لماذا ذكر يوم السبت والجمعة في القرآن بأسمائهما؟.. الشعراوي: بسبب 10 أسرار
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
لماذا ذكر يوم السبت والجمعة في القرآن الكريم ؟، لاشك أن هذا الاستفهام يفتح إحدى بوابات الأسرار عن يومي السبت والجمعة وكذلك عن القرآن الكريم وهو كلام الله تعالى الذي ينبغي تدبره وعدم الاستهانة به، وحيث إن هذين اليومين ذكرا في القرآن دون أرقام كبقية الأيام فهذا ما يزيد الفضول ويطرح السؤال عن لماذا ذكر يوم السبت والجمعة في القرآن الكريم دون بقية الأيام؟ لعل به نتهدي إلى ما علينا فعله في هذين اليومين لاغتنام فضائلهما.
قال الشيخ محمد متولي الشعراوي، إمام الدعاة وفارس اللغة العربية -رحمه الله -، عن حقيقة لماذا ذكر يوم السبت والجمعة في القرآن الكريم؟، إن يوم الجمعة ويوم السبت من الأيام التي ذكرت في القرآن الكريم، وهما اليومان الوحيدان في الأسبوع اللذان يحملان اسما مختلفًا، وليس من الأعداد مثل باقي أيام الأسبوع، ويتساءل البعض حول سر تسميتهما بأسماء مختلفة عن أسماء باقي الأسبوع.
وأوضح “ الشعراوي” أن الله خص يومي الجمعة والسبت بذكرهما صراحة في القرآن الكريم، منوهًا بأنه من الغريب في الأمر أنه عند النص على هذين اليومين فلم يدخلا في التسمية العددية كباقي الأيام "الأحد، الإثنين، الثلاثاء، الأربعاء، الخميس" فلم يرد ذلك وإنما ذكرا بنفس اسميهما دون تغيير لمواكبة أسماء أيام الأسبوع المرتبة بالعدد.
وأضاف أن يوم الجمعة هو العيد وهو يوم الاجتماع عند المسلمين فهو اليوم الذي اجتمع للكون نظام وجوده فهو اليوم السادس من الأيام الستة التي خلق فيها الكون، لذلك أخذ للمسلمين عيد يوم الجمعة فهو كما كان اجتماع كل الكون في هذا اليوم فليجتمع الناس فيه كذلك.
وأفاد بأنه ذكر يوم الجمعة في القرآن لعظمته، فهذا اليوم هو عيد المسلمين الأسبوعي، إلى جانب أنه يوم جامع لأبرز 5 أحداث في الدين الإسلامي، وهي: خلق آدم، أنزل إلى الأرض، وفيه توفى آدم، وفيه تقوم الساعة وخصه الله عز وجل بساعة إجابة لا ترد فيها للمؤمن دعوة»، وقد ذُكر يوم الجمعة في القرآن في قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ» (سورة الجمعة).
وتابع: أما يوم السبت فهو يفيد معنى القطع والسكون والفراغ من الشئ من حروفه "سبت" ويوم السبت حقا كانت كل الأعمال انتهت بعد انتهاء نظام الكون وتم الفراغ منه فناسب أنه يوم السكون والفراغ من كل شئ وكذلك سموا النوم "سبات"، مشيرًا إلى قصة يوم السبت في عهد النبي داوود - عليه السلام- شهد قضية مهمة تتعلق بيوم الراحة، عندما سألوا الله عن يوم للراحة فيه من عناء العمل، فأعطى الله لهم يوم السبت.
تفسير الشعراوي للآية 65 من سورة البقرةقال تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ}.. [البقرة : 65]، بعد أن بين الله جل جلاله لنا كيف أنه فتح باب الفضل والرحمة لليهود فتركوه.. أراد أن يبين لنا بعض الذي فعلوه في مخالفة أوامر الله والتحايل عليها.. والله تبارك وتعالى له أوامر في الدين وأوامر تتعلق بشئون الدنيا.. وهو لا يحب أن نأخذ أي أمر له يتعلق بالدين أو بالدنيا مأخذ عدم الجد.. أو نفضل أمرا على أمر.. ولذلك تجد في سورة الجمعة مثلا قول الحق تبارك وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الجمعة فاسعوا إلى ذِكْرِ الله وَذَرُواْ البيع ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصلاة فانتشروا فِي الأرض وابتغوا مِن فَضْلِ الله}.. [الجمعة : 9-10].
