جنين – يجتهد أحمد أبو العز لإخراج قطع كبيرة من الأثاث المحطم والقديم، التي قضى سنوات من عمره في جمعها، إلى خارج منزله في حارة جورة الذهب في مخيم جنين للاجئين شمال الضفة الغربية بعد تلفها بشكل كبير، إثر اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي منزله ليلة الخميس.

وكانت قوات الاحتلال اقتحمت منزل أبو العز، واحتجزته بداخله رفقة عائلته المكونة من 12 فردا، وحطمت جميع مقتنيات المنزل، وتنقلت عبر طوابقه الثلاثة، وصولا إلى شقته ابنه في الطابق العلوي.

"وضعوني مع أولادي في زاوية المنزل بالقرب من المدخل مكبلي الأيدي، ودخلوا بأعداد كبيرة، فتشوا جميع الغرف، وحطموا كل ما لمسته أيديهم. أنا أجمع القطع الأثرية، هذه هوايتي منذ زمن، أنشأت لها غرفة خاصة، ورتبتها بطريقة مختلفة، وأصبحت تشبه المتحف حتى إن طلاب المدارس كانوا يأتون إلى هنا في زيارات تعليمية للتعرف إليها.. حطموها كلها، لم تعد تصلح للعرض أو حتى للزينة".

أحمد أبو العز يخرج مقتنيات منزله التي أتلفها الاحتلال بعد اقتحامه (الجزيرة) تخريب وتحطيم

وفي الشقة العلوية لمنزله حيث يسكن ابنه المتزوج منذ أقل من عام واحد، تظهر بوضوح آثار الخراب في كل زوايا المنزل، لكن الشيء الأبرز في كل ما حصل مع عائلة أبو العز هو دخول الجنود على نساء المنزل حاملين سكينا حادة.

يقول أبو العز "دخلوا على زوجتي وبناتي بالسكين، هددوهن بها، وحين رآهم طفلي الصغير وقع مغشيا عليه من شدة الخوف، هذا منزل ابني لم يفرح به، المفروض أنه عش الزوجية له، تحوّل إلى كومة من الركام، حتى المطبخ كسروه، وحطموا خزائنه، شاشة التلفاز كسروها كلها، حتى الستائر قطعوها بالسكين".

وفي حارة الدمج، إحدى أكثر الحارات مواجهة لقوات الاحتلال الإسرائيلي في اقتحاماتها المتكررة لمخيم جنين، قصفت طائرات الاستطلاع الإسرائيلية منزل عائلة الصباغ، المكون من ثلاثة طوابق، فأحرقته بالكامل، ووسط المنزل المحترق وقفت سماح الصباغ تشير إلى معالم المنزل المختفية، وتشرح ما كان يوجد في كل ركن فيه.

وتقول الصباغ "هنا كانت تسكن شقيقتي مع أطفالها، وشقيقي الصغير في هذه الزاوية، كانت غرفة نومه وخزانة ملابسه، وهنا كانت غرفة الضيوف، وهناك المطبخ، الآن لا يوجد سوى هذا المربع الأسود".

وتضيف "لقد أذابوا البيت بشكل كامل، حتى الجدران والأرضية، البيت الآن لا يصلح للسكن ولا يمكن إصلاحه، هذا البيت يعيش فيه 15 شخصا، الآن لا نعرف أين سنذهب، والدتي الكبيرة في السن بقيت بعد هذا العمر من دون مأوى، وعائلة أخي في الطابق السفلي أيضا".

 

 

مشهد يذكّر بغزة

وفي مشهد يذكر بقصف البيوت السكنية في قطاع غزة، قصف الاحتلال الإسرائيلي منزل عائلة مرعي، فهدم بشكل كامل واشتعلت النيران في جزء منه.

ويعود المنزل إلى الأسير تامر مرعي الذي اعتقل في اقتحام الاحتلال الإسرائيلي مخيم جنين في الثالث من يوليو/تموز الماضي.

تقول زوجته آلاء إنها كانت توجد في منزل خالتها لحظة الاقتحام، وإن الأخبار كانت تصلها من سكان الحي بأن الجنود دخلوا المنزل وبدؤوا بتخريبه، لكنها لم تتوقع أن يكون بالحالة التي رأته عليها عندما وصلت إليه "حتى حين أخبرني الجيران أنه تم قصف المنزل لم أتوقع أن يكون قد سوي بالأرض بهذه الطريقة".

