عربي21:
2025-03-11@01:03:42 GMT

تحولات المواقف الدولية من فلسطين

تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT

لم تغب قضية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عن الأجندة الدولية منذ عام 1948، سواء في الأمم المتحدة أو في مواقف وسلوكيات الدول، غير أن عملية "طوفان الأقصى" وما عنته من قدرة شعب على المقاومة وتحدي الاحتلال من جهة، وحجم الإرهاب الإسرائيلي وما عناه من خروج عن المعايير الأخلاقية الإنسانية والقانونية من جهة أخرى، أعادتا طرح القضية الفلسطينية ومسألة الاحتلال على بساط البحث من جديد كما أظهرته مواقف الدول، بما فيها تلك التي وقفت في البداية إلى جانب إسرائيل.



أوروبا

في القارة الأوروبية، طالبت إسبانيا وبلجيكا وأيرلندا ومالطا الاتحاد الأوروبي باتخاذ موقفا واضحا بشأن الأوضاع في قطاع غزة، يتضمن الدعوة ليس إلى وقف دائم لإطلاق النار فحسب، إعادة طرح مسألة حل الدولتين على جدول أعمال قمة مجلس الاتحاد الأوروبي التي انهت أعمالها أمس الجمعة، في وقت يعمل المجلس على فرض عقوبات ضد مستوطنين بالضفة الغربية.

أحد أهم التغيرات في أوروبا جاءت من قبل بريطانيا والدانمارك: الأولى اتجهت إلى منع المستوطنين المتطرفين دخول أراضيها، فيما أخذت الثانية مواقف قوية من استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة بعدما كان الموقف الدنماركي مؤيدا بقوة لإسرائيل.

وإذا ما استثنينا ألمانيا، وبعض الدول القليلة، تعمل أوروبا جاهدة إلى إنهاء الحرب، والعمل بعدها على بلورة خارطة طريق لحل الدولتين، ما يعني أن المسألة الفلسطينية وقضية الاحتلال أعيدت إلى رأس أولويات الدبلوماسية الأوروبية بعدما كانت غائبة لسنين عديدة.

ثمة غضب شعبي أوروبي يتوسع من مسألة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين باعتبارها آخر نظام أبارتهايد في العالم، وأن العالم الديمقراطي الليبرالي لم يعد يستسيغ استمرار هذا النظام.

أمريكا اللاتينية

الانقسام بين مواقف الدول الأوروبية، مع رجحان كفة الدول الضاغطة لوقف الحرب وإنهاء الاحتلال، هو نفسه في أمريكا اللاتينية، فبينما وقفت بعض الدول إلى جانب إسرائيل كالأرجنتين، تبنت دول أخرى مواقف حادة ضد إسرائيل، مثل فنزويلا وبوليفيا التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل احتجاجا على جرائمها بحق المدنيين في غزة، وكولومبيا وتشيلي وهندوراس استدعوا سفرائهم لدى إسرائيل.

أدت عملية "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي الواسع الحالي على قطاع غزة إلى نشوء كتلة يمكن اعتبارها تاريخية بمعنى من المعاني، بحيث إن مسار النضال الفلسطيني الطويل شهد تحولا مفصليا في رؤية العالم له، لا بمعنى تغير في المواقف الموجودة أصلا، ولكن بمعنى تزايد الضغط الدولي المندد بالاحتلال الإسرائيلي.لا تتعلق مواقف هذه الدول بصعود اليسار إلى السلطة فيها فحسب، بل يتعلق الأمر أكثر بتقاليد سياسية شملت عموم أمريكا اللاتينية فيما يتعلق باحترام مبادئ القانون الدولي والدفاع عن حقوق الإنسان، خاصة حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، لا سيما أن القارة تعرضت لاضطهاد واستغلال وتدخلات عسكرية من قبل الولايات المتحدة، وقبل ذلك من استعمار أوروبي طويل.

ولذلك، دعمت معظم دول القارة القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ورفض استمرار الاحتلال ونظامه العنصري.