وأشار إلى أن هذين أمرين أحدهما في الدين والثاني يتعلق بالدنيا.. وكلاهما من منهج الله.. فالله لا يريدك أن تتاجر وتعمل وقت الصلاة.. ولا أن تترك عملك بلا داع وتبقى في المسجد بعد الصلاة.. إذا نودي للصلاة فإلى المسجد.. وإذا قضيت الصلاة فإلى السعي للرزق.. وهناك يومان في الأسبوع ذكرا في القرآن بالاسم وهما يوم الجمعة والسبت.. بينما أيام الأسبوع سبعة، خمسة أيام منها لم تذكر في القرآن بالاسم.. وهي الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس.. الجمعة هي عيد المسلمين الذي شرع فيه اجتماعهم في المساجد وأداء صلاة الجماعة.. ونلاحظ أن يوم الجمعة لم يأخذ اشتقاقه من العدد.. فأيام الأسبوع نسبت إلى الأعداد فيما عدا الجمعة والسبت. لذلك تجد الأحد منسوب إلى واحد والاثنين منسوب إلى اثنين.. والثلاثاء منسوب إلى ثلاثة والأربعاء منسوب إلى أربعة والخميس منسوب إلى خمسة.
وكان المفروض أن ينسب يوم الجمعة إلى ستة ولكنه لم ينسب.. لماذا؟ لأنه اليوم الذي اجتمع فيه للكون نظام وجوده.. فسماه الله تبارك وتعالى الجمعة وجعله لنا عيدا.. والعيد هو اجتماع كل الكون في هذا اليوم، إجتماع نعمة الله في إيجاد الكون وتمامها في ذلك اليوم.. فالمؤمنون بالله يجتمعون اجتماع حفاوة بتمام خلق الكون لهم.. والسبت.. الباء والتاء تفيد معنى القطع.. وسبت ويسبت سبتا إذا انقطع عمله.. ونلاحظ أن خلق السموات والأرض تم في ستة أيام مصداقا لقوله تعالى: {هُوَ الذي خَلَقَ السماوات والأرض فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ}.. [الحديد : 4].
وكان تمام الخلق يوم الجمعة.. وفي اليوم السابع وهو يوم السبت.. كان كل شيء قد استقر وفرغ من خلق الكون.. ولذلك له سبات أي أن هذا اليوم يسمى سباتا.. لأن فيه سكون الحركة بعد تمام الخلق.. فلما أراد اليهود يوما للراحة أعطاهم الله يوم السبت وأراد الحق تبارك وتعالى أن يبتليهم في هذا اليوم والابتلاء هو امتحانهم فقد كانوا يعيشون على البحر وعملهم كان صيد السمك.
وكان الابتلاء في هذا اليوم حيث حرم الله عليهم فيه العمل وجعل الحيتان التي يصطادونها تأتي إليهم وقد بدت أشرعتها وكانوا يبحثون عنها طوال الأسبوع وربما لا يجدونها.. وفي يوم السبت جاءتهم ظاهرة على سطح الماء تسعى إليهم لتفتنهم.. واقرأ قوله سبحانه وتعالى: {وَسْئَلْهُمْ عَنِ القرية التي كَانَتْ حَاضِرَةَ البحر إِذْ يَعْدُونَ فِي السبت إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}.. [الأعراف: 163].
