علماء يعيدون إحياء جزيئات من كائنات منقرضة لمحاربة البكتيريا الخارقة
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يعود البحث عن مضادات حيوية جديدة بالزمن.. إلى العصر الحجري!
إذ ثمة حاجة ملحّة لتحديد بدائل محتملة أكثر من أي وقت مضى، ذلك أن سكان العالم يواجهون نحو 5 ملايين حالة وفاة سنويًا، مرتبطة بالمقاومة المضادة للميكروبات، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
ويستخدم فريق بحثي، بقيادة رائد الهندسة الحيوية سيزار دي لا فوينتي، أساليب حسابية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لاستخراج المعلومات الوراثية من أقارب البشر المنقرضين، مثل إنسان نياندرتال، وكائنات العصر الجليدي المنقرضة منذ فترة طويلة مثل الماموث الصوفي، والكسلان العملاق.
ويقول العلماء إن بعض جزيئات البروتين الصغيرة، أو الببتيدات التي حددها الباحثون تتمتع بقدرات مكافحة البكتيريا التي قد تلهم أدوية جديدة لمكافحة العدوى لدى البشر. ويفتح العمل المبتكر هذا أيضًا نمط تفكير جديد تمامًا لاكتشاف الأدوية.
وقال دي لا فوينتي، الأستاذ المساعد الرئاسي في جامعة بنسلفانيا: "لقد مكّنتنا من اكتشاف تسلسلات جديدة، وأنواع جديدة من الجزيئات لم نكتشفها من قبل لدى الكائنات الحية، ما أدى إلى توسيع طريقة تفكيرنا في مجال التنوع الجزيئي. لم تواجه البكتيريا اليوم تلك الجزيئات مطلقًا، لذا فقد تمنحنا فرصة أفضل لاستهداف مسببات الأمراض التي تمثل مشكلة اليوم".
وقد تبدو هذه المقاربة خارج المجال الصحيح، لكن الخبراء يقولون إن هناك حاجة ماسة إلى طرق جديدة للنظر في مشكلة مقاومة مضادات الميكروبات للأدوية الموجودة، وهي مشكلة مميتة وملحّة للصحة العالمية.
وقال مايكل ماهان، الأستاذ في قسم البيولوجيا الجزيئية والخلوية والتنموية بجامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا. غير المشارك في البحث: "يواجه العالم أزمة مقاومة المضادات الحيوية، ومن وجهة نظري هناك حاجة إلى نهج بري وبحري وجوي لحل المشكلة، وإذا كنا بحاجة إلى العودة للماضي بغية تقديم حلول محتملة للمستقبل فأنا أؤيّد ذلك تمامًا".
المضادات الحيوية ومن أين يمكن أن تأتي بدائلهاوتأتي معظم المضادات الحيوية من البكتيريا والفطريات، وقد تم اكتشافها من خلال فحص الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في التربة. لكن خلال العقود الأخيرة، أصبحت مسببات الأمراض مقاومة للعديد من هذه الأدوية بسبب الإفراط في استخدامها.
ويستكشف العلماء المنخرطون في المعركة العالمية ضد البكتريا الخارقة أسلحة محتملة مختلفة، ضمنًا العاثيات، أو الفيروسات التي خلقتها الطبيعة لأكل البكتيريا.
هناك طريقة أخرى مثيرة للبحث تتضمن الببتيدات المضادة للميكروبات، وهي جزيئات مقاومة للعدوى تنتجها العديد من الكائنات الحية المختلفة مثل البكتيريا، والفطريات، والنباتات والحيوانات، ضمنًا البشر.
وأشار ماهان إلى أن الببتيدات المضادة للميكروبات لديها مجموعة واسعة من الخصائص المضادة للميكروبات ضد مسببات الأمراض المختلفة مثل الفيروسات والبكتيريا والفطريات.
وأضاف أنه في حين أنّ معظم المضادات الحيوية التقليدية تعمل من خلال التركيز على هدف واحد في الخلية، فإن الببتيدات المضادة للميكروبات ترتبط بالغشاء البكتيري، وتعطّله في العديد من الأماكن.
إنها آلية أكثر تعقيدًا وبالتالي قد تجعل مقاومة الأدوية أقل احتمالاً، لكن بسبب قدرة الجزيئات على تعطيل أغشية الخلايا، يمكن أن تؤدي أيضًا إلى زيادة السمية، وفقًا لماهان.
هناك عدد قليل من المضادات الحيوية القائمة على الببتيد في الاستخدام السريري، مثل كوليستين، وهو مصنوع من الببتيدات المضادة للميكروبات القائمة على البكتيريا.
