كما هو متوقَّع، اعتمدت الجمعيَّة العامَّة للأُمم المُتَّحدة بأغلبيَّة ساحقة ليلة الأربعاء 13 كانون الأوَّل/ديسمبر 2023، قرارًا يطالب بوقفٍ فوري لإطلاق النَّار في قِطاع غزَّة، بعد أن عجز مجلس الأمن الدولي عنِ اتِّخاذ هكذا قرار بسببٍ من استخدام الولايات المُتَّحدة الأميركيَّة لحقِّ النقض (الفيتو) مرَّتين اثنتَيْنِ منذ بدء العدوان على القِطاع.
ويُعدُّ قرار الجمعيَّة العامَّة تاريخيًّا بالنسبة لمُقدِّمات صدوره، عدا أنَّه يأتي في ظلِّ العراك السِّياسي المُحتدم داخل مجلس الأمن، وظاهر الأمْرِ هو العدوان على القِطاع، لكنَّه يستبطن أكثر من هذا في صراع الكتل والأقطاب الدولي، بَيْنَ واشنطن من جهة، وموسكو وبكين من جهة ثانية، مع دَوْرٍ أوروبي متذيِّل للمواقف الأميركيَّة، لكنَّه موقف مهزوز، وخير دليل على ذلك امتناع بريطانيا عن التصويت في آخر جلسة لمجلس الأمن، وما طرأ من استدارات في الموقف الفرنسي من شعار «إقامة تحالف دولي ضدَّ الإرهاب في قِطاع غزَّة» إلى الحديث عن وقف النَّار والحلِّ السِّياسي، وهكذا.
لقَدْ صوَّت إلى جانب القرار ولصالحه في الجمعيَّة العامَّة (153) دَولة من أصْل (193) دَولة عضوًا في الأُمم المُتَّحدة، مقابل معارضة عشرة بُلدان من بَيْنِها الولايات المُتَّحدة و»إسرائيل» والدوَل المجهريَّة كدَولة ميكرونيزيا وجزر بالاو… في حين امتنعت (23) دَولة عن التصويت اتِّقاء لشرور واشنطن. إنَّ قرار الجمعيَّة العامَّة، في جلستها استنادًا للقرار 377 «متَّحدون من أجْل السَّلام»، يأتي للمرَّة الخامسة في تاريخ الأُمم المُتَّحدة. المرَّة الأولى في الحرب الكوريَّة عام 1952، وفي المرَّة الثَّانية إبَّان اجتياح الجيش الأحمر السوفييتي للمجر (هنجاريا) ردًّا على انقلاب الأمين للحزب الشيوعي الهنجاري (إيمري ناجي) الَّذي كان يريد الخروج من حلف وارسو. والمرَّة الثَّالثة إبَّان عدوان عام 1956 على مصر، وقَدْ أَدَّى التلويح باستخدام القوَّة من جانب الاتِّحاد السوفييتي إلى انسحاب دوَل العدوان نهائيًّا من سيناء وقِطاع غزَّة الَّذي تمَّ احتلاله خلال العدوان الثلاثي، ومن كُلِّ مُدُن قناة السويس. والمرَّة الرَّابعة كانت إبَّان اندلاع أزمة الصواريخ السوفييتيَّة العابرة للقارَّات المنصوبة في كوبا عام 1962. فقرار الجمعيَّة العامَّة «متحدون من أجْل السَّلام» والَّذي صدر بشأن وقف العدوان على القِطاع، له مفاعيل تحت الفصل السَّابع، حال توافر الإمكانات والإرادات، ومِنْها الإرادة العربيَّة السِّياسيَّة وفق معادلة (الرطل يحتاج رطلًا) بمعنى استخدام الحالة العربيَّة لدبلوماسيَّة ناشطة وضاغطة، وليس الدبلوماسيَّة القائمة على الاستجداء. كما يبقى المُهمُّ بالنسبة لقرار الجمعيَّة العامَّة للأُمم المُتَّحدة، أنَّه يحمل ثقلًا سياسيًّا يُعَبِّر عن رأيٍ وموقف عالَمي بشأن الحرب الظالمة الَّتي ترتكب ضدَّ شَعب فلسطين في قِطاع غزَّة وعموم الأرض المحتلَّة عام 1967. فضلًا عن كونه يستجيب لنداء الأمين العامِّ للأُمم المُتَّحدة أنطونيو جوتيريش في رسالة وجَّهها لمجلس الأمن بموجب المادَّة 99 من ميثاق المنظَّمة الدوليَّة، وفيها يُعَبِّر عن قلقله من «انهيار كامل ووشيك للنِّظام العامِّ» بعد فشل مجلس الأمن بوقف الحرب الهمجيَّة المجنونة ضدَّ شَعبٍ أعزل، في وقتٍ تسبيح فيه «إسرائيل» كُلَّ شيء وتزرع بذور الشَّر.
علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
ali.badwan60@gmail.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
الضالع تعلن النفير العام لمواجهة العدوان ودعم الجبهات
يمانيون../
شهدت محافظة الضالع، اليوم، لقاءين قبليين موسعين ضما مشايخ ووجهاء وشخصيات اجتماعية من مخلاف العود بمديرية قعطبة وعزلة كنة بمديرية دمت، للإعلان عن النفير العام في مواجهة العدوان الصهيوني – الأمريكي – البريطاني وأدواته.
وأكد القائم بأعمال محافظ الضالع، عبد اللطيف الشغدري، خلال اللقاءين، أهمية توحيد الصفوف لرفد الجبهات بالمال والرجال، ودعا إلى التواصل مع المغرر بهم للعودة إلى مناطقهم والاستفادة من قرار العفو العام. كما شدد على تعزيز الجاهزية القتالية والعمل وفق مبدأ “يد تبني ويد تحمي”.
الحاضرون، الذين شملوا مسؤول التعبئة أحمد المراني، ومساعد قائد المنطقة العسكرية الرابعة صالح حاجب، ومديري مديريتي دمت وقعطبة، أعلنوا التعبئة العامة والاستنفار لدعم الجبهات والمشاركة الفاعلة في نصرة غزة والوقوف في وجه العدوان ومرتزقته.