الجزيرة:
2025-02-16@23:15:50 GMT

سوريا.. أسواق مناطق النظام تعاني والتجار ينسحبون

تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT

سوريا.. أسواق مناطق النظام تعاني والتجار ينسحبون

دمشق- يعاني التجار في مناطق سيطرة النظام السوري من تحديات وصعوبات جمة للحفاظ على أعمالهم وتجارتهم تحت وطأة الضغوط الاقتصادية والقانونية منذ سنوات، مما يدفع بعضهم إلى التخلي عن تجارته والانسحاب من السوق للحفاظ على رأس المال.

وتشهد الأسواق السورية واقعا تجاريا هو الأسوأ منذ بداية الأزمة الاقتصادية في البلاد قبل نحو 12 عاما، نظرا إلى الجمود المسيطر على حركة البيع والشراء، وتراجع القدرة الشرائية للسوريين، والقيود التي تفرضها القوانين الاقتصادية على التجار.

ويقول محمد (47 عاما)، وهو تاجر ألبسة في سوق الحريقة بدمشق "أوقات عصيبة تمر على التجار في أسواق دمشق مع انعدام حركة البيع".

ويضيف في حديث للجزيرة نت "لا يمكننا الحديث عن تجارة معافاة دون الحديث عن قدرة شرائية معقولة للمواطنين، فإذا كان العميل غير قادر على شراء السلعة، فلن يسعف التجار أي حل حكومي".

واعتبر محمد أن "انعدام القدرة الشرائية" للسوريين هو أبرز أسباب الركود في أسواق دمشق، لا سيما أن متوسط رواتب الموظفين لا يتجاوز 250 ألف ليرة (18 دولارا) وهو ما يكفي بالكاد لشراء مكونات وجبتين أو 3 من الطعام.

ويشير التاجر الدمشقي إلى سبب آخر للأزمة يتعلق بارتفاع أسعار البضائع المصنعة محليا، ويقول "إن المصانع تحمّل بضائعها كل التكاليف المضافة من كهرباء ووقود، ومواد أولية المستوردة بمعظمها غالية الثمن، وهذا كله يقضم من هامش الربح الذي نضعه نحن التجار، والذي أصبح اليوم هامشا ضئيلا جدا مقارنة بالأعوام السابقة."

الأسواق السورية تشهد واقعا تجاريا هو الأسوأ منذ بداية الأزمة الاقتصادية في البلاد قبل نحو 12 عاما (الجزيرة)

 

ويشكو التجار في دمشق وسائر مناطق سيطرة النظام من الرسوم الضريبية المرتفعة، والتكاليف المالية السنوي التي تفرضها وزارة المالية، والتي تتجاوز في بعض الأحيان مبلغ مليوني ليرة سورية (142 دولارا) لبعض المحال.

ويضاف إلى ذلك ارتفاع سعر الكهرباء التجارية بنحو 150% منذ سبتمبر/أيلول الماضي، والصعوبة البالغة في توفير وتداول العملات الأجنبية التي تخضع لقيود قانونية مشددة.

آليات تعيق التجارة وترفع الأسعار 

وكشف عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق ياسر أكريم عن خروج أكثر من 100 ألف تاجر من العمل التجاري في سوريا، معتبرا ذلك بمنزلة خسارة كبيرة للاقتصاد السوري.

وتحدث أكريم، في تصريحات -قبل أيام- عن غياب الدعم الحكومي للقطاع التجاري، وأكد أن هذا الدعم لا يكاد يذكر مقارنة بالدعم المقدم للقطاع الصناعي، مشيرا إلى التداعيات السلبية لهذا الوضع على الاقتصاد.

وأضاف أكريم أنه من أصل 110 آلاف سجل تجاري مسجل لدى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام لا يوجد سوى 7 آلاف سجل فاعل وموجود في غرفة تجارة دمشق، مرجعا هذا الانكماش التجاري إلى "عدم وضوح القوانين التجارية".

