دمشق-سانا

يعد المتحف الوطني بدمشق من أغنى متاحف العالم بالآثار الزجاجية، ما يعطي للزائر لمحة عن مدى ازدهار صناعة الزجاج السوري عبر العصور المختلفة، وهو ما دلت عليه التنقيبات والشواهد الأثرية وحفظتها خزن المتحف الوطني بدمشق ومتاحف المحافظات.

وللوقوف عند كنوز المتحف الوطني في هذا المجال، أوضح مدير التنقيب والدراسات الأثرية في المديرية العامة للآثار والمتاحف الدكتور همام سعد في تصريح لـ سانا أن جذور صناعة الزجاج تعود إلى عصور البرونز وأن البقايا الأثرية الأولى والتي تعود إلى 3000 عام قبل الميلاد تؤكد ازدهار هذه الصناعة وبشكل أساسي على الساحل الشمالي للبحر الأبيض المتوسط وكان للكنعانيين “الفينيقيين” دور كبير في تطور هذه الصناعة.

وعند الحديث عن الزجاج في العصر الروماني بين سعد أنه كانت سورية مركزاً أساسياً في هذه الصناعة فالشواهد الأثرية أظهرت الكثير من أنواع الأواني الزجاجية منها ما له علاقة بالطقوس الجنائزية، ومنها ما يعود للحياة اليومية، كما تم العثور على الأواني الفاخرة والتي كانت مقتناة من قبل طبقة معينة من المجتمع في ذلك الوقت، موضحاً أنه مع اختراع تقنية النفخ على الزجاج توفرت كميات كبيرة منه فاستطاع الناس استخدام الأواني الزجاجية في منازلهم.

وفي نهاية العصر الهلنستي وبداية العصر الروماني، قال سعد: إنه ظهرت تقنية جديدة وفريدة وهي استخدام القطع الزجاجية في تشكيل لوحات الفسيفساء، مضيفاً: “لدينا نماذج مهمة في سورية آخرها لوحة الفسيفساء المكتشفة في مدينة الرستن، حيث استخدم فيها قطع زجاجية بألوان متعددة وأن هذه التقنية مهمة ونادرة، وكان يقتصر استخدامها على المباني والأماكن الفاخرة”.

وعن مقتنيات المتحف الوطني من الزجاج قال سعد: “إن متحف دمشق والمتاحف بالمحافظات تضم آلاف القطع الأثرية الزجاجية، وتعود بالأساس إلى ما تم اكتشافه بالمدافن وعثر عليها خلال التنقيبات الأثرية، والتي حفظت لنا نماذج مهمة من هذه الصناعة العريقة”، مبيناً أن المتحف الكلاسيكي يمتلك أنواعا مختلفة تعود إلى القرن الأول قبل الميلاد وحتى الفترة البيزنطية وما بعدها كما توجد مجموعة ضخمة من المقتنيات الزجاجية في العصور الإسلامية.

وهذا ما أكده أمين المتحف الكلاسيكي بالمتحف الوطني علي الحبيب، حيث بين أن المتحف الكلاسيكي يضم مجموعة كبيرة من الأواني الزجاجية تنقسم إلى قسمين الأول يعود للفترة البيزنطية والثاني الرومانية، وهي متعددة الأغراض منها للحياة اليومية ولاستخدامات طبية، كما وجد قطع حلي ومجوهرات زجاجية، كما يوجد قطع خزفية استخدم في جزئها الخارجي الزجاج.

أما مقتنيات المتحف الإسلامي بالمتحف الوطني بدمشق، تحدثت عنه أمينته الدكتورة نيفين سعد الدين، مؤكدة أنه يضم في هذه الفترة الزمنية ما يقارب الـ 4000 آلاف و5000 آلاف قطعة أثرية زجاجية تنوعت تقنيات صناعتها وزخرفتها وأماكن وجودها وورشات تصنيعها، والتي تواجدت بالدرجة الأولى في محافظة الرقة وحلب ودمشق.

وأوضحت سعد الدين أن هذه المقتنيات تؤكد أن صناعة الزجاج في سورية قديمة وصلت إلى العصور الإسلامية من العصور السابقة وتم تطويرها وإدخال عناصر الزخرفة والكتابات والنقوش والرموز عليها.

