جولة جديدة من مفاوضات سد النهضة.. هل تشهد انفراجة؟
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
تُجرى اليوم السبت، 16 ديسمبر، جولة جديدة من مفاوضات سد النهضة، تستضيفها العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بين مصر والسودان وإثيوبيا؛ بهدف الوصول إلى اتفاق بشأن تشغيل سد النهضة.
وكان وزير الموارد المائية الري، الدكتور هاني سويلم، قد أكد في بداية الشهر الجاري، أن هناك جولة جديدة من مفاوضات (سد النهضة) في أديس أبابا في أيام 16 و17 و18 ديسمبر 2023.
واتفق الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، على هامش قمة دول جوار السودان بالقاهرة، في يوليو الماضي، على الشروع في مفاوضات عاجلة للانتهاء من اتفاق ملء سد النهضة وقواعد تشغيله، كما اتفقا على بذل جميع الجهود الضرورية للانتهاء من الاتفاق خلال 4 أشهر.
وعُقدت خلال الأشهر الماضية 3 جولات تفاوضية في القاهرة وأديس أبابا، إلا أنها لم تشهد جديدا في ظل التعنت الإثيوبي، حسبما ذكر بيان سابق لوزارة الموارد المائية والري، التي أعربت عن أملها في أن يتحلى الجانب الإثيوبي في المفاوضات بالإرادة السياسية والجدية في الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل سد النهضة.
وبدأت إثيوبيا في أعمال الاستعدادات للتخزين الخامس والأخير نهاية أكتوبر الماضي بفتح بوابة التصريف الشرقية لتصريف المياه التي تتدفق أعلى الممر الأوسط بعد توقف التوربينين منتصف سبتمبر الماضي، إلا أن المياه ما زالت مستمرة أعلى الممر ما أدى إلى فتح بوابة التصريف الثانية لسرعة تجفيف الممر الأوسط، ويبلغ إجمالى التصريف اليومي حاليا نحو 70 مليون م3، وبالفعل انخفضت كمية المياه أعلى الممر وسوف تتوقف اليوم أو غدا"، وفق تصريحات الدكتور عباس شراقي أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة.
وأشار أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة إلى أنه فى ظل تعثر المفاوضات فإنه من المتوقع أن يتم الانتهاء من رفع الممر الأوسط وجانبي سد النهضة إلى المستوى الأخير خلال عدة أشهر، وقد يصل التخزين الخامس إلى 23 مليار م3 دفعة واحدة وأخيرة، كما حدث هذا العام بتخزين 24 مليار م3. وأكد الدكتور عباس شراقي أنه فى حالة تشغيل التوربينين أو أى توربين آخر من الإحدى عشر توربينا الجاري تركيب بعضهم فإن مياه التشغيل سوف تصل إلى السودان ثم مصر.
جدير بالذكر أن الخبراء يتوقعون أن تبدأ إثيوبيا في التخزين الخامس لسد النهضة بعد الانتهاء من أعمال الخرسانية لتعلية سد النهضة، بينما تقوم حاليًا بالشروع في تجفيف الممر الأوسط بمجرد توقف تدفق المياه أعلى الممر الأوسط.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سد النهضة مفاوضات أديس أبابا جولة جديدة تشغيل سد النهضة جولة جدیدة من مفاوضات الموارد المائیة الممر الأوسط أعلى الممر
إقرأ أيضاً:
عصام حجي يطرح حلا علميا لمشكلة سد النهضة المتفاقمة
في خطوة تهدف إلى حل النزاع المتصاعد حول مياه نهر النيل بين مصر وإثيوبيا والسودان، قدم فريق من الباحثين، بقيادة عصام حجي، إطارا علميا جديدا لإدارة تشغيل السدود الضخمة خلال فترات الجفاف الطويلة، في دراسة بدورية "كوميونيكيشنز إيرث آند إنفايرومنت" في التاسع من ديسمبر/كانون الأول 2024.
