عن المسجد الأقصى وحكاية هيكل سليمان.. نقاش فكري وتاريخي هادئ
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
سؤال كبير و حائر ربما هو أطول الأسئلة في التاريخ عمرا.! هذا السؤال هو: ماهي حقيقة "هيكل سليمان."!؟ ولا يزال هذا السؤال حتى اليوم يبحث عن جواب .!!وما هذا الحديث سوى حرف واحد من ملايين الحروف التي ملأت صفحات الكتب والدراسات العديدة التي تبحث منذ قرون طويلة عن حكاية "هيكل سليمان ".!
ويضاف إلى ذلك السؤال الكبير والحائر سؤال آخر هو: هل هيكل سليمان موجود داخل أو حول مكان المسجد الأقصى اليوم .
وردت الإشارة في القرآن آلكريم الذي هو أصدق الحديث إلى مسجدين فقط بالإسم هما:المسجد الحرام و المسجد الأقصى. ذكر الله سبحانه وتعالى من بنى المسجد الحرام ولكنه لم يذكر من بنى المسجد الأقصى.
قال تعالى: "وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت و اسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم.". سورة البقرة اية ١٢٧.فعرفنا وعرف الناس من بنى المسجد الحرام في مكة المكرمة.
أما بالنسبة للمسجد الأقصى فهنالك بعض الروايات التي يصعب تصديقها إذ لا دليل عليها. فهنالك من ينسب بناءه إلى سيدنا آدم عليه السلام. ومنهم من ينسبه إلى سيدنا نوح عليه السلام. ومنهم من ينسب ذلك إلى ابنه سام . ومنهم من يقول إن النبي إبراهيم عليه السلام هو الذي بنى المسجد الأقصى كما بنى المسجد الحرام هو وابنه إسماعيل.
حكم الهكسوس مصر. وحكم الفرس كل البلاد المجاورة لإيران. وحكم الرومان أوروبا كلها بما فيها الجزر البريطانية. وقامت إمبراطوريات وزالت. ثم نشأت دول وحضارات أخرى وزالت ولم يدع السابقون أن لهم حقا في احتلال الأراضي التي كانت يوما ما مقرا لمملكة بعينها.!كان نبي الله سليمان بن داوود عليه السلام شخصية مميزة بين أنبياء الله ورسله. فهو الذي علمه الله سبحانه وتعالى لغة الطير فتحدث مع الهدهد وعلمه لغة النمل فسمع حديث النملة وهي تحذر قومها من النمل من جيش سليمان فتبسم ضاحكا من قولها وهو الذي جيئ له بعرش ملكة سبأ بلقيس من اليمن إلى فلسطين في طرفة عين في زمن لم تكن فيه لا طائرات نفاثة ولا صواريخ عابرة للقارات.!
هذا النبي الكريم هل كان له حقا هيكل.!؟
أخبرنا الله سبحانه وتعالى أنه سخر للنبي سليمان جنودا من الإنس والجن والطير يأتمرون بأمره ويصنعون له ما يشاء من المحاريب والتماثيل فلا يستغرب أن يبنوا له هيكلا للعبادة.هذا من حيث المبدأ.
ولا نشك أبدا أن النبي سليمان عليه السلام قد يكون بنى مسجداً لعبادة الله. هم، أي اليهود، يسمونه الهيكل ولكن الله سبحانه وتعالى قد اشار اليه كمسجد كما جاء في الاية السابعة من سورة الاسراء في قوله تعالى: " وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة.".
ثم يروي لنا القران الكريم كيف تم بناء قصر الملك سليمان عليه السلام من الزجاج حتى أن الملكة بلقيس حينما جاءت من اليمن " حسبته لجة وكشفت عن ساقيها ". حسبته من زرقته كما لو أنه جزء من البحر فكشفت عن ساقيها حتى لا تبتل ملابسها.! فلما قيل لها إنه "صرح ممرد من قوارير". قالت "أسلمت مع سليمان لله رب العالمين". ما قد يجعل البعض يصدق قيام الملك سليمان عليه السلام ببناء مثل ذلك الهيكل.