الاستثناء الهندي

في آسيا، وباستثناء موقف ميانمار المعادي للإسلام والمسلمين، برز الموقف الهندي المؤيد بشدة لإسرائيل بما يشكل قطيعة تاريخية مع إرث هندي بدأ منذ المهاتما غاندي واستمر حتى راجييف غاندي ـ ابن انديرا غاندي، ابنة جواهر لال نهرو، أول رئيس وزراء بعد الاستقلال ـ.

لا ينبع التحول الهندي الداعم لإسرائيل ـ الذي بدأ مع وصول نارندرا مودي إلى السلطة عام 2014 كممثل عن حزب "بهاراتيا جاناتا" ـ من مصالح سياسية واقتصادية، بل ناجم عن كراهية هندوسية للإسلام والمسلمين، أي أننا هنا أمام موقف أيديولوجي ـ هوياتي يعتبر المسلمين عدوا وجوديا للهند ولهويتها الهندوسية.

ولما كان هدف "بهاراتيا جاناتا" إضعاف الوجود الإسلامي في الهند، إما عبر تأجيج العنف المجتمعي الهندوسي والسيخي تجاههم أو عبر قوانين وإجراءات تضييقية، فإن أهداف الحزب واستراتيجيته تتلاقى مع أهداف الكيان الإسرائيلي في تصفية السكان الأصليين في فلسطين.

ومن هنا، فإن استراتيجية "بهاراتيا جاناتا" تتشابه مع الأيديولوجية الصهيونية في استرجاع الماضي البعيد بنقاوته الهوياتية وتخليصه من الشوائب التي أصابته عبر عمليات إقصائية للهويات الأخرى المُهددة.

خلاصة

أدت عملية "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي الواسع الحالي على قطاع غزة إلى نشوء كتلة يمكن اعتبارها تاريخية بمعنى من المعاني، بحيث إن مسار النضال الفلسطيني الطويل شهد تحولا مفصليا في رؤية العالم له، لا بمعنى تغير في المواقف الموجودة أصلا، ولكن بمعنى تزايد الضغط الدولي المندد بالاحتلال الإسرائيلي.

وأمام هذا الوضع، فإن عملية "طوفان الأقصى" بغض النظر عن تداعياتها على قطاع غزة، قد شكلت تحولا على المستوى الدولي.

غير أن التاريخ يعلمنا أن الحقوق لا تعطى، بل تأخذ، وبهذا المعنى، فإذا لم ينجح العرب في استغلال هذه المتغيرات وتشكيل جبهة موسعة تشمل كل دول العالم المؤيدة لفلسطين، فإن العدوان الحالي على غزة والواقع الاستراتيجي الذي تحاول إسرائيل فرضه، سيغير قواعد الصراع لمصلحة إسرائيل.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مواقف الفلسطينية غزة العدوان فلسطين غزة مواقف عدوان رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی طوفان الأقصى قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

حقبة الاستثمار العالمي بتوقيت الخليج

يبدو أن دول الخليج أمام حقبة مختلفة عمّا كانت عليه في السابق. كمية الأموال التي تنفقها في أشياء قد تتجاوز الخيال على عكس ما كان الأمر قبل ثلاثة عقود أو أقل، يؤكد أنها قادمة بقوة إلى عالم الاستثمار، لتكون لاعبا أساسيا في الاقتصاد العالمي. هناك تفكير بين صناع القرار ليس في كيفية الوصول إلى المستقبل بتوظيف هذا الأموال، بل كيف نصل إلى الهدف دون ضجيج جيوسياسي.
تركيز الحكومات على الاستثمار بمبالغ ضخمة يعكس فهما عميقا بالنسبة إلى القادة الخليجيين و\خاصة السعوديين، والإماراتيين، والقطريين للميزة الإستراتيجية التي تتمتع بها المنطقة في الوقت الحالي. الجمع بين الموارد المالية الهائلة والموقع الجيوسياسي والترابط العالمي المتزايد يمثل فرصة فريدة لهذه الدول لوضع نفسها بطرق لا تستطيع الدول الأخرى، وخاصة المنشغلة بالتحديات الحالية، أن تفعلها.
المنطقة اليوم في وضع فريد يسمح لها بأن تقول لبقية العالم: “لقد حان الوقت لنوع مختلف من العمل،” بل “نحن نتصرف الآن، ولكن ليس بالطريقة التي يتوقعها العالم.” منطقة لديها كثرة في الأموال، والفرص التي لم تُغتنم في السابق جاء وقت الاستمتاع في كيفية إنفاق السيولة عليها بعيدا عن ضوضاء السياسة والحروب والخلافات الإقليمية والدولية، التي بات التعايش معها أمرا لا مفر منه. من يديرون الحكم أنفسهم يعون ذلك جيدا.