وأوضح أكريم أن التاجر في سوريا بات اليوم في "أسوأ حالاته نتيجة عدم توجه الحكومة لدعمه والوقوف إلى جانبه بالشكل المطلوب".

وكان أكريم قد أشار في حديث لإذاعة شام المحلية، في سبتمبر/أيلول الماضي، إلى أن ضبط الأسعار غير ممكن في ظل عدم وفرة المواد الأولية، وارتفاع سعر الصرف وأسعار الطاقة والمحروقات.

من جهته، أرجع أبو يحيى (52 عاما)، تاجر أغذية وصاحب مستودع في منطقة الميدان بدمشق، ارتفاع الأسعار في الأسواق للسياسات الحكومية "غير المدروسة".

وأضاف التاجر في حديث للجزيرة نت "لا يمكننا كتجار تحديد كلفة المستوردات بدقة لعدم ثبات سعر الصرف من جهة، ولتأخر وصول المستوردات عبر المنصة (آلية حكومية لتنظيم استيراد البضائع من الخارج) شهرين و3 أشهر من جهة أخرى، وهو ما يضطرنا إلى تسعير السلع بأسعار أعلى مما قد تكون عليه لضمان عدم الخسارة".

ويشير أبو يحيى إلى أن بطء عمل منصة المستوردات ضاعف الأزمة حيث أدى إلى "حرمان السوق كثيرا من السلع والمواد الأولية والأساسية، وأدى إلى عجز التجار وأصحاب المصانع عن تأمينها، مما دفعهم في بعض الأحيان إلى إغلاق محالهم ومصانعهم".

من جهته، كشف عضو إدارة غرفة تجارة دمشق محمد حلاق في تصريح لإذاعة ميلودي المحلية، في سبتمبر/أيلول الماضي، عن عدم وجود آلية حكومية لخفض الأسعار أو تثبيتها، مشيرا إلى أن اللوائح السعرية التي يتم إصدارها من قبل الحكومة غير مطابقة للواقع.

وأكد حلاق أن القرارات الرسمية الصادرة عن الحكومة كإنشاء منصة المستوردات، وإقرار قانون حماية المستهلك أسهمت بإعاقة عمل التجار، وتسببت برفع الأسعار.

جانب من سوق العصرونية المتفرع عن سوق الحميدية بالعاصمة دمشق (الجزيرة)

ويرى اقتصاديون أن منصة المستوردات أعاقت حركة الإنتاج عبر تقييدها عملية الاستيراد وتمويل المستوردات، وحصرها بشركات الصرافة المحلية والمصرف المركزي، مما أدى إلى هروب رؤوس الأموال وبالتالي انكماش الاقتصاد.

وتجبر المنصة التجار على تسديد 50% من قيمة المستوردات للبنك المركزي مقابل منحهم إجازة الاستيراد شرط تسديد باقي المبلغ بعد شهر من وصول البضائع المستوردة، مما يكبد التجار خسائر ومصاريف إضافية مع تغير سعر الصرف، ويدفعهم للتحوط ورفع الأسعار، وهو ما يؤدي إلى غلاء السلع في الأسواق.

تضخم وخسائر اقتصادية

ويعاني الاقتصاد السوري منذ 12 عاما من أزمات متفاقمة جراء استمرار الصراع في البلاد، وبلغ معدل التضخم عام 2023 وحده 156% بحسب أستاذ الاقتصاد في جامعة حلب عبد الرؤوف نحاس.

وخسرت الليرة السورية نحو 100% من قيمتها خلال عام 2023، ليسجل سعر صرف الدولار 14 ألف ليرة في ديسمبر/كانون الأول الجاري مقارنة بـ 7 آلاف مطلع عام 2023.

ويشير تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن الخسائر الاقتصادية للحرب في سوريا قد بلغت نحو 1.2 تريليون دولار بحلول عام 2022، في حين يحتاج 13.4 مليون سوري إلى مساعدة إنسانية.