وهكذا يمتلئ سطح البحر بالأسماك والحيتان يوم السبت.. فإذا جاء صباح الأحد اختفت بعيدا وهم يريدون أن يجعلوا السبت عيدا لهم لا يفعلون فيه أي شيء.. ولكنهم في الوقت نفسه يريدون أن يحصلوا على هذه الأسماك والحيتان.. صنعوا شيئا اسمه الحياض العميقة ليحتالوا بها على أمر الله بعدم العمل في هذا اليوم.. وفي الوقت نفسه يحصلون على الأسماك.. هذه الحياض يدخلها السمك بسهولة.. ولأنها عميقة لا يستطيع الخروج منها ويتركونه يبيت الليل وفي الصباح يصطادونه.. وكان هذا تحايلا منهم على مخالفة أمر الله.. والله سبحانه وتعالى لا يحب من يحتال في شيء من أوامره.
ويقول الله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الذين اعتدوا مِنْكُمْ فِي السبت فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ}.. وهذه قصة مشهورة عند اليهود ومتواترة.. يعلمها الأجداد للآباء والآباء للأحفاد.. وهي ليست جديدة عليهم وإن كان المخاطبون هم اليهود المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم.. ولذلك عندما سمع: {ولقد علمتم} أي لقد عرفتم ومعنى ذلك أن القصة عندكم معروفة.. وكأنها من قصص التراث التي يتناقلونها.
وقوله تعالى: {الذين اعتدوا مِنْكُمْ فِي السبت}.. المفعول هنا واحد هنا حيلة مذكورة أنهم اعتدوا على أمر الله بالراحة يوم السبت.. هم حقيقة لم يصطادوا يوم السبت.. ولكنهم تحايلوا على الممنوع بنصب الفخاخ للحيتان والأسماك.. وكانوا في ذلك أغبياء.. وقد كان الممنوع أن يأخذوا السمك في حيازتهم بالصيد يوم السبت.. ولكنهم أخذوه في حيازتهم بالحيلة والفخاخ.
وقوله تعالى: (اعتدوا) أي تجاوزوا حدود الله المرسومة لهم.. وعادة حين يحرم الله شيئا يأتي بعد التحريم قوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ الله فَلاَ تَقْرَبُوهَا}.. [البقرة: 187]، لأنه يريد أن يمنعك من الإغراء.. حتى لا تقع في المعصية فيقول لك لا تقترب.. ولكن بني إسرائيل اعتدوا على حكم الله متظاهرين بالطاعة وهم عاصون.. وحسبوا أنهم يستطيعون خداع الله بأنهم طائعون مع أنهم عاصون.. وصدر حكم الله عليهم: {فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ}.
وعادة أنك لا تأمر إنسانا أمرا إلا إذا كان في قدرته أن يفعله.. الأمر هنا أن يكونوا قردة. فهل يستطيعون تنفيذه؟ وأن يغيروا خلقتهم إلى قردة.. إنه أمر في مقدرة الله وحده فكيف يقول لهم كونوا قردة؟، نقول إن الآمر نفسه هنا هو الذي يستطيع أن يجعلهم قردة.. وهذا الأمر يسمى أمراً تسخيريّاً ولم يقل لهم كونوا قردة ليكونوا هم بإرادتهم قردة.. ولكنه سبحانه بمجرد أن قال كونوا قردة كانوا.. وهذا يدلنا على انصياع المأمور للأمر وهو غير مختار.. ولو كان لا يريد ذلك ولا يلزم أن يكونوا قد سمعوا قول الله أو قال لهم.. لأنه لو كان المطلوب منهم تنفيذ ما سمعوه ربما كان ذلك لازما.. ولكن بمجرد صدور الأمر وقبل أن ينتبهوا أو يعلموا شيئا كانوا قردة.
