أعلى معدل منذ سنوات.. لماذا يقبع مئات الفلسطينيين بسجون إسرائيل دون تهم؟
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
ذكر تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، أنه وفي الوقت الذي جرى فيه إطلاق سراح سجناء فلسطينيين، بموجب اتفاق مع حركة حماس، فإن إسرائيل كانت تحتجز آخرين دون تهم محددة، بأعلى معدل لها منذ سنوات.
وفي الأسابيع التي تلت هجمات مسلحي حركة حماس، المصنفة إرهابية، في 7 أكتوبر الماضي، ارتفع عدد الأشخاص المحتجزين إدارياً إلى أعلى مستوى له منذ 30 عاماً، حيث وصل عددهم إلى أكثر من 2,800 شخص.
والاعتقال الإداري، إجراء مثير للجدل موروث من الانتداب البريطاني، يتيح لإسرائيل سجن أشخاص دون توجيه تهمة إليهم، بين 3 إلى 6 أشهر، وفي كثير من الأحيان يتم تمديد الاعتقال على نحو مستمر، بحسب وكالة فرانس برس.
وكان قد جرى مؤخرا إطلاق سراح المراهق، يزن الحسنات، البالغ من العمر 17 عاما، وذلك عقب اعتقاله من منزله في بيت لحم بالضفة الغربية، حيث قبع خلف أسوار السجن لنحو 5 أشهر
وكان الحسنات محتجزاً بموجب "الاعتقال الإداري". وقال: "لديهم ملف سري.. إنهم لا يخبرونك بما هو موجود فيه".
وعاد ذلك المراهق إلى منزله، لأنه كان من بين 180 طفلاً وامرأة فلسطينية أطلقت إسرائيل سراحهم من السجون، في عملية التبادل الأخيرة مع حماس، التي قامت بدورها بالإفراج عن رهائن اختطفتهم من إسرائيل ونقلتهم إلى قطاع غزة في 7 أكتوبر.
وعندما تم إطلاق سراح الحسنات، طُلب من عائلته عدم الاحتفال علنًا بأي شكل من الأشكال أو التحدث إلى وسائل الإعلام، كما جرى إعطاء نفس التعليمات لعائلات المراهقين الآخرين الذين تحدثوا لـ"بي بي سي" عن تجربتهم.
وتقول إسرائيل إن استخدامها لهذه السياسة يتوافق مع القانون الدولي، وإجراء وقائي ضروري لمكافحة الإرهاب، إذ قال موريس هيرش، المدير السابق للنيابة العسكرية في الضفة الغربية، من عام 2013 إلى عام 2016: "لا تلتزم بلادي بالقانون الدولي فحسب، بل تتجاوزه بكثير، من خلال السماح للمعتقلين بالاستئناف وضمان مراجعة اعتقالاتهم كل 6 أشهر".
"استثناء نادر"لكن جماعات حقوقية تقول إن استخدام إسرائيل الموسع لهذا الإجراء، "هو إساءة استخدام لقانون أمني، لم يصمم ليتم استخدامه على هذا النطاق، وأن المعتقلين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم بشكل فعال، أو الاستئناف، لأنه لا يمكنهم معرفة الأدلة الموجهة ضدهم".
وزارة الصحة الفلسطينية: ارتفاع حصيلة القتلى في جنين دخلت العملية العسكرية في جنين ومخيمها يومها الثالث على التوالي، وهي العملية الإسرائيلية الأطول والأكبر منذ الانتفاضة الثانية عام 2002، وفقا لمراسلة قناة الحرة.وقالت جيسيكا مونتيل، المديرة التنفيذية لمنظمة "هموكيد"، وهي منظمة إسرائيلية لحقوق الإنسان تراقب احتجاز الفلسطينيين: "بموجب القانون الدولي، يجب أن يكون الاعتقال الإداري استثناءً نادراً".
وتابعت: "من المفترض أن تستخدم الاعتقال الإداري عندما يكون هناك خطر محدق ولا توجد طريقه لمنعه سوى باعتقال ذلك الشخص.. لكن من الواضح أن إسرائيل لا تستخدمه بهذه الطريقة. إنها تحتجز مئات وآلاف الأشخاص، دون تهمة".
واعتبرت أن السلطات الإسرائيلية تستخدم الاعتقال الإداري "لحماية نفسها من التدقيق".
ويُمنح المعتقلون الإداريون جلسة استماع – في محكمة عسكرية، أمام قاضٍ عسكري إسرائيلي – لكن الدولة غير مطالبة بالكشف عن أي من أدلتها للمعتقلين أو لمحاميهم.
ويمكن بعد ذلك الحكم على المعتقلين بالسجن لمدة تصل إلى 6 أشهر، بيد أنه باستطاعة المحكمة العسكرية تمديد الأشهر الستة إلى أجل غير مسمى، مما يعني أن المعتقلين الإداريين ليس لديهم أي فكرة عن المدة التي سيقضونها خلف قضبان المعتقلات.