وتقدم الدراسة نموذجا عمليا لتقاسم مياه النيل وتشغيل السدود عليه بما يضمن توليد طاقة مستدامة مع تقليل العجز المائي في دول المصب.
صور أقمار صناعية من شركة "ماكسار" الأميركية تظهر عملية الإنشاءات الجارية والتعلية في سد النهضة لتجهيزه للتعبئة الرابعة (وكالات) التعريفات تبعثر الأوراقيُعد النزاع حول سد النهضة الإثيوبي واحدا من أكثر النزاعات تعقيدا في منطقة الشرق الأوسط وشرق أفريقيا. وينبع الخلاف من اعتماد مصر شبه الكامل على مياه النيل، حيث تُشكل مياه النيل 98% من مواردها المائية المتجددة، في حين تسعى إثيوبيا إلى استغلال السد لتوليد الطاقة الكهرومائية وتوفير الكهرباء لنحو 60% من سكانها.
وتُسلط الدراسة الضوء على ضرورة إعادة تعريف "الجفاف الممتد"، وهو المفهوم الذي تسبب في تعثر المفاوضات بين الدول الثلاث. ويُوضح عصام حجي أن التعريف الحالي للجفاف -الذي اختلفت عليه مصر وإثيوبيا- يعتمد على محصلة التدفق الثانوية من النيل الأزرق خلال عدد معين من السنوات.
إعلانويقول حجي في تصريحات للجزيرة نت "التعريف الحالي للجفاف الذي اختلفت عليه مصر وإثيوبيا يعتمد على محصلة التدفق الثانوية من النيل الأزرق أثناء عدد معين من السنين، حيث وافقت مصر على مقترح واشنطن الذي يُعرّف الجفاف بأنه "4 سنوات متتالية يكون فيها محصلة التدفق السنوي أقل من أو تساوي 39 مليار متر مكعب من المياه، في حين لم توافق إثيوبيا عليه واقترحت أن يكون التعريف "4 سنوات متتالية يكون فيها محصلة التدفق السنوي أقل من أو يساوي 35 مليار متر مكعب".
ولتجاوز هذا الخلاف، تقترح الدراسة تعريفا جديدا للجفاف الممتد، يعتمد على مستوى المياه في السد العالي بأسوان، حيث يُعتبر السد في حالة "جفاف ممتد" إذا انخفض منسوبه عن 165 مترا. ويُتيح هذا التعريف دمجا للتدفق من كل من النيل الأزرق والنيل الأبيض، مما يعكس الحالة الهيدرولوجية الكاملة لحوض النيل، التي تشير إلى التفاعل بين جميع العناصر المرتبطة بحركة المياه داخل حوض نهر النيل. ويشمل هذا المفهوم دراسة وتحليل العوامل الطبيعية والبشرية التي تؤثر على موارد المياه.
صورة الباحث عصام حجي خلال تقديم البحث هذا الأسبوع بالجمعية الأميركية لعلوم الأرض والفضاء بواشنطن (عصام حجي) مقترحات علمية تضيء الطريققدمت الدراسة مجموعة من السياسات التشغيلية المقترحة لإدارة السدود الضخمة على النيل خلال فترات الجفاف الممتد. وتشمل هذه السياسات 7 نماذج تشغيلية جرى تقييمها باستخدام بيانات تاريخية تمتد لأكثر من 100 عام، بالإضافة إلى محاكاة متعددة لاحتمالات التدفق في المستقبل. والهدف الرئيسي هو إيجاد سياسة تشغيلية تُوازن بين توليد الطاقة الكهربائية من سد النهضة وتقليل نقص المياه في مصر.