وحتى انسحابها مساء الخميس من مخيم جنين، كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد دمرت قرابة 7 منازل بشكل كامل، وعددا آخرا من المنازل بشكل جزئي. وحتى الآن لم تتمكن أي جهة رسمية من إحصاء الأضرار في المنازل وممتلكات السكان.

تجمع المياه العادمة في ساحة بمخيم جنين بعد أن دمرت جرافات الاحتلال شبكة الصرف الصحي (الجزيرة) سرقات ونهب

ولم يكتف جنود الاحتلال الإسرائيلي بهدم المنازل وحرقها، بل يتحدث أهالي المخيم عن سرقات تمت في عدد من البيوت التي اقتحمها الاحتلال، وأخرى في محال تجارية.

ويقول كفاح أبو السرور الذي يسكن الحارة الشرقية، إن "جنود الاحتلال حاصروني مع عائلتي في المنزل بعد قصفه بقذائف الإنيرجا"، فاضطر إلى أن يجمع عائلته في الطابق السفلي، وبعد تواصل ضرب المنزل بالقذائف، حاول الاتصال بالدفاع المدني والإسعاف لمساعدته وعائلته وإخلاء المنزل.

"اتصلت بالدفاع المدني، وأخبرتهم أن المنزل يتعرض لإطلاق النار والإنيرجا وأن أجزاء منه بدأت تحترق، لكنهم لم يسمحوا لأي سيارة إسعاف وطواقم الدفاع المدني بالوصول إلينا، ثم تواصلت مع الارتباط المدني الفلسطيني الذي بدوره تواصل مع الارتباط الإسرائيلي، ونسق معهم موعدا لخروجنا"، يقول أبو السرور.

ويضيف "اتصل بي ضابط من الجيش الإسرائيلي، وقال لي ستخرجون واحدا تلو الآخر رافعي الأيدي، ويجب أن تخرجوا كلكم من المنزل، وبعدها سأدخل المنزل، وإذا وجدت أحدا فيه سأقتله ثم سأعود إلى قتلكم جميعا هنا، وخرجنا كما قال لنا، ثم دخلوا، وفتشوا المنزل وكسروه".

بعد خروج أبو السرور، أطلق جنود الاحتلال عليه كلبهم البوليسي، فعضه في قدمه وذراعه، وبقيت العائلة خارج منزلها طوال الليل حتى سمح لها بالعودة فجر الخميس، وبعد تفقدهم المنزل وجدوا أن الجنود سرقوا مبلغا ماليا يقدر بـ8 آلاف شيكل (الدولار يساوي 3.5 شيكلات)، إضافة للمصاغ الذهبي لزوجة أخيه.

وقال عز الدين أبو سرية إن "قوات الاحتلال سرقت من منزله حاسوبا محمولا إضافة لجهاز آيباد"، في حين قال محمد طالب، وهو صاحب محل تجاري، إن "جنود الاحتلال كسروا قفل محله ودخلوا إليه، وسرقوا كافة علب السجائر من المحل، إضافة إلى علب العطور".

وكان شهود عيان من المخيم قالوا إن "جنود الاحتلال كانوا يدخلون المحال التجارية ومحال البقالة المغلقة، ويخرجون محملين بأكياس وكراتين معبأة بالمونة (المواد الغذائية) من هذه المحال".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی قوات الاحتلال جنود الاحتلال مخیم جنین أبو العز

إقرأ أيضاً:

الجيش الإسرائيلي: العملية العسكرية في جنين مستمرة

أفاد الجيش الإسرائيلي -اليوم الجمعة- بأن العملية العسكرية التي بدأها في محافظة جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة قبل 10 أيام ما زالت مستمرة.

وقال الجيش في بيان رسمي إن القوات مستمرة في العملية حتى تحقيق أهدافها، دون أن يحدد أهدافها.

وأشار البيان إلى مقتل 14 مسلحا في جنين، واعتقال أكثر من 30 مشتبها بهم، وتدمير نحو 30 عبوة ناسفة مزروعة على جانب الطريق، وتنفيذ 4 غارات جوية في المنطقة. كما زعم الجيش الإسرائيلي أنه عثر على أسلحة ومعدات قتالية تمت مصادرتها.