وقال الحسنات وهو جالس في غرفة معيشته: "ما يؤثر بك حقاً هو عدم اليقين.. هل ستكمل الأشهر الستة وتغادر؟ أم أن الاحتجاز سيجري تمديده لسنة أو سنتين؟".
ويمكن للمعتقلين تقديم استئناف، وصولاً إلى المحكمة العليا في إسرائيل، لكن مع عدم إمكانية الوصول إلى الأدلة ضدهم، ليس لديهم ما يستندون إليه في الدفاع عن أنفسهم.
وقال محامي الدفاع، ماهر حنا، المقيم في القدس، إن "الدفاع عن الفلسطينيين أمام المحاكم العسكرية مهمة شبه مستحيلة".
وزاد: "النظام برمته مصمم للحد من قدرة الفلسطيني على الدفاع عن نفسه، فهو يفرض قيودا صارمة على الدفاع ويخفف من عبء الإثبات على المدعي العام".
تحركات أوروبية ضد حماس وعنف المستوطنين الإسرائيليين بالضفة الغربية دعت إيطاليا وفرنسا وألمانيا الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات خاصة على حركة حماس ومؤيديها، حسبما ورد في رسالة مشتركة كتبها وزراء خارجية الدول الثلاث إلى منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل.وقالت سعدية والدة يزن، عن استخدام إسرائيل لهذه السياسة في الضفة الغربية: "لقد تجاوز كل الخطوط الحمراء والخضراء وكل الألوان".
وعندما ألقي القبض على موسى الريدات، البالغ من العمر 17 عاما، في مداهمة لمنزل عائلته في الساعة الخامسة صباحا، قامت القوات الإسرائيلية بتفكيك غرفة النوم التي كان يتقاسمها مع شقيقيه الأصغر منه، وأطلقت رصاصة على خزانة الملابس، مما أدى إلى تحطيم الزجاج، وفقا لوالده.
وأوضح الأب مهند الريدات: "لقد أخذوه وهو يرتدي ملابسه الداخلية فقط.. ولمدة 3 أيام لم نعرف شيئا عنه".
في المقابل، أوضح المدير السابق للنيابة العسكرية الإسرائيلية في الضفة، موريس هريش، أنه "سيكون من الخطأ استخلاص أي استنتاجات من المعلومات المحدودة المتاحة".
وتابع: "هناك فرق صارخ بين الأدلة المتاحة علناً ضد هؤلاء الإرهابيين، وما تحمله المعلومات الاستخباراتية".
وأضاف: "نرى أن الأميركيين يستخدمون الاعتقال الإداري في غوانتانامو، لذلك نعلم أن هذا الإجراء معترف به ومقبول دوليا".
وزاد: "وبما أن هذا الإجراء مقبول دوليا، فلماذا تمنع إسرائيل وحدها من استخدامه، في حين أننا نتعامل مع أكبر تهديد إرهابي لم يسبق له مثيل؟".
وزعم سجناء آخرون أنهم تعرضوا للضرب، أو الغاز المسيل للدموع، أو تم وضع الكلاب عليهم، وفق "بي بي سي".
وأكدت مصلحة السجون الإسرائيلية، أنها وضعت السجون في وضع الطوارئ و"خفضت الظروف المعيشية للسجناء الأمنيين" ردا على هجوم حماس.
وتم إطلاق سراح الحسنات والريدات مبكراً، لأن صفقة تبادل الرهائن والسجناء أعطت الأولوية للنساء والأطفال، لكن، وفقا لأحدث الأرقام الصادرة عن مصلحة السجون، لا يزال هناك 2873 شخصا محتجزين رهن الاعتقال الإداري في السجون الإسرائيلية.
وقالت والدة يزن وهي تنظر إلى ابنها: "ليست هناك طمأنينة.. يمكنهم اعتقاله في أي وقت".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الاعتقال الإداری إطلاق سراح الدفاع عن
إقرأ أيضاً:
لماذا تدّمر إسرائيل القرى الحدودية؟
إذا أراد المرء تعداد الغارات الإسرائيلية التي تستهدف القرى الحدودية الأمامية لما استطاع احصاءها نظرًا إلى كثرتها، مع ما ينتج عنها من خسائر بشرية ومادية، علمًا أن معظم أهاليها قد غادروها، ولم يبقَ فيها سوى العناصر الحزبية المقاتلة، الذين لا يزالون يقاتلون، وإن في المواقع الخلفية غير المتقدمة. فما تقوم به إسرائيل من تدمير ممنهج لهذه القرى يهدف بالتأكيد إلى إفراغها من المسلحين أولًا، ومن سكّانها ثانيًا، بحيث لا تعود العودة إليها ممكنة، خصوصًا أن الأراضي الزراعية لم تعد صالحة لحراثتها من جديد. فمعظم أهالي الجنوب يعتمدون في معيشتهم على الزراعات الموسمية كشتول التبغ والزيتون. وقد لفت مشهد تفجير حيّ بكامله في بلدة ميس الجبل دفعة واحدة أنظار المراقبين الدوليين، الذين تصل إليهم تقارير أمنية يومية عن التطورات الميدانية. وما يخشاه هؤلاء المراقبون هو تحويل القرى الحدودية الأمامية على طول الخطّ الأزرق من الناقورة حتى مزارع شبعا أرضًا محروقة قد يصبح من المتعذّر على أهاليها العودة إليها قريبًا حتى ولو تمّ التوصّل إلى وقف للنار في المدى المنظور.
