باقون.. ما بقي الزعتر والزيتون
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
د. أحمد بن علي العمري
"باقون.. ما بقي الزعتر والزيتون"، جملة قالها رجل مسن من أهالي غزة العزة بعد أن قصفت داره بصاروخ من العدو الصهيوني الغاشم على رأس ساكنيه ودمرت الدار واستشهد العديد من أهله..
إنها جملة مُعبّرة تحمل الكثير والكثير من العبر والمعاني والمضامين؛ فقد ربطها بالزعتر والزيتون وهي نباتات تنبت من الأرض، ويا له من وصف بليغ في محتواه ومضمونه؛ فالأرض هي الثبات والحياة وما ينتسب للأرض عمره ما ينتزع بالماديات؛ حيث تبقى الثوابت هي ذاتها لا تتبدل ولا تتحول.
قالها بألم وحسرة ووجع وأنين وتألم، لكنه قالها أيضًا بنبرات كلها سمو وشموخ وتحدٍ وإصرار واستبسال وطموح وتشبث بالأرض وانتماء للوطن وبعزة وكرامة.
لله درهم، والله ينصرهم، إنهم فعلًا كما قال الزعيم الراحل الشهيد ياسر عرفات "شعب الجبارين"، وسط التخاذل والتضعضع والضعف والهوان في الدول العربية والإسلامية من حولهم.
لقد زعموا أنَّ الجيش الإسرائيلي الغاشم "الجيش الذي لا يقهر"، وها هو يقهر في غزة الصمود والشموخ.
وأنا- والواقع معي- نقول إن الشعب الفلسطيني هو الشعب الذي لا يقهر، لقد وصلت بهم الأمور لدرجة أنهم يخفون الإعلان عن قتلاهم وأسراهم ومصابيهم وإذا ما أعلنوا فعلى استحياء نتيجة ضغوطهم الداخلية وصحفهم وإعلامهم فيعلنون عن النذر اليسير وليس الحقيقة كاملة.
لماذا هذا كله يحصل في غزة؟ الإجابة ببساطة ومباشرة أن رجال المقاومة يذهبون لميدان الوغى للاستشهاد والارتقاء إلى الله سبحانه وتعالى، بينما جنود الاحتلال يذهبون وفي بالهم العودة لاستلام الراتب في آخر الشهر. فرق كبير جدًا وبعد شاسع في الآيدلوجيات وما تضمره النفوس والعقيدة الصادقة.
ثم هناك سؤال محيِّر ولا أرى له جوابًا شافيًا ومُقنعًا، عندما تعلن أي دولة عربية أو إسلامية الإسلام منهجًا لها وطريقًا ودستورًا يثور عليها الجميع بما في ذلك من هم في محيطها مطالبين بالعلمانية والديمقراطية، وأنه لا بُد من التخلي عن الدين من أجل الديمقراطية؛ لدرجة أنهم تدخلوا في مناهج المدارس وفكر الأبناء!!
لكن عندما تعلن إسرائيل أنها دولة يهودية يكون ذلك بردًا وسلامًا على العالم!
ثم لماذا نهرول دائمًا في اتجاههم؟ وهم في كل مرة يتبرأون منَّا ولا نصرة ولا نصير؟!
إنني وكل عماني وكل مقيم على هذه الأرض المباركة الطيبة نحيِّي النهج والسياسة التي تنتهجها سلطنة عمان وعلى رأسها مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- وكذلك وزارة الخارجية وبياناتها المتتالية والمتعاقبة والثابتة والواضحة. والتحية والتبجيل لشيخنا الجليل العلامة أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام السلطنة، وللشعب العماني المقاطع والهبة العمانية المظفرة من شعبها الأبيّ الوفيّ.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الصايغ: قوة حزب الله تحولت ضعفاً مدمراً وتبديد الهواجس بالعودة إلى دولة المواطنة
لبنان اليوم على مفترق طرق حاسم في خضم التحولات في المنطقة، وهو يواجه التحديات على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية. ومما لا شك فيه أن الحرب الاسرائيلية على لبنان التي انتهت إلى اتفاق وقف إطلاق النار، فرضت نفسها على كل المشهد السياسي ربطاً بالمعادلات التي كانت قائمة على مستوى المحاور . وما يسمى بمحور الممانعة والمقاومة تعرض لضربات مؤلمة وقاسية وغير مسبوقة،بعد اغتيال اسرائيل للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الى سقوط نظام الرئيس بشار الأسد وما سبقه من سقوط لدمشق وحلب وحماة وحمص دون أي مقاومة من الجيش السوري، وقد أعلن الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم يوم السبت أن الحزب خسر طريق الإمداد العسكري عبر سوريا ولكن هذا تفصيل"ولا يمكننا الحكم على القوى الجديدة في سورية إلا عندما تستقر وتتخذ مواقف واضحة وينتظم وضعها ومن المهم أن نعمل قراءة بعد هذا التطور الكبير في المنطقة وإن شاء الله تكون النتائج إيجابية".
