تدنيس المقدسات بفلسطين.. استهتار يقابل باستخفاف دولي
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
رام الله – منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تحوّلت المقدسات الإسلامية والمسيحية بفلسطين إلى هدف في العمليات العسكرية الإسرائيلية وفي اعتداءات المستوطنين، في رسالة تحدٍ تتجاوز حدود فلسطين المحتلة، حيث جغرافيا الصراع المستمر منذ أكثر من 75 عاما، إلى عموم المسلمين والمسيحيين في أنحاء العالم.
وإن تركز الاستهداف الإسرائيلي بشكل كبير وواسع على المقدسات والرموز الإسلامية، وتحديدا المساجد والقرآن الكريم، فإن مقدسات ورموزا مسيحية كانت في دائرة الاستهداف، وفق جهات رسمية فلسطينية.
فمنذ بدء معركة طوفان الأقصى، دمر الاحتلال في قطاع غزة 100 مسجد بشكل كلي، بينها المسجد العمري التاريخي، و192 مسجدا و3 كنائس بشكل جزئي، وفق المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، يضاف إليها تدمير وتجريف عدة مقابر.
سهام ورسائل
من الضفة الغربية المحتلة وجّه جيش الاحتلال سهامه إلى صدور أكثر من مليار و700 ألف مسلم عندما ردد جنوده ترانيم توراتية عبر مكبرات الصوت في مسجدين خلال اقتحامهم مدينة جنين من الثلاثاء إلى الخميس الماضيين، ومن خلالها وجه تحذيرات للسكان.
لم تكن حادثة جنين منعزلة، فقد سبقتها حوادث أخرى اقتحم فيها الجنود مساجد بمدن وقرى ومخيمات الضفة، وعلقوا العلم الإسرائيلي على المآذن. كما ألقى جنود للاحتلال قنبلة داخل مسجد في قرية بُدرس غرب رام الله، وفي جميع الحالات حرصوا على أخذ صور لتلك الأفعال ونشرها على شبكات التواصل الاجتماعي العبرية.
تلك ليست حالات فريدة، إذ سرعان ما يشارك وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير تلك المشاهد على حساباته مشيدا بالجنود، وكلما أعلن جيش الاحتلال توقيف بعض جنوده أو التحقيق معهم، سارع بن غفير إلى الدفاع عنهم ورفض محاسبتهم.
أما المسجد الأقصى فيعيش منذ نحو شهرين عزلة لم يسبق لها مثيل منذ احتلاله عام 1967، إذا لا يتمكن سوى بضعة آلاف من أداء صلاة الجمعة، بعد أن كان يؤمه عشرات الآلاف في أحلك الظروف.
وفي المقابل، فُتح على مصراعيه لاقتحامات المستوطنين مع توفير قوات عسكرية وشرطية ترافق المقتحمين وتتيح لهم أداء طقوس توراتية فيه.
اقتحام ومنع للأذان
وبينما تعرض المسجد الأقصى لاقتحام المستوطنين 46 مرة خلال شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني الماضيي، مُنع رفع الأذان 204 مرات في المسجد الإبراهيمي بمدينة الخليل، وفرضت إجراءات مشددة على دخوله للصلاة، وفق وزارة الأوقاف الفلسطينية.
أما القرآن الكريم، أقدس مقدسات المسلمين، فوردت شهادات من معتقلين أفرج عنهم بأن الجنود مزقوا نسخا من المصحف الكريم، ودعسوا عليها في منازلهم خلال عمليات الاعتقال وداخل السجون خلال اقتحام الغرف.
وفيما يتعلق بالمقدسات المسيحية، لم يكن الوضع أحسن حالا وإن كان أقل عددا، ففي القدس تكرر قيام جماعات دينية يهودية متطرفة بالاعتداء والبصق على المسيحيين.
كما بدأت جمعيات استيطانية خلال الحرب مساعيها للاستيلاء على نحو 11 دونما (الدونم يساوي ألف متر) من الحي الأمني داخل السور المحيط بالبلدة القديمة من القدس، ويبذل سكان الحي -الذين تقلص عددهم إلى نحو ألف نسمة- قصارى جهدهم لمنع الاستيلاء على الأرض.
منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي يفرض الاحتلال قيودا على دخول المسلمين للمسجد الأقصى ويفتحه أمام المستوطنين (الجزيرة) مزيد من العنف والاحترابفي تفسيره لما يجري، يقول وزير الأوقاف والشؤون الدينية الشيخ حاتم البكري، للجزيرة نت، إنه منذ سيطرة الاحتلال على الضفة عام 1967 يحاول تغيير المعالم الدينية ودورها كما فعل بعد النكبة في مساجد أراضي الـ48.
وأضاف أن الاحتلال استهدف المسجد الأقصى من اليوم الأول، ثم أحرقه عام 1969، ويحاول تقسيمه كما فعل في المسجد الإبراهيمي بمدينة الخليل والذي حول جزءا منه إلى كنيس عام 1994.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يقول البكري "رأينا استهدافا كبيرا للمساجد، تدمير ما لا يقل عن 100 مسجد بشكل كلي، ومئات أخرى بشكل جزئي من خلال الاستهداف المباشر بالقصف".
في جنين، يضيف وزير الأوقاف "تم تدمير مسجد الأنصار بشكل كلي، ثم رأينا التصرفات الحمقاء للجنود من تدنيس واعتلاء للمنابر وترديد خزعبلات، وهذا لقي قبولا من وزراء في حكومة الاحتلال".
وقال البكري إن مجمل تلك التصرفات لا تقود إلا إلى مزيد من العنف والاحتراب، وتستوجب موقفا عالميا واضحا خاصة من المرجعيات الدينية على المستوى العالمي التي سارعت إلى إدانة تلك التصرفات.
وتابع أن "تلك التصرفات بما في ذلك إعطاء الأوامر للجنود لدخول المساجد، ستجر المنطقة إلى ما لا تحمد عقباه، الأمر يمس الحالة الإسلامية العالمية، ما حدث لا يمس مخيم جنين فقط أو فلسطين، بل يمس مشاعر مليون و700 ألف مسلم".
الاحتلال يمنع الوصول إلى المسجد الإبراهيمي في البلدة القديمة من الخليل (الجزيرة) استهتار وشراكةمن جهته، يقول رئيس مركز القدس الدولي والمختص بشؤون المسجد الأقصى حسن خاطر إن المساس بمقدسات المسلمين يعني "دخول مرحلة خطيرة من الاستهتار بالمقدسات الإسلامية وبمشاعر المسلمين في أنحاء العالم".
وأضاف أن ما يجري يعكس "هستيريا تستهدف استفزاز المسلمين بتدنيس مقدساتهم ومحاولة كسر المُقدس وإسقاط رمزية المقدسات لديهم بصورة لم يسبق لها مثيل في التاريخ، ولذلك ستكون نتائجه عكسية تماما".
وأضاف خاطر في "استهداف المقدسات بشكل مباشر والاستخفاف بها والسخرية منها ومحاولة إنقاص قيمتها بشكل كبير إلى درجة تدميرها، فيه دفع خطير باتجاه حرب دينية".
وبالعودة إلى دروس الماضي، يقول الباحث الفلسطيني إن كل اعتداء على مقدسات المسلمين كان يقابله رد فعل وفاتورة تكون باهظة على المعتدي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: أکتوبر تشرین الأول المسجد الأقصى
إقرأ أيضاً:
الأقصى المهدد
#الأقصى #المهدد _ #ماهر_أبوطير
يطالب الكاتب الحاخام الإسرائيلي دانئيل سجرون، بضرورة الإسراع في بناء الهيكل الثالث على أنقاض المسجد الأقصى وتحويل إقامته من قضية للنقاش إلى مهمة، ومن مجرد تمنيات إلى خطة عملية، واستغلال صمت الأمّة الإسلامية التي باتت عديمة الجدوى على حد قوله.
ويقول أيضا.. “يجب أن ندرك بأن إقامة الهيكل هو استمرار طبيعي لوجود وإقامة إسرائيل وهو ما يتطلب تجنيد الرأي العام الدولي وإقناعه بأن اليهود يريدون إقامة الهيكل الثالث”.