وقال ماهان إنه يستخدم كحل أخير لعلاج بعض أنواع العدوى البكتيرية لأنه قد يكون ساما. كما أظهر أحد الببتيدات المضادة للميكروبات البشرية، المعروف باسم LL-37، إمكاناته.
تم العثور على ببتيدات مضادة للميكروبات واعدة أخرى في أماكن غير متوقعة: إبر الصنوبر ودم تنين كومودو.
وكان دي لا فوينتي يستخدم الأساليب الحسابية على مدى العقد الماضي لتقييم إمكانات مجموعة واسعة من الببتيدات كبدائل للمضادات الحيوية.و ظهرت فكرة النظر إلى الجزيئات المنقرضة أثناء العصف الذهني في المختبر عندما تم ذكر الفيلم الرائج "الحديقة الجوراسية".
ويعني التقدم في استعادة الحمض النووي القديم من الحفريات أن المكتبات التفصيلية للمعلومات الوراثية حول أقارب البشر المنقرضين والحيوانات المفقودة منذ فترة طويلة أصبحت الآن متاحة للجمهور.
وللعثور على الببتيدات غير المعروفة سابقًا، قام فريق البحث بتدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي للتعرف على المواقع المجزأة في البروتينات البشرية التي قد يكون لها نشاط مضاد للميكروبات. ثم طبقها العلماء على تسلسلات البروتين المتاحة للجمهور غلى الإنسان الحديث (الإنسان العاقل)، والنياندرتال (الإنسان البدائي)، والدينيسوفان، وهو نوع بشري قديم آخر يرتبط ارتباطًا وثيقًا بإنسان النياندرتال.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: أبحاث دراسات منظمة الصحة العالمية المضادات الحیویة
إقرأ أيضاً:
ماذا سيحدث لو توقف الملايين من مرضى الإيدز عن تناول الأدوية المضادة لفيروس نقص المناعة المكتسب؟
يضعف فيروس الإيدز الجهاز المناعي للجسم تدريجيا، ويجعله عرضة للإصابة بالأمراض. وبالرغم من التعامل مع هذا الفيروس بحزم منذ بداية القرن الحالي، إلا أنه في طريقه للعودة إلى الواجهة مجددا، بسبب سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاهه.
قبل سنوات طويلة، بلغت نسبة الوفيات المتعلقة بالإيدز مستويات مقلقة، ما دفعت الناس حينئذ إلى مطالبة الحكومات بأخذ خطوات جدية للتعامل مع المرض.
وقد استجابت الولايات المتحدة لهذه النداءات عام 2003، فأنشأت ما يسمى برنامج "خطة الرئيس الطارئة للإنقاذ من الإيدز" PEPFAR، وهو من أنجح برامج المساعدات الخارجية في التاريخ الحديث.
ولكن الآن مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، أوقفت إدارته المساعدات الخارجية بزعم أنها "إهدار للموارد"، ما تسبب في تعثر النظام الذي أبقى ملايين الأشخاص على قيد الحياة لأكثر من 20 عامًا.
وأثار الوقف المؤقت للبرنامج حالة من الارتباك لدى المرضى الذين لم يعد بإمكانهم الحصول على الأدوية التي تقيهم من الإيدز، بينما يعتبر الوقت عاملا حاسما بالنسبة لهم.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز لوكالة أسوشيتد برس، إن العالم قد يسجل 6.3 مليون حالة وفاة مرتبطة بالإيدز، في السنوات الخمس المقبلة.
ويشكل هذا الأمر صدمة، لأنه يأتي في وقت يشهد انخفاضا في درجة الوعي بشأن فيروس نقص المناعة المكتسب، وتراجعا في استخدام الواقي الذكري في صفوف بعض الشباب، مع ظهور دواء يعتقد البعض أنه يمكن أن يقضي على الإيدز إلى الأبد.
وبدأت الوكالة في تتبع الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشرية، في البلدان التي كانت تحظى بدعم البرنامج الأمريكي، وبمقارنة العدد الفعلي للإصابات بالعدد المتوقع تسجيله في حال استمرار دعم الولايات المتحدة.
فماذا سيحدث للجسم عند توقف تناول أدوية فيروس نقص المناعة البشرية؟
انهيار الجهاز المناعيينتشر فيروس نقص المناعة المكتسب عن طريق سوائل الجسم، مثل الدم أو حليب الأم أو السائل المنوي.