بالتوازي، فإن حزب الله أعلن ان برنامجه في المرحلة المقبلة هو تنفيذ وقف اطلاق النار جنوب نهر الليطاني وإعادة الإعمار وانتخاب رئيس. وكد الشيخ قاسم أنّ "اتفاق وقف إطلاق النار هو لوقف العدوان على لبنان وليس لإنهاء حزب الله ويرتبط بجنوب نهر الليطاني حصرا"، لكن هذا الأمر يلقى معارضة من قوى سياسية في البلد تختلف مع الحزب مع تنفيذ وتطبيق الاتفاق.
وفي هذا السياق، يرى حزب الكتائب أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي يبدو هشا، على الجميع الالتزام بمندرجاته كاملة منعا لإعادة توريط لبنان مرة جديدة في مأساة حرب جديدة، لا سيما أن هذه المرحلة مفصلية لتثبيت الأمن والاستقرار، تمهيدا للانطلاق نحو مشروع قيام الدولة.
عضو كتلة الكتائب النائب سليم الصايغ يؤكد لـ"لبنان 24" أن المطلوب من حزب الله أن يستعيد قراره اللبناني ويعلم انه لم يعد حزباً مسلحاً فلا يحاول مرة أخرى كما فعل بعد القرار 1701 الذي صدر في العام 2006، بالالتفاف عليه وتفريغه من مضمونه الفعلي، بحيث لم يعد نافذاً بالفعل وأصبح مجرد غطاء للاستمرار بخياره المسلح ولولا حرب الإسناد وما تبعها لما انكشف بهذا الشكل.
قبل الهرولة إلى الإصلاحات الموعودة وقبل إعادة النظر بما لا ينفع من النظام السياسي لا بد، بحسب الصايغ، من استكشاف مدى جدية حزب الله بإعادة التشكل كحزب سياسي كبقية الأحزاب. هو بالطبع لديه هواجس وأثبتت التجربة انه غير قادر على تبديدها بنفسه. إن قوته تحولت ضعفاً مدمراً له وللوطن. ونحن نعتبر أن عملية تبديد هواجس المكونات كلها لا تستقيم إلا بالعودة إلى دولة المواطنة الضامن الوحيد لحقوق الأفراد والجماعات كما جاء في الطائف والدستور، وإنجاز مشروع اللامركزية الإدارية الذي نص عليه اتفاق الطائف، في مجلس النواب ويتم تصحيحه إذا لزم الأمر على ضوء التجربة، لكن خوف الصايغ الوحيد هو أن يجر تشدد حزب الله إلى تصاعد التطرف في لبنان لا سيما أن المتغيرات الاقليمية أطاحت بالضوابط الماضية مما يشي بسهولة تفلت الأمور من عقالها.
ومع الإعلان عن وقف لإطلاق النار في لبنان، اعتبر كثيرون من خصوم حزب الله أن زمن انتخاب رئيس تكون مهمته الأساس حماية ظهر المقاومة أولا، انتهى ،كما انتهى معه أيضاً تشكيل حكومات تُكبل من قبل الحزب وحلفائه بالثلث الضامن أو المعطل، خاصة وأن اتفاق الدوحة أعطى حزب الله سلاحا سياسياً كان يستخدمه لمنع صدور القرارات التي لا يوافق عليها.
ويقول الصايغ في هذا السياق: إن اتفاق الدوحة لم يقل بالثلث المعطل أبداً إنما باعتماد الميثاقية كتثبيت للمبدأ الدستوري واعتماد التوافقية في اتخاذ القرارات كذلك كما جاء في الدستور. ولم يتكلم الاتفاق عن أغلبية أو أقلية وإلا لما تأخر تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري 6 أشهر. وعلى كل حال ولو سلمنا جدلاً أن الاتفاق أتى على غير ذلك، فنحن اليوم أمام تغيير عميق في لبنان يحتم الإنقاذ، بالعودة إلى الدستور من دون اجتهادات جديدة، متحدثاً عن الاستراتيجية الدفاعية التي هي بالواقع استراتيجية لحماية لبنان وهي متعددة الجوانب يكون الجانب العسكري والأمني فيها جانبا واحداً بالإضافة إلى الاقتصاد والحماية الاجتماعية وبيئة الأعمال وطريقة تشكيل السلطة لتأمين الاستقرار وتأمين القضاء المستقل واعتماد سياسة خارجية تغطي لبنان ولا تكشفه.
ويبقى أن حياد لبنان، كما يقول الصايغ، فيه اليوم طمأنة للجميع فلا يتغلب أحد على أحد في لبنان بتغير الموازين إقليميا أو دوليا. فنحن نريد أن يشعر كل مواطن أن لا أحد يستطيع أن يعتمد الاستقواء بالخارج وسيلة لصرف نفوذه في الداخل. وأهمية موقفنا أنه ثابت في عز قوة محور الممانعة كما اليوم في عز تقهقره واندثاره، مضيفاً أليس الحياد أفضل من كل الوصايات وتعطي حصانة وقوة لا تقهر؟ المصدر: خاص "لبنان 24"