تكتسب ولاية الجزيرة جنوبيِّ الخرطوم، أهمية اقتصادية وجيوسياسية كبيرة، ما يعني أن العمليات العسكرية الجارية فيها منذ الجمعة، ذات أثر كبير على مسار الحرب في السودان.

مدني – التغيير

جغرافياً تعتبر ولاية الجزيرة الولاية الواسطة بين عدة أقاليم سودانية، فهي المدخل الجنوبي لكامل العاصمة الخرطوم، وهي رمانة العقد بين ولايات الخرطوم وسنار والقضارف.

وتعد الولاية نقطة محورية في ربط غرب البلاد بشرقها، حيث تعد معبراً للواصلين من دارفور وكردفان والنيل الأبيض عبر طريق كوستي، ومن ثم يتفرع منها طريق رئيس يفضي إلى القضارف وكسلا وموانئ شرق السودان على البحر الأحمر.

وللتدليل على الأهمية الاستراتيجية لحاضرة الولاية ود مدني، فقد علقت منظمات الأمم المتحدة عملياتها في الجزيرة، ما يعني قطع الإمدادات والمساعدات العابرة للولاية إلى الخرطوم وإلى ولايات غرب السودان.

وعسكرياً، يتمركز الجيش في بفرقة كاملة (الفرقة الأولى مشاة) في مدينة ود مدني، بالقرب من جسر حنتوب الذي تحاول قوات الدعم السريع عبوره منذ توغلها الجمعة لاجتياح المدينة.

ومنذ اندلاع الحرب في 15 أبريل الماضي، أقام الجيش عدة ارتكازات في الطرق الرئيسة بالولاية، للحيلولة دون تسلل عناصر الدعم السريع، أو عبور الأسلحة والأموال والمقتنيات المهربة من الخرطوم.

اقتصادياً، تحتضن الولاية أكبر مشروع ري انسيابي في القارة الإفريقية، ويعد المشروع الرافد الرئيس للمخزون الاستراتيجي بمحصولات القمح والذرة، وقد يؤدي تأثر الموسم الزراعي فيه جراء الحرب إلى تزايد أزمة الغذاء في كامل البلاد.

ونجح المشروع والإسلام الصوفي –كتفاً بكتف- في جذب عدد كبير من القوميات والإثنيات التي تعيش بتسامح كبير لعدة قرون خلت، ولكن وسط مخاوف موضوعية من أن يؤدي الاستقطاب السياسي وتطاول أمد الحرب إلى سقوط الولاية في أتون صراع أهلي على أسس عنصرية وقبلية.

وعودة إلى الاقتصاد، تعد مدن ود مدني (العاصمة)، المناقل، الحصاحيصا، أكبر حواضر الإقليم، وهي أسواق ضخمة للقرى المجاورة خاصة في قطاعات المحاصيل والسلع، ويضم الثالوث عدد ضخم من مطاحن الدقيق ومصانع الغزل والنسيج على نحو خاص.

وصحياً، تعد الولاية مستوطنة للخدمات الطبية والصحية، حيث تضم في ثناياها مشافي مركزية متخصصة، وعدد كبير من المستوصفات والعيادات الخاصة، والصيدليات.

وأثمرت الجهود الشعبية، في إقامة عدد كبير من المنشآت الطبية لخدمة أهالي القرى والأرياف، بما في ذلك خدمات الغسيل لمرضى الفشل الكلوي.

وبالطبع، قادت حركة النزوح الضخمة، بما في ذلك هجرة الكوادر الطبية، إلى تحول الولاية إلى وجهة للباحثين عن التطبيب والعلاج، وهو أمر بات على المحك، عقب انتقال العمليات القتالية إلى شرق وشمال الولاية.

تعليمياً، تحتضن الولاية أكبر وأول جامعة أقيمت خارج أسوار العاصمة الخرطوم (جامعة الجزيرة) منذ سبعينيات القرن المنصرم.

وقدمت الجامعة خدمات جليلة للولاية خاصة مشروعها الزراعي الأبرز (مشروع الجزيرة) وتحديداً في مجاليِّ الزراعة وإدارة عملياتها المختلفة، بجانب تميزها الكبير في البحوث الزراعية.

وبعد عمليات التوسع الأفقي غير المدروس على مستوى جودة التعليم في حقبة الإسلاميين، نشأت عدة كليات وجامعات أقل شأناً من الجامعة الأم (جامعة الجزيرة) في كل من مدني، الحصاحيصا، المناقل، والمحيريبا.

وسياسياً برزت الولاية مبكراً، حيث تعد ود مدني النواة لقيام مؤتمر الخريجين صاحب الكفل الأكبر في استقلال السودان من نير الاستعمار الانجليزي.