وتُقدَّر الخسائر المباشرة وغير المباشرة للقطاع النفطي وحده بنحو 112 مليار دولار مع نهاية عام 2022، بحسب بيان وزارة الخارجية في حكومة النظام السوري.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: إلى أن

إقرأ أيضاً:

ما خيارات دمشق أمام توجه جيش الاحتلال لبقاء طويل الأمد في سوريا؟

زاد توجه جيش الاحتلال الإسرائيلي لبقاء طويل الأمد في المناطق السورية التي تقدم إليها جيش الاحتلال بعد سقوط نظام الأسد، حجم الضغط على الإدارة السورية الجديدة، التي تعيش تحديات عديدة بعد تسلمها السلطة في سوريا.

وكانت إذاعة الجيش قد أكدت أن الاحتلال قد أقام بهدوء شديد منطقة أمنية داخل الأراضي السورية، مضيفة أن وجود الاحتلال في سوريا "لم يعد مؤقتا حيث يتم بناء 9 مواقع عسكرية بالمنطقة الأمنية، وتعمل هناك 3 ألوية مقارنة بكتيبة ونصف الكتيبة قبل 7 تشرين الأول /أكتوبر 2023"، مؤكدة أن "الجيش يخطط للبقاء بسوريا طيلة عام 2025".

تزامناً، أكدت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تدعم احتلال المنطقة العازلة في سوريا لسنوات قادمة.

ومنذ سقوط النظام، كثف جيش الاحتلال ضرباته الجوية، وتحركاته في المنطقة العازلة (منزوعة السلاح) في الجولان السوري المحتل، مستفيداً من انشغال الإدارة السورية الجديدة بفرض الأمن وبسط سيادتها على البلاد.


ولم تعلق الخارجية السورية على التقارير السابقة، وكذلك لم يتسن لـ"عربي21" الحصول على توضيحات من الحكومة السورية، بعد أن امتنعت أكثر من جهة رسمية عن الرد.

وسبق وأن أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع، استعداد بلاده لاستقبال قوات تابعة للأمم المتحدة في المنطقة العازلة المشتركة مع "إسرائيل"، معتبراً أن "غياب الميليشيات الإيرانية وحزب الله في المنطقة ينهي المبررات التي استخدمتها إسرائيل للتقدم فيها".

وأكد أن تقدم "إسرائيل" في المنطقة استند إلى حجج تتعلق بوجود ميليشيات إيرانية وحزب الله، وقال: "لكن بعد تحرير دمشق، لم يعد لهذه الحجج أي أساس".

دمشق أمام معضلة
وعن خيارات الحكومة السورية للتعامل مع خطط جيش الاحتلال، يقول مدير قسم تحليل السياسات في "مركز حرمون للدراسات المعاصرة" الأكاديمي سمير العبد الله، إن هذا الوضع يمثل واحداً من التحديات الاستراتيجية أمام الحكومة السورية الجديدة.

ويوضح لـ"عربي21" أن "دمشق تجد نفسها أمام معضلة التعامل مع التدخلات الإسرائيلية في ظل واقع إقليمي ودولي معقد، ورغم أن الخيارات المتاحة تبدو محدودة، إلا أن هناك عدة مسارات يمكن تبنيها، أهمها المسار السياسي والدبلوماسي الذي يتيح لها إمكانية اللجوء إلى المؤسسات الدولية، مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لتقديم شكاوى رسمية بشأن الانتهاكات الإسرائيلية".


وإذ اعتبر العبد الله أنه "رغم أن هذه الخطوة قد لا تؤدي إلى نتائج فورية"، قال: " لكنها تُشكل جزئية من استراتيجية أوسع تهدف إلى كسب شرعية دبلوماسية وتحقيق ضغط دولي على إسرائيل من خلال تفعيل القرارات الأممية المتعلقة بسوريا، والتي لم تجد طريقها للتنفيذ خلال السنوات الماضية".

ويرى الباحث أن الخيار الأكثر واقعية وأمانا هو توظيف القنوات الدبلوماسية والاستفادة من علاقات بعض الدول الإقليمية التي تحتفظ بعلاقات مع إسرائيل، مثل روسيا أو بعض الدول العربية، للعب دور الوسيط في نقل الرسائل وتخفيف حدة التوتر.