وفي وقت سابق، قال شهود عيان إن الجيش الإسرائيلي انسحب من مدينتي طولكرم وجنين شمال الضفة الغربية ومخيماتهما بعد عملية عسكرية استمرت 10 أيام، وخلفت 36 شهيدا فلسطينيا ودمارا واسعا.

وكان الجيش الإسرائيلي قد بدأ عمليته العسكرية واسعة النطاق في شمال الضفة الغربية في 28 أغسطس/آب الماضي، وشملت مدن ومخيمات جنين وطولكرم وطوباس والفارعة، حيث نفذت القوات عمليات توغل متكررة، وأسفرت عن مقتل واعتقال العديد من الفلسطينيين.

وأدت العمليات العسكرية إلى استشهاد 36 فلسطينيا وإصابة 150 آخرين، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.

تشييع جثامين 8 شهداء

في الوقت نفسه، شيع الآلاف في مدينة جنين -اليوم الجمعة- جثامين 8 فلسطينيين استشهدوا على يد الجيش الإسرائيلي خلال العملية العسكرية.

وانطلقت مراسم التشييع من أمام مستشفى جنين الحكومي، حيث رفع المشيعون الأعلام الفلسطينية ورددوا هتافات منددة بالانتهاكات الإسرائيلية، في حين أطلق مسلحون النار في الهواء تعبيرا عن غضبهم ومطالبتهم بالثأر.

كما أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني -أمس الخميس- مقتل 5 فلسطينيين في ضربة جوية استهدفت سيارة في مدينة طوباس شمال الضفة الغربية المحتلة.

وأكد الهلال الأحمر في بيان سقوط "5 شهداء وإصابة خطيرة" جراء قصف إسرائيلي استهدف السيارة.

الأسبوع الأكثر دموية

ومن جهتها، أفادت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) -اليوم الجمعة- بأن الأسبوع الماضي كان الأكثر دموية للمدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

وأوضحت الوكالة في منشور لها عبر منصة "إكس" أن "العنف والدمار في الضفة الغربية يتزايدان بشكل مستمر في ظل استمرار الحرب على غزة"، مؤكدة أن هذا الوضع "غير مقبول ويجب أن يتوقف فورا".

وأشارت الأونروا إلى أن الأسبوع الماضي شهد مقتل العديد من الفلسطينيين، بينهم 7 أطفال، وأوضحت أن العدوان الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية أدى حتى الآن إلى استشهاد 40 فلسطينيا، من بينهم 21 من محافظة جنين، و8 من طولكرم، و8 من طوباس، و3 من الخليل.

وتواصلت الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين بالتزامن مع حرب إسرائيل على غزة التي اندلعت في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث صعّد الجيش والمستوطنون من هجماتهم في الضفة الغربية، مما أسفر عن استشهاد 691 فلسطينيا وإصابة 5 آلاف و700 آخرين، واعتقال أكثر من 10 آلاف و400 فلسطيني، بحسب منظمات فلسطينية رسمية.

وأدت الحرب الإسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة على قطاع غزة إلى استشهاد وإصابة أكثر من 135 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، مع وجود أكثر من 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة شديدة أثرت بشدة على السكان وأدت إلى وفاة العديد من الأطفال.

مقالات مشابهة

  • طابور جرافات يهب لرفع الأنقاض عن مخيم جنين بعد انتهاء العدوان (شاهد)
  • استياء من ضحكات جنود الاحتلال الإسرائيلي في فيديوهات تدمير غزة
  • دمار واسع يضرب مخيم جنين عقب انسحاب الاحتلال (فيديو)
  • كيف مرّ الاقتحام الإسرائيلي الأطول على كتيبة جنين؟
  • مشاهد جوية تظهر عملية إزالة الأنقاض في مخيم جنين بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي
  • الجيش الإسرائيلي: استهداف منصات صاروخية كانت جاهزة للإطلاق جنوب لبنان
  • فلسطينيون يتحدثون للجزيرة عن عمليات الهدم والتخريب في جنين ومخيمها
  • أسرة الزبيدي في مخيم جنين.. طريق المقاومة والشهادة تتوراثه الأجيال
  • «أعنف هجوم منذ 22 عاما».. تفاصيل انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من جنين
  • الجيش الإسرائيلي: العملية العسكرية في جنين مستمرة