من انتصر في جلسة التمديد للقادة الأمنيين؟
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
سمعت مؤخرًا مثلًا اسبانيًا أعجبني كثيرًا لأنه ينطبق على الواقع الذي يعيشه اللبنانيون اليوم، وهم منقسمون أفقيًا وعموديًا حتى في الأمور المفترض ألا تكون مثار جدل، إضافة إلى أن الناس في وادٍ ومن هم مسؤولون عن أزماتهم في وادٍ آخر، ولكل منهم تفكيره، وهم لا يلتقون على تحديد الأسباب التي أوصلت لبنان إلى ما وصل إليه من حال يُرثى لها.
يقول المثل إن لكل من الحمار والراكب عليه رأيين مختلفين في ما له علاقة بوجهة السير. فالحمار يريد أن يسير بعكس الوجهة التي يريدها صاحبه، فيتسمّر بمكانه ويرفض السير إلاّ وفق ما يحلو له. ولذلك يُعتقد أنه أُطلق عليه لقب "عنيد".
وقد أُسأل عن علاقة هذا المثل بما عليه الوضع في لبنان، وإن كان التشبيه فيه بعض التقليل من قيمة اللبناني، الذي يرفض في الأساس أن يمتطي أحد، أيًّا كان، على ظهره لكي يصل إلى مبتغاه، على رغم كل الظروف المعيشية التي يمرّ بها، وإن كان في أغلب الأوقات يقف على خاطر هذا المسؤول أو ذاك الزعيم لكي يحصل على وظيفة له أو لأحد أبنائه، أو للتوسط له لكي يستطيع أن يُدخل مريضًا إلى مستشفى.
وقد ينطبق هذا المثل على علاقة اللبنانيين مع بعض الدول، التي تحاول أن تفرض عليه ما هم غير مقتنعين به ويرفضونه لألف سبب وسبب، وقد أتى كلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في "المنتدى العالمي للاجئين في جنيف" في هذا السياق معبّرًا عن رفض جميع اللبنانيين "البقاء مكتوفي الأيدي ونتلقى الأزمات المتتالية وأن يعتبرنا البعض مشاريع أوطان بديلة، بل سننقذ وطننا وسنحصّن أنفسنا لأننا أصحاب الحق أولًا وأخيرًا في العيش في وطننا بعزة وكرامة".
كثيرة هي المحاولات، التي لم تنجح في فرض إرادة الخارج على اللبنانيين. ولو خضعوا عبر تاريخهم القديم والحديث لما كان مشروع "لبنان الكبير" قد أبصر النور، ولكان مشروع تهجير المسيحيين من أرضهم، وهم الذين رفضوا الإغراءات التي عُرضت عليهم، قد تحقّق، خصوصًا أن البواخر كانت تنتظرهم في البحر. صمدوا ورفضوا أن يكون لبنانهم وطنًا بديلًا لأي كان.
غالبًا ما تكون مصالح الدول على غير ما تتطّلع إليه الشعوب، وهي بالطبع غير ما يسعى إليه بعض الحكّام. ولذلك تقوم الثورات، وينزل الناس إلى الشوارع للتعبير عن رفضهم كل ما يتعارض ومصلحة بلدهم، وكل ما يرونه مخالفًا لأصول التعاطي الأخلاقي المفترض أن يسود بين الحكّام أو المسؤولين وبين المواطنين.
فالثورات في العالم حقّقت ما لم تستطع مختلف الأنظمة المعمول بها أن تقدّمه لشعوبها. الأمثلة كثيرة، ومن بينها ما يتعلق بنا في لبنان "ثورة الفلاحين"، التي خيضت ضد الاقطاع. أمّا ما سمي أخيرًا "ثورة 17 تشرين" فلم تحقّق ما كان يؤمل منها. الوضع السيئ ازداد سوءًا. من كان فقيرًا لا يزال يئن ولا من سميع. لم يتغيّر شيء مما كان يجب تغيّره، لا في الذهنية ولا في الممارسة. وأكبر دليل على أننا لا نزال نراوح مكاننا، إن لم نكن قد تراجعنا خطوات ضوئية إلى الوراء، أن بعض الذين أوصلنا أداؤهم السيئ إلى ما وصلنا إليه من "فقر حال" لا يزال صوتهم مسموعًا، وهم متكافلون ومتضامنون على إبقائنا في قعر الحفرة.
ولكن وعلى رغم ما نشهده من فقاعات صابون لا نزال مصممين على رفض الموت البطيء. يكفي أن الناس المغلوب على أمرهم مصرّون على أن تكون أعيادنا المشتركة فسحة أمل، على أن ينضم هذا المثل الاسباني إلى غيره من الأمثلة اللبنانية الموروثة من حقبة الحكم العثماني الآيلة إلى الزوال، ولو بعد حين.
وقبل الدخول في "فراغ" العيد استعاد مجلس النواب دوره في إطار الأدوار التكاملية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. وما أقرّه المجلس في جلسة الأمس هو مهمّ وأساسي لانتظام العمل المؤسساتي والحفاظ على الاستقرار العام، ولكنه يبقى ناقصًا في ضوء الاستمرار في تغييب موقع رئاسة الجمهورية. فمن انتصر أمس هو ما تبّقى من وحدة موقف يمكن التعويل عليها لمراحل لاحقة على وقع ما يحصل في غزة والجنوب. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
التمديد الثاني لقائد الجيش يمرّ باقتراح قانون غدا والتيار على موقفه: لن نحضر...