ولقد اختلف العلماء كيف تحول هؤلاء اليهود إلى قردة؟ كيف مسخوا؟ قال بعضهم لقد تم المسخ وهم لا يدرون.. فلما وجدوا أنفسهم قد تحولوا إلى خلق أقل من الإنسان.. لم يأكلوا ولم يشربوا حتى ماتوا.. وقال بعض العلماء أن الإنسان إذا مسخ فإنه لا يتناسل، ولذلك فبمجرد مسخهم لم يتناسلوا حتى انقرضوا.. ولماذا لم يتناسلوا؟ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى}.. [الأنعام: 164]، ولو أنهم تناسلوا.. لتحمل الأبناء وزر آبائهم.. وهذا مرفوض عند الله.. إذن فمن رحمة الله أنهم لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناسلون.. ويبقون فترة ثم ينقرضون بالأمراض والأوبئة وهذا ما حدث لهم.
قد يقول بعض الناس لو أنهم مسخوا قردة.. فمن أين جاء اليهود الموجودون الآن؟ نقول لهم أنه لم يكن كل اليهود عاصين.. ولكن كان منهم أقلية هي التي عصت ومسخت.. وبقيت الأكثرية ليصل نسلها إلينا اليوم.. وقد قال علماء آخرون أن هناك آية في سورة المائدة تقول: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِّن ذلك مَثُوبَةً عِندَ الله مَن لَّعَنَهُ الله وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ القردة والخنازير وَعَبَدَ الطاغوت أولئك شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَآءِ السبيل}.. [المائدة: 60].
إذن هذه قضية قوم غضب الله عليهم ومسخهم قردة وخنازير وعبدة الطاغوت.. ولقد أخبرنا الله جل جلاله أن اليهود مسخوا قردة.. ولكنه لم يقل لنا أنهم مسخوا خنازير.. فهل مسخوا قردة؟ ثم بعد ذلك إزداد غضب الله عليهم ومسخوا خنازير؟ وهل نقلهم الله من إنسانية إلى بهيمية في القيم والإرادة والخلقة؟.
نقول علينا أولا أن ننظر إلى البهيمية التي نقلهم الله إليها.. نجد أن القردة هي الحيوان الوحيد المفضوح العورة دائما.. وإن عورته لها لون مميز عن جسده.
وأنه لا يتأدب إلا بالعصا.. واليهود كذلك لم يقبلوا المنهج إلا عندما رفع فوقهم جبل الطور.. وما هم فيه الآن ليس مسخ خلقه ولكن مسخ خُلُق.. والخنازير لا يغارون على أنثاهم وهذه لازمة موجودة في اليهود.. وعبدة الطاغوت.. الطاغوت هو كل إنسان تجاوز الحد في البغي والظلم.. وعباد الطاغوت هم الطائعون لكل ظالم يعينونه على ظلمه وهم كذلك.
إذن فعملية المسخ هذه سواء تمت مرة واحدة أو على مرتين مسألة شكلية.. ولكن الله سبحانه وتعالى أعطانا في الآية التي ذكرناها في سورة المائدة سمات اليهود الأخلاقية.. فكأنهم مسخوا خلقه ومسخوا أخلاقا.
لماذا سمي يوم الجمعة بهذا الاسمورد أن يوم الجمعة قد سُمي بهذا الاسم لأنه يوم جامع، ففي يوم الجمعة يجتمع الناس، كما يجتمعون لأداء الصلاة، وهو يوم جامع للخير.
لماذا سمي يوم السبت بهذا الاسمورد أن كلمة السبت تعني الراحة، ولقد سُمي بهذا الاسم لأن هذا اليوم هو من أجل الراحة بعد العناء طوال الأسبوع، ولقد ذكر في القرآن لأن يوم السبت هو يوم مقدس عند اليهود، والذي ذُكر في سورة الأعراف في قوله تعالى: «وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ».