ولكن السؤال هو أين بني هذا الهيكل.!؟
قرأت ما تيسر لي قراءته عن حكاية هيكل سليمان كما يرويها اليهود وكما ترويها كتبهم وكما يرويها بعض أصحاب الأناجيل ايضا الذين يجمعون بين العهد القديم. وهو التوراة والعهد الجديد وهو الإنجيل.
كما قرأت البعض من الأبحاث التي تم القيام بها حول هذا الهيكل من بعض المختصين من أساتذة الجامعات في العالم وبعض كبار أحبار اليهود.
وهناك من يؤكد وجود الهيكل تحت قبة المسجد الأقصى ومن بين هؤلاء عالم الاجتماع والتاريخ عبدالرحمن بن خلدون رحمة الله ورضوانه عليه.وهنالك أيضا من ينفي ذلك.
ويعتقد اليهود أن هذا الهيكل هو المعبد اليهودي الأول الذي بناه الملك سليمان بن داوود عليه السلام، ويرون أن أرض المسجد الأقصى هي أرض الهيكل وهو قدس الأقداس عندهم. ويقولون إن نبي الله سليمان هو الذي بناه ووضع فيه التابوت الذي يحتوي الوصايا العشر!. غير أنه تمّت العديد منّ الحفريات في موقع المسجد الأقصى وما حوله دون العثور على الهيكل المزعوم.
وتقول كتب التاريخ إن الهيكل قد تعرض للهدم على يد القائد البابلي نبوخذ نصر عام ٥٨٦ قبل الميلاد فيما يعرف في كتب التاريخ بسبي بابل وذلك خلال غزوه لأورشليم القدس. ثم قيل إنه تعرض للهدم مرة أخرى بعد ذلك بأربعة قرون على يد الرومان سنة ٧٠ ميلادية.فمن الذي أعاد بناءه مرة أخرى بعد أن هدمه البابليون. حتى يعيد هدمه الرومان.!؟ تلك علامة استفهام أخرى حول هذا الهيكل.!
لماذا يصر غلاة الصهاينة على وجود هيكل سليمان تحت قبة الصخرة في المسجد الأقصى.!؟ واستخدام ذلك لتبرير الاحتلال الصهيوني لفلسطين.!؟
لقد شهد التاريخ البشري موجات متتالية من الأحداث وقامت دول وزالت دول وقامت حضارات وزالت حضارات ولكن كان دائما لكل حادث حديث ينتهي بانتهاء أسبابه.وهكذا ينبغي أن يكون الحال بالنسبة لمملكة نبي الله داوود وابنه نبي الله سليمان عليهما السلام في فلسطين. تلك أمة قد خلت لها ما كسبت وليهود ١٩٤٨ وليهود ٢٠٢٣ ما اكتسبوا وما اكتسبوا لا علاقة له لا بمملكة داوود ولا بمملكة سليمان ولا بالهيكل المزعوم.
الحقيقة اليوم هي أنه ليس في باحة المسجد الأقصى ولا بداخله شيء اسمه هيكل سليمان.حكم الهكسوس مصر. وحكم الفرس كل البلاد المجاورة لإيران. وحكم الرومان أوروبا كلها بما فيها الجزر البريطانية. وقامت إمبراطوريات وزالت. ثم نشأت دول وحضارات أخرى وزالت ولم يدع السابقون أن لهم حقا في احتلال الأراضي التي كانت يوما ما مقرا لمملكة بعينها.!
لم تدع إيطاليا ولا يجوز لها أن تدعي أن من حقها احتلال بريطانيا اليوم لأن هذه الجزر البريطانية كانت يوما ما جزءا من الإمبراطورية الرومانية.!