وأشارت سعد الدين إلى أن أغلب الزجاج الموجود في هذه الحقبة الزمنية يتميز برقته ومصنع بطريقتين النفخ بالهواء والقوالب، فالنفخ بالهواء أعطى أشكالاً كبيرة ومختلفة ومتعددة في حين تميزت القطع المصنوعة بالقوالب بتشابه أشكالها وتماثلها ووجود أعداد كبيرة منها.

وعن آلية عرضها لزوار المتحف لفتت سعد الدين إلى أنه مع وجود هذه الأعداد الكثيرة من مقتنيات المتحف الوطني يتم اختيار نماذج معينة استخدمها أجدادنا بفترات متعددة، فما يميز الفترة العباسية على سبيل المثال أن الزجاج المصنوع فيها رقيق ومحزز ومطبق عليه زخارف باستخدام القالب، كما استخدمت فيه أكاسيد معدنية بالإضافة إلى وجود زجاج مموه بالمينا التي ظهرت في الفترات الأيوبية والمملوكية، كما طبق على الزجاج الرموز والشعارات مع تنوع استعمالاته من منزلية ولأغراض طبية أو العطور والزينة.

وعن أبرز القطع الموجودة قالت سعد الدين: “إن كل قطعة محفوظة في المتحف الوطني لها قصة وحكاية، فهي وقعت بيد أكثر من شخص وفنان وصانع ورسام إلى أن وصلت إلينا، وهذه الحكايات هي كنوز سورية ثمينة بالنسبة لنا وتمثل جزءاً من ثقافتنا وهويتنا الأصيلة، والتي تؤكد أن الصانع السوري هو من صدر هذه الصناعة العريقة إلى دول أوروبا بحكم العلاقات التجارية، حيث نشاهد نماذج من الزجاج موجودة في إيطاليا ويعود الفضل فيها للإنسان السوري المبدع والخلاق”.

ومن الجدير ذكره أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونيسكو أدرجت عنصر نفخ الزجاج يدوياً على قائمة التراث الثقافي اللامادي الذي يحتاج إلى صون عاجل، خلال اجتماع الدورة الثامنة عشرة للجنة الحكومية الدولية لحماية التراث الثقافي اللامادي، والتي أقيمت في الـ 5 من الشهر الحالي في بوتسوانا.

رشا محفوض

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: هذه الصناعة سعد الدین

إقرأ أيضاً:

معلمة التاريخ بالجوف تطلق مبادرة قراءة النقوش الأثرية

المناطق_الجوف

أطلقت معلمة التاريخ الأستاذه خلود عبدالله السعدون مبادرة قراءة النقوش الأثرية ومنها الخط المسندي الصخري ،حيث رفعت المبادرة إلى إدارة التعليم بمنطقة الجوف ،و تم الموافقة عليها وسيتم تنفيذها الفصل الدراسي الثاني للعام الهجري الجاري 1446 هـ ويستهدف طالبات المرحلة الثانوية .

وذكرت السعدون أن المبادرة تتضمن برنامج تدريبي متخصص يهدف إلى تعليم الطالبات أساسيات قراءة وفهم النقوش المسندية، باعتبارها جزءاً من التراث الثقافي والتاريخي العربي والوطني خاصة في منطقة الجوف والتي تحتضن معالم أثرية ونقوش ضاربة في القدم .

أخبار قد تهمك استشهاد 5 مسعفين في غارات للاحتلال على جنوب لبنان 22 نوفمبر 2024 - 6:09 مساءً كريستيانو رونالدو: سأعيش حتى الـ100 عام (فيديو) 22 نوفمبر 2024 - 6:03 مساءً

كما يتضمن البرنامج ورش عمل نظرية وعملية، تتناول تاريخ اللغة المسندية وأبجديتها وقواعدها، بالإضافة إلى تدريب عملي على قراءة وتحليل النقوش باستخدام نماذج أصلية أو صور موثقة .

ويهدف البرنامج إلى تعزيز وعي الطالبات بأهمية النقوش المسندية كمصدر تاريخي وأثري فريد، وتنمية مهاراتهن البحثية، وإعدادهن للمساهمة في دراسة وحفظ التراث العربي القديم .

كما يمكن للمشروع أن يتكامل مع رحلات ميدانية إلى مواقع أثرية تحتوي على نقوش مسندية لتعزيز التجربة العملية وربط المعرفة النظرية بالواقع .

وتتوقع السعدون أن تحقق المبادرة العديد من النتائج ومنها اكتساب المتدربات على قراءة النقوش المسندية و تعزيز الوعي التاريخي والثقافي و فهم أعمق للتراث العربي القديم وأهمية النقوش المسندية في توثيق تاريخ المنطقة .

