توفر مصادر دولارية| خبراء: مصر أسرع وجهات خدمات التعهيد نموا فى العالم
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
تحظى صناعة "التعهيد" في مصر بدعم حكومي كبير، ويمتد هذا الدعم إلى أكثر من عقدين من الزمن، حيث تقوم الحكومة المصرية بتعزيز الجهود في هذه الصناعة، وتحرص على تنميتها من خلال وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فيما تتولى هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات "إيتيدا" رعاية هذه الصناعة من خلال التعرف على احتياجاتها وتلبيتها، وتوفير الكوادر المؤهلة للعمل فيها، والترويج لمقوماتها خارجياً.
لم تتوقف الجهود عند هذا الحد، إذ أطلقت مصر استراتيجيتها الرقمية لصناعة التعهيد 2022-2026 بهدف مضاعفة حجم الصادرات المصرية من منتجات وخدمات تكنولوجيا المعلومات العابرة للحدود، حيث تلحظ هذه الاستراتيجية تقديم حزمة حوافز جديدة لجذب الاستثمارات والتوسع في ما هو قائم منها بالفعل، فضلاً عن تمكين الشركات المحلية وتشجيع إنشاء أعمال جديدة، وتعزيز تنافسية مصر في مجالات البحث والتطوير وخدمات القيمة المضافة، على النحو الذي يسهم في تسريع نمو اقتصاد المعرفة.
يُقصد بـ"التعهيد" استخدام واستئجار كفاءات وقوى وأفراد ووسائل وخدمات من مؤسسات أو شركات أو جهات ثالثة "خارج النطاق الجغرافي للبلد"، وهي طريقة جديدة لتقسيم العمل وتوفير المال والطاقة والوقت في مختلف قطاعات الحياة الاقتصادية وغير الاقتصادية، وذلك بإعطاء الجهة الثالثة المستعان بها الثقة ومهام ووظائف ومسؤوليات وصلاحيات وهيكليات معينة، وأنشطة كانت عادة تقوم بها "ذاتياً وتؤديها داخلياً الجهة المستعينة.
مزيد من النمو
نجحت "إيتيدا" من خلال الترويج للحوافز الاستثمارية المقدمة في إطار الاستراتيجية، في تحقيق المزيد من النمو في صناعة التعهيد في مصر، بما يشمل التوقيع مع 48 شركة خلال عام 2022 لإقامة مراكز تعهيد أو التوسع في مراكزها، وبعدد إجمالي وصل إلى 56 مركزاً.
قال وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عمرو طلعت إن صادرات صناعة التعهيد يُتوقع أن تصل إلى 9 مليارات دولار بحلول عام 2026. كما ستوفر هذه الصناعة فرص عمل كثيفة للشباب المصري في مختلف مجالات تكنولوجيا المعلومات ليصل عدد المتخصصين في هذا المجال إلى 550 ألفاً في العام ذاته.
مصدر مسؤول في قطاع تكنولوجيا المعلومات المصري قال لـ"الشرق" طالباً عدم الإفصاح عن هويته، إن قيمة صادرات خدمات التعهيد يُتوقع أن تتجاوز 9 مليارات دولار بنهاية 2026، خصوصاً أن العديد من مصنعي الإلكترونيات يعتزمون إنشاء مصانع لهم في مصر، على غرار شركة "سامسونغ" التي أعلنت مؤخراً عن توسيع استثماراتها وإنشاء مصنع جديد للهاتف المحمول في البلاد.
مصدر للعملة الأجنبية
تعتبر صناعة التعهيد في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أحد أهم مصادر التصدير والعملة الصعبة الرئيسية في القطاع. وتعد مصر من بين أسرع وجهات خدمات التعهيد نمواً فى العالم، ومركزاً رئيسياً لتقديم خدمات التعهيد يدعم نمو أعمال المئات من الشركات العالمية. وتحتضن مصر اليوم أكثر من 150 مركزاً لتصدير هذه الخدمات، من بينها مراكز عالمية.