ويقول حجي: "تم تقييم فعالية كل سياسة بكل حيادية عن طريق تقييم المكاسب والخسائر لكلا الطرفين مصر وإثيوبيا عن طريق حساب قيمة الغيغاوات من الكهرباء بمتوسط سعرها الاستثماري في مصر وإثيوبيا لتقييم المكاسب أو الخسائر الناتجة عن العجز أو الزيادة من توليد الكهرباء من سد النهضة أو السد العالي، وحساب الخسائر الاقتصادية الناتجة عن العجز المائي لكل واحد مليار متر مكعب في دول المصب".
إعلانوتُظهر النتائج أن أفضل السياسات المقترحة تتيح لسد النهضة توليد 87% من الطاقة، دون التسبب في نقص كبير في منسوب المياه خلف السد العالي. ويُعد هذا مكسبا حقيقيا للطرفين، نظرا لأن السياسات السابقة كانت تميل إلى التضحية بمصالح طرف لصالح الطرف الآخر.
وتشير الدراسة إلى أن بعض السياسات قد تؤدي إلى انخفاض توليد الكهرباء في السد العالي بأسوان بنسبة تصل إلى 47%، مما يؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة. ومع ذلك، تُظهر النتائج أن السياسات التشغيلية المقترحة يمكن أن تقلل من هذه الخسائر بشكل كبير.
المصالح والتغير المناخي يتربصانقد يزيد تغير المناخ من تعقيد التحديات المتعلقة بتدفقات مياه النيل. فمع تصاعد حدة الجفاف وتغير أنماط الأمطار في مناطق المنبع، يصبح التعاون بين دول الحوض أكثر أهمية. وتنصح الدراسة بتبني سياسة تشغيل مرنة تعتمد على التنبؤات المناخية في الوقت الفعلي.
ويشرح حجي دوافع فريقه للعمل لتقديم حل علمي لمثل هذا النزاع في تصريح للجزيرة نت: "في مجال الطاقة تنشط مجموعات ضغط علمية مكونة من مستشارين لديهم شركات استشارية ينتمون إلى جامعات كبرى، يقدمون دراسات تصب في مصلحة الطرف الذي يتعاقد معهم مع التقليل من مصالح الطرف الآخر، وينشرون تلك الدراسات في مجلات كبيرة".
ويضيف حجي: "وهؤلاء يستخدمون نماذج محاكاة لعرض فقط منافع طرف مع تغييب أو التقليل من الأضرار على الأطراف الأخرى، مما يزيد من الاحتقان الذي بين الدول، وعدم الوصول إلى أي اتفاق، حيث يرى كل طرف مصالحه هو فقط، ويقلل من مصالح الطرف الآخر. لذلك لا بد من الاعتماد على الدراسات التي تقدم بيانات ونتائج بكل شفافية وتستخدم نماذج علمية حقيقية، التي تأخذ بعين الاعتبار اهتمامات جميع الأطراف ووضع خطط وسياسات التشغيل التي تصب في مصلحة الجميع".
وتوصي الدراسة بإنشاء إطار تعاوني بين دول حوض النيل لتحديد مفهوم موحد للجفاف الممتد، ومشاركة البيانات والمعلومات الهيدرولوجية بين الدول الثلاث لزيادة الشفافية. بالإضافة إلى اعتماد سياسات تشغيل ديناميكية للسدود يمكن تكييفها مع الظروف المناخية المتغيرة، وتطوير خطط تكيف مع تغير المناخ وتوظيف التكنولوجيا لتحسين كفاءة استخدام المياه.
من خلال إطار العمل المقترح في هذه الدراسة، يبدو أن هناك فرصة لإعادة صياغة العلاقة بين مصر وإثيوبيا والسودان، مستندين إلى معايير علمية موضوعية. ومع تزايد تأثيرات تغير المناخ على المنطقة، تظل الحاجة إلى حلول مستدامة أمرا ملحا. فهل يكون هذا المقترح بداية جديدة لحل النزاع؟ الأيام القادمة ستكشف مدى اهتمام الأطراف بهذه الرؤية الجديدة.
إعلان