قصة طالوت وجالوت والنبي داوود الذي أتاه الله الملك وردت في القرآن آلكريم ولا جدال في أنه كانت لداوود الملك وابنه سليمان دولة في أرض فلسطين. ولكن ذلك كان حدث تاريخي وقع بين عام ١٠٢٠ و١٠٠٠ قبل الميلاد أي منذ اكثر من ثلاثة الاف سنة.! ولا يمكن أن يكون ذلك سببا للادعاء بأن فلسطين هي الوطن القومي لليهود بحجة مملكة النبي داوود عليه السلام.!وإلا جاز للإيطاليين الرومان القدماء وجاز لليونانيين الإغريق القدماء وجاز للبنانيين الفينيقيين القدماء استعادة كل الأراضي التي كانت يوما ما تشكل جزءا من تلك الإمبراطوريات القديمة.!!
طالوت إسمه بالعبرية شاؤول. وتقول بعض الروايات التي وصلتنا ومنها الرواية الإسرائيلية ويسمونه شاؤول الملك أنه هو الذي أسس الدولة الإسرائيلية القديمة والأولى والأخيرة في فلسطين منذ حوالي ثلاثة آلاف سنة.!! وهي الدولة التي انتهت كما انتهت دول كثيرة عرفها العالم خلال الثلاثة ألاف سنة الماضية.!!
روى لنا القران الكريم في الآيات من ٢٤٦ إلى ٢٥١ من سورة البقره قصة طالوت وداوود ومقتل جالوت. فلا أحد ينازع في ذلك.!! ولكن "تلك أمةً قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون."سورة البقره اية ١٣٤. "وتلك الأيام نداولها بين الناس ".صدق الله العظيم.
الخلاصة
قد يكون النبي سليمان عليه السلام قد بنى معبداً لا يهم كثيرا إن كان اسمه الهيكل أو كان اسمه المسجد أو كان اسمه المعبد. وقد يكون ذلك المكان قد تعرض للهدم بفعل التضاريس السياسية على مر العصور.!
ولكن الحقيقة اليوم هي أنه ليس في باحة المسجد الأقصى ولا بداخله شيء اسمه هيكل سليمان.
ولكن الحقيقة أيضا هي أن كل المؤشرات التاريخية تقول إن ذلك الهيكل لا وجود له منذ أيام المدعو نبوخذ نصر ملك بابل في التاريخ القديم.
*كاتب وباحث ليبي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير التاريخ المسجد الأقصى فلسطين فلسطين المسجد الأقصى تاريخ رأي أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الله سبحانه وتعالى المسجد الأقصى المسجد الحرام هذا الهیکل بنى المسجد نبی الله هو الذی
إقرأ أيضاً:
إدانات فلسطينية وإسلامية على التحريض لهدم وتفجير المسجد الأقصى
الثورة / متابعات
تشهد الضفة الغربية تصعيداً مستمراً في الاعتداءات الإسرائيلية، وسط تواصل المداهمات الليلية والاعتقالات شبه اليومية.
وانطلقت دعوات فلسطينية لتصعيد المواجهة والمقاومة واستهداف العدو الإسرائيلي ومستوطنيه بالضفة الغربية في كافة الميادين.
و شنت قوات العدو الإسرائيلي، مساء الأحد وفجر أمس الإثنين، حملة مداهمات واسعة في عدة مناطق من الضفة الغربية، تخللها اعتقالات واقتحامات لمنازل ومخيمات الفلسطينيين.
إلى ذلك اعتقلت قوات العدو الإسرائيلي ، تسعة مواطنين فلسطينيين وداهمت عدة منازل خلال اقتحام مخيمي الفوار، والعروب شمال وجنوب الخليل بالضفة الغربية.
إلى ذلك أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أمس الإثنين استشهاد مواطن اختناقًا بغاز العدو الصهيوني في بلدة سنجل قضاء رام الله بالضفة الغربية المحتلة.
وقالت الوزارة في بيان مقتضب إن المواطن وائل باسم محمد غفري (٤٨ عامًا) ارتقى اختناقًا بغاز العدو المسيل للدموع في بلدة سنجل قضاء رام الله.
