تجدد المعارك في السودان وقصف مدفعي وجوي يهز الخرطوم وتقدم الجيش بأم درمان
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
واصل الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" تصعيد عملياتهما العسكرية بضراوة حول محيط القيادة العامة للقوات المسلحة وسلاح المدرعات بوسط وجنوب الخرطوم، إذ تبادل الطرفان القصف المدفعي، فضلاً عن استخدام المسيرات، مما أحدث دوي انفجارات تصاعد على إثرها أعمدة الدخان في سماء مناطق متفرقة من العاصمة السودانية.
ورصد شهود قصفاً مدفعياً عنيفاً ومتتابعاً من "قوات الدعم السريع" المتمركزة بشرق وجنوب الخرطوم، استهدف محيط القيادة العامة للجيش وسط العاصمة، فيما سمع دوي قصف متواصل لساعات من ناحية أحياء شرق العاصمة من جهة جسر المنشية وبري والرياض، إضافة إلى أصوات إطلاق نار متقطع.
كما شن الجيش غارات جوية على مواقع وتجمعات "الدعم السريع" قرب محيط سلاح المدرعات، بخاصة أحياء الشجرة والنزهة والصحافة.
وفي أم درمان أشارت مصادر عسكرية إلى تقدم الجيش عبر خمسة محاور تبدأ من قاعدتي وادي سيدنا، وكرري شمال المدينة، وتنتهي بسلاح المهندسين جنوباً، في وقت يسيطر فيه على طرق رئيسة هي شارع النيل والوادي والشنقيطي والصناعات والعرضة.
ونوهت المصادر إلى أن الجيش صوب مدفعيته أمس الأربعاء، باتجاه أحياء أم درمان القديمة، ومقر الإذاعة والتلفزيون، ومنطقة الصالحة أقصى جنوب المدينة، حيث مواقع تمركزات "قوات الدعم السريع"، مشيرة إلى حدوث اشتباكات برية بين طرفي الصراع حول منطقة السوق الشعبي غرب أم درمان.
وفي الخرطوم بحري، خاض الجيش معارك عنيفة مع "قوات الدعم السريع" في منطقة الكدرو الواقعة أقصى شمال المدينة، فيما أطلقت الأخيرة صواريخ مدفعية عدة من منصاتها بجنوب وشرق ووسط العاصمة باتجاه سلاح الإشارة جنوب بحري.
ولفت مواطنون بعدد من أحياء العاصمة، إلى تصاعد وتيرة القتال خلال الفترات الصباحية وانخفاضه في وقت الظهيرة، ليعود الجيش لاستخدام الطيران الحربي، و"الدعم السريع" إلى إطلاق مدفعيته مساء، فضلاً عن استخدام الطرفين للمسيرات.
على الجانب الإنساني، ما زال سكان جنوب أم درمان، خصوصاً منطقة الفتيحاب والمربعات القريبة من سلاح المهندسين يعيشون وضعاً مأسوياً بسبب نقص الغذاء وانقطاع خدمتي الكهرباء والمياه لأكثر من ثلاثة أشهر، في وقت ظلوا يطالبون بفتح مسارات آمنة للخروج من هذه المنطقة الملتهبة التي تشهد حصاراً عسكرياً ضارباً.
أما في الخرطوم فتعمل السوق المركزية والمحال التجارية داخل الأحياء خصوصاً الجنوبية بشكل جزئي، كما يعمل عدد من المخابز لساعات محدودة لتغطية حاجة الأسر الموجودة من الخبز، لكن تشهد هذه الأحياء فقداناً تاماً لغاز الطهي منذ أكثر من أربعة أشهر، مما قاد الأسر إلى استخدام أغصان الأشجار كبديل، في وقت يعاني فيه معظم الأطفال سوء التغذية وانعدام الرعاية الصحية.
أما الخرطوم بحري فشبه خالية من السكان بسبب انقطاع الكهرباء والمياه منذ بدء القتال في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، وغدت مسرحاً للعمليات العسكرية
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
السودان: قصة ناجٍ من الموت بين مطرقة الدعم السريع وسندان الجيش
“تم تعذيبي من قبل الدعم السريع بالسياط بواقع 250 جلدة بحجة تعاوني مع الجيش، وكسروا أصابعي. وعند سيطرة الجيش على الكدرو، اتهمني أفراد القوات المسلحة السودانية بتبعيتي للمعسكر الآخر وكادوا أن يقوموا بتصفيتي، ونجوت بأعجوبة”.