وكذلك تنمية المهارات البحثية و إكساب المتدربات القدرة على تحليل النصوص التاريخية وفهم سياقها و الحفاظ على التراث والمساهمة في جهود توثيق وحفظ النقوش المسندية من خلال تدريب جيل جديد من الباحثات وإثراء المسيرة الأكاديمية و فتح آفاق جديدة للطالبات في مجال الدراسات الأثرية والتاريخية وتمكين الكفاءات الوطنية وإعداد كوادر متخصصة يمكنها المساهمة في مشاريع وطنية ودولية متعلقة بالآثار والتاريخ وتعزيز الفخر بالهوية التاريخية و ترسيخ الارتباط بالهوية الثقافية من خلال التفاعل المباشر مع إرث الأجداد .

Copy URL URL Copied 22 نوفمبر 2024 - 6:44 مساءً Share Facebook X LinkedIn Messenger Messenger Read Next أبرز المواد22 نوفمبر 2024 - 4:52 مساءًمتحدث المركز الوطني للأرصاد: حالة مطرية تبدأ يوم السبت المقبل وتتراوح بين متوسطة إلى غزيرة أبرز المواد22 نوفمبر 2024 - 4:49 مساءًغوارديولا: الهزائم الأخيرة سبب استمراري مع سيتي أبرز المواد22 نوفمبر 2024 - 4:16 مساءًانطلاق مهرجان الحنيذ الأول بمحايل عسير الجمعة القادمة أبرز المواد22 نوفمبر 2024 - 3:48 مساءًجمعية البر الخيرية بالحكامية تنفذ مشاريع نوعية بـ 3.374.108 ريالات لدعم 6553 مستفيدًا خلال الربع الثالث أبرز المواد22 نوفمبر 2024 - 3:45 مساءًاستشهاد سبعة فلسطينيين في قصف إسرائيلي على قطاع غزة22 نوفمبر 2024 - 4:52 مساءًمتحدث المركز الوطني للأرصاد: حالة مطرية تبدأ يوم السبت المقبل وتتراوح بين متوسطة إلى غزيرة22 نوفمبر 2024 - 4:49 مساءًغوارديولا: الهزائم الأخيرة سبب استمراري مع سيتي22 نوفمبر 2024 - 4:16 مساءًانطلاق مهرجان الحنيذ الأول بمحايل عسير الجمعة القادمة22 نوفمبر 2024 - 3:48 مساءًجمعية البر الخيرية بالحكامية تنفذ مشاريع نوعية بـ 3.374.108 ريالات لدعم 6553 مستفيدًا خلال الربع الثالث22 نوفمبر 2024 - 3:45 مساءًاستشهاد سبعة فلسطينيين في قصف إسرائيلي على قطاع غزة استشهاد 5 مسعفين في غارات للاحتلال على جنوب لبنان استشهاد 5 مسعفين في غارات للاحتلال على جنوب لبنان تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك Find us on Facebookالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2024   |   تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستFacebookXYouTubeInstagramWhatsApp Facebook X Messenger Messenger WhatsApp Telegram Back to top button Close البحث عن: FacebookXYouTubeInstagramWhatsApp Close Search for Close Search for

مقالات مشابهة

  • قائمة أغنى 10 لاعبين في العالم لعام 2024.. الأول يملك ضعف ثروة رونالدو
  • النمو الصاروخي لثروة إيلون ماسك يعيده إلى قمة أثرياء العالم ليصبح أغنى شخص في التاريخ
  • الثلاثاء المقبل.. مكتبة الإسكندرية تنقب في سيرة العالم الآثار «بوتي» مؤسس المتحف اليوناني الروماني
  • عشان توصل بالسلامة.. 10 نصائح للقيادة أثناء سقوط الأمطار
  • أغنى شخص في العالم .. هكذا زادت ثروة إيلون ماسك بفضل انتخابات أمريكا
  • 25 ألف زائر لـ"متحف عُمان عبر الزّمان" في إجازة العيد الوطني
  • ترشيح 3 متاحف تركية لجائزة المتحف الأوروبي 2025
  • كيف زادت ثروة إيلون ماسك أغنى شخص في العالم بفضل الانتخابات الأمريكية؟
  • معلمة التاريخ بالجوف تطلق مبادرة قراءة النقوش الأثرية
  • 25 ألف زائر لمتحف عُمان عبر الزّمان خلال إجازة العيد الوطني