ويضعف الفيروس جهاز المناعة تدريجيا ويجعله عرضة للإصابة بالأمراض، وتشمل تلك التي قلما تظهر لدى الأشخاص الأصحاء. فالظهورالمفاجئ لتلك الأمراض في ثمانينيات القرن الماضي هو الذي دق ناقوس الخطر ولفت انتباه الخبراء في مجال الصحة لما أصبح بعدها يُعرف بوباء الإيدز.
وقد أثمرت سنوات طويلة من الأبحاث عما يسمى الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية التي تمنع فيروس نقص المناعة البشرية من الانتشار في الجسم وأصبح الملايين يتناولونها.
Relatedدراسة أمريكية: مرضى الإيدز يمكنهم تلقي كلى من متبرعين يحملون الفيروس بأمانتوصيات جديدة تشجع الأمهات المصابات بفيروس نقص المناعة البشرية المسبب للإيدز على الرضاعة الطبيعيةتقرير أممي: فيروس الإيدز يقتل شخصا واحدا كل دقيقة و40 مليونا أصيبوا بالعدوى سنة 2023ويعطي وقف تناول تلك العلاجات مجالا للفيروس، للبدء بالتكاثر في الجسم مرة أخرى، وقد يصبح مقاومًا للأدوية.
وقد يعود فيروس نقص المناعة البشرية إلى مستويات يمكن اكتشافها في الدم في غضون أسابيع قليلة فقط، ما يعرّض للخطر حياة الأشخاص الذين يقيمون علاقات جنسية.
كما لا يمكن للطفل حديث الولادة أن ينجو من العدوى إذا كانت أمه مصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، إلا إذا خضعت للعلاج بشكل صحيح أثناء الحمل، أو أُعطي الدواء للرضيع بعد ولادته مباشرة.
وقد يصاب الشخص بالإيدز، وهي المرحلة الأخيرة من العدوى إذا لم يتناول العلاج.
تقول المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، إن المصابين بالإيدز يعيشون بالعادة لثلاث سنوات تقريبا، إذا لم يتلقوا العلاج.
وقد لا تظهر الأعراض لفترة طويلة. ورغم ذلك، يمكن للشخص أن ينقل الفيروس بسهولة إلى الآخرين، ويصبح الجهاز المناعي عرضة لما يسمى بـ "الأمراض الانتهازية".
وتقول المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة، إن الأمراض الانتهازية تشمل العدوى الفطرية والالتهاب الرئوي والسالمونيلا وداء السل.
وقد تكون الخسائر فادحة بالنسبة لبلد مثل جنوب أفريقيا، حيث يتواجد أكبر عدد من حالات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية في العالم، وأعلى معدلات حالات الإصابة بالسل.
وإذا لم يتم علاج فيروس الإيدز بشكل مناسب، فسيتفاقم الضرر الناتج عنه دون أن يجد ما يردعه، إذ يزداد عجز جهاز المناعة عن مكافحة الأمراض. وتصبح حينها أي ممارسة يومية مثل الأكل أوالسفر عملية محفوفة بالمخاطر بسبب احتمال تعرض الشخص للجراثيم التي تكون قاتلة في حالته.
عامل الوقتعلى مدى سنوات، تم التأكيد على ضرورة تناول المصابين بالفيروس الأدوية يوميا، بل حتى في نفس التوقيت من كل يوم. ولكن، أصبح من الصعب اتباع هذه القاعدة الهامة الآن.
فقد تم تسريح المئات أو الآلاف من العاملين في مجال الصحة، الذين كانت تمولهم الولايات المتحدة في بلدان مثل كينيا وإثيوبيا، ما خلق فجوات واسعة في فحوصات الفيروس والرعاية المقدمة للمصابين به، في القارة التي استفادت كثيرا من الدعم الأمريكي.
كما أن بعض العيادات في إفريقيا، رفضت استقبال المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسب.
ويقول الخبراء في مجال الصحة إن إلغاء آثار تجميد إدارة ترامب للمساعدات الخارجية خلال فترة مراجعة مدتها 90 يومًا، وفهم ما هو مسموح به بموجب إعفاء PEPFAR ، سيأخذ وقتًا لا يملكه الكثيرون.
المصادر الإضافية • أ ب
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الأمم المتحدة تحذر: الإصابات بالإيدز قد تتضاعف 6 مرات إذا توقف التمويل الأمريكي الصحة العالمية تدق ناقوس الخطر.. تجميد ترامب للمساعدات يهدد حياة ملايين المصابين بالإيدز حقنتان في السنة قد تكفيان للتخلص من الإيدز فهل تكون متاحة لجميع المرضى؟ دونالد ترامبوفاةالصحةأفريقياالسلمرض الإيدز