الجزيرة:
2024-09-19@02:21:12 GMT

غزة.. التكافل يملأ فراغ غياب الإغاثة الدولية

تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT

غزة.. التكافل يملأ فراغ غياب الإغاثة الدولية

غزة- يتنقل عاطف ريّان بين نحو 20 قِدرا كبيرا مصفوفة بعناية فوق حفرة تشتعل فيها النيران، للتأكد من نضوج اللحم، تمهيدا لإضافة الأرز. وبعد أن أمر بإضافة الملح بكميات محددة لبعض القدور، أهاب بالعاملين معه الإسراع في تجهيز الطعام، نظرا لاقتراب موعد تسليم الوجبات.

ويدير ريّان تكية خيرية في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، أسّسها بعد أيام من بدء الحرب الإسرائيلية الوحشية على القطاع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وكان دافعه الأساسي من تأسيس التكية هو المساهمة في إطعام عشرات الآلاف من النازحين الذين تدفقوا من شمال القطاع إلى وسطه.

عاطف ريّان يشرف على تجهيز الطعام في التكية التي يديرها لإطعام النازحين وسط قطاع غزة (الجزيرة) دور مهم

ويرى مراقبون أن التكافل الاجتماعي، خلال الحرب، كان له دور مهم في منع انهيار الأوضاع بشكل تام، وسد -إلى حد ما- فراغ أحدثه غياب المؤسسات الدولية.

وإلى جانب الغارات الوحشية التي أسفرت عن استشهاد قرابة 19 ألف شخص، فرضت إسرائيل حصارا مشددا على القطاع، وقطعت إمدادات المياه والكهرباء والأدوية، وقننت بشكل كبير عملية إدخال المساعدات الدولية.

ويقول ريّان -للجزيرة نت- إنه بدأ العمل مع فريقه التطوعي في 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وما يزال مستمرا في تقديم الطعام للمحتاجين. وأكد أن هذا التكافل، خلال الحرب، يعزز صمود السكان.

وفي البداية، بدأ عمله داخل مدرسة تحوّلت إلى مركز إيواء، لكن ضيق المكان دفعه إلى الانتقال لآخر يتسع لهذا العمل الخيري. ويوضح أنه يطبخ في هذه الأيام وجبات تحتوي على الأرز واللحم، وتكفي نحو 5 آلاف شخص في اليوم.

ويوزع ريان الوجبات الساخنة على النازحين في مراكز الإيواء وعلى الجرحى والمرضى وذويهم في مستشفى "شهداء الأقصى" ومركز الزوايدة الطبي.

وتعتمد التكية في تمويلها على تبرعات "أهل الخير" داخل فلسطين وخارجها، ويقول بهذا الصدد "الله يُيسر هذا الأمر من بعض الإخوة المحبين لحق الشعب في الحياة والبقاء، فيقدموا لنا بعض المال من هنا وهناك، حتى نستطع طهي هذه الوجبات".

لكنّ هذا العمل الخيري لا يخلو من صعوبات كبيرة جراء نفاد البضائع بسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل. وأول هذه المشاكل نفاد غاز الطهي، والاعتماد على الحطب الذي بدأ أيضا ينفد وترتفع أسعاره.

ويشرح ريّان "أولا اعتمدنا على الغاز، ثم الحطب الذي بدأ ينفد، اليوم وجدتُ صعوبة حتى أوفر كمية مناسبة منه لطهي طعامي، كما أن أسعاره تضاعفت، كنا نشترى الكيلوغرام منه بنصف شيكل، واليوم إذا وُجد نشتريه بـ3.5 شياكل (حوالي دولار واحد)".

كما ارتفعت أسعار الملح حيث كان ثمن الكيس ذي 25 كيلوغراما 15 شيكلا (4 دولارات) ووصل سعره ألف شيكل (266 دولارا). وتعاني التكية كذلك من شحّ الأرز وارتفاع سعر الكيس الذي يزن 20 كيلوغراما من 120 شيكلا (35 دولارا) إلى نحو 370 شيكلا (حوالي 100 دولار) وأكد ريّان "نعاني من كل شيء، لكننا نحاول الاستمرار".

المتطوعون بلجؤون لطهو الطعام على الحطب بسبب نفاد الوقود ومنع الاحتلال دخوله القطاع (الجزيرة) فرق تطوعية

وفي مدينة رفح، أقصى جنوبي قطاع غزة، دفعت المأساة الإنسانية الكبيرة -التي يعيشها مئات الآلاف من النازحين الذين أجبرهم جيش الاحتلال على الرحيل من محافظة خان يونس- العديد من المبادرين إلى تأسيس فرق تطوعية لإغاثتهم.

ويقول وائل أبو محسن، وهو قائد إحدى الفرق التطوعية التي تضم قرابة 20 شابا، إنهم يعملون على توزيع الطعام، وتوفير الملابس والأدوية على ضحايا الحرب.

