رؤية "عُمان 2040" والتي تضمنت هدفاً استراتيجياً يوازي طموح القيادة والرياضيين في سلطنة عُمان، حيث جاء في الرؤية أن الهدف الاستراتيجي للرياضة العُمانية هو (بيئة وأنظمة محفزة لرياضة مُساهِمة اقتصاديًا ومنافسة عالميًا)، ومن خلال هذا الهدف الاستراتيجي الواضح ندرك أن ملف الرياضة يجب أن يتحرك في محورين رئيسيين هما المساهمة الاقتصادية والمنافسة العالمية.
كل الطرح السابق هو واقع لا يمكن تجاهله عند الحديث عن ملف الرياضة العُمانية، هذا الملف الذي أصبح الحديث فيه حساسًا خاصة مع الواقع الذي تعيشه رياضتنا والمقارنة المستمرة مع المحيط، وهذا أمر لا يمكن تجاهله أو القفز عليه، بل إنه من المهم أن يتم مواجهة التحديات والوقوف على ما يواجهنا من إشكاليات جعلت من واقعنا الرياضي مجال نقد وحديث مستمر حتى نتمكن من تحويل الأهداف إلى واقع، خاصة وأننا كبلد نملك جميع مقومات النجاح في هذا المجال لما تزخر به بلادنا من مواهب وما يتوفر من شغف واهتمام بالرياضة من مختلف شرائح المجتمع.
في الواقع سعدت بأن دراسة تقييم واقع الرياضة سوف تتم عبر جهة محايدة، وقد تكون غير مرتبطة بالوسط الرياضي، وذلك لأننا بحاجة لنظرة من خارج القطاع متجردة من الذاتية والخلفيات السابقة والمنطلفات المترسخة عبر تجارب سابقة طغت عليها فترات متذبذبة ما بين الفشل والنجاح، وتخللتها مراحل مد وجزر قد يكون تقييمنا لواقعنا مرتبطاً بكل ذلك، كما أننا بحاجة ماسة لمعرفة أين وصل العالم من حولنا، وما هي التوجهات العالمية والاستراتيجيات التي تبنتها الدول الأخرى ومحاولة إسقاطها ومقاربتها مع واقعنا وخلق تجربة خاصة بنا تجمع هذا المزيج، ورسم خارطة طريق تنتقل برياضتنا لمستوى آخر نأمله ويحقق طموح القيادة والمختصين وكل من له علاقة بهذا القطاع.
المهمة ليست سهلة، والانتقال بواقعنا الرياضي يتطلب الكثير والكثير من العمل، فالبنية التشريعية تحتاج إلى إعادة نظر، والهياكل الإدارية هي الأخرى يجب أن تكون محل بحث وتمحيص ودراسة، والمكونات الأساسية لهيكل الرياضة العُمانية كاللجنة الأولمبية والاتحادات واللجان والأندية يجب أن يطالها التغيير وإعادة تعريفها كمفاهيم أساسية في قيادة التحول من الهواية إلى الاحتراف في جميع مفاصل القطاع الرياضي، كما أن قضية الكفاءة يجب أن تكون هي الأساس في مستقبل الرياضة العُمانية، فالموارد التي تنفقها الدول في القطاع الرياضي هي استثمار يعود أثره بأشكال مختلفة، ويحقق أهدافاً رسمت وغايات وضعت لهذا الاستثمار، وإن الهدر المتواصل دون تحقيق الغايات يجعل الحكومات تعيد النظر في خططها وأولوياتها.
