عربي21:
2025-05-01@09:09:05 GMT

تحولات المواقف الدولية من فلسطين

تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT

لم تغب قضية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عن الأجندة الدولية منذ عام 1948، سواء في الأمم المتحدة أو في مواقف وسلوكيات الدول، غير أن عملية "طوفان الأقصى" وما عنته من قدرة شعب على المقاومة وتحدي الاحتلال من جهة، وحجم الإرهاب الإسرائيلي وما عناه من خروج عن المعايير الأخلاقية الإنسانية والقانونية من جهة أخرى، أعادتا طرح القضية الفلسطينية ومسألة الاحتلال على بساط البحث من جديد كما أظهرته مواقف الدول، بما فيها تلك التي وقفت في البداية إلى جانب إسرائيل.



أوروبا

في القارة الأوروبية، طالبت إسبانيا وبلجيكا وأيرلندا ومالطا الاتحاد الأوروبي باتخاذ موقفا واضحا بشأن الأوضاع في قطاع غزة، يتضمن الدعوة ليس إلى وقف دائم لإطلاق النار فحسب، إعادة طرح مسألة حل الدولتين على جدول أعمال قمة مجلس الاتحاد الأوروبي التي انهت أعمالها أمس الجمعة، في وقت يعمل المجلس على فرض عقوبات ضد مستوطنين بالضفة الغربية.

أحد أهم التغيرات في أوروبا جاءت من قبل بريطانيا والدانمارك: الأولى اتجهت إلى منع المستوطنين المتطرفين دخول أراضيها، فيما أخذت الثانية مواقف قوية من استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة بعدما كان الموقف الدنماركي مؤيدا بقوة لإسرائيل.

وإذا ما استثنينا ألمانيا، وبعض الدول القليلة، تعمل أوروبا جاهدة إلى إنهاء الحرب، والعمل بعدها على بلورة خارطة طريق لحل الدولتين، ما يعني أن المسألة الفلسطينية وقضية الاحتلال أعيدت إلى رأس أولويات الدبلوماسية الأوروبية بعدما كانت غائبة لسنين عديدة.

ثمة غضب شعبي أوروبي يتوسع من مسألة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين باعتبارها آخر نظام أبارتهايد في العالم، وأن العالم الديمقراطي الليبرالي لم يعد يستسيغ استمرار هذا النظام.

أمريكا اللاتينية

الانقسام بين مواقف الدول الأوروبية، مع رجحان كفة الدول الضاغطة لوقف الحرب وإنهاء الاحتلال، هو نفسه في أمريكا اللاتينية، فبينما وقفت بعض الدول إلى جانب إسرائيل كالأرجنتين، تبنت دول أخرى مواقف حادة ضد إسرائيل، مثل فنزويلا وبوليفيا التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل احتجاجا على جرائمها بحق المدنيين في غزة، وكولومبيا وتشيلي وهندوراس استدعوا سفرائهم لدى إسرائيل.

أدت عملية "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي الواسع الحالي على قطاع غزة إلى نشوء كتلة يمكن اعتبارها تاريخية بمعنى من المعاني، بحيث إن مسار النضال الفلسطيني الطويل شهد تحولا مفصليا في رؤية العالم له، لا بمعنى تغير في المواقف الموجودة أصلا، ولكن بمعنى تزايد الضغط الدولي المندد بالاحتلال الإسرائيلي.لا تتعلق مواقف هذه الدول بصعود اليسار إلى السلطة فيها فحسب، بل يتعلق الأمر أكثر بتقاليد سياسية شملت عموم أمريكا اللاتينية فيما يتعلق باحترام مبادئ القانون الدولي والدفاع عن حقوق الإنسان، خاصة حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، لا سيما أن القارة تعرضت لاضطهاد واستغلال وتدخلات عسكرية من قبل الولايات المتحدة، وقبل ذلك من استعمار أوروبي طويل.

ولذلك، دعمت معظم دول القارة القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ورفض استمرار الاحتلال ونظامه العنصري.

الاستثناء الهندي

في آسيا، وباستثناء موقف ميانمار المعادي للإسلام والمسلمين، برز الموقف الهندي المؤيد بشدة لإسرائيل بما يشكل قطيعة تاريخية مع إرث هندي بدأ منذ المهاتما غاندي واستمر حتى راجييف غاندي ـ ابن انديرا غاندي، ابنة جواهر لال نهرو، أول رئيس وزراء بعد الاستقلال ـ.

لا ينبع التحول الهندي الداعم لإسرائيل ـ الذي بدأ مع وصول نارندرا مودي إلى السلطة عام 2014 كممثل عن حزب "بهاراتيا جاناتا" ـ من مصالح سياسية واقتصادية، بل ناجم عن كراهية هندوسية للإسلام والمسلمين، أي أننا هنا أمام موقف أيديولوجي ـ هوياتي يعتبر المسلمين عدوا وجوديا للهند ولهويتها الهندوسية.

ولما كان هدف "بهاراتيا جاناتا" إضعاف الوجود الإسلامي في الهند، إما عبر تأجيج العنف المجتمعي الهندوسي والسيخي تجاههم أو عبر قوانين وإجراءات تضييقية، فإن أهداف الحزب واستراتيجيته تتلاقى مع أهداف الكيان الإسرائيلي في تصفية السكان الأصليين في فلسطين.

