قال الصحفي المعروف بيتر أوبورن إن غزة غيرت من السياسة العالمية.

أوبورن كان يشير بشكل خاص إلى المناقشات والمداولات التي شهدها منتدى الدوحة، الذي تزامن عقده مع فشل مجلس الأمن الدولي في استصدار قرار بوقف إطلاق النار في غزة، أما سبب الفشل فهو الفيتو الأمريكي الذي جاء رغم موافقة 13 من أعضاء مجلس الأمن على القرار وامتناع بريطانيا.



يشير أوبورن في مقاله في "ميدل إيست آي" إلى خيبة الأمل الكبيرة والإحباط الذي بدا على أمين عام الأمم المتحدة خلال خطابه الافتتاحي لمنتدى الدوحة.

ذلك العدوان المستمر على قطاع غزة والذي يلقى دعما لا محدودا من الإدارة الأمريكية، قد يجعل منها شريكا في "الإبادة الجماعية" بحسب أوبورن، الذي يكشف أن كل من تحدث معهم في الدوحة "وافقوا على أن الأمريكيين لم يعد بالإمكان الثقة بأهليتهم للقيام بدور الوساطة في محادثات السلام، رغم أنه لم يوجد اتفاق على ماذا أو من سوف يحل محل الولايات المتحدة في هذه المهمة".

وفيما يلي نص المقال:
ليس أنطونيو غوتيرش، الأمين العام للأمم المتحدة، بطبعه ثورياً.

ولكن رئيس الوزراء البرتغالي السابق، البالغ من العمر ثلاثة وسبعين عاماً، خرج في مهمة غايتها تحقيق نمط من التغيير كذلك الذي كان مجرد حلم يراود تشي غيفارا، ألا وهو قلب النظام العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

لم يذكر غوتيرش الرئيس الأمريكي جو بايدن بالاسم في خطابه الافتتاحي الحماسي في منتدى الدوحة نهاية الأسبوع المنصرم. ولكنه لم يكن بحاجة لأن يفعل ذلك وهو يعبر عن اشمئزازه إزاء تداعيات قرار الولايات المتحدة اللجوء إلى استخدام حق النقض (الفيتو) الأسبوع الماضي ضد مشروع قرار لمجلس الأمن يدعو إلى وقف إطلاق النار.

قال غوتيرش: "لقد حثثت مجلس الأمن على الضغط من أجل تجنب نكبة إنسانية، وكررت مناشدتي له إعلان وقف لإطلاق النار." ترجمة ذلك: "إذا حصلت إبادة جماعية في غزة، فأنت تتحمل مسؤوليتها يا جو بايدن".

لقد بدأ البعض يطلق على الرئيس الأمريكي اسم "جو الإبادة الجماعية".

مع موت ما لا يقل عن 18400 فلسطيني حتى الآن – وهو أكثر من ضعف عدد من ماتوا في سريبرنيتشا قبل ثمانية وعشرين سنة – ليست هذه مجرد ثرثرة.


لست محامياً، ولكن في شهر تشرين الأول/ أكتوبر، وقع 800 خبير في القانون الدولي ودراسات الصراع على إعلان عام حذروا فيه من احتمال أن تكون إبادة جماعية ترتكب من قبل القوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

قدم هؤلاء دليلاً قوياً على حجم وحدة الهجمات الإسرائيلية مضيفين أن "اللغة التي تصدر عن الشخصيات الإسرائيلية السياسية والعسكرية من الواضح أنها تعيد إنتاج لغة ومصطلحات ذات علاقة بالإبادة الجماعية والتحريض على الإبادة الجماعية".

لم يلبث ذلك الوضع أن ازداد سوءاً منذ ذلك الوقت.

المساعدة في ارتكاب الإبادة الجماعية والتحريض عليها
فيما لو أكدت محكمة دولية صحة ما ذهب إليه هؤلاء الخبراء، فلسوف ينجم عن ذلك توجيه الاتهام إلى الرئيس بايدن بأنه ساعد في ارتكاب الإبادة الجماعية وبأنه حرض عليها، وهي جريمة أخطر بكثير من أي شيء اتهم به دونالد ترامب حتى الآن.

ولا غرابة إذ ذاك أن بدت على بايدن هذا الأسبوع أمارات الإجهاد العصبي، حيث صدر عنه، ولو متأخراً، تحذير لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن "إسرائيل" تفقد الدعم بسبب ما وصفه، متأخراً أيضاً، بالقصف "العشوائي" الإسرائيلي في غزة.