الخرطوم: التغيير
بهذه الكلمات، ابتدر أشرف محمد خير حديثه لـ (التغيير) بعد شهور من التعذيب والاتهامات التي قضاها في ضاحية الكدرو بالخرطوم بحري. أشرف، الذي ظهر في مقطع فيديو متداول قبل فترة، بدا هو وأفراد أسرته في حالة صحية حرجة، حيث برزت عظامهم من فرط الجوع.
يحكي محمد خير مأساته التي بدأت في 24 أبريل 2024، عقب دخول الدعم السريع منطقة الكدرو، كاشفًا أنه تم اتهامه بالتعاون مع الجيش وجرى تعذيبه حتى كُسرت أصابعه، وفرضت عليه الإقامة الجبرية في منزله.
إقامة جبريةمكث أشرف في الإقامة الجبرية حتى دخول الجيش في سبتمبر 2024. وبعد سيطرة القوات المسلحة على المنطقة، تنفس أشرف الصعداء وجرى إسعافه بمستشفى أم درمان، حيث خضع لفحوصات عامة كشفت عن ضعف حاد وفقدان جزئي للنظر.
يقول أشرف محمد خير لـ (التغيير): “خلال الفترة الأولى من دخول الدعم السريع، انعدمت الخدمات. كنت أضطر للمشي لمدة ساعتين لأجد أقرب سوق أبتاع منه المستلزمات. في إحدى المرات، استيقظت عقب صلاة الفجر قاصدًا منطقة السامراب وأنا أحمل بعض القمح، لأتفاجأ بأن الطاحونة لا تعمل بسبب انقطاع الكهرباء. عدت بخفي حنين وقطعت ذات المسافة في ساعتين”.
وأضاف: “كان أفراد الدعم السريع يزورونني بين الحين والآخر برفقة أسرتي ويوزعون لنا بعض الزيت والدقيق والبصل”.
وتابع: “بعد دخول الجيش، كاد أفراده أن يقوموا بتصفيتي بعد اتهامي بأنني (دعم سريع)، وفي لحظة خاطفة سحب جندي سلاحه وصوّبه نحو رأسي، لكن القائد تدخل وأمر بالتحري أولًا”.
واردف: “مكثت ثلاث ساعات تحت رحمة الجنود حتى تأكدوا من هويتي، ونجوت بأعجوبة. بعض الأهل فقدوا الاتصال بي وبأسرتي واعتقدوا أننا في عداد الأموات. كانت تجربة قاسية ومريرة”.
انعدام العلاجوأشار أشرف إلى أن والدته لم تتلقَّ علاجاتها خلال تلك الفترة، وهي تعاني من مشاكل في القلب، ولم تحصل على أدوية تنظيم ضربات القلب، أو أدوية الغدة، أو قطرات العيون لمدة خمسة أشهر، حتى تم إسعافها بالفيتامينات والمحاليل الوريدية.
وكشف محمد خير أنهم عاشوا بدون كهرباء أو ماء خلال تلك الفترة. وأضاف: “كنت أرتدي قميصًا واحدًا طوال هذه الفترة لأن أفراد الدعم السريع أمروني بعدم تبديله حتى يتسنى لهم التعرف عليّ”.
وتابع: “بعد جلدي 250 جلدة وتعذيبي، فقدت الوعي مما جعلهم يهربون ويتركونني مغمًى عليّ لمدة يومين. كنت مقيدًا من رجلي ومعصوب العينين”.
وختم حديثه بالقول: “لا زلنا في منطقة الكدرو ببحري، حيث توافدت بعض الأسر وبدأت الحياة تعود لطبيعتها تدريجيًا، لكن ما عايشته من آلام ومآسٍ لن يُمحى من ذاكرتي”.
الوسومآثار الحرب في السودان الكدرو انتهاكات الجيش السوداني انتهاكات الدعم السريع ولاية الخرطوم