إن ما نشاهده من خطوات في القطاع الرياضي هذه الأيام يجعلنا نتفاءل بأن ملف الرياضة العُمانية قد حان وقته، وأن القادم سوف يكون مختلفًا، وأن تحقيق مستهدفات رؤية "عُمان "040م سوف يكون هو عنوان المرحلة القادمة، وهذا الأمر بلا شك يتطلب قرارات حاسمة، وعدم السماح بأخطاء قد تكلف ضياع فرص اللحاق بالعالم المتقدم رياضيًا، وما زال المجال مفتوحًا لتغيير هذا الواقع وتحقيق آمال الأجيال القادمة من أبناء الوطن الذين بلا شك متشوقون لغد مشرق لرياضتنا يواكب التطور الذي تشهده البلاد في شتى المجالات، وعلى المسؤولين تقع مهمة صناعة هذا التغيير. والله من وراء القصد.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
شركة 44.01 العُمانية تفوز بجائزة XFACTOR بقيمة مليون دولار لحلولها المبتكرة في مجال إزالة الكربون
أُعلن في نيويورك عن فوز الشركة العُمانية الناشئة 44.01 في فئة "الهواء" ضمن مسابقة XPRIZE العالمية لإزالة الكربون، حيث حصلت على جائزة XFACTOR التي تبلغ قيمتها مليون دولار أمريكي، ويعتمد مشروع 44.01، الذي يُنفذ في الفجيرة بدولة الإمارات العربية المتحدة، على تقنية التقاط الكربون المباشر من الهواء، حيث يتم التقاط ثاني أكسيد الكربون من الجو وتحويله إلى معدن، مما يضمن عدم عودته إلى الغلاف الجوي مرة أخرى.
وتحدّت مسابقة XPRIZE العالمية، التي امتدت لأربع سنوات، الفرق من مختلف أنحاء العالم لتطوير حلول عالية الجودة وقابلة للتوسع لإزالة ثاني أكسيد الكربون، وقد شارك أكثر من 1300 فريق من قرابة 80 دولة حول العالم، وتم اختيار 20 فريقًا نهائيًا في مايو 2024، وأُعلن عن الفائزين اليوم في نيويورك.
ويُعد مشروع 44.01 من أوائل المشاريع في العالم التي تلتقط ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وتخزنه بشكل دائم تحت الأرض، وقد رأت لجنة تحكيم XPRIZE أن المشروع يُمثل نموذجًا واعدًا لحل آمن وعالي الجودة مع قابلية توسعه في مجال إزالة الكربون لإحداث فرق ملموس في مواجهة تغيّر المناخ.
وقال طلال حسن، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة 44.01: إن نجاح مشروع "حَجَر" هو دليل على الدور الريادي الذي يمكن لمنطقتنا أن تؤديه في مجال إزالة الكربون من الغلاف الجوي، وتوفير فرص عمل جديدة خلال مرحلة الانتقال في قطاع الطاقة، ويحتاج مناخنا إلى حلول فعّالة لإزالة الكربون التي يمكن تنفيذها على نطاق واسع، لذلك نحن نعمل بجد لتوسيع نطاق تقنيتنا في الشرق الأوسط وتصديرها إلى العالم.
وقد أثبتت شركة 44.01 فعالية تقنيتها في "التمعدن" في كل من سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة، وتعمل حاليًا على التوسع عالميًا.
الجدير بالذكر أنه يمكن تنفيذ تقنية "التمعدن" في جميع قارات العالم، حيث إنها تؤدي دورًا كبيرًا في إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، والإسهام في التخلص من الكربون المنبعث من الصناعات الثقيلة، وكذلك دفع الدول إلى تحقيق أهدافها نحو الحياد الصفري.
وتقوم 44.01 بإزالة ثاني أكسيد الكربون عن طريق تحويله إلى صخر، وتعتمد تقنية الشركة الرائدة على تسريع العملية الطبيعية لتمعدن ثاني أكسيد الكربون، مما يؤدي إلى تخزينه بشكل دائم خلال أقل من 12 شهرًا، وتستقبل الشركة ثاني أكسيد الكربون المُلتقط مباشرة من الهواء أو من العمليات الصناعية الصعبة لإزالة الكربون منها، مما يُسهم في خفض الانبعاثات وإعادة التوازن إلى مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وتُعد هذه العملية آمنة، وقابلة للتوسع، ودائمة إلى الأبد.
وتُعد XPRIZE الجهة العالمية الرائدة في تصميم وتنفيذ المسابقات واسعة النطاق لحل أكبر التحديات التي تواجه البشرية، وعلى مدار أكثر من 30 عامًا، أسهم نموذج XPRIZE الفريد في ديمقراطية الابتكار من خلال تحفيز الحلول المبتكرة المستندة إلى العلم والمقدمة من الجمهور، بما يُسرّع الوصول إلى مستقبل أكثر عدالة ووفرة.