هل يمكن اعتبار أن هذا التحول المذهل له ثمن؟ وما هو؟ أم أنه حنكة سياسية رسمتها قيادات المنطقة لتكوين قدرة استثمارية لم تحدث في التاريخ أبدا، بينما العالم منشغل بمشاكل لا حصر لها؟
إحدى الأفكار الرئيسة اللافتة هي أن هذه الدول تستطيع أن تركز على التحول إلى نفسها. لم يكن ذلك ضمن اهتماماتها في السابق. هذا يعني أن لها القدرة على الاستثمار في المشاريع والصناعات التي تضمن لها السيادة على المدى الطويل. لم يعد يُنظَر إلى الثروة الناتجة عن النفط والغاز باعتبارها مجرد سلعة لتحقيق مكاسب قصيرة الأجل، بل باعتبارها حجر الأساس لبناء اقتصاد قوي ومتنوع. القدرة الاستثمارية تسمح لها بتجميع ليس فقط رأس المال المالي، ولكن أيضا الأصول الإستراتيجية على مستوى العالم.
ومن خلال التركيز على بناء استثمارات داخلية ضخمة مستدامة طويلة الأجل مع التوسع في الخارج عبر صفقات مدروسة بعيدا عن الأموال الساخنة ضمن دبلوماسية الكل صديق لنا ما دمنا نربح ماديا وسياسيا، تستطيع هذه الدول أن تضمن أنها ليست مجرد لاعبين مهمين في الأسواق العالمية، بل ومهندسين نشطين لمستقبل الكوكب.
كل التحديات بالنسبة إليهم ستكسر عاجلا أم آجلا لا يهم الوقت. هناك احتياطيات مالية تفوق 4 تريليونات دولار، أكثر من نصفها عبارة عن أصول تديرها صناديقها السيادية العملاقة. هي فرصة لجعل تلك الثروة تنمو باطراد رغم المناخات السياسة المتقلّبة.
العالم يتعامل اليوم مع العديد من الأزمات، من عدم الاستقرار الاقتصادي إلى التوترات الجيوسياسية، وتغير المناخ، والاضطرابات الاجتماعية. في المقابل، تمنح البيئات السياسية والاقتصادية المستقرة في الخليج هذه الدول ميزة تنافسية. فهي لا تتعثر في هذه الأزمات بنفس القدر الذي تتعثر فيه الدول الأخرى، ويمكنها استخدام مواردها للمضي في مشاريع طموحة قد يتردد الآخرون في متابعتها.
هذا الاستقرار، إلى جانب الحياد الإستراتيجي في السياسة العالمية، مثل تجنب التورط في صراعات غير ضرورية، وما أكثرها في منطقتنا، يمنح قادة الخليج موقفا متميزا وقويا. فدولهم تملك الأدوات الكافية للتصرف بشكل أكثر حزما وبسرعة أكبر من العديد من الدول الأخرى، التي غالبا ما تشتت انتباهها المخاوف الجيوسياسية والاقتصادية المباشرة.