ومن هنا، فإن استراتيجية "بهاراتيا جاناتا" تتشابه مع الأيديولوجية الصهيونية في استرجاع الماضي البعيد بنقاوته الهوياتية وتخليصه من الشوائب التي أصابته عبر عمليات إقصائية للهويات الأخرى المُهددة.

خلاصة

أدت عملية "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي الواسع الحالي على قطاع غزة إلى نشوء كتلة يمكن اعتبارها تاريخية بمعنى من المعاني، بحيث إن مسار النضال الفلسطيني الطويل شهد تحولا مفصليا في رؤية العالم له، لا بمعنى تغير في المواقف الموجودة أصلا، ولكن بمعنى تزايد الضغط الدولي المندد بالاحتلال الإسرائيلي.

وأمام هذا الوضع، فإن عملية "طوفان الأقصى" بغض النظر عن تداعياتها على قطاع غزة، قد شكلت تحولا على المستوى الدولي.

غير أن التاريخ يعلمنا أن الحقوق لا تعطى، بل تأخذ، وبهذا المعنى، فإذا لم ينجح العرب في استغلال هذه المتغيرات وتشكيل جبهة موسعة تشمل كل دول العالم المؤيدة لفلسطين، فإن العدوان الحالي على غزة والواقع الاستراتيجي الذي تحاول إسرائيل فرضه، سيغير قواعد الصراع لمصلحة إسرائيل.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مواقف الفلسطينية غزة العدوان فلسطين غزة مواقف عدوان رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی طوفان الأقصى قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

لليوم الثاني : “العدل الدولية” تواصل جلساتها لمساءلة “إسرائيل” بشأن التزاماتها تجاه المنظمات الأممية في فلسطين

الثورة نت/وكالات تتواصل في لاهاي، لليوم الثاني جلسات استماع علنية لرأي استشاري بخصوص التزامات “إسرائيل” تجاه الأمم المتحدة ووكالاتها وهيئاتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وبدأت محكمة العدل الدولية، أمس، أسبوعًا من جلسات الاستماع المخصصة لالتزامات إسرائيل الإنسانية تجاه الفلسطينيين، بعد أكثر من 50 يومًا على فرضها حصارًا شاملًا على دخول المساعدات إلى قطاع غزة الذي مزقته الحرب. وهذا الأسبوع، تقدم 38 دولة مرافعاتها، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين وفرنسا وروسيا والمملكة العربية السعودية، إضافة إلى جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الإفريقي. ووفقا لأجندة المحكمة، ستعقد جلسات الاستماع (مرافعات شفوية) خلال الفترة من 28 نيسان وحتى 2 أيار 2025، حيث إنّ 44 دولة و4 منظمات دولية أعربت عن نيتها المشاركة في المرافعات أمام المحكمة. ويأتي هذا التحرك بناء على قرار تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر الماضي، بناء على اقتراح من النرويج، يدعو محكمة العدل الدولية لإصدار رأي استشاري يحدد التزامات إسرائيل حيال تسهيل وصول الإمدادات الإنسانية العاجلة للفلسطينيين وضمان عدم عرقلتها. وأمس، أكدت المستشارة إيلانور هوميشول، ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن إسرائيل “انتهكت التزاماتها تجاه حصانة الفرق التابعة للأمم المتحدة”، مشددة على “رفض الأمم المتحدة أي تدخل من أي دولة في عمل المنظمات الدولية”. وحذرت من أن “قرار منع عمليات الأونروا يشكّل توسعا لسيادة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية ويشكل عدم امتثالها لالتزاماتها”. وفي مرافعة دولة فلسطين، أوضح سفيرها لدى مملكة هولندا عمار حجازي، أن دولة فلسطين ستقدم خلال هذه المرافعة أدلة على العواقب الفورية والمتوسطة والطويلة الأجل المدمرة لهذه السياسة الإسرائيلية غير القانونية على الشعب الفلسطيني، وعلى كل جانب من جوانب حقوقه الأساسية ووجوده المستمر.

مقالات مشابهة

  • لليوم الثالث: “العدل الدولية تعقد جلساتها لمساءلة الكيان الإسرائيلي بشأن التزاماته تجاه المنظمات الأممية في فلسطين
  • الدول في حالة الحرب تحتاج مواقف قوية وخطاب صفري
  • لليوم الثاني : “العدل الدولية” تواصل جلساتها لمساءلة “إسرائيل” بشأن التزاماتها تجاه المنظمات الأممية في فلسطين
  • رئيس حزب الاتحاد: مرافعة مصر أمام محكمة العدل الدولية كشفت انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي
  • العفو الدولية: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة على مرأى العالم
  • خبراء: قرار محكمة العدل الدولية المرتقب بشأن فلسطين سيختبر النظام العالمي
  • مصر تترافع أمام محكمة العدل الدولية لطلب رأي المحكمة الاستشاري بشأن التزامات إسرائيل كقوة محتلة في فلسطين
  • عاجل - فلسطين أمام محكمة العدل الدولية: إسرائيل تنفذ إبادة جماعية بحق أطفال غزة
  • ممثل فلسطين أمام العدل الدولية: إسرائيل تنفذ حملة إبادة جماعية بحق أطفال غزة
  • ‏ممثل فلسطين أمام محكمة العدل الدولية: إسرائيل تستخدم منع المساعدات كسلاح حرب