ويلفت أبو محسن -للجزيرة نت- إلى أن الأوضاع الإنسانية في رفح "بالغة السوء". ويضيف أن عدد السكان الأصلي حوالي 270 ألف نسمة، وأنه يصل اليوم إلى مليون بعد تشريد وتهجير مئات الآلاف من خان يونس.

وتابع "الوضع في رفح كارثي، خيام النازحين تملأ الطرقات والأماكن الخضراء والفارغة والملاعب، لا يوجد متسع لأحد". وكان جيش الاحتلال -الذي بدأ قبل نحو أسبوعين توغلا بريا في محافظة خان يونس- قد أمر السكان بالنزوح إلى منطقة رفح.

وذكر أبو محسن أن العديد من أهل الخير ومحبي الشعب الفلسطيني وخاصة من الخارج يرسلون التبرعات لفريقه وللفرق الأخرى. وتذبح مجموعته يوميا بقرتين إلى ثلاث، ويطبخ الطعام، ويقدمه للنازحين في مراكز الإيواء. كما يعملون على توزيع الملابس، وخاصة للأطفال.

ويوضح "يفتقد غالبية النازحين للملابس اللازمة، حيث خرجوا بملابسهم الشخصية وكان الطقس دافئا واليوم أصبح باردا، لذلك نعمل على كسوتهم".

كما امتد نشاط الفريق إلى توزيع الأدوية على النازحين، خاصة لأصحاب الأمراض المزمنة، وللأطفال. ويؤكد أبو محسن "التكافل له دور كبير في التخفيف من هول ووطأة الحرب الإسرائيلية والأوضاع الصعبة".

الفرق المتطوعة تحصل على تبرعات من الخارج لتوفير اللباس والأدوية والطعام للنازحين (الجزيرة) تكافل وتآزر واضح

ولم تقتصر مظاهر التكافل على التكايا والمبادرات التطوعية، بل تعدتها إلى العديد من الأمور، ومنها تقديم العائلات المساعدة للنازحين بشكل مباشر، كالمال والسكن والمياه والملابس والفراش، وحتى أدوات المطبخ.

يقول الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة -للجزيرة نت- إن "التكافل حاضر في المشهد اليوم بشكل لافت، وهناك تآزر واضح في تقاسم الموارد الشحيحة وخاصة المياه والسلع الغذائية".

ولا يقتصر التكافل، بحسب عفيفة، بين أفراد العائلة الواحدة، بل تعداها إلى تقديم الأُسر في الوسط والجنوب المساعدات لأخرى من الشمال، رغم أنها لا ترتبط بها بسابق معرفة. ورأى أن التكافل سد الفراغ الذي أحدثه غياب المؤسسات الإغاثية الدولية التي قال إنها "لم تقم بدورها".

ويضيف "عندما نزح عشرات الآلاف من الشمال، نزع جنود الاحتلال منهم كل ما يملكون على الحاجز جنوب مدينة غزة، حتى ملابسهم. ووصلوا للجنوب، ولم تستقبلهم منظمات الإغاثة كوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أو الصليب الأحمر، من استقبلهم هم مواطنون لا يعرفونهم، وقدموا لهم المساعدات من باب التكافل الاجتماعي".

كما أشار عفيفة إلى أنه من الظواهر اللافتة: إرسال المغتربين في الخارج، الأموال لذويهم وأصدقائهم بطرق مختلفة وهو ما أنقذ "عائلات من كوارث في ظل عدم وجود مصدر رزق للمشردين".

ورأى أنه لولا الدور الذي لعبه التكافل الاجتماعي "لكانت الكارثة أكبر، ولكانت المجاعة أحد أسباب الموت، وكان من الممكن نشوب الفوضى والقتل والاشتباك والسرقات والجريمة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الآلاف من أبو محسن

إقرأ أيضاً:

تحالف مدني سوداني يجدد الدعوة لتسليم البشير ورفاقه لـ«الجنائية الدولية» ،، «القوى المدنية المتحدة» تدعو لوقف الحرب وتنفي علاقتها بـ«الدعم السريع»

استهل تحالف مدني سوداني جديد، نشاطه السياسي بالدعوة «لتضافر الجهود المدنية كافة لإنهاء الحرب وبناء السلام، وإلى تأسيس جيش مهني وقومي واحد، وإرساء قواعد عدالة انتقالية ومحاسبة على الجرائم التي ارتكبت بحق البلاد، بما في ذلك تنفيذ أوامر القبض الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية ضد رأس النظام السابق ومساعديه المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية».

وقال الأمين العام لـ«تحالف القوى المدنية المتحدة» (قمم) إبراهيم موسى زريبة، في مؤتمر صحافي عقد في كمبالا الأوغندية الاثنين، إن «تحالف (قمم) الذي تكون في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا الشهر الماضي، يضم 68 تنظيماً سياسياً وحركات مقاومة شبابية ورموزاً في المجتمع المدني، إضافة لحركات مسلحة موقعة على اتفاقيات سلام مع الحكومة السودانية».