كما أصيب فتى فلسطيني برصاص قوات العدو الصهيوني، ظهر أمس، في بلدة بيت أمر شمال الخليل، عقب اندلاع مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات العدو..
وفي جنين، واصل العدو الإسرائيلي عدوانه على المدينة ومخيم جنين لليوم الـ 91 على التوالي، وسط عمليات تجريف، وإحراق منازل الفلسطينيين، وتحويل أخرى إلى ثكنات عسكرية.
من جانبه قال رئيس بلدية جنين محمد جرار، أن تكلفة التدمير والدمار جراء العدوان الصهيوني في جنين ومخيمها بالضفة المحتلة بلغت 300 مليون دولار.
وأوضح رئيس بلدية جنين، أن 22 ألف شخص اضطروا للنزوح قسرا من المدينة ومخيمها، لافتاً إلى شلل اقتصادي كامل بسبب العملية العسكرية المستمرة.
من جانب آخر دعا أربعة وزراء في حكومة العدو الإسرائيلي، إلى ضم الضفة الغربية المحتلة، وفرض السيادة عليها.
جاء ذلك خلال اقتحامهم أراض جنوب نابلس، ومشاركتهم في «افتتاح» حي استيطاني جديد في مستوطنة «هار براخا» التي أُقيمت على أراضي قريتي بورين وكفر قليل، بالضفة الغربية المحتلة.
واعتبر كاتس أن «الاستيطان هو خط الدفاع عن الكيان الإسرائيلي»، مضيفا أن العدوان سيتواصل على شمال الضفة الغربية.
وفي القدس المحتلة اقتحم عشرات المستوطنين الصهاينة، أمس الاثنين، المسجد الأقصى، بحماية من قوات العدو الإسرائيلي.
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا»، بأن عشرات المستوطنين اقتحموا باحات المسجد الأقصى وأدوا طقوسا تلمودية، فيما قام المتطرف وعضو الكنيست السابق «يهودا غليك» بتقديم شروحات حول «الهيكل المزعوم» أمام عدد من المقتحمين.
بالمقابل أدان المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين التحريض الصارخ ضد الأقصى محذرا من خطورة مقطع فيديو منتج بتقنية الذكاء الاصطناعي، يُظهر مشهدًا صادمًا لتفجير المسجد الأقصى المبارك وإقامة «الهيكل» المزعوم مكانه، تحت عنوان: «العام القادم في القدس».
وأعرب الشيخ حسين في بيان أمس الاثنين، عن شجبه لهذا التحريض الذي تقوده جمعيات استيطانية وغلاة المتطرفين، ويُنشر في الوضع الراهن بالتزامن مع تصعيد الاقتحامات والسماح للمتطرفين بممارسات استفزازية بحماية شرطة العدو.
وحمّل سلطات العدو تبعات هذا العدوان الذي يستفز مشاعر المسلمين في أنحاء العالم كافة، محذرًا من تداعياته الخطيرة.
وأهاب حسين بأحرار العالم وأصحاب القرار فيه ضرورة وضع حد فوري لما يحدث في الأقصى، واتخاذ الإجراءات والسبل الممكنة لمنع المس به.
كما أدان مجلس حكماء المسلمين، الدعوات التحريضية المتطرفة من منظمات استيطانية إسرائيلية والتي تدعو إلى تفجير المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة.
وأكد المجلس الذي يترأسه شيخ الأزهر أحمد الطيب، في بيان له، رفضه القاطع لمثل هذه الدعوات المتطرفة، التي تمثل استفزازا لمشاعر ما يقرب من مليارين مسلم حول العالم وتمثل انتهاكا صارخا للقوانين والمواثيق الدولية، كما يدين الانتهاكات بحق المسيحيين في القدس بما في ذلك منع الوصول إلى الكنائس والاعتداءات الجسدية.
ودعا، إلى ضرورة توفير الحماية الكافية للمقدسات الدينية ووقف الانتهاكات المستمرة بحق الشعب الفلسطيني وإقرار حقه المشروع في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.