واعتبر أن اعتماد هذا النهج قد يمنح الحكومة السورية فرصة لإعادة التموضع دبلوماسيا وتحقيق مكاسب سياسية دون الانجرار إلى مواجهة عسكرية غير مضمونة العواقب، في ظل هذه المعادلة.

وختم العبد الله بقوله: "يبدو أن الاستراتيجية الأكثر حكمة تكمن في الجمع بين الضغط الدبلوماسي وتوظيف الوساطات الإقليمية، مع تجنب الدخول في صدامات مباشرة قد تؤدي إلى نتائج عكسية لا تصب في مصلحة الاستقرار السوري على المدى البعيد".

ومن الواضح، أن دمشق ليست مستعدة حالياً للدخول في مواجهة عسكرية جديدة، ويتفق مع ذلك الباحث في مركز "الحوار السوري" الأكاديمي أحمد القربي، ويقول لـ"عربي21": "كل المؤشرات تؤكد أن حكومة سوريا تتجنب استخدام الوسائل الخشنة للتعامل مع الوجود الإسرائيلي في سوريا".

وأضاف لـ"عربي21" أن "سوريا الدولة المدمرة ليست على استعداد للدخول في مواجهة قد تؤثر على الدولة والإدارة الجديدة".

خيار المقاومة؟
وبحسب القربي، فإن لجوء الحكومة السورية إلى الخيار الأمني أو خيار المقاومة كذلك يبدو مستبعداً، معتبراً أن "من غير الوارد توجه دمشق نحو تشكيل مجموعات مقاومة في المناطق المحتلة، لأن ذلك قد يجر سوريا أيضاً إلى مواجهة عسكرية".

بذلك، يبدو أن الأداة شبه الوحيدة المتاحة أمام دمشق هي "العمل السياسي"، وفق الباحث، الذي أضاف: "صرح الرئيس السوري بأن حجج الاحتلال للتمدد في سوريا غير مبررة، وبالتالي تمارس الإدارة أداة الضغط السياسي على الاحتلال".

وثمة خيارات أخرى أمام الحكومة السورية، وهي اللجوء للمحاكم الدولية، كما يؤكد القربي، مضيفاً، قد يتعين على دمشق العمل على رفع دعاوى أمام المحاكم الدولية، لدفع الاحتلال إلى الالتزام بالاتفاقيات الدولية "اتفاق فض الاشتباك".

وكان الاحتلال قد أعلن في كانون الأول/ديسمبر 2024، انسحابه من اتفاقية "فصل القوات" مع سوريا، بعد أن تقدمت قواته إلى منطقة جبل الشيخ والمنطقة العازلة بين البلدين، بعد سقوط نظام الأسد.

يذكر أن اتفاقية "فض الاشتباك" وقعت عام 1974، بعد حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، وهدفت إلى الفصل بين القوات المتحاربة من الجانبين وفك الاشتباك بينهما.

مقالات مشابهة

  • لماذا اعترفت موسكو بالقيادة الجديدة في سوريا .. وما هي العواقب؟
  • محافظ الدقهلية: استخدام شاشات إلكترونية في الأسواق لمحاربة استغلال التجار
  • محافظ الدقهلية: معارض رمضان توفر السلع بأسعار مخفضة
  • إيران تؤكد تلقي رسائل جديدة من حكومة سوريا
  • وزير التجارة يأمر بالسماح بالبيع الترويجي وتخفيض الأسعار
  • مجلس مدينة درعا يعيد تأهيل أسواقٍ دمرها النظام البائد وسط ‏المدينة ‏
  • افتتاح معرض أهلا رمضان في 3 مناطق بالجيزة غدا.. اعرف الأسعار
  • مياه حمص تجري أعمال صيانة في مناطق دمرها النظام البائد ‏
  • ما خيارات دمشق أمام توجه جيش الاحتلال لبقاء طويل الأمد في سوريا؟
  • وصول مبالغ مالية من فئة الليرة السورية قادمة من روسيا إلى مطار دمشق