كتب كمال ذبيان في" الديار": تتزاحم اقتراحات القوانين حول التمديد والتي بلغت الستة، تقدمت بها كتل نيابية ونواب، وكل منها، يرى التمديد من وجهة نظر مختلفة عن الآخر، وان كانت تنطلق من التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون وللمرة الثانية، في ظل عدم انتخاب رئيس للجمهورية منذ اكثر من عامين، وحصول شلل في المؤسسات الدستورية.
فالدعوة الى جلسة تشريعية دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري غداً الخميس، وعلى جدول اعمالها سبعة اقتراحات قوانين من بينها، التمديد لقائد الجيش، الذي ناله العام الماضي ولمدة سنة واحدة، وحصل عليه معه المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، ولم يشمل قادة اجهزة امنية اخرى، لم يحن وقت احالتهم الى التقاعد كالمدير العام بالانابة للامن العام اللواء الياس البيسري والمدير العام لامن الدولة اللواء طوني صليبا.
والتمديد الثاني لقائد الجيش سيحصل، وهو يحظى بتأييد لبناني، كيلا يحصل فراغ في قيادة الجيش، مع عدم توقيع وزير الدفاع موريس سليم لمرسوم تعيين رئيس الاركان اللواء حسان عوده، الذي كان تلقائيا وقانونياً يحل مكان قائد الجيش في حال تقاعده او سفره، وهذا ما فرض العودة الثانية للتمديد للعماد عون وباقتراح قدمته كتلة "الجمهورية القوية" لنواب "القوات اللبنانية"، التي حصرت التمديد بقائد الجيش، لكن كتلا اخرى تقدمت باقتراحات تؤيد التمديد لقائد الجيش على ان يشمل هذه المرة كل قادة الاجهزة الامنية، كما في اقتراح "كتلة الاعتدال الوطني"، التي تقول مصادرها، انها متمسكة به، وهي منفتحة على النقاش حول اقتراحات اخرى.
فكتلة "لبنان القوي" التي يرأسها النائب جبران باسيل، ونقص عدد نوابها الى حوالى العشرة، لن تحضر الجلسة النيابية التي سيطرح فيها التمديد لقائد الجيش، وهي على موقفها الثابت الذي اخذته في التمديد الاول يقول عضو الكتلة النائب غسان عطاالله لـ "الديار"، لان هذا الموضوع ليس من اختصاص مجلس النواب بل الحكومة، التي رمى رئيسها نجيب ميقاتي الكرة في ملعب مجلس النواب، الذي عليه ان يلتئم لانتخاب رئيس للجمهورية، ولا حاجة عندئذ الى التمديد، عندها تنتظم المؤسسات الدستورية وتقوم بعملها.
فالحل ليس بالتمديد سواء لقائد الجيش او غيره يقول عطاالله، بل باعتماد الآلية القانونية، التي تأتي بالموظف الاعلى رتبة، وهذا ما حصل في حاكمية مصرف لبنان باستلام نائب الحاكم الاول وسيم منصوري، بعد انتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة، وايضاً في الامن العام عند احالة المدير العام اللواء عباس ابراهيم للتقاعد، فحل مكانه اللواء الياس البيسري، وهو الاجراء الذي كان يجب ان يحصل في قيادة الجيش يقول عطاالله، الذي لا يخفي بانه سعى مع كتلته بان يوقع الوزير سليم مرسوم تعيين اللواء عوده رئيساً للاركان، وتم بحث هذا الموضوع مع وليد جنبلاط، الذي لم يكن ممانعاً، لكنه غير متحمس.
فموقف "التيار الوطني الحر" من معارضة التمديد لقائد الجيش، يربطه البعض بطموحات قائد الجيش برئاسة الجمهورية، وادائه غير المرغوب به من رئيس التيار باسيل، فان كتلاً نيابية تطالب بان يشمل التمديد كل موظفي القطاع العام كاقتراح "كتلة التوافق الوطني"، الذي تضم النواب فيصل كرامي وعدنان طرابلسي وطه ناجي وحسن مراد ومحمد يحيى، لان الفراغات ستشمل كل القطاعات العسكرية والامنية والقضائية والديبلوماسية والادراية، فلماذا حصرها بشخص او اكثر، تقول مصادرها، وفي قادة المؤسسات العسكرية والامنية، والتي يرغب النائب جميل السيد بان يكون التمديد لضباط من رتبة عميد وما فوق، وبعضهم يتسلم مسؤوليات اساسية في المؤسسة العسكرية.
وسبق لتكتل "اللقاء الديموقراطي" ان طرح باسمه النائب بلال عبدالله اقتراحات يرفع سن التقاعد لكل الموظفين في جميع الفئات والوظائف العامة دون استثناء، فيتساوى الجميع امام القانون، تقول مصادر في اللقاء الذي سيعرض اقتراحه، لكنه لن يقف حجر عثرة امام التمديد لقائد الجيش وغيره، وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية.
ولم تأخذ "كتلة التحرير والتنمية" قرارها بعد في الاقتراحات المقدمة، وهي ستتشاور مع بعضها في هذا الموضوع، وقد تعقد اجتماعاً لها برئاسة بري لتقرر توجهها، والذي ترى مصادرها ان يكون التمديد شاملاً لجميع القطاعات، واذا تم حصره بقادة الاجهزة الامنية والعسكرية ومن هو فيها.