كما تشغل مصر المرتبة الأولى على مستوى أفريقيا والمرتبة الثانية عريباً و23 عالمياً في هذا المجال، وفقاً لمؤشر "مواقع الخدمات العالمية" الصادر عن مؤسسة "كيرني" الاستشارية العالمية لعام 2023. وهي تأتي بين قائمة أفضل 5 دول تقدم خدمات التعهيد بحسب تصنيف شركة "رايَن" للاستشارات الاستراتيجية، والتي أكدت في تقرير حديث أن مصر قادرة على تعزيز مكانتها كمنافس عالمي في خدمات تعهيد الأعمال (BPO)، مع خبرتها التي تمتد لأكثر من 20 عاماً في هذه الصناعة.
تطورت هذه الصناعة بشكل كبير في مصر حيث بدأت الحكومة المصرية في بادئ الأمر بالتركيز على خدمات تعهيد العمليات التجارية ومراكز الاتصال وخدمات تكنولوجيا المعلومات والدعم الفني. ثم وجهت الحكومة أنظارها نحو تعزيز مكانة مصر في مجالات تصدير خدمات القيمة المضافة وخدمات المعرفة والبحث والتطوير وتصميم الإلكترونيات والأنظمة المدمجة.
مواهب وكفاءات
يستفيد هذا القطاع بشكل رئيسي من وجود مواهب وكفاءات عالية تجيد لغات مُتعددة، في وقت ينضم فيه إلى القوى العاملة أكثر من 600 ألف خريج سنوياً في العديد من التخصصات، جزء كبير منهم حاصلون على شهادات في اختصاصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
زاد حجم الصادرات الرقمية في مصر من 3.2 مليار دولار في عام 2017 إلى 4.9 مليار في 2022. لقد "بات التعهيد من أهم الصناعات التصديرية الخدمية لمصر.. فهو لا يحتاج إلى مدخلات صناعة بل يقوم فقط على الكفاءات البشرية" بحسب رامي كاطو، المدير العام السابق والمدير الدولي لقطاع خدمة العملاء في "فودافون للخدمات الدولية مصر".
قال كاطو لـ"الشرق" إن نسب النمو المتوقعة لهذه الصناعة ستتجاوز 15% ما بين عامي 2023 و2024. وأضاف: "لدينا في مصر عدد كبير من الخريجين سنوياً" ومن الضروري إيجاد خريجين على مستوى تأهيلي جيد يسمح بإتاحة هذه الخدمات بجودة عالية، وهذا ما ركزت عليه الحكومة في مصر خلال الفترة الماضية، من خلال مبادرات وتدريب وتأهيل الخريجين عبر (إيتيدا).
كاطو أشار إلى أن ضعف الجنيه المصري سيسهم في جذب عملاء جدد من أماكن متعددة لمنافسة أسواق أخرى، موضحاً أن مصر تنافس حالياً الهند والفلبين، وهي تتميز بأسعار أقل بنسبة تتراوح بين 10% و15% مقارنة بجنوب أفريقيا.
مستقبل واعد
من جانبه قال أحمد أبو العز، الرئيس التنفيذي لشركة "راية لخدمات مراكز الاتصالات" (RAYA CX)، وهي إحدى شركات "راية القابضة للاستثمارات المالية"، إن مستقبل صناعة التعهيد في مصر "مشرق" نظراً لتمتعها بالعديد من المزايا التي تجعلها وجهة جذابة لشركات التعهيد العالمية. ويشمل ذلك برأيه، تكلفة العمالة المنخفضة، "إذ تعد مصر واحدة من أقل الدول في العالم من حيث تكلفة العمالة الماهرة".
نوّه أيضاً بوجود مزايا أخرى تتيحها البنية التحتية التكنولوجية المتطورة، بما في ذلك شبكات الإنترنت السريعة، ومراكز البيانات الحديثة، والموقع الجغرافي الذي يسمح لمصر بأن تكون مركزاً تجارياً عالمياً.
أضاف أبو العز في حديثه إلى "الشرق": "مع وجود كل هذه المزايا، يُتوقع أن تصبح مصر مركزاً عالمياً لصناعة التعهيد، حيث تقدم مجموعة واسعة من الخدمات لأسواق مختلفة حول العالم".