وبعد وصول الإسلاميين للسلطة كانت الجزيرة محل هجمة كبيرة من النظام المباد، حيث جرى تفكيك مشروعها الزراعي، مخافة التحركات النقابية، وهو عداء عبر عنه المخلوع عمر البشير صراحة بقوله: (مزراعي الجزيرة شيوعيين) في إشارة واضحة إلى غرمائهم السياسيين.

ولم تحل اختراقات جماعة الإخوان المسلمين للولاية التي تحتضن أكبر عدد من رايات الطرق الصوفية باستخدام الشعارات الدينية تارة وتكفير الآخر المختلف تارات أخرى؛ في لمعان عدة أسماء عديدة في سماء العمل المعارض للانقلابات وعسكرة الحياة السياسية، أبرزهم في الوقت الحالي وزير شؤون مجلس الوزراء في الحكومة المدنية المعزولة، خالد عمر يوسف، ورئيس الحركة الشعبية التيار الثوري الديمقراطي، ياسر عرمان، اللذان أدانا بشكل صريح الهجوم الذي شنته قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة ومن قبله هجوم الطيران الحربي على نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور، وعدا هذه التحركات بأنها استهداف صريح للمدنيين، مع إصدارهما دعوات لطرفي النزاع بتحكيم صوت العقل.

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

إقرأ أيضاً:

طوارئ بحري تحذّر من تصاعد الخطر جراء النزاع المباشر

 

أكدت الغرفة أن متطوعيها الذين يعملون بلا كلل لتلبية احتياجات المواطنين بحاجة ماسة للدعم مشيرة إلى أن الجهود الإنسانية لا تزال مستمرة رغم التحديات

التغيير: الخرطوم

ناشدت غرفة طوارئ بحري بالعاصمة الخرطوم اليوم السبت عبر منشور على فيسبوك بضرورة تقديم المساعدة لسكان المدينة في ظل تدهور الأوضاع وتصاعد الخطر نتيجة لتحول النزاع المباشر داخل المدينة.

وتشهد منطقة بحري منذ عدة أيام اشتباكات عسكرية متواصلة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في إطار التصعيد المستمر للنزاع المسلح الذي يعصف بالمنطقة.

وأكدت الغرفة أن متطوعيها الذين يعملون بلا كلل لتلبية احتياجات المواطنين بحاجة ماسة للدعم مشيرة إلى أن الجهود الإنسانية لا تزال مستمرة رغم التحديات.

وطالبت بضرورة فتح ممرات آمنة تسهم في حماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين.

وتعاني الخرطوم بحري من أزمة صحية وإنسانية متفاقمة خلال الفترة الأخيرة وفقاً لما أعلنته غرفة الطوارئ في بيان لها سابق.

وتفاقم الوضع الصحي في المدينة بعد هطول الأمطار الغزيرة التي ساهمت في انتشار الأمراض بشكل كبير، مثل الملاريا والتيفوئيد وأوبئة أخرى.

وقد أدى هذا إلى حالة طوارئ صحية حيث ازداد عدد المصابين وسط نقص حاد في الأدوية والمحاليل الوريدية، بما في ذلك الأدوية الأساسية لعلاج الملاريا والتيفوئيد، مما جعل الوضع “كارثياً”.

وتأتي هذه الأزمة في سياق معقد حيث يعاني السودان بشكل عام من انهيار في البنية التحتية الصحية، وذلك بسبب سنوات من النزاعات المسلحة وتردي الأوضاع الاقتصادية.

وتفاقمت هذه التحديات بسبب النزاع العسكري المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والذي أدى إلى تدمير المستشفيات والمرافق الطبية في العديد من المدن، بما في ذلك بحري.

 

الوسومالأمراض والأوبئة الجيش والدعم السريع طوارئ بحري

مقالات مشابهة

  • بعد تحذيرات من تفشيه عالميا.. كل ما تريد معرفته عن فيروس ماربورغ
  • والي الخرطوم: الولاية مهتمة للغاية باستدامة عمل التكايا وتقديم الدعم لها
  • طوارئ بحري تحذّر من تصاعد الخطر جراء النزاع المباشر
  • اللوتري الأمريكي 2025.. كل ما تريد معرفته عن تأشيرة الهجرة العشوائية
  • رئيس الوزراء يحدد موعد إجازة 6 أكتوبر 2024.. إليك كل ما تريد معرفته عن حرب 6 أكتوبر
  • أسبابه وأعراضه وطرق علاجه.. كل ما تريد معرفته عن سرطان البنكرياس
  • «س و ج»..كل ما تريد معرفته عن قرارات الحكومة بشأن استيراد سيارات المعاقين
  • كل ما تريد معرفته عن جريمة الامتناع عن تسليم الميراث
  • كل ما تريد معرفته عن انخفاض ضغط الدم.. أعراض وعلاج وطرق وقاية
  • س و ج.. كل ما تريد معرفته عن مخالفات البناء وكيفية تقنين الأوضاع