هي الآن تمتلك سيولة كبيرة تشغيلية وإستراتيجية، وعلاقات دولية واسعة النطاق. هذا المزيج يمنحها أفضلية للوصول إلى الفرص التي لا تستطيع معظم الدول منافستها، كالاستثمار في التقنيات الناشئة والبنية الأساسية وغيرها من الصناعات المتقدمة. إن صناديق الثروة مثل صندوق الاستثمارات العامة السعودي وجهاز أبوظبي للاستثمار ومبادلة والقابضة (دي.إي.كيو) وهيئة الاستثمار القطرية من بين الأكبر في العالم، تعد أدوات حاسمة تمكنها من الاستثمار على نطاق عالمي وبلا توقف.
أضف إلى ذلك، تتمتع دول الخليج برفاهية بناء شبكة عالمية من العلاقات المتعددة تمتد عبر الشرق والغرب. تسمح لها هذه الروابط بإنشاء تعاون مبني على المصالح المفيدة للطرفين، ما يبني أسس استثمارات رائدة في كل شيء من المدن المستقبلية العملاقة مثل نيوم، مرورا بالطاقة البديلة إلى الذكاء الاصطناعي. والأهم من ذلك كله أن رسم حدود التوازن الاقتصادي الداخلي والعلاقات الدولية تشكل نقطة مفصلية. كيف ذلك؟
سياسة الصمت السياسي بعيداً عن أن يكون علامة على التقاعس لجعل رقعة الأعمال تتوسع دون خطر هو في الواقع إستراتيجية ذكية. في عالم حيث يمكن فحص كل خطوة سياسية وتسييسها، فإن قدرة دول الخليج على البقاء هادئة نسبيا على المسرح السياسي العالمي تسمح لها بالتركيز على ما هو مهم حقا: التنمية الاقتصادية والتكنولوجية. وعبر تجنب التورط في المناقشات السياسية التي لا نهاية لها، يمكن لهذه البلدان أن تولّد بيئة حيث يمكن لأعمالها أن تزدهر دون التشتيت أو التحديات التي تأتي مع المواقف الجيوسياسية.
يمكن اعتبار هذا التكتيك خيارا متعمدا لتجنب التدخل في الصراعات العالمية، وتوجيه الموارد بدلا من ذلك، نحو بناء شيء تحويلي ذي فائدة. فالسياسيون والمسؤولون الخليجيون يدركون جيدا أن التركيز والاهتمام بالرخاء الاقتصادي طويل الأجل اليوم سيوفر لبلدانهم مسارا للأجيال القادمة من الثروة والنفوذ مستقبلا. وفي حين قد تكافح دول أخرى مع عدم الاستقرار السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، فإن دول الخليج قادرة على استخدام ثرواتها ونفوذها للمضي قدما بطرق فعالة وقوية.
النهج الذي تتسلط عليه الأضواء والمتعلق بتوفير قدرة استثمارية لم يسبق لها مثيل من قبل، هو بالضبط ما تحتاج إليه دول الخليج. فهو لا يسمح لها فقط بتجاوز العواصف العالمية فحسب، وإنما أيضا باستخدام قوتها المالية وموقعها الإستراتيجي لإعادة تعريف دورها في العالم، الذي لطالما كان يركز باعتبارها تسبح على احتياطي هائل من النفط والغاز وتذهب مبيعاته للإنفاق الباذخ دون أيّ فائدة ترجى.

مقالات مشابهة

  • توافد ممثلى الدول على مقر الأمم المتحدة بفيينا للمشاركة فى اجتماعات اللجنة الدولية للرقابة على المخدرات
  • مسؤولة في “هيومن رايتس ووتش”: اليمنيون في طليعة المدافعين عن فلسطين
  • المقررة الأممية: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف 'الأونروا' لإنهاء الوجود الدولي في فلسطين
  • مسؤول عسكري سابق: إذا تجددت الحرب لن تُهزم حماس و”إسرائيل” ستفقد شرعيتها الدولية 
  • الاحتلال الإسرائيلي قتل 12316 في غزة.. نساء فلسطين يواجهن التهجير والتجويع
  • المطران عطالله حنا: الدفاع عن فلسطين وشعبها المظلوم واجب إنساني
  • طارق الحسيني: تنظيم كأس العالم لسلاح الشيش على أرض مصر يعكس مكانتها الدولية
  • إعلان قائمة النشامى لمواجهتي فلسطين وكوريا الجنوبية
  • وزير الخارجية الإيراني: انعدام الأمن في سوريا يصب في مصلحة إسرائيل وعلى العالم الإسلامي التحرك لمنع تدمير فلسطين
  • حقبة الاستثمار العالمي بتوقيت الخليج