تشمل هذه الأسواق بحسب أبو العز، الأسواق الأوروبية والأميركية، فضلاً عن أسواق الشرق الأوسط والخليج العربى وشمال أفريقيا. وقال: "هناك مقترحات يمكن أن تزيد من زخم النمو في صناعة التعهيد المحلية، على رأسها تعزيز الابتكار من خلال الاستثمار في البحث والتطوير والتعليم، وتطوير الكوادر البشرية عبر توفير التدريب وبرامج التأهيل للعمالة الماهرة، وكذلك تحسين البنية التحتية من خلال تطوير الاتصالات والنقل والخدمات اللوجستية".
يتوقع أبو العز أن تسجل هذه الصناعة نمواً بنسبة 20% في مصر خلال 2024، بدعم من زيادة الطلب على خدمات التعهيد من قِبل الشركات في جميع أنحاء العالم، لما لذلك من خفض في التكاليف وزيادة في الكفاءة. لكنّه حذّر من احتمال تأثر القطاع بعوامل اقتصادية وسياسية، وأن تؤدي الاضطرابات السياسية في المنطقة والعالم إلى عرقلة النمو.
تحولات متسارعة
تتميز صناعة التعهيد في مصر بتاريخ طويل نسبياً. فشركة "أورنج بيزنس" مثلاً تعمل في هذا المجال منذ عام 2003، ولديها من الموارد البشرية اليوم ما يصل إلى 3 آلاف من الكفاءات المتخصصة في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات والخدمات. إلا أن التحولات المتسارعة باتت تفرض تحديات كبيرة.
قال حسين بوعمراوي، مدير عام الشركة لـ"الشرق": "يخضع هذا القطاع حالياً لتغييرات سريعة وجوهرية، يتحول معها نموذج أعمالنا من كوننا مزودين للخدمات فقط، إلى شركة متخصصة في التحول الرقمي باختلاف خدماته". وأضاف: "لا بد للحكومة والقطاع الخاص من التركيز على هذا المجال أكثر من ذي قبل للمحافظة على الميزة التنافسية وجذب الاستثمارات الكبيرة، لا سيما في مجالات الخدمات السحابية والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي وإدارة البيانات.. هذا يفتح أمامنا فرص نمو كبيرة".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: صناعة التعهيد الاتصالات و تكنولوجيا المعلومات اقتصاد المعرفة صناعة التعهيد في مصر تکنولوجیا المعلومات صناعة التعهید فی خدمات التعهید هذه الصناعة هذا المجال أبو العز من خلال أکثر من فی مصر
إقرأ أيضاً:
بمشاركة ممثلين عن 48 دولة.. انطلاق منتدى الحوار المفتوح في موسكو لرسم ملامح الاقتصاد العالمي الجديد
روسيا – انطلق مساء الاثنين في مركز “روسيا” الوطني بموسكو منتدى الحوار المفتوح تحت عنوان “مستقبل العالم. منصة جديدة للنمو العالمي”، لمناقشة التحديات الاقتصادية التي يواجهها العالم.
ومن 28 وإلى 30 أبريل 2025، سيناقش المشاركون آفاق تطور الاقتصاد العالمي وتأثير التغيرات الراهنة على حياة ورفاهية البشر، استنادا إلى قرابة 700 مقال قدمها خبراء وعلماء من مختلف أنحاء العالم.
ويهدف مركز “روسيا” من خلال هذا الحدث تأسيس منصة لمناقشة وبحث آفاق نمو الاقتصاد العالمي حيث يشارك في المنتدى ممثلون من 48 دولة، بينهم خبراء من مراكز بحثية رائدة، ومؤسسات تنموية، وجامعات، ومنظمات شبابية، بالإضافة إلى مسؤولين حكوميين ورجال أعمال.
وبمناسبة إطلاق منتدى الحوار المفتوح، قال نائب رئيس الإدارة الرئاسية الروسية مكسيم أوريشكين: “ننظم لأول مرة حدثا دوليا مفتوحا بهذا الشكل. سنناقش معا أفكارا جديدة، ونصمم مشاريع مبتكرة، ثم ننفذها لصالح بلداننا وخير البشرية جمعاء. أهلا بكم في موسكو!”.