إن القصف العشوائي جريمة حرب. وهو ما لم يزل يُنفذ بدعم كامل من الولايات المتحدة، وبفضل مدد مستمر من الذخيرة الأمريكية. لم يكن صعباً تلمس الإحساس بالتقزز الذي يوشك أن يتحول إلى عداء ضد الولايات المتحدة في منتدى الدوحة.

وحتى أيمن الصفدي، وزير خارجية الأردن، ذلك البلد الذي لا يعرف عنه في العادة سوى الولاء للولايات المتحدة، صرح بأنه "يشعر بخيبة أمل شديدة" بسبب الفيتو الأمريكي. كما اشتكى الوزير من أن إسرائيل "تشعر بأن بإمكانها أن تفلت من المساءلة والمحاسبة على جرائم القتل التي ترتكبها. إنه بلد واحد يتحدى العالم بأسره، والعالم بأسره عاجز عن أن يفعل شيئاً بهذا الشأن".

إن الولايات المتحدة هي من منح "إسرائيل" تلك الحصانة من المساءلة والمحاسبة التي تحدث عنها الصفدي.

كل من تحدثت معهم في الدوحة وافقوا على أن الأمريكيين لم يعد بالإمكان الثقة بأهليتهم للقيام بدور الوساطة في محادثات السلام، رغم أنه لم يوجد اتفاق على ماذا أو من سوف يحل محل الولايات المتحدة في هذه المهمة.

إلا أن الصين بدأت تمد يدها. ففي واحدة من الندوات تحدث الدكتور هوياو وانغ، العضو السابق في مجلس الدولة في الجمهورية الشعبية، وطالب بنشر قوة سلام تابعة للأمم المتحدة في غزة.

عالم متعدد الأقطاب
كلمة السر في الدوحة كانت "التعددية القطبية"، وهي طريقة مهذبة في التعبير عن أن عصر الهيمنة الأمريكية قد ولى.

لابد أن ذلك كان أشبه بالموسيقى في آذان روسيا وإيران، وكلاهما مثلتا من خلال مداخلتين عبر الأونلاين، إحداهما لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأخرى لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان.

بالنسبة للروسي لافروف، جاءت غزة هدية، لتنقذ روسيا من الخزي حول أوكرانيا تماماً بنفس الطريقة التي أنقذ فيها العدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي الإسرائيلي روسيا من الخزي حول المجر في عام 1956.

لقد غيرت غزة من السياسة العالمية.

هيمن فشل المجتمع الدولي في التدخل في غزة على النقاش في الدوحة، وكان غوتيرش قد قدم تحليلاً ثاقباً حينما قال إن الإخفاق في الرد على الأحداث المريعة في غزة أفضى إلى انهيار ما يفترض أنه نظام عالمي ليبرالي أنشأته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية.


ودعا إلى إصلاح عاجل للكيانات الأمنية التي نشأت بعد الحرب، مشيراً إلى أن هذه الكيانات "ضعيفة، وقديمة، وعصية على التغيير رغم التغير الذي طرأ على الدنيا من حولها فظلت حبيسة أوضاع كانت قائمة قبل ثمانين عاماً".

وأضاف، من باب الاحتياط، إن مجلس الأمن "مشلول بفعل الانقسامات الجيوستراتيجية".

في انعطاف تاريخي مذهل، تقوم الديمقراطيات الليبرالية – التي انتحلت تلك الصفة من ذات نفسها– أي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، بتقويض صدقية النظام العالمي الليبرالي من خلال منح نتنياهو تفويضاً مطلقاً.

ها هو العالم يتغير بفضل شجاعة ومعاناة وتحمل الشعب الفلسطيني. وبينما ينال الخزي من الولايات المتحدة، ها هو أمين عام الأمم المتحدة يغدو صوت الفلسطينيين الأفصح على الساحة الدولية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة الإبادة الجماعية امريكا غزة الاحتلال إبادة جماعية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإبادة الجماعیة الولایات المتحدة مجلس الأمن المتحدة فی فی الدوحة فی غزة

إقرأ أيضاً:

هل ستغير القوانين الجديدة وجه العراق؟ ترقب واسع لجلسة البرلمان اليوم

سبتمبر 17, 2024آخر تحديث: سبتمبر 17, 2024

المستقلة/- يبدأ مجلس النواب العراقي اليوم الثلاثاء جلسته الحادية عشرة ضمن فصله التشريعي الثاني، والتي تتسم بأهمية بالغة، حيث ستشهد مناقشة عدد من القوانين الحيوية التي تؤثر بشكل مباشر على مختلف فئات المجتمع. الجلسة تأتي في وقت حاسم، بعد التصويت على عدد من القوانين والمشروعات التي أثارت جدلاً واسعاً.