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: يوم السبت فی القرآن الکریم الجمعة فی القرآن سبحانه وتعالى أیام الأسبوع فی هذا الیوم قوله تعالى الله علیهم یوم الجمعة منسوب إلى ت أ ت یه م م الجمعة ی السبت فی سورة هو یوم ر الله أن یوم
إقرأ أيضاً:
دعاء نبوي سيغير حياتك إلى الأبد.. الشعراوي: ردده في صلاتك وسترى العجب
ما أسرار استجابة الدعاء ؟ يستجيب الله سبحانه وتعالى الدعاء من عباده جميعاً، وعلى الداعي أن يلتزم بـ شروط استجابة الدعاء ليكون دُعاؤه مقبولًا، ووعدنا الله تعالى باستجابة الدعاء في قوله: «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ»، ويجب على المسلم أن يحسن الظن بالله حتى يستجيب الله له دعاءه، وعليه أن يكون مأكله ومشربه حلال، وسيدنا الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- قال: «الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ»وعلى المسلم أن يكون لديه الثقة بالله -تعالى- وبإجابته للدعاء: ويكون ذلك بأن يؤمن العبد بالله -تعالى-، ويثق في استجابته، ويُصدّق بأنّ قوله الحقّ، وأنّ محمّدًا -صلّى الله عليه وسلم- رسوله الصادق فيما بَلّغ عنه.
كشف الشيخ محمد متولي الشعراوي، إمام الدعاة، في فيديو سابق له، عن سر من أسرار الدعاء يغير حياتك، قائلاً: «إنه ما علم الله تعالى نبيه أن يدعو إلا لسبقه في القدر أن يجيب، فيقول سعيد بن المسيب: لا أجد آية في كتاب الله أرجى للداعي من قول الله سبحانه: «قُلْ اللَّهُمَّ فَاطِر السَّمَوَات وَالْأَرْض عَالِم الْغَيْب وَالشَّهَادَة أَنْتَ تَحْكُم بَيْن عِبَادك فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ».
وأضاف الشيخ الشعراوي في فيديو له بعنوان «سر من أسرار الدعاء سيغير حياتك وكان يفعله رسول الله فردده في صلاتك وسترى العجب»: «فناداه اللهم فاطر السماوات والأرض، فالله سبحانه وتعالى علم رسوله كيف يدعو من أجل مسألته، وعندما سئلت أم المؤمنين السيدة عائشة - رضي الله تعالى عنها- بأي شيء كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو إذا قام في الليل، قالت رضي اللّه عنها: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا قام من الليل افتتح صلاته: «اللَّهمَّ ربَّ جبريلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ فاطرَ السَّمواتِ والأرضِ عالِمَ الغيبِ والشَّهادةِ أنتَ تحكُمُ بينَ عبادِكَ فيما كانوا فيهِ يختلِفونَ اهدِني لما اختُلِفَ فيهِ منَ الحقِّ بإذنِكَ إنَّكَ تهدي من تشاءُ إلى صِراطٍ مستقيمٍ».
واستشهد بما روى مسلم في صحيحه، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: سألت عائشة رضي اللّه عنها بأي شيء كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت رضي اللّه عنها: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا قام من الليل افتتح صلاته: «اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم»رواه مسلم عن عائشة رضي اللّه عنها.
وأشار إلى أنه وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: من قال: اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة إني أعهد إليك في هذه الدنيا، أني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمداً عبدك ورسولك، فإنك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير، وإني لا أثق إلا برحمتك فاجعل لي عندك عهداً توفينيه يوم القيامة، إنك لا تخلف المعياد، إلا قال اللّه عزَّ وجلَّ لملائكته يوم القيامة: إن عبدي قد عهد إليَّ عهداً فأوفوه إياه، فيدخله اللّه الجنة" "أخرجه الإمام أحمد عن ابن مسعود رضي اللّه عنه".
ودلل بما روى الإمام أحمد، عن أبي راشد الحبراني قال: أتيت عبد اللّه بن عمرو رضي اللّه عنهما فقلت له: حدثنا ما سمعت من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فألقى بين يدي صحيفة فقال: هذا ما كتب لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فنظرت فيها، فإذا فيها أن أبا بكر الصديق رضي اللّه عنه قال: يا رسول اللّه علمني ما أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت؟ فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: يا أبا بكر، قل: اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة لا إله إلا أنت رب كل شيء ومليكه، أعوذ بك من شر نفسي، وشر الشيطان وشركه، أن أقترف على نفسي سوءاً، أو أجره إلى مسلم»" "أخرجه الإمام أحمد ورواه الترمذي وقال: حسن غريب" ، منوهًا بأنه طالما أن الله سبحانه وتعالى هو من علم رسوله -صلى الله عليه وسلم - هذا الدعاء فهو أحرى للاستجابة.