واتهم زريبة مباشرة حزب «المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، بإشعال شرارة الحرب بمهاجمة قوات الدعم السريع في المدينة الرياضية»، وقال: «هذا ما حدث وكلنا شهود عليه».

وراج في وسائط التواصل الاجتماعي الموالية للإسلاميين وأنصار استمرار الحرب، أن التحالف الجديد «قمم»، يمثل الواجهة السياسية لقوات «الدعم السريع»، وهو الأمر الذي نفاه زريبة بشدة بقوله: «هذا ليس سوى تنميط جهوي، بحسبان أن كل من ينتمي لجهة سياسية معينة يتهم بأنه (دعم سريع)»، وتابع: «(الدعم السريع) جهة عسكرية فرضت عليها الحرب، ونحن شهود، أما (قمم) فهو تحالف مدني بأجندة وبرامج معلنة».

وتستند تلك الاتهامات إلى أن رئيس التحالف هارون مديخير، كان يشغل منصب رئيس اللجنة الاجتماعية بالمجلس الاستشاري لقائد قوات «الدعم السريع»، وأمينه العام إبراهيم موسى زريبة كان يشغل منصب كبير المفاوضين في مفاوضات السلام بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة، التي أفضت لتوقيع «اتفاق جوبا لسلام السودان»، بيد أن زريبة قطع بأن التحالف «لا يمثل جهة؛ بل هو تحالف مدني قومي تشارك فيه تنظيمات وقوى سياسية من كل ولايات البلاد».

ووفقاً لزريبة، فإن التحالف «يدعو لوقف الحرب ووضع مرتكزات بناء الدولة، وتحديد فترة انتقالية تفضي لتحول مدني ديمقراطي، وتأسيس الدولة على أسس جديدة، وتأسيس جيش واحد مهني قومي ينأى عن السياسة والانحيازات الجهوية والعرقية، ويعكس تنوع أهل السودان وثقافاتهم».

ووجه زريبة مناشدة لطرفي الحرب؛ الجيش وقوات «الدعم السريع» للتجاوب مع دعوات الأسرة الدولية للتفاوض ووقف نزيف الدم والوصول إلى اتفاق وقف إطلاق نار يحمي المدنيين ويسهل وصول العون الإنساني إليهم، بما يفضي لمباحثات سياسية لا تستثني سوى «حزب المؤتمر الوطني» وواجهاته.

ودعا لتخفيف معاناة المواطنين في أماكن سيطرة كل طرف، وعدم استخدام الغذاء سلاحاً، ومعاملة الأسرى وفقاً للمواثيق والعهود الدولية المعنية، وقال: «نناشد الطرفين إطلاق سراح جميع الأسرى».

وأشاد زريبة بـ«الاستجابة المتكررة» لقيادة قوات «الدعم السريع» لكل الدعوات المقدمة من الأسرة الدولية من أجل السلام، وفي الوقت ذاته، أدان «الاستهداف الانتقائي للمجتمعات الآمنة من قبل الطيران العسكري»، بقوله: «يقتل الأبرياء والأنعام وتدمر المستشفيات ومحطات الكهرباء وموارد المياه ومساكن المواطنين بشكل انتقائي، ينم عن استهداف عنصري جهوي، غير مسبوق في تاريخ السودان». وتابع: «ندين بشدة كل الانتهاكات ضد المدنيين العزل، وندعو لمعالجة أمراض العنصرية وخطاب الكراهية».

الشرق الأوسط:  

مقالات مشابهة

  • السودان تزايد الضغوط الدولية والبحث عن منابر جديدة للتسويف
  • حسن إسماعيل: هذا هو السبب الذي اشعل الحرب في السودان(….)
  • وزير الخارجية المصري: حماس تؤكد لنا التزامها الكامل باقتراح وقف إطلاق النار الذي توصلنا إليه في 27 مايو والتعديلات التي أجريت عليه في 2 يوليو
  • الرئيس العراقي اتّصل بميقاتي.. وأدان الاعتداء الذي تعرّض له لبنان
  • السودان يحترق والقوى الأجنبية تستفيد.. ما المكاسب التي تجنيها الإمارات من الأزمة؟
  • أحلام بعيدة المنال ..تعليم النازحين في السودان
  • تحالف مدني سوداني يجدد الدعوة لتسليم البشير ورفاقه لـ«الجنائية الدولية» ،، «القوى المدنية المتحدة» تدعو لوقف الحرب وتنفي علاقتها بـ«الدعم السريع»
  • بعد عام من غياب الطعام الطازج بغزة.. احتفال بشحنة تفاح
  • وزير الأوقاف: نبذل جهودنا لإطفاء نيران الحرب في غزة والضفة الغربية
  • حوار حول الجهود الدولية لوقف حرب السودان