من أبرز القوانين التي ستُناقش اليوم هو قانون الخدمة والتقاعد لمجاهدي الحشد الشعبي، المقدم من لجان الأمن والدفاع والقانونية والمالية والشهداء. يُعد هذا القانون من القوانين المهمة التي تركز على حقوق المجاهدين وتقديم مزايا تقاعدية لهم. بعد قراءة أولى تمت في جلسات سابقة، ينتظر أن يشهد القانون تقريرًا ومناقشة للقراءة الثانية في هذه الجلسة.

تصويت وتعديلات بارزة

في جلسة أمس، صوّت مجلس النواب على مشروع قانون إيجار الأراضي الزراعية، والذي يسعى إلى تنظيم عملية تأجير الأراضي وتعزيز الزراعة في البلاد. كما تم تأجيل التصويت على مشروع قانون إعادة العقارات المشمولة بقرارات مجلس قيادة الثورة (المنحل) إلى أصحابها، مما يثير التساؤلات حول مصير هذا المشروع الذي يحمل أبعادًا قانونية وسياسية حساسة.

أتم المجلس أيضًا مناقشة (القراءة الثانية) لمقترحي تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 وقانون العفو العام رقم 27 لسنة 2016، مما يعكس استمرار جهود البرلمان في تعديل القوانين القديمة بما يتناسب مع المتغيرات الحالية.

الجرائم المعلوماتية: قانون جدلي

أكد النائب علي نعمة البنداوي أن قانون الجرائم المعلوماتية، الذي يُعتبر من القوانين الجدلية، سيُناقش في الجلسة. هذا القانون أثار جدلاً كبيرًا بين منظمات المجتمع المدني والإعلاميين والمدونين، وقد تم استضافتهم لمناقشة جوانب مختلفة منه.

مشروعات أخرى على الطاولة

من المتوقع أيضًا أن يتم التصويت على التعديل الأول لقانون مؤسسة الشهداء رقم 2 لسنة 2016، الذي يحتوي على 17 مادة. بالإضافة إلى ذلك، ستُناقش القراءة الثانية لمشروع تصديق اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي بين العراق والسعودية، وهو اتفاقية تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي وتفادي التهرب الضريبي.

قوانين حماية البيئة والملكية الفكرية

ستشهد الجلسة قراءة أولى لمقترح قانون حماية وتحسين البيئة، والذي يتضمن 59 مادة ويهدف إلى تعزيز جهود الحفاظ على البيئة في العراق. كما ستتم استكمال القراءة الأولى لمشروع قانون حماية الملكية الفكرية، الذي يحتوي على 167 مادة، ويستهدف حماية حقوق المبدعين والمبتكرين.

الطيران المدني: خطوة نحو التطوير

سوف تستكمل لجنة النقل والاتصالات قراءة أولى لمشروع قانون الطيران المدني، والذي يتضمن 208 مواد. هذا القانون يُعتبر خطوة هامة نحو تطوير قطاع الطيران في العراق وتعزيز قدراته.

مقالات مشابهة

  • لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تندد "بالانتهاكات الجسيمة" التي ترتكبها إسرائيل في غزة للمعاهدة العالمية لحماية الأطفال
  • الولايات المتحدة تهنئ اليمن على الريادة في الشرق الأوسط
  • البيت الأبيض: الولايات المتحدة لم تشارك في الهجمات التي شهدها لبنان أمس واليوم
  • وزير الخارجية المصري: حماس تؤكد لنا التزامها الكامل باقتراح وقف إطلاق النار الذي توصلنا إليه في 27 مايو والتعديلات التي أجريت عليه في 2 يوليو
  • وسطاء: الجهود بشأن اتفاق الهدنة في غزة «مستمرة»
  • هل العنف السياسي غريب على الولايات المتحدة؟
  • أوامر الإخلاء الجماعية في غزة تُفاقم الوضع الإنساني
  • هل ستغير القوانين الجديدة وجه العراق؟ ترقب واسع لجلسة البرلمان اليوم
  • اسوشيتد برس: حدثان يوضحان التحديات التي تواجه الولايات المتحدة والعالم مع الحوثيين
  • مقررة أممية: شاهدنا رعب الإبادة الجماعية في غزة