دعاء الثلث الأخير من الليل مستجاب.. ردده الآن لقضاء الحوائج والفرج والرزق السريعمتى ترفع الأعمال إلى الله في شهر شعبان؟ اغتنموا هذه الليلة ورددوا الأدعية المستجابة
كيف يستجاب الدعاء بسرعة
وعد الله - تعالى- عباده بإجابة الدعاء، ولكن هذه الإجابة لها أسباب، وقد تؤخَّر إجابة الدعاء لحكمة بالغة، فإما أن تستجاب الدعوة في الدنيا، أو أن أنها تؤخر إلى الآخرة، أو أن الله يصرف عن العبد فيها شرًا، فالله -حكيم عليم- بما يقدره؛ و لكى يستجاب دعاء الانسان يجب عليه أولًا الأخد بأسباب الإجابة الواردة فى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة:
-تحرّي الأوقات الشريفة للدعاء؛ كيوم عرفة، وشهر رمضان، وليلة القدر، ووقت السحر، وما بين الأذان والإقامة.
-استغلال حالات الضرورة التي يمر بها الإنسان في حياته، فإنه يدعو ربه في هذه الأوقات بتضرع وتذلل واستكانة.
-حضور مجالس الذكر، ففيها الدعاء مستجاب، ومغفور لأهلها ببركة جلوسهم فيها.
-العلم بأن الله يجيب للمضطر والمظلوم إذا دعاه، وكذلك لمن يدعو لأخيه في ظهر الغيب، وللوالدين، والمسافر، والمريض، والصائم، والإمام العادل.
-الإخلاص لله في الدعاء، وحسن الظن به، فإن الله لا يستجيب لمن دعاه بقلب غافل.
-حضور القلب أثناء الدعاء، والتدبر في معاني ما يقوله الداعي.
-الصبر وعدم تعجل إجابة الدعاء.
-التوبة من كل المعاصي، وإعلان الرجوع إلى الله.
آداب استجابة الدعاء
بعد أخذ الإنسان بالأسباب السابق ذكرها لاستجابة الدعاء؛ يوجد عدد من الآداب التى يستحب له المحافظة عليها لكى يكون دعاؤه مستجابًا- بإذن الله تعالى- وهى :
-البدء بحمد الله والصلاة على رسوله - صلّى الله عليه وسلّم-، والختم بذلك، فقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: «إذا صلَّى أحدُكم فليبدَأْ بتحميدِ ربِّهِ والثَّناءِ علَيهِ، ثمَّ يصلِّي علَى النَّبيِّ - صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ-، ثمَّ يدعو بعدُ بما شاءَ».
-الدعاء في الرخاء والشدة، فمَن أحب أن يستجيب الله -سبحانه- له وقت الشدائد، فليكثر من الدعاء في حالة الصحة والفراغ والعافية، لأن من صفات المؤمن وشيَمه أنه دائم الصلة مع الله.
-عدم الدعاء على الأهل، أو المال، أو الولد، أو النفس، فقد نهى رسول الله عن ذلك.
-إخفات الصوت أثناء الدعاء ما بين المخافتة والجهر، قال تعالى: «ادعوا رَبَّكُم تَضَرُّعًا وَخُفيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُعتَدين ».
-التضرع إلى الله أثناء الدعاء، والضراعة من الذل والخضوع والابتهال.
-الإلحاح في الدعاء، وهو الإقبال على الشيء والمواظبة عليه؛ فالعبد يكثر من الدعاء ويكرره، ويلحّ بذكر ألوهية الله وربوبيته، وأسمائه وصفاته، وذلك من أعظم ما يطلب به الدعاء.