وفي رأي هؤلاء المراقبين أن هدف إسرائيل قد أصبح واضحًا، وهو جعل الحياة في هذه القرى مستحيلة أقله على بعد ما يقارب العشرة كيلومترات عمقًا، خصوصًا أنها استطاعت أن تدّمر التحصينات والأنفاق التي أقامها "حزب الله" في "قرى – الحافة" على مدى سنوات طويلة. وبذلك تكون تل أبيب قد ضمنت عدم قيام "المقاومة الإسلامية" بأي هجوم على المستوطنات الشمالية على غرار عملية "طوفان الأقصى التي قامت بها حركة "حماس" في 7 تشرين الأول من العام الماضي، مع علمها المسبق أن "حزب الله" بما لا يزال يمتلكه من صواريخ بعيدة المدى قادر على استهداف هذه المستوطنات حتى ولو تراجعت عناصره إلى شمال الليطاني. إلاّ أن هذا الأمر لا يشكّل بالنسبة إلى القيادة العسكرية في تل أبيب مشكلة حقيقية، لأن إعادة المستوطنين إلى الشمال الإسرائيلي تفرض، وفق النظرية العسكرية الإسرائيلية، أن يكون الجزء الجنوبي من لبنان المحاذي للخط الأزرق خاليًا من المسلحين وحتى من الأهالي. وهذا هو التفسير الوحيد لعملية التدمير المبرمج والممنهج لهذه القرى، وذلك بالتزامن مع قصف لا يقّل حدّة للقرى الخلفية، والتي لها رمزيتها التاريخية في وجدان أهالي جبل عامل كالنبطية وبنت جبيل وصور والقرى المحيطة بهذه المحاور الجنوبية، فضلًا عن استهداف مناطق بقاعية لها رمزيتها التاريخية أيضًا كبعلبك وقرى قضائها، وذلك بحجّة أن القرى المستهدفة تشكّل خزانًا بشريًا لـ "المقاومة" وفيها مخازن للسلاح المتوسط والثقيل.
ولا يستبعد هؤلاء المراقبون أن يكون هدف إسرائيل من وراء تهجير ما يقارب المليون وثلاثمئة شيعي من قراهم الجنوبية والبقاعية ومن الضاحية الجنوبية لبيروت إلى المناطق، التي لا تزال في منأى عن القصف اليومي في الجبل بكل أقضيته والشمال. ومن دون هذا التهجير لن تكتمل حلقات ما اصطُلح على تسميته "مؤامرة"، وذلك انطلاقًا من نظرية لبنانية قائمة على الأمثال الشعبية، والتي يقول إحداها "بعود تحبك وقرّب تسبّك".
ولكي لا يُفسّر أي كلام يمكن أن يُقال في مجال الواقع التهجيري على غير مقصده فإنه لا بد من المسارعة إلى التأكيد أن لا نيّة لأي طرف، سواء أكان مهجّرًا أو مستضيفًا، الانزلاق إلى ما يُخطّط له في الخارج من "تشجيع" على فتنة يبدي كثيرون خشيتهم من وقوعها على خلفية طبقية وليس طائفية كما يحلو للبعض تسميتها. لكن هذا الحرص الذي يبديه الجميع على السلم الأهلي لا يعني عدم وجود بعض المشاكل الفردية، التي تتمّ معالجتها سريعا سواء عن طريقة "تبويس اللحى" التي تقوم بها أحزاب مناطق الايواء أو الاستضافة، أو عبر الاستعانة بالجيش في حال لم تمشِ سياسة "إزرعها بدقني".
فمهما طالت الحرب، وهي طويلة، ستنتهي في يوم من الأيام. ولكن على المعنيين البدء بالتفكير اليوم قبل الغد بما يمكن القيام به في اليوم التالي، وبالتحديد في ما يتعلق بعلاقة اللبنانيين بين بعضهم البعض. فالمطلوب من الجميع ترتيب الأولويات بدءًا بانتخاب رئيس للجمهورية وانتهاء بقرار الحرب والسلم وخطة الدفاع الاستراتيجية، فضلًا عن مناقشة كل "كبيرة" وكل "صغيرة" التي تجعل التقارب اللبناني – اللبناني مشوبًا بالحذر الدائم. المصدر: خاص "لبنان 24"