مشاركون في منتدى “الحوار المفتوح” في موسكووفي إطار التحضيرات للفعالية، دعا المنظمون المشاركين لتقديم أفكارهم حول استدامة نمو الاقتصاد العالمي على شكل مقالات على أن تركز المقالات على أحد المحاور الأربعة: “الاستثمار في الإنسان”، “الاستثمار في التكنولوجيا”، “الاستثمار في البيئة”، أو “الاستثمار في الترابط”. ويمكن تقديم المقالات بأي لغة.
والهدف الرئيسي للمقالات هو توضيح كيف يمكن للتغيرات العالمية طويلة الأمد أن تؤثر على حياة الأفراد ورفاهيتهم في العالم.
وقال أوريشكين بهذا الصدد: “تلقينا حوالي 700 مقالة من أكثر من 100 دولة. قدم أشخاص من مختلف القارات أفكارهم حول المشاريع المبتكرة التي يجب تنفيذها لدفع العالم نحو الأمام”.
واللافت أن مقالات لمشاركين من المكسيك وسلطنة عمان والصين وإيطاليا تصدرت قائمة المشاركين الأجانب، فيما سجلت المقالات من روسيا أعلى عدد، بحسب ما أوضحته المديرة العامة لمركز “روسيا” الوطني ناتاليا فيرتووزوفا.
وعن مواضيع المقالات، ذكرت فيرتووزوفا أن “غالبية المقالات ركزت على الاستثمار في الإنسان مثل إمكانية الحصول على التعليم والحفاظ على الهوية الوطنية، أما فيما يخص التكنولوجيا، فقد كان الذكاء الاصطناعي المحور الرئيسي. وفي موضوع العلاقات الدولية، تناولت معظم المقالات التجارة الدولية، بينما كتب المشاركون من الدول الصغيرة عن أهمية الوصول إلى المعلومات الموثوقة. أما مقالات الاستثمار في البيئة، فقد ناقشت مستقبل المدن”.
مشاركون في منتدى “الحوار المفتوح” في موسكويذكر أن المشاركين كتبوا مقالاتهم بـ 18 لغة مختلفة، بما فيها البشتوية والملغاشية والصربية واليونانية. وتمت دعوة أكثر من 100 كاتب لحضور الحوار بشكل شخصي في موسكو بعد عملية الفرز.
وأكد الرئيس التنفيذي لمؤسسة “تانسسي” من البرازيل روديجر تياجو أن “الحوار المفتوح منصة مهمة، خاصة لدول “بريكس” لمناقشة آفاق التعاون والمبادرات التكنولوجية. إنها فرصة للتواصل مع خبراء جدد وتبادل الخبرات وإيجاد سبل للتنمية المشتركة”.
وأعرب مؤسس منظمة “Tools for the Commons” البرازيلية هوغو ماتيكوفيتش، عن رأي مماثل، وقال إن “الفعالية تتيح للمشاركين “التعلم من بعضهم البعض وبناء تعاون مشترك”.
وأضاف ماتيكوفيتش: “نحن سعداء جدا بحضور ممثلين من دول مختلفة لتبادل الخبرات والآراء.. أنا منبهر بمستوى التكنولوجيا والمعرفة التقنية في روسيا، وأعتقد أنها ستلعب دورا مهما في المستقبل”.
يمكن متابعة سير الفعالية من خلال زيارة الموقع الرسمي: russia.ru، واللافت أن الحوار متاح باللغات الروسية والإنجليزية والصينية والعربية والبرتغالية.
وعن برنامج المنتدى فقد خصص اليوم الأول لعروض تقديمية للمشاركين، بينما يشمل اليوم الثاني (29 أبريل 2025) جلسات نقاش مع خبراء عالميين.
وأكد المنظمون أن “هذا الحوار المفتوح فريد من نوعه. في ظل بناء واقع اقتصادي جديد، دعونا الخبراء والاقتصاديين والصحفيين ورواد الأعمال والطلاب لتقديم فرضياتهم وأفكارهم وأبحاثهم العلمية. كل من يهتم بالازدهار والتعاون المبني على المساواة والاحترام المتبادل لصالح البشرية”.
وسيتم تلخيص وجمع نتائج الحوار في تقرير ختامي يشمل جميع الأفكار والفرضيات المطروحة، بالإضافة إلى آراء الخبراء.
المصدر: RT