-التوسّل إلى الله بأنواع التوسل المشروعة؛ كالتوسل باسم من أسماء الله أو بصفة من صفاته، أو التوسل إلى الله بعمل صالح قام به الداعي، أو التوسل إلى الله بدعاء رجل صالح.
-الاعتراف بالذنب والنعمة وقت الدعاء.
-عدم تكلف السجع في الدعاء.
-الدعاء ثلاثًا، واستقبال القبلة، ورفع اليدين أثناء الدعاء، والوضوء قبل البدء بالدعاء إن كان ذلك ميسرًا على الداعي.
-من خشية الله تعالى، وإظهار الافتقار إلى الله، والشكوى إليه.
فضل الدعاء وفوائده
إن للدعاء أهمية كبيرة، وفضائل عظيمة، وفوائد كثيرة، ومن هذه الفضائل والفوائد:
-الدعاء طاعة لله -عزّ وجلّ-، وامتثال لأمره؛ حيث أمر به، فالداعي مطيع لله، مستجيب لأمره. تجنب الكبر؛ حيث قال تعالى: «وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ»، فلما أمر الله بالدعاء جعله عبادة، ووصف بتارك هذه العبادة بأنه مستكبر، والإنسان السويّ لا يستكبر عمّن خلقه، ورزقه، وأحياه.
-الدعاء أكرم شيء على الله، وقد ورد ذلك عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم-، وقيل إن ذلك يدل على قدرة الله وعجز الداعي.
-الدعاء من الأمور المحبوبة إلى الله تعالى.
-سبب لانشراح الصدر، وتفريج الهم، وزوال الغم، وتيسير الأمور.
-سبب لاجتناب غضب الله؛ فمن لم يسأل الله ويدعوه فإنه يغضب عليه.
-دليل التوكل على الله، حيث إن أساس التوكل على الله هو اعتماد القلب عليه، ويتجلى التوكل في الدعاء، حيث يكون الداعي مستعينًا بالله، مفوضًا أمره إليه.
-السلامة من العجز، وفيه الدليل على الكياسة، فأضعف الناس همة وأعماهم بصيرة من كان عاجزًا عن الدعاء.
أسباب استجابة الدعاء
إن أسباب استجابة الدعاء كثيرة ومتنوعة ومنها:
1-عبادة الله - سبحانه وتعالى- والقيام بالواجبات من صلاة وصوم والإكثار من صلاة النوافل .
2-الدعاء بما هو خير وعدم الدعاء بقطع الأرحام أو الإثم أو القطيعة.
3-الاستغفار والتوبة من الذنوب.
4-حضور القلب بالدعاء والتضرع والخشية من الله واستشعار عظمته.
5-الدعاء بأسمائه الحسنى وصفاته وعدم الشرك به.
6-العمل الصالح وبر الوالدين.
7-الابتعاد عن المحرمات.
8-الإلحاح بالدعاء من الله - سبحانه وتعالى-.
9-استقبال القبلة ورفع اليدين أثناء الدعاء.
10-الدعاء للمؤمنين بخير الدنيا والآخرة، فمن دعا لغيره بالخير له مثل ما دعا.
11-الإكثار من قول لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
من سنن الاستجابة:
1-رفع اليدين عند دعاء الله تعالى.
2-عدم الاستعجال في انتظار الإجابة.
3-اجتناب الأكل الحرام، وفي الحديث: «ذكَرَ الرَّجُلَ يُطيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغبَرَ، يَمُدُّ يديهِ إلى السماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرَامٌ، ومَشْرَبُهُ حرَامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وغُذِيَ بالحَرَامِ، فأنى يُستَجَابُ لذلكَ».
4-افتتاح الدعاء بحمد الله تعالى والصلاة على نبيه الكريم.
5-التوسل إلى الله بأسمائه العلى وصفاته الحسنى.
6-التوسل بالأعمال الصالحة، وتحين أوقات استجابة الدعاء مثل الثلث الأخير من الليل، وأدبار الصلوات، وبين الآذان والإقامة.