ويضيف قائلا إن الحرب الحالية تكشف عن حقيقة الصراع وطابعه الديني حول الأقصى مستدلا بذلك قائلا إن كل بيت فلسطيني في غزة يحتوى على صورة للمسجد الأقصى.
مقالات ذات صلة بصراحة 2024/11/20وجود صورة الأقصى في كل بيت في غزة، ليست قصة جديدة، فقد تحدث عنها جنود إسرائيليون عند اقتحامهم لبيوت غزة، وأن هذه البيوت مزينة بصورة المسجد الأقصى، وهو حال تراه في بيوت فلسطينية خارج غزة، وفي بيوت عربية، مع مجسمات للحرم القدسي.
مناسبة نشر كلام الحاخام هنا ليس الترويج لها، لكن لفردها بين يدي التيار العربي الذي يقول إن معركة فلسطين ليست دينية، وهي معركة وطنية فقط، وإذا كان العربي يريد نزع السمة الدينية عن كل معركة فلسطين في سياق تبريرات مختلفة، فهو هنا يتطوع بالتنازل عن أهم محرك في هذه المعركة أي الدين، مع إدراكنا أيضا أن المعركة وطنية لأن وجود العرب في فلسطين سبق الإسلام، ومنذ عهد الكنعانيين، وغيرهم، وجاء الإسلام ليقدم تعريفا جديدا للمكان، وهو تعريف ارتبط بالمقدس السماوي، من أجل تحصين فلسطين، في ظل استهدافات تاريخية.
ذروة المشروع الإسرائيلي في فلسطين ترتبط بالمسجد الأقصى، وهدم المسجدين القبلي وقبة الصخرة، أو أحدهما، أو السطو على المساحات الفارغة داخل الحرم القدسي لإقامة كنيس إسرائيلي وهذا مشروع وزير الأمن الإسرائيلي تحديدا، وكما نرى فإن المشروع الإسرائيلي يعد مشروعا دينيا، فلا يتحدث الإسرائيليون عن إسرائيل من باب الوطنية المستحدثة، بقدر وصفهم لإسرائيل بكونها وعداً توراتياً، فتظهر المفارقة هنا، فالإسرائيلي يعتبر إسرائيل دولة دينية، والمعركة مع العرب والمسلمين دينية، فيما يتطوع بعض العرب لوصفها مجرد معركة وطنية.
علاقة الإنسان بوطنه مقدسة، لكنها ليست مجرد علاقة بقطعة أرض، لأن الأرض التي يتم سلبها منك، قد تستبدلها بأرض في كندا أو أستراليا، وقد تعيش عليها بوضع أحسن بكثير، وما يمنح الأرض قيمة مضاعفة، ما تعنيه خصوصا على صعيد موروث أي شعب، أو تاريخ، أو ما يقدمه الدين من إمداد لأهل الأرض، من حيث تعريفها بشكل مختلف كما هي فلسطين.
المسجد الأقصى في ظل تزايد الاقتحامات الإسرائيلية التي تحولت إلى يومية، وفي ظل تركيبة الحكومة الإسرائيلية والفريق الإسرائيلي الحاكم أمام مهدد كبير بعد وصول الرئيس الأميركي إلى الحكم، الذي سيؤدي وصوله إلى مرحلة أعلى في الصراع، وهي مرحلة تتمحور عناوينها المهددة حول 7 عناوين أساسية وهي: أولا، تصفية القضية الفلسطينية كليا. وثانيا التخلص من الفلسطينيين داخل فلسطين نحو دول الجوار. وثالثا السطو على المسجد الأقصى. ورابعا تسوية ملف إيران بالحرب أو السلم. وخامسا إطفاء كل البؤر التي تهدد إسرائيل. وسادسا تكريس إسرائيل دولة شرق أوسطية عظمى. وسابعا إعادة تعريف كينونات المنطقة ضمن دور وظيفي جديد، يوفر ثروات المنطقة وإمكاناتها في خدمة المشروع الإسرائيلي.
لكن ليس كل ما تخطط له إسرائيل سيحدث، فإن لله إرادته فوق كل شيء.
الغد